قوة العطاء وأثرها في تحسين جودة الحياة

هل سمعت بمبدأ المعاملة بالمثل في علم النفس الاجتماعي؟ إنَّها قاعدة اجتماعية تقول إنَّ الناس يردون الجميل، وقد روَّج لها عالم النفس الأمريكي روبرت سيالديني (Robert Cialdini) في كتابه "التأثير" (Influence)، ولا بدَّ أنَّ جميعنا قد مر بمثل هذه المواقف، فعندما تشعر بأنَّك ملزم بدعوة هذا الزميل المزعج لحفلة عيد ميلادك، فذلك لأنَّه دعاك هو أيضاً، وتشعر بأنَّ عليك رد الجميل، أليس كذلك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن قوة العطاء.

المعاملة بالمثل هي تقنية شائعة يستخدمها المسوقون؛ إذ يتعلق الأمر بالعطاء مع توقع حصولك على شيء ما، لكنَّ الإيثار شيءٌ مختلف، فهو في الأساس العطاء من أجل العطاء، دون توقُّع أيِّ شيء في المقابل، وأيضاً ثمة إيثار متبادل (في الأصل مصطلح مأخوذ من علم الأحياء التطوري)، وهو ما يستخدمه معظم قادة الفكر، لكن الناس لديهم مصطلحات مختلفة لذلك.

أعطِ أكثر مما تطلب:

أنا أفضِّل هذه الفكرة لثلاثة أسباب:

  1. العطاء طريقة ممتازة لإظهار خبرتك ومهاراتك، فهو يُغري الناس بتوظيفك أو شراء منتجاتك.
  2. العطاء هو وسيلة للتميُّز عن الآخرين.
  3. العطاء هو علاقة يربح فيها الجميع.

النقطة الأولى مباشِرة وواضحة فأنت تعطي دون أن تنتظر مقابلاً سريعاً لذلك العطاء، فأنت لا تحصل على ترقية دون تقديم قيمة إضافية، ولا تشتري كتاباً من أيِّ مؤلف إلا بعد قراءة مقالات متعددة أو نشرات دورية.

النقطة الثانية، نحن نعيش في اقتصاد أناني؛ إذ إنَّ الناس لديهم دائماً مصلحتهم الشخصية، ويريدون بيعك أشياء لا تحتاج إليها، ويتظاهرون بأنَّهم يعطون، لكن هذا ليس صحيحاً.

لقد قرؤوا بعض كتب التسويق وحاولوا استخدام "العطاء" بوصفه تقنية في المبيعات، نحن نكتشف حقيقة ذلك سريعاً لأنَّها طريقة زائفة؛ الآن، الأمر مختلف تماماً عندما تعطي دون أن تتوقع مقابلاً لعملك، فعندما تفعل ذلك تتميز حقاً عن الآخرين.

إنَّه وضع حقيقي يربح فيه الجميع؛ أنت تحصل هنا على مقال مجاني ذي قيمة، وأقوم أنا بتحسين مهاراتي في التفكير والتحليل والكتابة؛ لهذا السبب يوصي سيث غودين (Seth Godin)، أحد أشهر مفكري التسويق الجميع بالتدوين، وأنا أتفق معه.

بصرف النظر عما تفعله، ثمة شيء واحد عليك دائماً أن تضعه في حسبانك، فقد تعلمت هذا الشيء من المنتور الخاص بي: الحياة عمل.

لذلك تذكر دائماً لماذا تفعل ما تفعله، ولا تنس أن تسأل:

  • هل تقوم بالتدوين للحصول على المزيد من العملاء المستقلين؟
  • هل تقدِّم استشارات مجانية لأنَّك تريد الدخول إلى سوق جديد؟
  • هل تعمل مجاناً لأنَّك تريد معرفة المزيد؟

يجب أن يكون لديك سبب وراء ما تفعله، وإلا فإنَّك تضيع وقتك، وهذه أيضاً فكرة أساسية تعلمتها من الفلسفة البراغماتية.

شاهد بالفديو: أقوال وحكم رائعة عن العطاء

لا تنس أبداً أنَّ لا شيء في الحياة سيحدث من تلقاء نفسه:

لا يمكنك أن تفترض أنَّ الناس سوف يردون الجميل دائماً؛ لذلك بعد أن تعطي باستمرار، اطلب:

  • إذا كنت تريد ترقية: اطلب.
  • إذا كنت تريد أن يشتري الناس كتابك: اطلب ذلك.
  • إذا كنت تريد أن يقوم شخص ما بتوظيفك: اطلب ذلك.

عندما تفعل ذلك، تحصل على اقتصاد عظيم يتبادل فيه الناس العطاء، لكن لا يفعل الجميع ذلك؛ إذ يفضِّل معظم الناس أن يأخذوا دائماً، وهذا يعني أنَّك إذا أعطيت، فأنت تتميز عنهم.

إقرأ أيضاً: العطاء والأخذ: تطرف مجتمعي بحاجة إلى التوازن

في الختام:

عندما تعطي أكثر مما تأخذ، ستحصل في النهاية على المزيد. لا يتعلق الأمر بالإيثار، ولا حتى بتغيير العالم؛ بل يتعلق الأمر بإنشاء علاقة يربح فيها الجميع، وهذه هي قوة العطاء.




مقالات مرتبطة