في ظل كورونا: نصائح للعائلات التي يعاني أحد أفرادها من التوحد

يواصل فيروس كورونا المستجد حبس أنفاس العالم، ويرزح الجميع في كلِّ مكانٍ تحت وطأة تفشِّي هذا الوباء والتبعات التي فرضها على الحياة اليومية. لكن، قد يختلف أثر هذا الواقع المعيشي الجديد من فئةٍ إلى أخرى، ولعلَّ تحدِّي التأقلم والخروج من هذا الوضع بأخفِّ الأضرار، يتعاظم داخل العائلات التي يعاني أحد أفرادها من التوحد، حيث أنَّ فقدان الأشخاص الذين يعانون من طيف التوحد للروتين المألوف لديهم يُعدُّ أمراً خطيراً، وغالباً ما يخلق عندهم شعوراً عميقاً بالقلق والضيق اللذين قد يكون من الصعب التغلُّب عليهما.



ولكنَّ الخبر السار هنا، أنَّه لدينا بالفعل أدواتٌ وأساليبٌ للتعامل مع الأفراد المصابين بالتوحد خلال هذه الأيام الصعبة، والتي تتضمَّن منهجيةً مثبتةً علمياً ومجربة، ولكنَّنا نحتاج فقط إلى التأكُّد من أنَّها تصل إلى كلِّ من هم بحاجةٍ إليها.

إنَّه لمن الهامِّ لمن يعانون من طيف التوحد من الفئة العمرية الصغيرة، بما في ذلك الشباب في سنِّ المدرسة، أن تراعي أسرهم انتقالهم من روتينٍ ثابتٍ ومستقرٍ إلى نمطٍ جديد.

وفي حين أنَّ أسلوب التغيير هذا سيكون مختلفاً عند كلَّ أسرة، إلا أنَّه يجب على كلِّ ولي أمرٍ التأكُّد جيداً من مدى فعالية الطريقة التي يتَّبعها في التغيير، وما إذا كان جديراً بتخفيف حدَّة القلق؛ وألَّا يتردَّد في تعديل المسار إذا لزم الأمر.

ومن بين تلك الممارسات والنصائح العملية التي من الممكن أن تساعد: إيجاد الطريقة المثلى للتواصل مع الشخص المصاب بالتوحد، بحيث تضمن تفاعله معها.

يمكنك وضع الروتين اليومي على شكل جدولٍ مرئيٍّ باستخدام الكلمات والصور في مكانٍ واضحٍ للشخص المعني وبقية أفراد العائلة؛ لذا حاول قدر الإمكان -في أثناء التحوُّل من الفصل الدراسي إلى التعلُّم في المنزل- استخدام المواد والخطط التي اعتاد اليافع وجودها في الفصل الدراسي التقليدي.

إقرأ أيضاً: 16 معلومة سريعة عن مرض التوحد

يجب التصرُّف وفق العادات والمعايير المتَّبعة في اليوم الدراسي، وقد يشمل ذلك: التظاهر بأنَّ أفراد العائلة هم الطلاب في الفصل، وأخذ التفقد الصباحي، والتأكُّد من الموجودات من الكتب المدرسية والدفاتر. وأيضاً، التقيُّد بمواعيد الغداء والوجبات الخفيفة نفسها التي تقدَّم في المدرسة.

حاول التواصل مع المدرِّس في المدرسة للتعرُّف على المواضيع التي كانت تُعطَى في الفصل الدراسي، وانظر إلى ما يمكن تكراره في المنزل. قد تكون الخطة التدريسية لبعض الدروس أسهل من غيرها، ولكنَّ جهودك المبذولة في هذا المجال تضمن وتُعزِّز شعورهم بالحياة الطبيعية والانتظام. وعلى الرغم من ذلك، فلا يُعدُّ العزل الذاتي الذي فُرِض نتيجة انتشار الوباء المشكلة الوحيدة التي تواجهك في التعامل معهم.

يمكن أن يكون الاعتماد الزائد على التواصل والتفاعل عبر الإنترنت تغييراً مرحباً به بالنسبة إلى الكثيرين الذين يعانون من التوحد، حيث أنَّ العديد من منصات الإنترنت تقلِّل إلى حدٍ كبيرٍ من التشتيت عند قراءة التواصل غير اللفظي، أو تلغيه تماماً. ونظراً لأنَّ الفضاء الرقمي يعتمد في الغالب على نصٍ مكتوبٍ أو على فيديو يمكن إعادة تشغيله، فهذا يضمن مزيداً من الوقت والفرص لفهم ما يريد الآخرون إيصاله، وصياغة الردود؛ والتي غالباً ما تكون نعمةً لأولئك الذين يعانون من طيف التوحد ويفتقدون سرعة معالجة المعلومات والتجاوب معها.

إقرأ أيضاً: 5 قواعد يجب أن يتّبعها الأهل مع الطفل المتوحد

إنَّ التباعد الاجتماعي، أو ربَّما يشار إليه بطريقةٍ أفضل باسم: "التباعد الجسدي"، يمكن أن يساعد الأشخاص المصابين بالتوحد؛ لأنَّهم في الغالب يفضِّلون عدم التقرُّب من أحدٍ جسدياً، كما أنَّهم يفضِّلون العزلة والابتعاد عن الحشود، حيث أنَّ التقارب المادي يتطلَّب منهم مزيداً من التفاعلات الاجتماعية، والتي تشكِّل صعوبةً بالنسبة إليهم.

لذا تجدهم -وبطرائق عدَّة- مُهيّئين فطرياً للتكيف مع هذه الأزمة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة