صنع وتقطير ماء الزَّهر
ماء الزَّهر من المواد الطبية التجميلية القديمة، وعلى الرغم من قدمها ما زالت تزيد أهميتها والطلب عليها في الأسواق العربية؛ بسبب تعدد استخداماتها، فتوضع في الحلويات والمشروبات وغير ذلك، ويُستخرَج ماء الزَّهر من زهور معينة بطريقة خاصة تضمن الحصول على الطعم والرائحة المركزة؛ لذلك سنوضح لكم في هذا المقال طريقة صنع ماء الزَّهر إضافة إلى تقطير ماء الزَّهر.
ماء الزَّهر الأصلي:
ماء الزَّهر الأصلي في اللغة هو تبخير الزهور والحصول على ماء ممزوج بمكوناتها، وفي العلم هو مستخلص طبيعي يُستخرَج من زهور مخصصة لذلك وأفضلها زهور النارنج المصنف من أحد أنواع البرتقال، وهو أكثر المنتجات استخداماً في العالم العربي والشرق الأوسط لتميزه بطعمه اللذيذ، فيدخل في مكونات أطعمة وحلويات عديدة.
إضافة إلى رائحته الجميلة، وهذا جعله مكوناً أساسياً في بعض العطور، كما كان يستخدم ماء الزَّهر الأصلي قديماً في علاج عدة مشكلات مثل التخلُّص من الغازات وانتفاخات البطن والمغص، وله دور هام وفعال في علاج الشعر والبشرة من خلال وضع كمية قليلة منه على الشعر وغسله بها؛ فهذا يكسب فروة الرأس لمعة ورائحة جميلة، كما يكسب البشرة الحيوية والنضارة عن طريق تدليك الوجه بقطنة مبللة بالقليل من ماء الزَّهر الأصلي، ويُستخدَم أيضاً في علاج حروق الشمس، وحب الشباب.
أدوات صنع ماء الزَّهر الطبيعي وتقطيره:
يمكن صنع وتقطير ماء الزَّهر في المنزل بأساليب بسيطة للاستخدام الشخصي سواء كان طبياً أم عطرياً، وأيضاً يمكنك اعتماده بوصفه مشروعاً تجارياً للإنتاج والبيع، ففي كلا الحالتين لا تحتاج سوى إلى الأدوات الآتية المتوفرة بكثرة ورخيصة الثمن:
1. بتلات الزهور:
تحصل على بتلات الزهور إما من خلال قطافها مباشرةً أو شرائها من المزارعين، واحرص على اختيار البتلات عالية الجودة فقط وابتعد تماماً عن الذابلة؛ لذلك ننصحك بزراعة مقدار خمس شجرات من النارنج في حديقة جوارك ستكفيك كمية مناسبة لتقطير ماء الزَّهر بغرض الاستخدام المنزلي.
2. وعاء تسخين كبير:
يُفضَّل أن يكون من الألمنيوم، فيستطيع حبس أكبر كمية من الحرارة خلال عملية صنع ماء الزَّهر الأصلي.
3. موقد:
المصانع ذات الإنتاج الكبير تستخدم الغاز، فيمكن التحكم بدرجة حرارته ويمكن تشغيله في مكان مغلق، بينما إن كان صنع وتقطير ماء الزَّهر للاستخدام الشخصي يُفضَّل استخدام موقد نار من الحطب.
4. الكلكة:
تعرف في بعض المناطق الكلكة وهي أداة التقطير الأساسية، تكون مقسومة إلى جزأين علوي وسفلي، ومتصلة بأنبوب خارجي لتعبئة نتائج التقطير.
5. عبوات التعبئة:
يُفضَّل أن تكون زجاجية لمنع تفاعل المنتج مع المعدن أو البلاستيك خلال مرور الزمن من تاريخ صنع ماء الزَّهر.
طريقة صنع ماء الزَّهر وتقطيره:
اشتهر ريف سورية ولبنان بحرفة صنع ماء الزَّهر من خلال عملية التقطير، وتعد هذه الحرفة من أقدم الحرف اليدوية العربية، ومن أشهر مدن صنع ماء الزَّهر بلدتي القلمون في شمال لبنان ومغدوشة في جنوبه.
يُقطَّر ماء الزَّهر يدوياً داخل البيوت بواسطة أداة بسيطة تدعى الكركة من خلال بعض الخطوات السهلة، وتمتد عملية صنعه لمدة ست ساعات أو أكثر، وتكون خطوات تقطير ماء الزَّهر كالآتي:
- اختيار نوع الزَّهرة المناسبة، ومن الأزهار التي يتم اختيارها زهور البرتقال أو الليمون أو الياسمين ويُفضَّل زهر النارنج من أنواع البرتقال، ويجب أن تكون الزهور طازجة، وبعد اختيار الزَّهرة ينبغي غربلتها من الأعواد، ومن ثم غسلها لإزالة الأتربة والشوائب.
- توضع الزهور في وعاء من الماء يدعى الكركة ويصنع هذا الوعاء من النحاس أو الألمنيوم أو الستانلس، ويتكون من قسمين قسم علوي وقسم سفلي، وتوضع الزهور في القسم السفلي من الكركة ثم تغمر الزهور بالماء.
- يقفل القسم العلوي من الكركة ويُملأ بالماء البارد، مع التركيز على ضرورة إبقاء الماء بارداً لفترة طويلة؛ لتمكين دوره في تكثيف البخار المتصاعد من الماء الموجود مع الزهور في القسم السفلي بعد الغليان.
- يوضع وعاء الكركة على نار عالية حتى يصل لدرجة الغليان، وعند بدء نزول قطرات الماء من الأنبوب الموجود بالقسم العلوي من وعاء الكركة نقوم بإضعاف النار، ثم نجمع القطرات التي تنزل من الأنبوب في وعاء من الزجاج، وهذا الماء يُطلَق عليه تقطير ماء الزَّهر، وتوضع هذه الزجاجة في مكان بارد وجاف.
إضافة إلى ذلك يمكن وضع بعض النكهات الإضافية لماء الزَّهر، مثل ماء الورد أو الزعتر أو العسل، ولكن يجب الحرص على عدم إضافة كميات كبيرة من هذه النكهات حتى لا يتغير طعم ماء الزَّهر الأصلي.
في الختام:
سنذكِّر أنَّ ماء الزَّهر يتميز بطعمه الفريد والرائحة العطرية التي تعد مميزة وفريدة من نوعها، ويُستخدَم في تحضير عديد من الحلويات والمشروبات العربية المعروفة، ولقد تحدَّثنا في هذا المقال عن كيفية صنع ماء الزَّهر بسهولة في المنزل باستخدام الزهور الطازجة وآلة الكركة، وضرورة التأكد من اختيار الزهور المناسبة والطازجة وتخزين ماء الزَّهر في زجاجات وفي مكان بارد وجاف.