عسر القراءة عند الأطفال: أنواعه، وأسبابه، وأهم طرق علاجه

يعاني الكثير من الأطفال من مشكلة عسر القراءة، وتُوجَّه إليهم صفات الغباء واتهامات التقصير والإهمال، فهل فعلاً يعاني هؤلاء الأطفال من معدلات ذكاء منخفضة؟ وما هي أسباب مشكلة عسر القراءة في المقام الأول؟ ثم كيف يجب التعامل معها ومساعدتهم على تجاوزها؟ دعونا نجيب عن هذه التساؤلات في السطور القادمة.



ما هو عسر القراءة عند الأطفال؟

يُعَدُّ عسر القراءة أو ما يُعرَف بإعاقة القراءة أو "ديسلسكيا"، إحدى صعوبات التعلم الشائعة لدى الأطفال، وهو اضطراب تعليمي يظهر على صورة ضعف في قدرات الطفل المتعلقة بالتهجئة، وقراءة الكلمات والجمل، وتذكُّر أصوات الحروف، وربط رمز الحرف مع شكله؛ حيث نجده أكثر انتشاراً بين الأطفال في مرحلة رياض الأطفال والابتدائي، وفي حالات نادرة يستمر في مرحلة البلوغ.

أنواع عسر القراءة عند الأطفال:

هناك أنواع عدة لعسر القراءة وهي:

1. عسر القراءة الأولي:

يُعَدُّ عسر القراءة هذا من أكثر أنواع عسر القراءة شيوعاً، وهو أخطرها؛ لأنَّه قد يستمر مدى الحياة في حال لم يتم التدخل والعلاج في سن مبكرة؛ وذلك لكونه وراثياً ويتعلق بخلل في قشرة الدماغ.

2. عسر القراءة الثانوي:

يعود عسر القراءة الثانوي لمشكلات في الحمل والولادة، ولكنَّه يخف تدريجياً مع نمو الطفل.

3. عسر القراءة الناتج عن الصدمة:

ينتج هذا النوع من عسر القراءة بسبب تعرض الطفل لصدمة أو إصابة ما، فتتأثر المنطقة المسؤولة عن النطق والقراءة في الدماغ.

إقرأ أيضاً: الصدمات النفسية للأطفال: أنواعها، وأعراضها، وكيفية التعامل معها

4. عسر القراءة الصوتي:

يتمثل عسر القراءة الصوتي في عدم القدرة على تحويل الكلمات المسموعة إلى حروف مكتوبة؛ فهنا تكمن المشكلة في الربط بين ما يسمع الطفل وما يكتبه.

5. عسر القراءة البصري:

يُقصَد بعسر القراءة البصري عدم قدرة الطفل على التعرف إلى الحروف عند رؤيتها، ومن ثمَّ يواجه صعوبة في تسميتها وتذكُّر لفظها.

6. عسر القراءة الاتجاهي:

يُعرَف عسر القراءة الاتجاهي بـ "اضطراب اليمين واليسار"، وغالباً ما يكون مُصاحباً لعسر القراءة؛ إذ يُواجه الطفل مشكلات في التعرف إلى الاتجاهات والعكس بينها.

7. عسر القراءة التلقائي السريع:

يتمثل عسر القراءة السريع في الوقت الطويل الذي يحتاج إليه الطفل للقراءة، وعدم قدرة الطفل على تسمية الحرف أو الرقم بسرعة أول ما يراه.

8. عسر القراءة المضاعف أو المزدوج:

وهو حالة نادرة الحدوث؛ حيث يصاب الطفل بأكثر من نوع من عسر القراءة؛ كأن يعاني من عسر قراءة بصري وعسر قراءة سريع في الوقت نفسه.

أعراض عسر القراءة عند الأطفال:

تتمثل أعراض عسر القراءة لدى الأطفال بما يأتي:

  • تأخر النطق وحتى الحبو أو المشي لدى الطفل مقارنة بأقرانه.
  • البطء في تعلُّم كلمات جديدة.
  • العكس أو الخلط بين أصوات الحروف.
  • مشكلة في تذكُّر أسماء الحروف والأرقام والألوان.
  • عدم حفظ أغاني الطفولة وألعاب الكلمات بسهولة، ونسيانها بشكل دائم.
  • تأخر مستواه في القراءة عن المستوى الطبيعي المتوقع في سنه.
  • مشكلة في الاستيعاب والتفاعل مع ما يسمعه.
  • الخلط بين الحروف وصعوبة التفريق بينها؛ كقراءة "بيت" بدل "بنت".
  • التلعثم والتأتأة عند محاولة القراءة.
  • صعوبة في الربط بين رمز الحرف وصوته.
  • صعوبة في تقسيم الكلمة إلى مقاطع وربطها بعضها ببعض.
  • صعوبات في تذكُّر أسماء الحروف والألوان والأرقام وأيام الأسبوع والأشهر.
  • مشكلة عكس الكلمات المتشابهة، أو إنقاص أو إضافة كلمات غير موجودة في النص.
  • تخمين الكلمة من أول حرف، وإعطاء كلمة أخرى غير الكلمة الأصلية.
  • مشكلات في عدم التركيز، وقد تترافق مع اضطرابات نقص انتباه وفرط حركة.
  • فقدان القدرة على تسلسل الأفكار بشكل منطقي.
  • بطء شديد في القراءة، وعند تخطِّي الأسطر.
  • مشكلات في الكتابة والإملاء.
  • الشعور بالصداع والدوخة ووجع في المعدة في أثناء القراءة.
  • الميل إلى الخجل والانطوائية، وربما العدائية تجاه أقرانه.
  • إبداء مشاعر القلق والخوف، وقلة الثقة بالنفس.
  • التهرب من دوره في القراءة، بسبب خوفه من ضعفه فيها.
  • إصابة الطفل بالاكتئاب.
  • حاجته إلى بذل الكثير من الجهد عند القراءة.
  • صعوبة في تعلُّم لغات جديدة.
  • التردد قبل الإجابة.
  • صعوبة في تنظيم الوقت، وأداء المهام بمفرده.
  • صعوبة في التعبير عن النفس، وتلخيص القصص.
إقرأ أيضاً: تأخر النطق عند الأطفال: الأسباب والعلاج

مضاعفات عسر القراءة عند الأطفال:

قد يؤدي عسر القراءة في حال عدم التدخل والعلاج، إلى مضاعفات خطيرة لدى الطفل، مثل:

  • التأثير في قدرة الطفل على التعلم عموماً، والمشاركة في نشاطات الصف مع أقرانه؛ ذلك لأنَّ القراءة هي مفتاح التعلم في جميع المواد.
  • التأثير في مستوى الطفل الدراسي؛ إذ غالباً ما يتراجع تحصيله العلمي بسبب تأثير المشكلة في حالته النفسية وثقته بنفسه.
  • إمكانية إصابة الطفل بالإحباط والاكتئاب.
  • مواجهة الطفل لمشكلات في مهارات التواصل الاجتماعي، والتكيف مع أقرانه في المدرسة، وقد يصل به الأمر إلى كره الذهاب إلى المدرسة.
  • تبنِّي الطفل السلوك العدواني تجاه أصدقائه؛ نتيجة شعوره بأنَّه أدنى منهم.
  • إصابة الطفل المعسر قرائياً باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

أسباب عسر القراءة عند الأطفال:

لا تزال الأسباب الحقيقية الكامنة وراء عسر القراءة غير مفهومة بدقة، ولكن يمكن للأسباب التالية أن تكون ذات دور في هذه المشكلة:

1. الوراثة:

يزداد احتمال إصابة الطفل بعسر القراءة بنسبة 40% في حال كان أحد الأبوين مصاباً بهذه المشكلة.

2. إصابات دماغية:

قد يكون عسر القراءة ناتجاً عن إحدى إصابات الدماغ أو السكتات الدماغية.

3. الولادة المبكرة:

قد ينتج عن الولادة المبكرة للطفل، أو ولادته بوزن أقل من الوزن الطبيعي، إصابته بمشكلات نطق وقراءة.

4. التدخين والكحول في أثناء الحمل:

يؤدي تدخين الأم وتناولها للكحول أو المخدرات في أثناء الحمل، إلى مشكلات في نمو دماغ الجنين وإصابته بصعوبات التعلم والقراءة.

5. الصدمات النفسية:

قد يؤدي تعرض الطفل لصدمة نفسية ما، إلى خلل في منطقة النطق والقراءة في الدماغ.

علاج عسر القراءة عند الأطفال:

تُعَدُّ مشكلة عسر القراءة مشكلة قابلة للعلاج؛ إذ إنَّ أغلب حالات الأطفال المعسرين قرائياً تُعالَج وتتحسن، ولكن من الضروري أن تُشخَّص المشكلة لدى الطفل مبكراً؛ لأنَّ التأخير يجعل العلاج أصعب.

ينقسم علاج مشكلة عسر القراءة بين المدرسة والأهل والمراكز المختصة:

دور الأهل في علاج عسر القراءة عند الأطفال:

  • مراقبة تطور القراءة لدى الطفل بشكل دائم، ومقارنة مستواه بالمستوى المطلوب في سنه، فعند ملاحظة أيِّ اختلاف أو مشكلة، يتوجب على الأهل التوجه إلى مختص في مهارات التعلُّم لدى الأطفال، والذي سيقوم بتشخيص الحالة، وإعطائهم النصائح عن كيفية التعامل معها.
  • التحلِّي بالصبر وسعة الصدر، واستيعاب حالة الطفل المعسر والتعامل معه من دون الضغط عليه.
  • توفير البيئة الإيجابية والمشجعة له؛ حيث إنَّ أكثر ما يحتاج إليه الطفل المصاب بعسر القراءة هو الدعم النفسي؛ لذا يجب أن يحرص الأبوان على تقديم الدعم النفسي والعاطفي إليه؛ وذلك من خلال مدحه، والتأكيد على أنَّه قادر على تجاوز المشكلة، مع الانتباه إلى عدم انتقاده أو مقارنته بأقرانه، والتركيز على نقاط قوَّته.
  • جعل القراءة جزءاً من روتين الطفل اليومي، ومشاركته قراءة القصص المشوقة، وتشجيعه على القراءة وحده.
  • إحضار كتب صوتية للطفل، وجعله يستمع إليها.
  • الثناء والمديح الدائم لأيِّ تحسن يُبديه الطفل، والاحتفال به وجلب الهدايا التشجيعية له.

دور المدرسة في علاج عسر القراءة عند الأطفال:

تساعد المدرسة الطفل في تخطِّي مشكلة عسر القراءة من خلال:

  • اتباع برنامج تعليمي فردي خاص بتعزيز وتطوير مهارات القراءة لدى الطفل؛ بحيث يُعلَّم الطفل بشكل فردي، ويقوم المعلم بالتركيز على تعليمه التهجئة، وربط الحروف وتشكيل الكلمات، ومنحه الوقت الكافي للتدرب.
  • طرح المعلم أسئلة سهلة وواضحة بالنسبة إلى الطفل، وتجنُّب الأسئلة المعقدة.
  • الصبر على الطفل من قِبل المعلم، وعدم استعجال النتائج أو الضغط عليه.
  • اختيار موضوعات وقصص محببة ومشوقة للطفل، تجذب انتباهه وتثير حماسته لقراءتها، فضلاً عن إعادة قراءتها أكثر من مرة.
  • اتباع المعلم تقنيات تعليمية تعتمد على البصر والسمع واللمس؛ إذ يفيد تشغيل الحواس في أثناء التعلم في ترسيخ المعلومة أكثر.
  • تشجيع الطفل على القراءة أمام أقرانه، وتخليصه من خوفه وخجله.
  • تذكير الطفل والتأكيد على أنَّ عسر القراءة مشكلة قابلة للحل، وهي ليست متعلقة بمعدل الذكاء لديه.
  • مدح الطفل بشكل دائم ومكافأته على تقدمه.

دور المراكز المختصة في علاج عسر القراءة عند الأطفال:

يُمكن اصطحاب الطفل إلى مراكز مختصة بصعوبات التعلم لدى الطفل من عسر قراءة وغيرها، والتي تتم فيها متابعة حالة الطفل من قِبل الخبراء والمختصين النفسيين والتربويين المؤهلين للتعامل مع هكذا حالات.

شاهد بالفيديو: 6 فوائد لقراءة القصص للأطفال

هل هناك علاقة بين عسر القراءة والذكاء عند الأطفال؟

يوجد اعتقاد شائع بأنَّ معاناة الطفل من مشكلة عسر القراءة، تعني معاناته من مشكلات عقلية أو من معدل ذكاء منخفض، لكنَّ هذا الاعتقاد خاطئ تماماً؛ حيث أظهرت الدراسات والتجارب التي أُجرِيَت على الأطفال المعسرين قرائياً، أنَّهم يتمتعون بمعدل ذكاء متوسط؛ بل ويتعدى المستوى المتوسط في أحيان كثيرة، فضلاً عن أنَّ تفكيرهم غالباً ما يكون إبداعياً في حل المشكلات، حتى إنَّ أشهر العلماء والفنانين أمثال: "ألبرت أينشتاين"، و"ليوناردو دافينشي"، و"وينستون تشرشل"، و"بابلو بيكاسو"، و"محمد علي كلاي"، وغيرهم، كانوا يعانون من عسر قراءة.

إذاً، ليس للأمر علاقة بالذكاء، وهذا ما جعل العلماء يطلقون على عسر القراءة اسم "الإعاقة المختفية".

الوقاية من عسر القراءة عند الأطفال:

  • لا شك في أنَّ الطفل المعسر قرائياً هو مسؤولية الأبوين أولاً والمدرسة ثانياً؛ إذ إنَّ على الأبوين اكتشاف مهارات الطفل وتنميتها، واكتشاف ما يُعانيه من مشكلات واضطرابات، ثم العمل على معالجتها بالبحث عن أسبابها، والتعامل مع الطفل بكل هدوء وصبر، واتباع الوسائل والأساليب التي ينصح بها علماء النفس.

ولا مانع من التواصل مع مختص في مهارات التعلُّم لمتابعة حالة الطفل، وكذلك التعاون مع المدرسة في مساعدة وتشجيع الطفل للتخلص من هذه المشكلة.

  • البدء بتعليم الطفل الحروف والكلمات في سن صغيرة.
  • إحضار الألعاب التي تنمي عقله، وتُعلِّمه الحروف والتهجئة.
  • التركيز على الصور المرئية للحروف والكلمات؛ ممَّا يساعد على تخزينها في الذاكرة.
  • التحدث والحوار الدائم مع الطفل، وتشجيعه على التعبير عن نفسه.
  • إحضار قصص مشوقة للطفل منذ صغره، وتشجيعه على القراءة بصوت عالٍ.
  • دفع الطفل إلى الانخراط مع أقرانه من سن مبكرة.

في الختام:

يجب ألَّا ننسى أنَّ الطفل المعسر قرائياً غالباً ما يتمتع بتفكير إبداعي وخارج الصندوق، لكنَّه بحاجة إلى اهتمام ورعاية خاصِّين لبعض الوقت، ثم سيتحرر ويُطلِق العنان للسانه بالقراءة الطلقة.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة