عود نفسك على غرس عادة التفكير الإيجابي

قبل خمسة وستين عاماً، أحدث الدكتور "نورمان فنسنت بيل" (Dr. Norman Vincent Peale) ثورة في عالم النشر من خلال كتابه الشهير "قوة التفكير الإيجابي" (The Power of Positive Thinking).



وبعد واحد وخمسين عاماً، اقترح الكتاب والفيديو الشهير "السر" (The Secret) الحجة نفسها؛ ألا وهي أنَّ التركيز على الأشياء التي نريدها (أي أن نكون إيجابيين أو متفائلين) يمكن أن يكون أمراً يعود علينا بفوائد كبيرة.

فسَّر بعض الناس هذا الموقف على أنَّه يعني أنَّ العناصر المادية الملموسة مثل (امتلاك منزل أكبر أو سيارة جديدة، أو غير ذلك)، سوف تأتي إليهم إذا ما ركزوا فحسب على هذا الشيء تركيزاً كافياً ومدَّةً كافية؛ لكنَّ الدراسات الجديدة تشير إلى أنَّ الفائدة الرئيسة المترتبة على التفكير الإيجابي، لا تتعلق بما لدينا من ممتلكات بقدر ما تتعلق بجهاز المناعة لدينا.

عُرِفَت "جوديث تي موسكوفيتز" (Judith T. Moskowitz)، أستاذة العلوم الاجتماعية الطبية في "كلِّية فاينبرغ للطب في جامعة نورث وسترن" (Northwestern University's Feinberg School)، بأنَّها القديسة العلمية الراعية للتفكير الإيجابي؛ إذ ساعدت في تدريب المرضى الذين يتعاملون مع مجموعة متنوعة من التحديات البدنية، للتركيز على مجموعة من ثمان مهارات لخلق المشاعر الإيجابية والحفاظ عليها.

قبل سنوات، وجدت هي وزملاؤها في "جامعة كاليفورنيا-سان فرانسيسكو" (California-San Francisco)، أنَّ استعمال هذه المهارات ساعد المرضى الذين شُخِّصت إصابتهم حديثاً بفيروس نقص المناعة البشرية على مكافحة العدوى بشكل أكثر فاعلية.

كما يعلم معظمنا، ليس من السهل أن تبقى هادئاً وأن تشعر بالسعادة والرضى في أثناء مواجهة أزمة صحية، لكن "موسكوفيتز" وزملاؤها شجعوا مرضاهم في كلٍّ من "سان فرانسيسكو وشيكاغو" (San Francisco and Chicago) على الدراسة والاحتفاظ بثلاث مهارات على الأقل من المهارات الثماني التالية، وممارسة واحدة أو أكثر من هذه المهارات كل يوم.

  • وضع قائمة تتضمن نقطة القوة الشخصية وكيف استعملتها.
  • ممارسة تمرينات اليقظة والتركيز على الوقت الحالي.
  • تقدير التصرفات اللطيفة وممارستها يومياً.
  • بدء كتابة يوميات الامتنان.
  • تحديد هدف يمكن تحقيقه ومراقبة التقدم.
  • كتابة قائمة بالضغوط الخفيفة التي تعانيها في حياتك، وتحديد طرائق للتفكير فيها بشكل إيجابي.
  • تذكُّر حدث إيجابي واحد على الأقل كل يوم.
  • تحديد تأثير هذا الحدث، ثم تسجيله في دفتر يومياتك الخاصة أو إخبار شخصٍ آخر عنه.
إقرأ أيضاً: كيف نتقن فن إدارة المشاعر والتحكم بعواطفنا؟

كانت "موسكوفيتز" سعيدة لاكتشافها أنَّ الأشخاص المصابين بالإيدز والسكري من النوع 2، وغير ذلك من الأمراض المزمنة الأخرى، يبدو أنَّهم يعيشون فترة أطول إذا ما أظهروا مشاعر إيجابية؛ إذ إنَّه كان من الواضح أنَّ الخطوة التالية هي معرفة ما إذا كان يمكن تعليم الأشخاص الآخرين مهارات من شأنها أن تثير المشاعر الإيجابية.

وفقاً لـ "جين إي برودي" (Jane. E. Brody) من صحيفة "نيويورك تايمز" (The New York Times)، فإنَّ "موسكوفيتز" ليست الطبيبة الوحيدة التي تعتقد أنَّ التفكير الإيجابي لديه قوة الشفاء.

في مدينة "دالاس" (Dallas)، ألَّفت الدكتورة "ويندي شليسل هارفام" (Dr. Wendy (Schlessel Harpham كتباً عدة مصممة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من مرض السرطان؛ إذ إنَّها قبل ثلاثة عقود، كانت طبيبة باطنية عندما شُخِّصَت إصابتها بسرطان اللمفوما اللاهودجكينية، وهو سرطان يصيب الجهاز المناعي.

ثم على مدار 15 سنة التالية، تعاملت مع ثمان انتكاسات من مرض السرطان؛ لكنَّها الآن في حالة شفاء منذ أكثر من عقد من الزمان، وتؤكد "هارفام" على:

  • فعل شيء جيد لشخص آخر كل يوم.
  • الاحتفاظ بدفتر يومي للامتنان.
  • إحاطة النفس بأشخاص داعمين يرفعون المعنويات.
  • مشاهدة أفلام مضحكة أو ملهمة أو مشوقة.

في أحد كتبها، "السعادة في عاصفة: مواجهة المرض وتقبُّل الحياة الصحية" (Happiness in a Storm: Facing Illness and Embracing Life as Healthy Survivor)، تشجِّع الأشخاص الذين يعانون من أمراض السرطان أو السكري أو أمراض القلب أو أيِّ مرض مزمن على بذل كل ما في وسعهم للتغلب على مرضهم وعيش الحياة على أكمل وجه.

تلفت "هارفام" انتباهنا إلى فرص السعادة في الحياة على الرغم من المشكلات الطبية وحتى بسبب المرض.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتفكير الإيجابي من ديل كارنيجي

نشرت "بيكا ليفي وأفني بافيشي" (Becca Levy and Avni Bavishi) من "كلِّية ييل للصحة العامة" (Yale School of Public Health) دراسة في "مجلة علم الشيخوخة" (Journal of Gerontology) والتي أظهرت فوائد النظر بتفاؤلٍ تجاه الحياة؛ إذ وجدتا أنَّ النظرة الإيجابية تجاه الشيخوخة يمكن أن يكون لها تأثير مفيد في كلٍّ من النتائج الصحية وطول العمر.

خلاصة القول، إنَّ التفكير الإيجابي يميل إلى خفض ضغط الدم، وتقليل حالات الإصابة بأمراض القلب، والمساهمة في التحكم في الوزن بشكل أفضل، فضلاً عن التأثير الإيجابي في مستويات السكر في الدم.

لذا، حتى لو كنتَ متشائماً انظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس؛ إذ إنَّني عن نفسي، لا يسعني إلا أن أشعر بأنَّ تلك النتائج مُبشِّرة.

المصدر




مقالات مرتبطة