صفات الشخصية المنفتحة وكيفية التعامل معها

نحن نصادف في حياتنا اليومية أشخاصاً مختلفين بطبائعهم وسلوكاتهم وتصرفاتهم، وفي حين يكون التعامل صعباً مع بعض الشخصيات، مثل الأشخاص الانطوائيين والمتمركزين حول أنفسهم، يكون التعامل سهلاً مع الأشخاص القادرين على تحقيق الانسجام مع العالم الخارجي والقادرين على التواصل مع المحيط بسهولة ويُسرٍ ودون حواجز.



يسمِّي علم النفس هؤلاء الأشخاص بأصحاب الشخصية المنفتحة، ويتمتع أصحاب هذه الشخصية بسمات عدة، تُسهِّل التعامل معهم وتؤهلهم لتكوين العلاقات الاجتماعية وتمكِّنهم من تحقيق النجاح على الصعيد العائلي والمهني، كما أنَّهم قادرون أكثر من غيرهم على اتخاذ القرارات، وهذا ما يؤهلهم للمناصب القيادية والعمل في السلك الدبلوماسي.

لتعرف أكثر صفات الشخصية المنفتحة وكيفية التعامل معها نقدم لك هذا المقال.

ما هي الشخصية المنفتحة؟

الانفتاح عامة يعني القدرة على تقبُّل كل جديد من أفكار وتجارب ومواقف، والانفتاح من أبعاد الشخصية الخمسة التي تجعل الشخص قادراً على التصرف تصرفاً صحيحاً، وتُسمى الشخصية المنفتحة أيضاً بالشخصية المنطلقة، وتعرِّف جمعية علم النفس الأمريكية الشخصية المنفتحة بأنَّها من أنواع الشخصيات التي تكون فيها طاقة الشخص واهتماماته قد تجاوزت التجارب الذاتية، وأصبحت موجَّهة نحو العالم الخارجي من أهل وأصدقاء وأشياء أيضاً.

يقوم أصحاب الشخصية المنفتحة بمجموعة من التصرفات والسلوكات والمواقف التي توضِّح شخصيتهم وتظهر سماتهم وصفاتهم المميزة.

ميَّز عالِم النفس السويسري "كارل يونغ" في كتابه "Psychological Types" بين الشخصية الانطوائية والشخصية المنفتحة، ففي حين تتركز اهتمامات أصحاب الشخصية المنفتحة على العالم الخارجي الذي يحيط بالفرد، تتمركز شخصية أصحاب الشخصية الانطوائية على ذواتهم وعلى تجاربهم الخاصة، ويُرجع "يونغ" هذا الاختلاف إلى الطريقة التي يوجه بها كل شخص طاقته النفسية؛ فالطاقة النفسية هي التي تحرك الأفراد في مختلف المجالات وتصنع مواقفهم من الحياة.

ماذا يعني أن تكون شخصية منفتحة؟

كما ذكرنا في المقدمة، الأشخاص أصحاب الشخصية المنفتحة أكثر قدرة على النجاح في الحياة وأكثر قدرة على تحقيق السعادة، وقد أكدت الدراسات التي أجراها علماء نفس كثيرون هذا الكلام؛ إذ يرتبط هذا النوع من الشخصيات بتحقيق نتائج إيجابية.

بالعودة إلى "يونغ" فقد ميَّز بين أربعة وظائف نفسية يقوم بها أي شخص عند التعامل مع محيطه وعالمه الخارجي، وهذه الوظائف هي التفكير والمشاعر والحس والحدس، وبالنسبة إلى أصحاب الشخصية المنفتحة فإنَّهم يستخدمون هذه الوظائف كما يأتي:

التفكير بالنسبة إليهم هو طريقتهم لاتخاذ القرارات، فهم يميلون إلى الحقائق وهذا ما يساعدهم على اتخاذ القرارات الصائبة في أكثر الأحيان، وبالنسبة إلى المشاعر فهم قادرون على استثمار هذه الوظيفة النفسية في بناء علاقات اجتماعية تسهل عليهم حياتهم وتجعلهم أكثر انسجاماً واتساقاً مع محيطهم الاجتماعي؛ ومن ثَمَّ تجعل حياتهم أنجح على الصعيدين العائلي والاجتماعي.

إضافة إلى هذا فإنَّ أصحاب الشخصية المنفتحة يميلون إلى عيش التجارب، كما هي فلا يبالغون ولا يقلِّلون من شأنها، فهم أكثر هدوءاً من غيرهم ويسعون بجهد إلى الوصول إلى أماكن تمنحهم القوة، وهذا ما يساعدهم على تجاوز كثير من صعوبات الحياة.

بالنسبة إلى الوظيفة النفسية الأخيرة وهي الحدس؛ فهم يعتمدون على حدسهم اعتماداً كبيراً، وهذا ما يجعلهم قادرين على إثارة الأمل وهم في قمة يأسهم وانكسارهم؛ إذ توجد شخصيات ناجحة كثيرة في العالم هم من أصحاب الشخصية المنفتحة مثل "ليوناردو دافنشي" الرسام الإيطالي المشهور، و"مارتن لوثر كينغ" الغني عن التعريف، و"بيل كلينتون" رئيس أمريكا السابق.

مع النتائج الإيجابية الكبيرة التي تجلبها هذه الشخصية لأصحابها، فهذا لا يعني أبداً أنَّها الشخصية الأفضل على الإطلاق، لكن ببساطة أن تتمتع بشخصية منفتحة يعني أنَّك ستكون ناجحاً.

شاهد بالفيديو: سمات شخصية صاحب العقل المنفتح

سمات الشخصية المنفتحة:

توجد صفات وسمات عدة يتمتع بها أصحاب الشخصية المنفتحة والتي تميزهم عن غيرهم، وفيما يأتي سنقوم بتعداد أهم سمات الشخصية المنفتحة:

1. الذكاء والرغبة في الحصول على معارف أكثر:

والتفكير بالأشياء الصعبة والغامضة، بهدف إيجاد الحلول وحل الألغاز.

2. خيال واسع ومتقد:

فصاحب الشخصية المنفتحة يعطي اهتماماً كبيراً لتصوراته وتخيلاته، ويثق بحدسه ثقة كبيرة، فمثلاً قد يتعرَّض لمشكلة كبيرة، وعلى الرَّغم من أنَّ الجميع قد يتوقعون الأسوأ فهو سيكون قادراً على استحضار الأمل وتخيل الأمور بطريقة مختلفة.

إقرأ أيضاً: الخيال: تعريفه، وفوائده، وعلاقته بالذكاء والإبداع

3. شخص مبدع وغير تقليدي:

لا يحب الأفكار المكررة؛ بل إنَّه يستمتع بالأفكار الجديدة، ويحاول قدر المستطاع مواكبة كل ما هو جديد والانفتاح عليه، مما يثري تجربته الشخصية ويجعله أكثر قدرة على الانسجام مع الواقع المحيط به، فمثلاً قد يرفض ناس كثيرون بعض الأفكار؛ لأنَّها جديدة وغير متناسبة مع الأفكار التقليدية المغروسة في أذهانهم، في حين أنَّ صاحب الشخصية المنفتحة يتقبلها ويضيفها إلى تجاربه.

4. عدم الأنانية:

فهم أشخاص مميزون بالإيثار الواضح الذي يجعلهم محبوبين من قبل محيطهم؛ فهم يميلون إلى التشارك مع الجميع ويعزِّزون روح الفريق، وهذا ما ينعكس إيجابياً على مختلف الأعمال التي يقومون بها.

5. الشخص ذو الشخصية المنفتحة يتميز بالكفاءة والقدرة على تنفيذ الأعمال بدقة وفاعلية:

فهو شخص واقعي يشارك الآخرين بما يمتلكه من معارف وأفكار وخبرات وهذا ما ينعكس مباشرةً على العمل انعكاساً إيجابياً.

ما هي فوائد الشخصية المنفتحة؟

لا تتوقف فوائد الشخصية المنفتحة على الشخص المنفتح ذاته؛ بل تتعداه إلى المحيطين به، سواء من عائلته أم حتى مكان عمله، وسنذكر فيما يأتي أهم فوائد الشخصية المنفتحة:

  1. بالنسبة إلى الشخص نفسه فإنَّ صاحب الشخصية المنفتحة يكون أكثر ثقة بنفسه بسبب علاقته الجيدة مع محيطه، كما أنَّه قادر على الوصول إلى المعارف، فهو متميز بسعة أفقه وخياله المتقد ويرجع هذا إلى تقبُّله للأفكار المختلفة، ويُعدُّ صاحب هذه الشخصية مطلباً لأي مشروع بحثي نظراً لقدرة هؤلاء الأشخاص على التفاعل الإيجابي والمميز مع أصحاب العمل، وهذا ما يسبِّب نتائج جيدة.
  2. الصفات المميزة التي يتمتع بها صاحب الشخصية المنفتحة من ذكاء وانفتاح تجعله أكثر قدرة على الحصول على وظائف؛ فالتوظيف المُبكر يحتاج إلى تفكير إبداعي وقدرات مختلفة ومميزة، بعيداً عن الصفات التقليدية التي لا تساهم في أي تطوير أو تغيير في بيئة العمل.
  3. تساعد التجارب المختلفة والكثيرة التي يمر بها صاحب الشخصية المنفتحة على امتلاك نظرة مستقبلية، وهذه النظرة تحديداً تجلب فوائد كثيرة لصاحبها وتساعده على تحديد أهدافه والوصول إليها بأسرع وقت.

شاهد بالفيديو: أهم النصائح لتكون شخصًا اجتماعيًا

كيفية التعامل مع صاحب الشخصية المنفتحة:

ليس من الصعب التعامل مع أي شخصية في حال استطعنا فهمها وعرفنا صفاتها، وربما كانت الشخصية المنفتحة من أكثر الشخصيات سهولة في التعامل، ويرجع هذا أساساً إلى طبيعة هذه الشخصية وسماتها المنفتحة على الآخرين.

البشر يقعون غالباً على طرفين متناقضين هما: أن يكون الشخص منغلقاً وقليل التواصل، أو أن يكون منفتحاً يحب أن يكون دائماً مع الناس ويتواصل معهم، وهذا ما يسهل في الحقيقة عملية التعامل مع صاحب الشخصية المنفتحة؛ ففي أحيان كثيرة يمارس هؤلاء نشاطات اجتماعية تُظهر براعتهم وإبداعهم وفي الوقت نفسه تقربنا منهم.

كما ذكرنا عند الحديث عن صفات الشخصية المنفتحة وسماتها، فإنَّ أصحاب هذه الشخصية اجتماعيون يقدِّمون المساعدة ويتميزون بالإيثار، وهذه الصفات جميعها تصب في الخانة ذاتها وهي سهولة التعامل مع هؤلاء الأشخاص، وفيما يأتي مجموعة من الطرائق لتستطيع التعامل معهم بأفضل شكل:

  • أصحاب الشخصية المنفتحة يتميزون بحضورهم القوي والطاغي في بعض الأحيان، إضافة إلى رغبتهم في لفت الأنظار إليهم؛ لذلك لا تكن جامداً في أثناء حديثك معهم وجدياً أكثر من اللازم؛ بل كن حيوياً وحاول مجاراتهم فيما يحبون.
  • يحب أصحاب الشخصية المنفتحة أن تطرح بعض الأسئلة عليهم، فلا تتردد في أن تسأل إذا خطر في بالك سؤال ما، وأعطهم وقتاً كافياً للتحدث.
  • أيضاً من الممكن أن تطلب من صاحب الشخصية المنفتحة بعض النصائح؛ فهم أشخاص منفتحون ولا يخجلون من مشاركة تجاربهم مع الآخرين.
  • الشخص المنفتح شخص حسَّاس وقادر على ملاحظة كل ما يحيط به، كما أنَّ لديه القدرة على فهم مشكلات غيره؛ لذلك من السهل التقرب منه وكسب ثقته.
إقرأ أيضاً: ما الذي يمكن أن يتعلمه الانطوائيون والاجتماعيون من بعضهم بعضاً؟

في الختام:

تختلف طبائع البشر وشخصياتهم وهذا أمر طبيعي، وعلى الرَّغم من الإيجابيات التي يتمتع بها أصحاب الشخصية المنفتحة لديهم أيضاً سلبيات عدة، وطبعاً هذا لا يعيبهم بشيء، فلا يوجد على الإطلاق شخص كامل ودون أخطاء أو سلبيات.

الخطأ الوحيد الذي من الممكن أن نرتكبه نحن البشر هو الاستسلام لأخطائنا وسلبياتنا وعدم العمل على تحسينها وتطويرها، وفي النهاية لا بدَّ من تأكيد أهمية تمتّعك بشخصية منفتحة لو بشكل بسيط؛ لأنَّ هذا سيسهم كثيراً في مقدار تقبُّلك للتغيرات والأفكار الجديدة، وهذا ما سينعكس إيجاباً على حياتك.




مقالات مرتبطة