قصة نجاح رجل الأعمال الهندي موكيش أمباني

"أظنُّ أنَّ مُعتقدنا الأساسي هو نموٌّ لنمط حياة، وعلينا أن ننمو في كلِّ وقت. ميِّزتي الكبيرة هي قبول والدي بي في الجيل الأول، وبرأيي الشخصيَّ أنَّ المال يستطيع أن يفعل أشياء قليلةً جداً، وهذه هي تجربتي في كلِّ مكان. لا أعتقد أن هذا الطموح يجب ألَّا يكون في قاموس رجال الأعمال، ولكنَّ طموحنا يجب أن يكون واقعيَّاً. عليك أن تدرك أنَّك لا تستطيع فعل كلِّ شيء"، إنَّهُ واحدٌ من أغنى الشخصيات في العالم، وهو من نجح بالإطاحة بمركز رجل الأعمال الصيني (جاك ما) كأغنى رجلٍ في آسيا، وهو صاحب المنزل الأغلى في العالم؛ إنَّهُ (موكيش أمباني) رئيس مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي للتكتل الهندي الذي يكوِّن (ريليانس إنداستريز RIL) -الشركة الرئيسة لتكتل مجموعة ريليانس الهندية للمواد والطاقة- وهو أحد أقطاب رجال الأعمال الهنود، بالإضافة إلى أنَّهُ أحد أعضاء مجلس إدارة شركة بنك أمريكا، وعضوٌ حاليٌّ للمجلس الاستشاري الدولي لمجلس العلاقات الخارجية. ولكن، كيف كانت حياته؟ وكيف استطاع أن يصل إلى هذه الدرجة من الثراء؟



1. نشأة موكيش أمباني وطفولته وعائلته:

نشأة موكيش أمباني وطفولته وعائلته

وُلِد موكيش أمباني في مدينة عدن في اليمن في 19 أبريل عام 1957 ميلادية، وهو الابن الأكبر لدهيربهاي الذي كان يعمل كعاملٍ هناك في بداية حياته قبل أن يشرع في العمل بالنسيج، كما أنَّه عمل بتجارة التوابل.

في بداية العودة إلى الهند عاش موكيش مع عائلته المكوَّنة من أخٍ اسمه أنيل، وأختين هما: ديبتي سالجاونكار، ونينا كوثاري؛ في منزلٍ مُتواضعٍ جداً ومُكوَّنٍ من غرفتي نومٍ فقط، في منطقة بهولشوار في مومباي بالهند، وذلك حتَّى سبعينيات القرن الماضي.

لم تكن حياتهم يسيرةً في بداية الأمر، وبعد تحسُّن وضع والده الماديِّ اشترى بُرجاً سكنيَّاً مكوَّناً من أربع عشرة شقةً سكنية، وأطلق على البرج اسم: رياح البحر Sea Wind، وانتقلت العائلة للسكن في هذا البرج.

2. التحصيل العلمي لموكيش أمباني وأعماله:

درس موكيش المرحلة الثانوية في مدرسة (Hill Grange High School)، وهناك التقى بشريكه أناند جين (Anand Jain)؛ ثمَّ درس موكيش المرحلة الجامعية في جامعة (UDCT) في كلية الهندسة الكيميائية - قسم التكنولوجيا الكيميائية، وحصل على البكالوريوس، واستطاع الحصول أيضاً على المركز السادس في اختبارات الجامعة. وبعد التخرج كان لموكيش رغبةٌ بدراسة ماجستير إدارة الأعمال MBA في جامعة ستانفورد، لكنَّه لم يدرس سِوى عامٍ واحدٍ فقط، وذلك عام 1980 ميلادية، حيث أنَّه ترك دراسة الماجستير لمُساعدة والده في المصنع، فقد كان والده مؤمناً بأنَّ أفضل طريقةٍ للتعلُم واكتساب المَهارات الحياتية هي الدخول في عالم الأعمال والتطبيق العملي في الحياة الحقيقة؛ وفي هذا العام سمحت حكومة أنديرا غاندي بافتتاح مصانع لصناعة خيوط الغزل من البوليستر PFY للقطاع الخاص، وقد تمكَّن والد موكيش من الحصول على رُخصةٍ لافتتاح مصنعٍ لصناعة خيوط الغزل من البوليستر، بالرغم من أنَّ ساحة المُنافسة كانت مُشتعلةً في ذلك الوقت مع الشركات الكبرى مثل: تاتاس Tatas، وبيرلاس Birlas، بالإضافة إلى 43 شركةً مُنافسةً أخرى، حيثُ استطاع موكيش مُساعدة والده في تأسيس التكامل العكسي لشركة ريليانس من صناعة النسيج إلى صناعة البوليستر.

وبدءاً من عام 1981 ميلادية تحوَّلت الشركة إلى شركةٍ للبتروكيماويات وتكرير البترول، وفيما بعد بدأ العمل على استكشاف البترول والغاز وإنتاجهما؛ كما أنَّ موكيش قاد إنشاء 51 عملية تصنيعٍ جديدةً بالسوية العالمية، ومن ضمنها التكنولوجيا المُختلفة التي زادت من القدرات التصنيعية المُتعددة للشركة؛ كما أنَّ موكيش أسَّس (Reliance Infocomm Limited)، والتي أصبحت الآن (Reliance ،(Communications Limited والتي ركَّزت على مبادرات التكنولوجيا؛ كما أنَّ موكيش أمباني أسَّس أكبر معملٍ شعبيٍّ لتكرير البترول في جامانجار بالهند، حيث وصلت سعته عام 2010 إلى 660 ألف برميلٍ يومياً (أي ما يعادل 33 مليون طنٍ سنوياً).

حالياً، استثمارات شركته مُرتكزةٌ في خمس مجالاتٍ رئيسة هي: البحث والإنتاج، والتنقية والتسويق، والبتروكيماويات، وتجارة التجزئة، والاتصالات؛ وتُصنَّف الشركة من بين شركات قائمة (فورتش غلوبال 500)، وشركته هي ثاني أعظم شركةٍ في الهند من حيث القيمة التجارية.   

إقرأ أيضاً: قصة نجاح صبري أولكر صاحب شركة أولكر ulker

3. المناصب الإدارية التي شغلها موكيش أمباني:

المناسب التي شغلها موكيش أمباني

  1. رئيس مجلس الإدارة، ومدير إدارة، ورئيس مجلس إدارة اللجنة المالية، وعضو لجنة أسهم تعويضات الموظفين (Reliance Industries Limited).
  2. رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة ريليانس للبتروكيماويات.
  3. رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة البتروكيماويات الهندية المحدودة (Indian Petrochemicals Corporation).
  4. رئيس مجلس الإدارة السابق لشركة ريليانس للبترول.
  5. رئيس مجلس الإدارة لريليانس للاستكشاف والإنتاج DMCC.
  6. رئيس مجلس الإدارة ورئيس مجلس إدارة لجنة المراجعة (Reliance Retail Limited).
  7. مدير عضو لجنة الائتمان وعضو لجنة التعويض والفوائد في شركة بنك أمريكا.
  8. رئيس جامعة بانديت ديندايال للبترول في جراند هيناجار، جورجارات.

شاهد بالفديو: 7 أمور تميُّز رجال الأعمال الذين يملكون شركات بملايين الدولارات

4. الجوائز التي استطاع الحصول عليها موكيش أمباني:

في استعراض هارفارد للأنشطة التجارية في تصنيفها لأهمِّ 50 مديرٍ تنفيذيٍّ حول العالم استطاع موكيش أمباني وبجدارة الحصول على المركز الخامس كأفضل مديرٍ تنفيذيٍّ من حيث الأداء في العالم؛ كما أنَّ عام 2010 ميلادية كان عام الجوائز والتكريمات، ويُعدُّ عاماً ذهبياً في حياة موكيش أمباني، فقد حصل على الجوائز التالية:

  1. منحته الجمعية الأسيوية جائزة جلوبال فيجن في عشاء منح الجوائز.
  2. ومُنِح جائزة رجل الأعمال البارز في العالم، وذلك من قبل NDTV الهند.
  3. ومنحته الدورية المالية جائزة رجل أعمال العام.
  4. منحته جامعة بنسلفانيا ميدالية عميد مدرسة الهندسة والعلوم التطبيقية.
  5. منحه مجلس الأعمال للتفاهم الدولي جائزة القائد العام.

كما أنَّه وفي العام 2014 ميلادية جرى تصنيفُه في المركز السادس والثلاثين من بين أقوى شخصيات العالم ضمن قائمة فوربس (Forbes) التي تتضمَّن أهمَّ  الشخصيات في العالم؛ كما أنَّ موكيش أمباني أصبح أغنى رجلٍ في آسيا اعتباراً من العام 2012 ميلادية، وبلغت ثروته الشخصية في ذلك العام حوالي 22.3 مليار دولار، واستطاع بذلك أن يحتلَّ المركز التاسع عشر من بين أغنى شخصيات العالم. وفي العام نفسه أيضاً، صنَّفت فوربس Forbes موكيش أمباني بأنَّه أغنى مالك أنديةٍ رياضيةٍ في العالم، وذلك وفقاً لقائمة أغنى مالكي الأندية الرياضية في العالم، حيث أنَّ موكيش يُعدُّ أغنى من مالك نادي ايه سي ميلان، وحتى أغنى من مالك نادي تشيلسي.     

إقرأ أيضاً: قصة نجاح مايكل ديل مؤسس شركة ديل

5. الحياة الشخصية لموكيش أمباني:

الحياة الشخصية لموكيش أمباني

إنَّ دهيروبهاي أمباني والد موكيش قد قدَّم له حُبَّ حياته أنيتا، وذلك عندما التقى بها في حفلة رقص، فعرف بأنَّها الزوجة المُناسبة والمثالية لولده موكيش؛ كانت أنيتا آنذاك تعمل مُعلمةً في إحدى المدارس، فتزوَّجا، وأنجب منها ابنين هما: أنانت وآكاش، وابنةً اسمها عائشة.

بعد وفاة والده ورث موكيش وأخيه أنيل ثروة والدهما، فحدث فيما بينهُما نزاعٌ استمر لسنواتٍ طويلة، ولم يتوقف هذا النزاع إلَّا بتدخل والدتهما، والذي انتهى بتقسيم الأعمال فيما بينهما في عام 2005 ميلادية، ممَّا أدَّى إلى تقسيم الشركة، فاستلم أنيل أعمال البناء والاتصالات، بينما استلم موكيش أعمال التنقيب والبتروكيماويات. ولكن وبسبب سوء إدارة أنيل تراكمت على شركته الديون وأوشكت على الانهيار، وقد تدخَّل أخوه موكيش في الوقت المُناسب لإنقاذ أخيه الأصغر وشراء معظم أصول شركة Reliance Communications Limited. يعيش موكيش أمباني مع زوجته أنيتا في ضاحيةٍ في مومباي يقطنها الأشخاص فائقو الثراء، في برجٍ سكني مُكوَّنٍ من 27 طابقاً، وإنَّ طول البرج يبلغ 127 متراً، مصنوعٌ من الصلب والزجاج، اسم البرج "أنتيليا" وهو اسم جزيرةٍ أسطوريةٍ في المحيط الأطلسي.

ويُعدُّ أغلى منزلٍ في العالم، حيث تُقدَّر قيمته بمليار دولار، ويأتي بعد قصر باكينغهام، كما أنَّ مساحة الأرض الخاصة بالبُرج تفوق مساحة قصر فرساي، ويوجد على قمة البرج مَهابط لثلاث طائراتٍ مروحية، كما يوجد في المبنى تسع مصاعد، ودار سينما، ويوجد فيه أيضاً قاعةٌ للرقص، وغُرفٌ آمنة، و6 طوابق مُخصصةٌ كبَاحةٍ للسيارات، ويوجد مسرحٌ يتسع لـ 50 شخصاً، والشيء اللافت للنظر أنَّ البرج لا يضمُّ أرضياتٍ متشابهة، أي أنَّ المواد المُستخدمة في أرضية غرفةٍ ما لم تُستخدم في بناء أرضية غرفةٍ أخرى، كما أنَّ البرج يضمُّ حديقةً مُعلَّقةً تمتد لأربعة طوابق، حيث أنَّ هذه الحديقة تُساعد في الحفاظ على درجات الحرارة داخل المبنى السكني، ليكون دافئاً في الشتاء، ولطيفاً مُعتدلاً في الصيف؛ كما أنَّ المبنى صُمِّمَ بشكلٍ يجعله صامداً أمام كافة الكوارث والتفجيرات والزلازل التي من المُمكن أن تصل درجتها إلى 8 درجات، وقد أبهر البرج كلَّ من دخله، وقد قال أحد رجال الأعمال لإحدى شركات الاتصالات عن البرج بعد دخوله إليه: "شاهدت الكثير من المنازل الفخمة، بينها منزل لاكشمي ميتال -صاحب شركة أرسيلور ميتال- لكنَّ أنتيليا رائعٌ حقاً، وأتذكَّر أنَّ المنزل يضمُّ لوحةً لبيكاسو فريدةً من نوعها"، وأضاف بأنَّ قاعة الرقص تبدو مُذهلةً ونسخةً طبق الأصل من (ماندارين إن) في نيويورك. ومن المعروف عن موكيش أمباني أنَّه يُحب البذخ الشديد، فقد اشترى لزوجته أنيتا في عيد ميلادها الرابع والأربعين عام 2007 ميلادية طائرةً نفَّاثةً من طراز "إيرباص" قيمتها 60 مليون دولار.

كما أنَّ حفل زفاف ابنته الوحيدة عائشة كان زفاف القرن، على غرار حفل الزفاف الأسطوري للأمير تشارلز والأميرة ديانا، والذي كانت تكلفته بسعر اليوم حوالي 110 مليون دولار، وهو المبلغ نفسه الذي كلَّف لإقامة عرس عائشة أمباني.

هذه كانت نبذةً عن حياة موكيش أمباني وعن نجاحاته التي حقَّقها بفضل طموحه وذكائه، ومن أشهر أقواله: "إنَّ كلَّ شخصٍ يملك فرصاً متساوية، وأعتقد أن ذلك ينطبق على كلِّ شيء".

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة