عبارة واحدة بسيطة ستغير أفكارك وتُجنِّبك بعض الألم

تؤثِّر القصص التي نرويها لأنفسنا بوصفنا بشراً عن ظروفنا وعن الآخرين وعن الحياة بشكل عام في تغيير الطريقة التي نشعر بها تأثيراً كبيراً؛ إذ تمنحنا الأخبار الجيدة والإيجابية شعوراً بالسعادة والراحة، بينما تمنحنا الأخبار السيئة والسلبية شعوراً بالخيبة وفقدان الأمل.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في تغيير أفكاره للأفضل.

بالطبع، أن تكون شخصاً إيجابياً فذلك يمنحك ما هو أكثر من الشعور بالسعادة؛ إذ إنَّ تفاصيل واقعك الحالي هامةً وتُحدِث فرقاً، لكن بشكل عام، لن تحظى بيومٍ جيد إذا كنت عازماً على إخبار نفسك بخلاف ذلك.

قد تعتقد أنَّك تعرف ذلك؛ لكنَّ هذا ليس كلُّ شيء؛ إذ لا تغير القصص التي نرويها لأنفسنا الطريقة التي نشعر بها فقط؛ بل تغير في الواقع ما نراه وما نختبره وما نعرف أنَّه حقيقي، وهذا هو أحد الأسباب الرئيسة التي تجعل معظم الأشخاص يمرون بالتجربة نفسها، لكن يفسرونها تفسيراً مختلفاً.

على سبيل المثال، يخوض كلٌّ منا تجربة مشتركة مع قصة مختلفة يتردد صداها في أذهاننا، وقصتنا المختلفة هذه - أو أفكارنا - تغيِّر الطريقة التي نشعر بها باستمرار؛ لذلك يخرج كلٌّ منا من هذه التجربة بشعورٍ مختلف قليلاً عما حدث للتو، وقد يُحدِث هذا الاختلاف الطفيف أحياناً اختلافاً كبيراً للغاية.

لذا إذا أردنا أن نفكر بطريقةٍ مماثلة لبعضنا بعضاً، وأن نحصل على فهم أفضل للواقع، فعلينا القيام بالقليل من الجهد.

المنظور هو الأساس:

تعمل القصص التي نرويها لأنفسنا على تضييق منظورنا بطريقةٍ ما، فعندما نخوض تجربة وفي أذهاننا قصة تحدد مسبقاً شكل الحياة، يصبح هذا كل ما نراه.

تذكرني هذه الظاهرة بحكاية قديمة يقوم فيها مجموعة من الرجال الكفيفين بلمس فيل لأول مرة لمعرفة شكله؛ إذ يتلمس كلُّ واحد منهم جزءاً مختلفاً من جسد الفيل، جزءاً واحداً فقط، مثل الساق أو الجذع أو الجانب أو الناب، ثم يقارن الرجال ملاحظاتهم باهتمامٍ بالغ ويدركون بسرعة أنَّهم يختلفون تماماً في تحديد شكل الفيل.

يحدث الاختلاف نفسه من خلال تجاربنا السابقة المختلفة وواسعة النطاق؛ فمعظمنا عانى حزناً شديداً، وبعضنا الآخر فقد أشخاصاً أعزاء بسبب حوادث أو أمراض، وبعضنا عانى بعض المشكلات الزوجية، أو طُرد من وظائف كان اعتماده عليها، أو تعرض للتمييز بسبب الجنس أو العِرق؛ لذا عندما نخوض تجربة جديدة تثير ذكريات مميزة عن قصصنا المؤلمة من الماضي، تُغير هذه التجربة منظورنا في الحاضر وتضيقه.

إقرأ أيضاً: التفكير بلا جدوى!

عندما تضيق تجربة سابقة سلبية منظورنا الحالي، فتلك في الغالب مجرد آلية دفاع؛ إذ نواجه في كلِّ يوم من حياتنا مستوى معيناً من عدم اليقين، لكنَّ آلياتنا الدفاعية البشرية الفطرية لا تحب هذه الفكرة؛ لذلك تحاول عقولنا التعويض عن طريق سدِّ ثغرات المعلومات من خلال التشبث بالقصص التي نشعر بالفعل بالراحة معها، وينتهي بنا المطاف في محاولة لاشعورية لفهم كلِّ شيء في الحاضر فهماً أفضل بمساعدة القصص القديمة والتجارب السابقة، وعلى الرَّغم من نجاح هذا النهج أحياناً، إلا أنَّه في أحيان أخرى لا تكون قصصنا القديمة وتجاربنا السابقة مرتبطة تماماً باللحظة الحالية؛ لذلك تؤذينا عوضاً عن مساعدتنا في النهاية.

لذا يأتي في هذه الحالة الدور الفاعل لإعادة صياغة الأفكار، فقد نجحتُ طيلة العقد الماضي، أنا وآنجل (Angel) (زوجتي وشريكتي في "مدونة مارك وآنجل") ("marcandangel.com") في إرشاد المئات من متدربي الدورات التدريبية من خلال أدوات إعادة صياغة مختلفة ثبت أنَّها تغيِّر أفكارنا، وتوسِّع وجهات نظرنا، وتحوِّل خطوط قصتنا في اتجاه إيجابي؛ وقد ساعد ذلك على تحسين شعور هؤلاء المتدربين، ومساعدتهم على التفكير تفكيراً أفضل، وإعادة حياتهم وعلاقاتهم إلى مسارها الصحيح تدريجياً، واليوم أودُّ أن أنظر نظرة سريعة إلى إحدى أدوات إعادة الصياغة في هذا المقال:

أداة "القصة التي أرويها لنفسي…"

يمكن تجنب معظم حالات سوء الفهم في الحياة إذا أخذنا الوقت الكافي للتساؤل، "ماذا يمكن أن يعني هذا أيضاً؟"، وعلى الرَّغم من أنَّ هذا السؤال وحده قد يساعدنا على إعادة صياغة أفكارنا وتوسيع وجهات نظرنا، فإنَّ استخدام العبارة البسيطة «القصة التي أرويها لنفسي» بوصفها بادئة للأفكار المقلقة قد أضاف بلا شك مزيداً من «لحظات التجلي» للمتدربين في الآونة الأخيرة، وإليك كيف تعمل هذه الأداة:

يمكن تطبيق "القصة التي أرويها لنفسي..." على أيِّ موقف صعب في الحياة، أو أيِّ ظرف تهزمك فيه أفكارك المقلقة.

على سبيل المثال، ربما لم يتصل بك شخص تحبه (زوج أو زوجة أو صديق أو صديقة وما إلى ذلك) في استراحة الغداء على الرَّغم من أنَّه قال إنَّه سيفعل ذلك، وقد مرت ساعة وأنت تشعر بالضيق لأنَّك شعرت بوضوحٍ أنَّك لا تشكل أولوية بالنسبة إليه، فعندما تجد نفسك تفكر بهذه الطريقة، استخدم العبارة:

شاهد بالفديو: 10 طرق لجعل التفكير الإيجابي عادة من عاداتك

"القصة التي أرويها لنفسي هي أنَّه لم يتصل بي ببساطة لأنَّني لست أولوية عالية بما يكفي بالنسبة إليه"، ثم اسأل نفسك:

  1. هل يمكنني أن أكون متأكداً تماماً من صحة هذه القصة؟
  2. كيف أشعر وأتصرف عندما أقول لنفسي هذه العبارة؟
  3. ما هو الاحتمال الآخر الذي قد يجعل نهاية هذه القصة حقيقية؟

امنح نفسك مساحة للتفكير ملياً في كلِّ شيء.

في الأيام العادية، أراهن أنَّ إجابتك عن السؤال رقم 1 ستكون "لا"، وإجابتك على السؤال رقم 2 ستكون "أنَّ شعورك ليس جيداً جداً"، وآمل أن يجعلك السؤال رقم 3 تقول ما يأتي:

"لا أعرف لماذا لم يتصل بعد، لكن ربما:

  • "لأنَّه مشغول للغاية في العمل اليوم وبالكاد حصل على استراحة غداء".
  • "لأنَّه قد نسي شحن هاتفه في الليلة الماضية، والبطارية فارغة".
  • "أو كان بيننا سوء فهم وهو ينتظر مني الاتصال به".

أو غيرها من المبررات.

التفكير تفكيراً مختلفاً:

تمنحك عبارة "القصة التي أرويها لنفسي..." والأسئلة الثلاثة المتعلقة بها أداةً لإعادة النظر وإعادة صياغة المواقف المقلقة أو المربكة التي تنشأ في حياتك اليومية، ومن هذه النقطة، يمكنك تفنيد القصص التي تخبرها لنفسك دون وعي والتحقق من الواقع من خلال عقلية أكثر موضوعية، مما يسمح لك في النهاية باتخاذ قرارات أفضل بشأن كلِّ شيء.

لذا جرب استخدام هذه الأداة للتفكير تفكيراً مختلفاً، وابتعد عن القصص التي ترويها لنفسك، وتعمَّق في الواقع، ولا تنظر فقط إلى المظاهر الخارجية؛ بل ابحث وراقب دون افتراض مسبق.

من يدري ما ستدركه عندما تتوقف عن النظر من خلال منظور ضيق بشكل كبير يعتمد على أنصاف الحقائق، وعندما تبدأ في رؤية الأشياء بوضوحٍ أكبر؛ فربما ستبدأ في رؤية أشياء لم ترها من قبل، وتجربة أشياء لم تختبرها من قبل، وستتعلم كثيراً من الدروس الجديدة التي تحتاج إلى تعلمها، وستصبح تدريجياً الشخص الذي لطالما عرفت أنَّك يمكن أن تكونه.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التفكير خارج الصندوق

في الختام:

آمل أن يذكرك هذا المقال على أقل تقدير، بأنَّ التفكير الإيجابي لا يتعلق بتوقع أفضل ما يحدث في كلِّ مرة؛ بل يتعلق بقبول ما يحدث في كلِّ مرة، وأن تكون متيقظاً، والاستفادة من ذلك على أفضل وجه.

الطريقة التي تفكر بها في الأشياء هي ما تصنع الفارق، فقد يعتقد الجرو الصغير أنَّ الأشخاص الذين يعيش معهم هم أبواه لأنَّهم يطعمونه ويحبونه ويوفرون له منزلاً دافئاً وجافاً، ويقدمون له الدلال والاهتمام، وقد تفكر قطة صغيرة أنَّها سيدة المنزل الذي تعيش فيه لأنَّ أصحابه يطعمونها ويحبونها ويوفرون لها منزلاً دافئاً، ويداعبونها ويعتنون بها، وبهذا نجد أنَّ الحالة قد تكون نفسها؛ لكنَّ التفكير يختلف.

إذاً، نحن نصنع قصص حياتنا بأفكارنا إلى حدٍّ كبير؛ فالواقع الذي نخلقه في النهاية هو عملية تفكيرنا اليومي، وعندما يكون تفكيرنا اليومي صحيحاً، لا يمكن أن تكون أفعالنا اليومية خاطئة على الأمد الطويل.




مقالات مرتبطة