قوة الإرادة ليست مفتاح النجاح
ثمة نظرية شائعة مفادها أنَّ قوة الإرادة تشبه العضلة؛ كلَّما استخدمتها أكثر، أصبحت أقوى، لكن مثل أيِّ عضلة أخرى، إذا كنت تستخدم قوة الإرادة كثيراً دون أيِّ راحة، فإنَّها في النهاية ستتعب وتنفد طاقتك.
ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب براد ستولبيرج (Brad Stulberg)، ويُحدِّثنا فيه عن أنَّ قوة الإرادة ليست مفتاح النجاح.
المشكلة التي نواجهها جميعاً في العيش في العالم الحديث هي أنَّه علينا استخدام قوة إرادتنا باستمرار؛ إذ صُمِّمت التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي لجعلنا مدمنين عليها، كما يُسوَّق للوجبات السريعة والمحتوى غير المرغوب فيه بلا توقف، ومقاومة هذه الإغراءات باستمرار أمر مرهق؛ إذ تُظهر الدراسات أنَّها تؤدي إلى انخفاض الأداء في كلٍّ من المهام البدنية والعقلية.
تنمية قوة الإرادة:
أحد الخيارات لتحسين الأداء هو التركيز على تعزيز قوة إرادتك، وتوجد بعض الأدلة على أنَّ التأمل قد يساعد في ذلك، كما تُظهر أبحاث أخرى أنَّ التمرينات المنتظمة تساعد أيضاً على تنمية قوة الإرادة، فإذا كنت تمارس التمرينات الرياضية بانتظام، فإنَّ جلسة التدريب نفسها تصبح تمريناً يساعدك على مقاومة الرغبة في التوقف عن ممارسة الرياضة، لكن على الرَّغم من ذلك، نادراً ما تكون ممارسة التأمل والتمرينات الرياضية كافية.
توجد طريقة فعالة بالقدر نفسه للتعامل مع تحدي قوة الإرادة وهي القضاء على الحاجة إليها في المقام الأول، والاعتراف بأنَّه لن يكون لديك ما يكفي منها لتعيش نوع الحياة التي تريد أن تعيشها أو على الأقل الاعتراف بأنَّ استخدام قوة الإرادة طوال الوقت ليس أمراً ممتعاً وينتقص ممَّا تحاول فعله بالفعل.
تُظهر إحدى دراساتي في كتابي "أقصى أداء" (Peak Performance) أنَّنا حتى عندما لا نتحقق من هواتفنا في أثناء إجراء محادثة مع أحدهم وجهاً لوجه، فإنَّ مجرد وجود هاتف في الوضع الصامت، يخفض من جودة المحادثة، ويتوقع الباحثون أنَّ السبب في ذلك هو أنَّنا نستخدم طاقة كبيرة لمقاومة الرغبة في التحقق من هواتفنا، وربما يكون الخيار الأفضل من الاعتماد دائماً على قوة الإرادة هو تصميم بيئاتنا بوعي لإزالة الإغراءات التي تعترض طريقنا باستمرار، وتمنعنا من عيش حياتنا.
شاهد بالفيديو: 10 طرق فعّالة لتعزيز قوّة إرادتك
أمثلة شائعة:
- إذا كنت تعاني بسبب تناول الأطعمة غير الصحية، فلا تجلبها إلى المنزل في المقام الأول، وإذا كنت تواجه صعوبة في عدم شرائها، فلا تذهب إلى البقالة عندما تكون جائعاً.
- إذا كنت تريد أن تكون أكثر حضوراً مع عائلتك في المساء، فأوقف تشغيل الهاتف والكمبيوتر وضعهما في زاوية بعيدة من منزلك، والأفضل من ذلك، اتركهم في مكان يصعب الوصول إليه.
- إذا كنت تريد القيام بعمل يحتاج إلى كثير من التركيز، يمكنك الذهاب إلى مقهى لا يمكنك فيه الوصول إلى الإنترنت، واترك هاتفك في المنزل.
- إذا كنت ترغب في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية في وقت مبكر من الصباح، جهِّز الحقيبة وملابس الرياضة مسبقاً، وسيكون كلُّ ما عليك فعله هو الاستيقاظ والذهاب.
- إذا كنت تواجه صعوبة في التركيز لقراءة كتاب، فتأكد من أنَّك تقرأ في غرفة دون تلفزيون أو كمبيوتر أو أجهزة رقمية أخرى.
- إذا كان النوم صعباً بالنسبة إليك؛ لأنَّك تفرط في التفكير، أبقِ هاتفك والكمبيوتر المحمول خارج غرفة نومك على الأقل في الليل.
- النصيحة المفضلة التي كانت مفيدة للغاية في حياتي الخاصة: إذا كنت تتحقق دائماً من هاتفك، فأزل كلَّ شيء عنه باستثناء الأساسيات، وبالنسبة إلي، تلك الأساسيات هي الخرائط والمكالمات الصوتية والرسائل النصية، فلقد أزلت جميع تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والبريد الإلكتروني من هاتفي.
في الختام:
الفكرة من هذا الكلام هي التفكير في السلوكات التي تريد أو لا تريد القيام بها، ثم تهيئة الظروف المؤدية إلى تلك النتائج؛ لذا حدِّد العقبات التي تعترض طريقك؛ والأشياء التي تحد من إرادتك، وأزلها تماماً، وقد يكون من الصعب القيام بذلك في البداية؛ وذلك لوجود أشياء كثيرة تغرينا؛ فهي تجعلنا مدمنين على الأمد القصير؛ لكنَّها تجعلنا نشعر بعدم الارتياح على الأمد الطويل، لكن بمجرد أن تعتاد على حياة خالية من المشتتات في كلِّ مكان حولك، ستدرك أنَّ حياتك أصبحت أفضل بكثير.