قوة القيم الأساسية: ثقافتك تُحدِّد مصير شركتك
في الفصل الأول من كتاب "قوة الشكر" (The Power of Thanks)، قدمتُ أنا و"إريك موسلي" (Eric Mosley) مفهوماً هامَّاً جداً، وهو مبدأ أساسي للكتاب: "تكمن ظاهرة واحدة يمكن ملاحظتها في قلب نجاحات الشركات الكبيرة وإخفاقاتها: السلوكات والقيم التي تشكِّل ثقافة الشركة تحدد مصيرها إلى حد كبير".
لقد تعمَّقنا أكثر في سبب صحة ذلك في الكتاب، لكن للاختصار؛ القيم الكامنة وراء ثقافة شركتك هي العوامل المحدِّدة لكيفية تصرُّف جميع الموظفين لتحقيق الأهداف التنظيمية، كما أنَّها تمنح الموظفين إحساساً كبيراً بسياق عملهم.
فهم القيم الأساسية يؤدي إلى اندماج أفضل:
يوجد كثيرٌ من الأبحاث التي تدعم هذا التأكيد، وسيستمر مزيدٌ منها في الظهور، فمنذ نشر كتاب "قوة الشكر"، كتب "دون ماكفيرسون" (Don MacPherson)، الرئيس التنفيذي لشركة "مودرن سرفاي" (Modern Survey)، كيف يؤثر فهم الموظف للقيم الأساسية لشركتهم في اندماجهم: "عندما يقول شخص ما إنَّ القيمة التنظيمية معروفة ومفهومة، فمن المُرجَّح أن يكون 51 مرة أكثر اندماجاً من شخص يعمل في مؤسسة دون قيم معروفة".
وفي الدراسة التي تُجريها شركة "مودرن سرفاي" مرتين سنوياً "للقوى العاملة في الولايات المتحدة" (The United States of America)، تطرح سؤالاً سهلاً جداً: هل تمتلك مؤسستك مجموعة واضحة من القيم التي يعرفها معظم الموظفين ويفهمونها؟ إذ يُعطى المستجيبون ثلاثة خيارات؛ "نعم، أو لا، أو ربما"، فإذا أجبتَ "نعم" عن هذا السؤال، فتوجد فرصة بنسبة 20% تقريباً أن تكون "مندمجاً اندماجاً كاملاً"، وهذا تحسُّن كبير مقارنة بنسبة 16% من الموظفين "المندمجين اندماجاً كاملاً" بالقوى العاملة الأمريكية بأكملها، ومن ناحية أخرى، إذا أجبتَ "لا"، فمن المستحيل أن تكون "مندمجاً اندماجاً كاملاً".
شخص واحد فقط من بين كل 260 شخصاً أجاب بـ "لا" يكون "مندمجاً اندماجاً كاملاً"، وهذا أقل من نصف 1%؛ وهذا اكتشاف قوي، فإذا كنت موظفاً لا تعرف قيمك الأساسية، فمن المستحيل تقريباً أن تكون مندمجاً اندماجاً كاملاً.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتوظيف أفضل موظف ممكن
عائد الاستثمار من اندماج الموظفين:
إذا كنت من المشكِّكين الذين يسألون: "وما هو الضرر من ذلك؟" فإنَّ البحث يُظهِر تأثير اندماج الموظفين في أرباح الشركة؛ إذ أظهرت إحدى الدراسات الحديثة من شركة "أيون هيويت" (Aon Hewitt) أنَّ كل زيادة بنقطة مئوية إضافية في اندماج الموظفين أدت إلى 0.6% من نموِّ المبيعات، وكان المثال الذي تمت مشاركته في تلك الدراسة مقنِعاً: "على سبيل المثال، أدت مؤسسة بقيمة 5 مليارات دولار بهامش إجمالي قدره 55% وهامش تشغيل بنسبة 15% إلى زيادة الدخل التشغيلي بمقدار 20 مليون دولار مع تحسُّن بنسبة 1% فقط في اندماج الموظفين، ومع تحسُّن بنسبة 5% في اندماج الموظفين، قفز الدخل التشغيلي إلى 102 مليون دولار".
وهذا مبلغ كبير من المال ضائع لمجرد أنَّ موظفيك لا يعرفون أو يفهمون قيمك الأساسية، ووجود موظفين يحملون قيمك على بطاقة المحفظة، أو إرفاقها بشارة الأمان الخاصة بهم ليس هو الحل؛ ففي أفضل الأحوال، هذا يعني أنَّهم قد يتمكَّنون من سرد قيمك عندما يُطلَب منهم ذلك، والطريقة الفعَّالة جداً لترسيخ قيم شركتك بعمق في قلوب وعقول جميع الموظفين وعملهم اليومي هي التعرف إليهم، وجعلهم يتعرفون إلى بعضهم بعضاً، في كل مرة يظهرون فيها إحدى قيمك في عملهم، وهذا ما يجعل قيم شركتك حقيقية.
على سبيل المثال، النزاهة هي قيمة مشتركة في عديدٍ من الشركات، كما ينبغي أن تكون، لكن يمكن أيضاً أن تكون مفهوماً فلسفياً بعض الشيء بالنسبة إلى الموظفين، فقد يكون ردهم: "أعلم أنَّني شخصٌ يتمتَّع بالنزاهة، لكن ماذا يعني ذلك بالضبط في المهام اليومية الخاصة بي؟".
قوة الشكر:
إذا كنت تريد تقدير موظف برسالة محدَّدة ومفصَّلة مثل هذه، ففكِّر في كيفية تشجيعه على تكرار السلوكات وزيادة اندماجه في عمله وشركتك، من خلال قول: "شون" (Sean)، لقد لاحظت عملك في مشروع "ميلرسفيل" (Millersville)، وقد كان التواصل مع العميل بسيناريو صعباً جداً، وبدا في البداية غير راغب في الاستماع لحلولنا المقترحة، والطريقة التي قدمتَ بها الخيارات للعميل، مع تحديد سبب كون بعضها أكثر فائدة لهم وتؤدي إلى خسارتنا، أظهرت مقدار التزامنا بنجاح العميل، وهذا دليلٌ واضحٌ على قيمتنا الأساسية المتمثِّلة في النزاهة، وأنا والفريق نقدِّر الطريقة التي تعاملتَ بها مع الموقف، شكراً لك".
هذه هي قوة الشكر، ويمكن أن تؤثر تأثيراً إيجابياً مباشراً في أرباحك، فما هي القيم الأساسية لشركتك؟ وهل جميع الموظفين في مؤسستك على دراية بها، وملتزمون بتطبيقها في عملهم اليومي؟