فوائد الذكاء العاطفي في التعامل مع جائحة كورونا

أفكارُك هي البذور التي تنمو منها حياتك، وأنت مُخيّر بيدك تستطيع أن تختر نوعية البذور، تلك هي البداية، ولا نعني بالبداية مقتبل العمر فقط، فالكثير من الناس يبدؤون في إعادة غرس البذور وهم في سن الأربعين أو أقل أو أكثر، فتغيير حياتك مرتبط بالبذور التي تزرعها، وعندما تطمح في الوصول للأفضل في أي شيء يجب أن تُفكِّر بما يُسعدك ويسعد الناس معًا، وهذا لن يحدث إلا باستخدام الذكاء العاطفي. إليكم أهم فوائد الذكاء العاطفي في التعامل مع جائحة كورونا.



تطرّق دانييل جوليان في كتابه عن الذكاء العاطفي من خلال رحلة علمية عبر عواطف الإنسان، إلى فهم أكثر اللحظات والمواقف المُحيّرة التي تسيطر فيها مشاعرنا على عقولنا، وبيّنَ كيفية تحويل معنى الذكاء العاطفي ودوره كعامل مؤثر في علاقات الإنسان المختلفة سواء كانت علاقته بنفسه أو علاقاته بغيره كعلاقات الصداقة أو علاقات العمل وغيرها، وأنّ النجاح الحقيقي في بناء العلاقات الإجتماعية يبدأ من البيت، والسعادة الحقيقية للإنسان تبدأ من سعادته في بيته.

الفرق بين العاطفة والذكاء العاطفي:

العاطفة: هي الاستعداد النفسي الذي ينزع بصاحبه إلى الشعور بانفعالات معينة تجاه شخص أو شيءٍ أو فكرة، بينما الذكاء العاطفي: هو القدرات والمهارات التي تساعدنا في التعرّف على مشاعرنا الذاتية ومشاعر الآخرين لنكون أكثر تحكمًا وقدرةً على التعامل الإيجابي مع أنفسنا ومع الآخرين، وهو: الاستخدام الذكي للعواطف، فالشخص يستطيع أن يجعل عواطفه تعمل من أجله أو لصالحه باستخدامها في ترشيد سلوكِه وتفكيرِه بطرق ووسائل تزيد من فرصة نجاحِه في العمل والبيت وفي الحياة بصورة عامة.

إقرأ أيضاً: اختبار الذكاء العاطفي (الانفعالي)

ما هو الذكاء العاطفي؟

باختصار يمكننا تعريف الذكاء العاطفي بأنه قدرة الإنسان على التعامل الإيجابي مع نفسه ومع الآخرين، وتخدم المكونات الثلاثة للإنسان وهي: (العقل والمشاعر والمهارات) والتي يمكن أن يُوظّفها جيدًا حتى يحظى بما يريد.

الكثير من الناس يعتقد أن النجاح يكون في الدراسة فقط، أو النجاح في الأسرة فقط، أو النجاح يكون في محيط العمل فقط. وهذا لا يعني أنه لا دور للشهادات في تحقيق النجاح، ولكن النجاح بأن يحاول الإنسان أن يتعدّل في أموره كلها، أن يُوفّق بين الأسرة بالمقام الأول ومن ثم العمل والأصدقاء، ولكي يصل لذلك لا بد أن يتقن مهارة تساعده على ذلك، وتُعرَف هذه المهارة بالذكاء العاطفي.

شاهد بالفيديو: 6 صفات تدلّ على صاحب الذكاء العاطفي

مميزات الذكاء العاطفي:

كثيرة هي المزايا التي يمكن أن يحصل عليها المرء من جراء تعرفه على مفهوم الذكاء العاطفي وتطوير مهاراته فيها، وخاصةً أنّ كل الدراسات والأبحاث تشير إلى مدى ارتباط تحقيق النجاح بمهارات الذكاء العاطفي، ولعلّ أهم ميزات الذكاء العاطفي تكمن في تأثيره على كلٍّ مما يلي:

1. علاقة الذكاء العاطفي واتخاذ القرارات:

يقوم الذكاء العاطفي أساساً على مبدأ فهم المرء لعواطفه وعواطف الآخرين، وما إن يدرك المرء حقيقة تلك العواطف وأسبابها، فإنه بذلك يملك زمامها، ويستطيع التحكم بها من أجل اتخاذ أفضل القرارات في حياته.

2. علاقة الذكاء العاطفي بإدارة العلاقات:

يعدّ التعاطف مع الآخرين ركيزةً أساسيةً من ركائز الذكاء العاطفي؛ إذ إنّ التعاطف مع الآخرين يؤسس إلى إنشاء تواصلٍ فعّال مع الآخرين، وتمتين العلاقات فيما بينهم، وفهم سلوكيات الآخرين وطريقة تفكيرهم، الأمر الذي يأخذ بالفرد المتمتع بمهارات الذكاء العاطفي إلى أن يكون قدوة في إدارة العلاقات الاجتماعية مع الآخرين.

3. علاقة الذكاء العاطفي بالصحة الجسدية والنفسية:

تشير عديد الدراسات إلى وجود ارتباط وثيق وعلاقة قوية بين الاضطرابات النفسية والصحة الجسدية؛ إذ غالباً ما تنتقل تلك الاضطرابات النفسية لتتحول إلى أمراض عضوية يتأثر بها جسد الإنسان، وقد تتفاقم الأمور وتأخذ بصحة الإنسان نحو الحضيض، ومن هنا تأتي أهمية مهارات الذكاء العاطفي التي تمكن المرء من ضبط مشاعره وانفعالاته ليبقيها تحت سيطرته، يقودها إلى حيث يريد هو ولا يكون أسيراً لها.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتنمية الذكاء العاطفي

فوائد الذكاء العاطفي في التعامل مع جائحة كورونا:

والآن فلنربط ذكاءنا العاطفي بالوضع الحالي لجائحة كورونا (COVID 19)، سنُلاحظ بأن هناك الكثير من الاختلافات بين الناس ومدى تقبّلهم وتأقلمهم للوضع.

فلنأخذ نظرة سريعة، هناك من فكّر بذكاء وحاول استغلال الوضع للأفضل باستثماره في نفسه وتطوير ذاته، والبعض الآخر وجدها فرصة لبثّ الإيجابية في الآخرين من خلال المحاضرات والندوات والدورات عبر منصات إلكترونية، وأيقنَ البعض بأنه قد فقد الكثير من ساعات يومه الثمين في العمل والإنتاج على حساب حياته الاجتماعية والأسرية، فأعاد جدولة يومه للترابط الأسري، بينما هناك قلة تشعر بالتشاؤم والطاقات السلبية وتحاول جاهدة لنشرها بين الآخرين، هنا تبين لنا البذور التي تم زرعها منذ البداية.

من خلال هذا الوضع وجدنا أناساً تغيّرت أفكارهم وتحرّروا ممّا كانوا فيه، وجدنا أناساّ كانوا مُمثلين بارعين في الادّعاء بالإيجابيات، للأسف سقطت أقنعتهم مثلما تتساقط أوراق الخريف وهم أول من تخلّوا عن الجميع وأغلقوا أبواب قلوبهم عنهم، وهناك شجعان قلّة خرجوا رغم الصعاب ليُبادروا بأفعالهم وليست أقوالهم، ساندوا الجميع بقلوبهم، ورسموا الابتسامة على وجوهم رغم الكمامات التي تغطيها، وجابوا الشوارع لمساندة الوطن، هم فعلاً نوادر الإيجابيين كالدرر.

والآن عزيزي القارئ بعد كل ما سردناه، ماهو موقفك الآن، هل لديك ذكاء عاطفي؟ وكيف تصف نفسك ضمن أي المجموعات التي كانت كالأوراق أم كالدرر؟. هل أنت تحتاج الآن إلى جلسة تأمل مع ذاتك؟ وإعادة حساباتك وخريطة طريقك حسب ما تعلمناه اليوم؟ الجواب أنت من تحدده حسب رؤيتك ومن أي زاوية تقف، وماذا تحمل معك من أفكار ومعتقدات وتعليم وغيره.

كُن الإنسان الذي يعرف نفسه بضعفها وقوّتها، ويقرأ مشاعره ومشاعر الآخرين باستمرار، كُن الإنسان الذي يتحمل المسؤولية في علاقته مع الآخرين، كُن الإنسان المتفائل الذي لا يعرقله الخوف من الفشل والعقبات متقبلاً للنقد وساعياً دائماً للأفضل. كُن الإنسان المتسامح الذي لا يحمِل حقداً.

في الختام:

الذكاء العاطفي يفوق أهمية الذكاء العقلي في بعض الأحيان!! فماذا تنتظر... ابدأ بتطوير ذكائك العاطفي الآن.




مقالات مرتبطة