علاجات للصداع النصفي المزمن (الشقيقة)

عندما يُصبح الصداع النصفي مُعوِّقاً لحياتك اليومية، فقد حان الوقت لاستشارة الطبيب عن الخيارات العلاجية المتاحة.



إذ تنقسم العلاجات عموماً إلى فئتين: العلاجات الوقائية، والعلاجات الحادة وتسمَّى أيضاً المُنقذة، والتي تساعد على إيقاف الصداع عند حدوثه؛ إذ يتناول معظم المرضى أدويةً وقائيةً، ويحتفظون بدواء علاجي لاستخدامه عند الحاجة.

الأدوية الوقائية:

هي الأدوية التي يتناولها المريض يومياً على شكل أقراص، أو شهرياً على شكل حقن، ومهما كان نظامك، فهذا الدواء يساعدك على منع حدوث الصداع من أساسه؛ إذ تشمل هذه الأدوية:

1. أدوية ارتفاع الضغط الشرياني:

قد تكون أدوية ارتفاع الضغط، مثل "حاصرات بيتا" فعَّالةً جداً في الوقاية من الصداع النصفي، وتُستخدم عادةً بجرعاتٍ أقل من الجرعات المُستخدمة في علاج ارتفاع الضغط.

يعتقد الأطباء بشأن آلية عملها أنَّ هذه الأدوية تتداخل مع الخمود القشري المُنتشر، وهو موجة من النشاط الكهربائي تنتشر عبر سطح الدماغ، فتُوقف بذلك عملية انتشار الصداع النصفي.

2. مضادات الاكتئاب:

لقد استُخدم "الأميتريبتيلين" (Amitriptyline) لفترة طويلة في الوقاية من الصداع النصفي، لكنَّ آثاره الجانبية المتعددة، كزيادة الوزن، وجفاف الفم، والنعاس المُفرط، تجعله غير مناسبٍ لجميع المرضى، وقد تشمل الخيارات الأخرى "الفينلافاكسين" (Venlafaxine)، وهو نوع مختلف من مضادات الاكتئاب؛ إذ يُعدُّ كل منهما على الأرجح فعَّالاً في الوقاية، وَفقاً لآخر بيان صدر عن الجمعية الأمريكية للصداع عن علاجات الصداع النصفي.

3. مضادات الاختلاج:

قد يُستخدم هذا الصنف من الأدوية، مثل "توبيراميت" (Topiramate) أو "جابابنتين" (Gabapentin)، بوصفه علاجاً وقائياً للصداع النصفي؛ إذ إنَّ إحدى الآليات المرضية خلف الصداع النصفي هي أنَّ الأعصاب تُصبح مُفرطة الاستثارة، وهذا يعني أنَّها تتهيَّج وتُطلق السيالات العصبية بسهولةٍ أكبر؛ إذ يُعتقد أنَّ مضادات الاختلاج هذه تساعد على تهدئة الأعصاب، وتمنع استثارتها وتسببها في مزيد من الألم، لكنَّ الآثار الجانبية تشمل الدوخة، وتغيُّرات الوزن، والغثيان، ولا يوصى باستخدامها للحوامل أو اللواتي يخططن للحمل.

4. حِقن البوتوكس:

تمت الموافقة على وصف حقن البوتوكس، وخاصةً لمرضى الصداع النصفي المزمن، وذلك لأنَّ مادة البوتوكس تُقلِّل التنبيهات الحسية حول الوجه والرقبة، ويُعتقد أيضاً أنَّها قد تساعد على تخفيف الالتهاب.

5. مثبطات الببتيد المرتبط بجين الكالسيتونين (CGRP):

تشير الدراسات الحالية إلى ارتفاع المستويات الدموية من الـ CGRP، وهو ناقل كيميائي، في أثناء نوبة الصداع النصفي، وقد أدَّت هذه الملاحظة إلى التوصُّل إلى فئتين من حاصرات هذا الببتيد، وهما:

الأجسام المضادة وحيدة النسيلة:

تشمل عقاقير مثل "إرينوماب" (Erenumab)، و"فريمانيزوماب" (Fremanezumab)، و"جالكانيزوماب" (Galcanezumab)؛ إذ تمنع هذه الأدوية تأثيرات الببتيد، حسب إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، فعادةً ما تُحقن مرةً كل شهر أو كل ثلاثة أشهر.

قد تستمر آثار هذه الأدوية لأشهر عدة، ويمكن تحملها جيداً من معظم المرضى، وأكثر الآثار الجانبية شيوعاً هو الألم في موقع الحقن، ففي عام 2020، مُنحت الموافقة على عقار "إيبتينيزوماب" (Eptinezumab) بوصفه أول علاج وريدي للوقاية من الصداع النصفي.

مضادات مستقبلات الناقل الكيميائي CGRP:

تُؤخذ هذه الأدوية عن طريق الفم وتعمل على علاج الالتهاب الذي يؤدي إلى الصداع النصفي، والدواء الوحيد المُعتمد حالياً هو "ريميجيبانت" (Rimegepant)؛ إذ يُستخدم في الوقاية والعلاج، وتشمل آثاره الجانبية الشائعة الغثيان وآلام المعدة وعسر الهضم، وذلك حسب الشركة المُصنعة.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أهم المعلومات المتعلقة بصداع الشقيقة

الأدوية العلاجية:

تتوفَّر حالياً بعض الأدوية التي تُخفِّف من الألم الناجم عن نوبة الصداع النصفي؛ إذ تُستخدم هذه الأدوية عند ظهور أُولى علامات الصداع النصفي؛ أي عندما تبدأ في الشعور بالألم، فتُساعدك على تخفيف الأعراض في الوقت المناسب حتى تتمكَّن من إكمال يومك طبيعياً.

وتشمل هذه الأدوية:

1. مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية:

يمكن شراء هذه الأدوية مثل "الأسبرين" (Aspirine)، و"الإيبوبروفين" (Ibuprofene)، و"الأسيتامينوفين" (Acetaminophen) دون وصفة طبية، ممَّا يجعلها خياراً مناسباً لمعظم المرضى، لكنَّها عادةً ما تكون فعالةً ضد الألم الخفيف فقط، كما أنَّ تناولها لفترةٍ طويلةٍ قد يُسبِّب صداع الاستخدام المفرط للمسكنات ومشكلات في الجهاز الهضمي، مثل القرحة والنزف الهضمي.

2. مشتقات التريبتان:

هي إحدى الأدوية الرئيسة التي ينصح بها الأطباء لعلاج الصداع النصفي المزمن، وأصنافها الشائعة هي "سوماتريبتان" (Sumatriptan)، و"ريزاتريبتان" (Rizatriptan)؛ إذ تعمل هذه الأدوية عن طريق تحفيز إفراز السيروتونين، وتخفيف الالتهاب، وتضييق الأوعية الدموية، وعادةً ما تكون أكثر فاعليةً عند تناولها في وقت مبكِّر في أثناء النوبة.

3. ثنائي هيدرو إرغوتامين:

يُباع هذا الدواء تحت الاسم التجاري "ميغرانال" (Migranal)، ويتوفِّر على شكل حقنٍ أو بخاخ أنفي، وعادةً ما يكون أكثر فاعليةً عند تناوله في بداية نوبة الصداع النصفي التي قد تستمر لفترة أطول من 24 ساعة في حال عدم العلاج، لكنَّه قد يؤدي إلى تفاقم الغثيان والإقياء لدى بعض المرضى، وليس مناسباً لمن يعاني من أمراض الشرايين الإكليلية أو الكليتين أو الكبد، أو مرضى ارتفاع ضغط الدم، حسب مركز "مايو كلينيك" (Mayo Clinic).

4. مضادات مستقبلات (CGRP):

كما ذُكر سابقاً، يُستخدم عقار "ريميجيبانت" (Rimegepant)، للوقاية من الصداع النصفي وكذلك لعلاج النوبات، وقد تمت الموافقة على دواء آخر في هذه الفئة، وهو "أوبروجيبانت" (Ubrogepant)، لعلاج الصداع النصفي الحاد.

إذ أثبتت التجارب الدوائية أنَّ هذه الأدوية تُقلِّل الألم والغثيان وحساسية الضوء في غضون ساعتين من تناول الدواء، لكنَّ "الأوبروجيبانت" قد يؤدي إلى الغثيان وجفاف الفم والنعاس المفرط، وفقاً للشركة المصنعة لدواء "أليرجان" (Allergan).

5. مركبات الديتان:

اعتُمد دواء "لاسميديتان" (Lasmiditan) في عام 2019 بوصفه أول دواء من هذه الفئة، وقد أثبتت التجارب السريرية التي أجرتها الشركة المُصنعة أنَّ الأشخاص الذين تناولوا الدواء أبدوا ارتياحاً أكبر من الأعراض في غضون ساعتين، مقابل أولئك الذين تناولوا دواءً وهمياً.

فقد تُعَدُّ هذه الفئة خياراً جيداً بالنسبة إلى المرضى الذين لم يستفيدوا من مركبات التريبتان، ويُعتقد أنَّها تعمل من خلال استهداف نوع معيَّن من مستقبلات السيروتونين على الأعصاب التي تنقل آلام الصداع، وتشمل الآثار الجانبية الشائعة الدوخة والنعاس.

6. مضادات الغثيان:

إنَّ الغثيان هو عرَض شائع جداً عند مرضى الصداع النصفي، لذا فإنَّ تناول هذه الأدوية مفيد جداً، وإضافةً إلى تخفيف الغثيان، يُعتقد أنَّها تؤدي دوراً في علاج الصداع أيضاً؛ إذ يُعدُّ "الميتوكلوبراميد" (Metoclopramide) من أفضل الخيارات المتاحة، إضافةً إلى "البروكلوربيرازين" (Prochlorperazine).

إقرأ أيضاً: 6 أنواع من الأطعمة تساعد على التخلص من الصُداع

بعض العلاجات المُكمِّلة والبديلة:

إذا كنت تُعاني من الصداع النصفي المزمن لفترة طويلة، فعلى الأرجح أنَّك تتناول مجموعة من المكمِّلات المختلفة؛ إذ إنَّ معظمها غير فعَّال في أحسن الأحوال، وإذا بحثت في محرك بحث "غوغل" (Google) عن المكمِّلات الخاصة بالصداع النصفي، فإنَّ معظم من نتائج البحث ليست مدعومةً بقدر كافٍ من الأبحاث.

لكنَّ العلاجات المُكملة تبقى خياراً مناسباً لبعض الناس، فالتحدي هو أنَّ هذه المركبات تتطلَّب التزاماً حقيقياً من المريض، والنتائج عادةً لا تكون فورية كالأدوية الأخرى؛ إذ يتعلَّق الأمر بما يُفضِّله المريض.

تتضمَّن بعض العلاجات المُكمِّلة الواعدة ما يأتي:

1. المغنيزيوم:

لقد ثبت أنَّه آمنٌ في علاج عديد من حالات الصداع، ويبدو أنَّه مُفيدٌ وخاصة للمرضى الذين يعانون من الصداع النصفي المسبوق بالأورة، أو ما يُعرف بالنسمة، وكذلك النساء المصابات بالصداع النصفي المرافق للدورة الشهرية؛ إذ يتميَّز أيضاً بأنَّه آمنٌ عند النساء الحوامل، الأمر الذي لا ينطبق على بعض الأدوية الأخرى.

2. فيتامينات "ب":

توجد بعض الأدلة على أنَّ الجرعات العالية من الريبوفلافين (فيتامين ب2)، يُقلِّل من عدد النوبات بمقدار نوبتين كل شهر، وَفقاً لمكتبة الطب الوطنية الأمريكية.

3. مرافق "الإنزيم كيو 10" (Coenzyme Q10):

أُجريت مراجعة وتحليل لستة دراسات صغيرة عن فاعلية هذه المُكمِّلات، ولم تجد انخفاضاً ملحوظاً في شدة الصداع، لكنَّ المركب قد يكون له فوائد أخرى؛ إذ وجدت دراسة نُشرت في مجلة "بي إم جي أوبِن" (BMJ Open) أنَّ مدة وتواتر نوبات الصداع النصفي قد انخفضت انخفاضاً ملحوظاً عند تناول هذا المُكمل، مقارنةً مع مجموعة التحكم.

4. تقنية "التحفيز العصبي الكهربائي عن بُعد" (REN: Remote electrical neurostimulation):

"نيرفيو" (Nerivio)، هو جهازٌ قابل للارتداء يعمل بهذه التقنية، يُطلق نبضاتٍ كهربائية إلى الأعصاب في الجزء العلوي من الذراع؛ إذ يُعتقد أنَّ الدماغ يستجيب لتلك الإشارات من خلال تخفيف الألم في جزء آخر من الجسم، وقد يكون هذا العلاج غير الدوائي بديلاً مناسباً لمرضى الصداع النصفي المزمن، ومن الآثار الجانبية الشائعة الإحساس بالوخز في الذراع، وتقول جمعية الصداع الأمريكية إنَّ هذا الجهاز قد يُقلِّل من الصداع الناتج عن الإفراط في تناول الأدوية.

5. اليقظة والارتجاع الحيوي وتقنيات الوعي الأخرى:

إنَّ الصداع النصفي مُرهِقٌ للمريض وعائلته، ويحمل ضرراً كبيراً على حياته وعلاقاته، قد يُساعد العلاج السلوكي المعرفي واليقظة وحتى الارتجاع البيولوجي - الذي يُعلِّم المريض مراقبة معدل ضربات القلب والتحكم فيه - المرضى على تخفيف التوتر والتعامل مع آثار الصداع النصفي، كما يستخدمه معظم المرضى للتعامل مع الألم بطريقة أفضل خلال النوبة.

في الختام:

يجب أن تبقى على اتصالٍ مع طبيبك، وأن تكون منفتحاً على الخيارات العلاجية المتوفرة، لأنَّها آمنة.

المصدر




مقالات مرتبطة