طبيعة الوقت والإحساس به

قدّر الله تعالى لكلّ منّا رزقه من الساعات التي يقضيها في الدنيا، وبمجرد انتهائها يُجبَر الإنسان على ترك الدنيا بالوفاة، حيث يكون رصيده بها قد انتهى (11 صفحة 71)، فإنّ رأسمالك الحقيقي هو عمرك، والذي يتألف من سنوات وأشهر وأيام وساعات وثوان، وكما يقوم مالك المال بالتخطيط لاستثمار ماله، وذلك بالتعرف على ما يملكه بدايةً، فإنّه حّري بالإنسان أن يتعرف على رأس ماله الحقيقي.



يمكنّك أن تحسب ما مضى من عمرك حتى الآن من سنوات وشهور وأيام وساعات، سوف تجده رقماً كبيراً جداً ولكنه مضى سريعاً، وللأسف الشديد لا يمكن تعويضه ولا يمكن استبداله ولا يمكن شراؤه. ويمكنّك أيضاً أن تحسب ما تبقى من عمرك، لتعرف كم حجم رأس مالك المُتبقي (ومن أجل هذه الغاية، افترضت أنّني قد أحيا إلى عمر 63 سنة). 

مثال:

تستطيع ملء الجدول التالي:

ومن أجل التعرف على رأس مال الإنسان دعنا بداية نفترض أن متوسط عمر الإنسان 63 سنة وبما أن السنين الخمس عشرة الأولى يقضيها الإنسان في الطفولة والمراهقة، فدعنا نحذفها، وبالتالي سيبقى لدينا ثمان وأربعون سنة، دعنا نتكلم عنها كعمر الإنسان الإنتاجي المفترض (بالرغم من أنّه من الممكن أن يكون الإنتاج قبل سن الخامسة عشرة)، ولننظر إلى الجدول التالي الذي يُبيّن الثماني والأربعين سنة كسنوات وأيام وساعات ودقائق وثوان، ولنفكر سوية في حجم الوقت ككتلة إجمالية، وكتفصيل:

وأرجو أن تلاحظ معي أن العمليات الحسابية التي تمت لحساب الجدول هي عمليات بسيطة، فهي عبارة عن جمع وضرب، وفي حال كنت لا تحب الرياضيات بحدها البسيط، ولا تحب العمليات الحسابية فإنّني آسف أن أخبرك، بأنّه آن الأوان لأن تتعلّمها وتحبها بل وتحبها كثيراً، لأن طبيعة حياتك هي وقتك، ولأن وقتك أثمن ما تملك على الإطلاق، وأنت بحاجة لبعض العمليات الحسابية البسيطة لحسابه.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحسين المهارات التحليلية والاستفادة منها

كلّنا ننفق وقته في كل ثانية، وكلّنا يقل عمره مع مرور الزمن، وحري بنا أن ننظر نظرة  شمولية أكبر، فعندما نقوم بإنفاق ساعة يومياً في القراءة مثلاً أو في مشاهدة التلفاز (لا أتكلم هنا عن فعالية الساعة) فإنّنا ننظر إليها على أنها ساعة، ولكن هل تساءلنا: كم تشكل هذه الساعة المصروفة يومياّ من عمرنا؟ وإذا أنفقننا ساعتين يومياً في نشاط ما وبشكل متكرر، فكم تشكل هذه المدة المُنفقة يومياً من عمرنا؟ إنّ الجدول التالي يضع رؤية شاملة عن إنفاق وقت يومي وبشكل مكرر.

هذا الجدول يدعونا للتأمل أكثر في الوقت الذي ننفقه، وكيف ننفقه، فمثلاً عندما ننفق ساعة يومياً في القراءة الفعّالة (ذات النتائج، وليست قراءة القصص العاطفية وما شابه) فهذا يعني أنّنا ننفق سنتين من عمرنا! وعندما تنفق ساعتين على التلفاز يومياً فهذا يعني أنّك تنفق أربعة سنوات من عمرك أي بحدود 8% من عمرك!

وعندما تنام تسع ساعات يومياً هذا يعني أنّك تنفق 18 سنة من عمرك في النوم أي أكثر من 35 % من عمرك! وبنفس الوقت عندما تقوم بتوفير ساعتين من نومك فهذا يعني أنك توفر أربعة سنوات!

إقرأ أيضاً: مصفوفة الأعمال ذات الأولوية

أنت تدرك بأن الوقت يمضي سريعاً، وبأنّك لا تشعر به في أغلب الأحيان، ولكن كيف يتم إنفاق هذا الوقت، وكم ننفق منه على أنشطتنا اليومية المعتادة، وبالاعتماد على الافتراض السابق الذي يقول: أن متوسط عمر الإنسان 63 سنة، نحذف منه السنين الخمس عشرة الأولى لأنّه يقضيها في الطفولة والمراهقة، فيبقى ثمان وأربعون سنة كعمر الإنسان الإنتاجي المفترض، نجد الجدول التالي يُعبر عن الأوقات المُنفَقة في بعض الأنشطة المعتادة، كمدد زمنية، وكنسب مئوية من العمر الكُلي المُفترض.

إنّ هذه الجداول التي اطلعنا عليها تدعونا للتفكير أكثر لإدراك أين نقوم بإنفاق وقتنا وبالتالي عمرنا والذي يُعد أغلى ما نملكه على الإطلاق، خاصة إذا عرفنا أنّ لطريقة أنفاقنا لوقتنا تأثير كبير على ما يُدعى عمرنا العقلي.

تستطيع إجراء استبانة: ما هي افتراضاتك عن الوقت؟




مقالات مرتبطة