طرق إدماج القوى العاملة

"في السابق، كنت أدخل الغرفة وأتأكد من نظافتها، أمَّا الآن، فأبحث عن فرصة لإبهار ضيفي"؛ هذا تصريح خادمة في "فندق الفورسيزنز" (Four Seasons Hotel) في "هونغ كونغ" (Hong Kong).



لنتخيَّل للحظةٍ أنَّ كل الخادمات يفكِّرن بالطريقة نفسها، سيكون لذلك ميزة تنافسية قصوى، وبكلماتٍ أخرى، ستحفِّز موظفيك للسعي وراء فرصٍ جديدة للتطور والنمو.

إنَّ موظفيك هم المصدر الأهم للأفكار الإبداعية؛ وذلك لأنَّ معرفتهم بأدق التفاصيل العملية لشركتك، تفوق معرفة معظم كبار القادة، وهؤلاء مثلاً الخادمات أقرب إلى تجربة الزبائن ممَّا ستكون عليه أبداً، لكن لا يتعلق هذا بهنَّ فحسب؛ وإنَّما بكلِّ شخصٍ في مؤسستك.

لقد أنشأ فندق "الفورسيزنز" برنامج "بلو ووتر" (BLUEWATER)، لإعطاء موظفيه الذين يبلغ عددهم 35 ألف موظفٍ المعدات والفرصة لابتكار الأفكار والتجربة وتحسين تجربة الزبائن؛ إذ يشرِك هذا البرنامج الجميع، ابتداءً من المدير العام وحتى الأشخاص الذين يركنون السيارات؛ إذ صدر الاقتباس المذكور آنفاً من إحدى الخادمات التي خضعت للبرنامج، ولقد أطلقوا العنان لقوةٍ لا يمكن إيقافها؛ بل يمكنها فعلاً تحفيز مؤسسةٍ بأكملها.

يقوم هذا البرنامج على ثلاثة مبادئ، ومهمته إعطاء كل موظفٍ شعوراً حقيقياً بالملكية:

  1. التحلي بالشجاعة فيما يخصُّ قراراتك: تحمَّل مسؤوليتها وجازف.
  2. ابتكار الأفكار: لا توجد فكرة سيئة، وستُعطى كلُّ الأفكار فرصةً للتطوير؛ إذ يريد المديرون من الموظفين أن يشعروا بالراحة لإحضار كل أفكارهم.
  3. مشاركة الأفكار المبتَكرة: كيفية تكييفها مع ممتلكات "الفورسيزنز" الأخرى.

يُعَدُّ مقهى "ستاربكس" (Starbucks) مثالاً ممتازاً آخر لهذه الممارسة؛ إذ لاحظ أحد الحاضرين في المقهى احتضان وترحيب الموظفين بكل شخص يدخل من الباب، مع ذكر أسمائهم.

أنشأت "ستاربكس" برنامجاً يُدعى "ماي ستاربكس آيديا" (My Starbucks Idea) للتشجيع على إيجاد أفكارٍ خدمية؛ إذ فوضوا موظفيهم فضلاً عن زبائنهم أيضاً؛ فما من أحد يعرف بقدر موظفيهم عن منتجاتهم، إلا زبائنهم الأوفياء.

شاهد بالفديو: 6 طرق مبتكرة لرفع معنويات الموظفين

تأثير الأفكار المبتَكرة:

تُختَبر الأفكار ويتم إعداد الموظفين إعداداً كاملاً ويُطوَّرون، لتتكيف دورة الحياة بكاملها مع البيئة المضبوطة التي ندعوها العمل، ولن يكون لدى المؤسسات التي تتقن ذلك حاجة ملحَّة إلى الإبداع أو تحقيق أهدافٍ استراتيجيةٍ أو مواجهة أيِّ تحدياتٍ قد تعترضها؛ إذ إنَّ سبب عدم اعتمادهم على مجموعة كبار المديرين التنفيذيين هو تعزيز ودعم القوى العاملة بأكملها للإبداع وحلِّ المشكلات.

من خلال التفويض سينجحون نجاحاً باهراً، وسواء كان إبداعاً أم منتَجاً أم عملياتٍ جديدةً، فإنَّ إزالة القيود عن الموظفين ومنحهم حرية التصرف سيُعلن عنه بالنهاية بوصفه انتصاراً.

لقد انتهت أيام كون المؤسسة تعرف كلَّ شيء وتنهي كلَّ شيء؛ إذ تُعَدُّ تجربة الزبائن فضلاً عن تجربة الموظفين، ثروة قيِّمة تنتظر أن تُستثمَر لتحسين أداء المؤسسة ككل.

إذ تزيد مشاركة الموظفين والزبائن في هذه العملية الإبداعية احتمالية النجاح؛ وذلك لأنَّ الموظفين يمكنهم التعرف إلى قضايا المؤسسة التي ينبغي معالجتها، وتذكَّر أنَّهم يعرفون أكثر ممَّا تعرفه عن أهم جزءٍ في عملك؛ لذا عندما يشعرون باهتمام الإدارة بآرائهم، سيزيد احتمال تحمُّلهم المسؤولية الشخصية عن نجاح المؤسسة، وسيشعرون أنَّهم جزء منها.

إقرأ أيضاً: فهم مؤشرات الأداء الرئيسة لبرامج تدريب الموظفين

صندوق مقترحات الموظفين الجُدُد:

قديماً، كانت التغذية الراجعة تُطلَب من الموظفين عبر وضع صندوقٍ بجانب مبرِّد المياه مكتوب عليه "مقترحات"، وكانت هذه الفكرة غريبةً؛ وذلك لأنَّه بالنسبة إلى الجزء الأكبر ممَّن سُئلوا عن محتوى الصندوق، لم يضع أحد شيئاً فيه، ومن ثمَّ، لم يكن لدى أيِّ أحدٍ اقتراحات بالأساس، وعند الاستفسار عن السبب، قيل إنَّ الموظفين يعلمون أنَّ الإدارة لن تتخذ أيَّ إجراءات بصددها، فلِم يتكبدوا عناء المحاولة.

ما فعله "الفورسيزنز" و"ستاربكس"، من بين أمور أخرى، هو إنشاء صندوق مقترحاتٍ تقنيٍّ جديد، يُعَدُّ أفضل من مجرَّد وضع صندوقٍ في موقع فيزيائي.

يُخضِع كِلا هذين البرنامجين القوى العاملة إلى عمليةٍ تطويريةٍ؛ وبذلك يشركان الجميع في مهمة الشركة، وسوف يطلق هؤلاء قوةً لا يمكن إيقافها، ستسيطر وتمنح الشركة الميزة التنافسية القصوى؛ إذ إنَّ "الذكاء الفردي لا يتفوق على الذكاء الجمعي أبداً".

 

المصدر




مقالات مرتبطة