سرُّ تفوق الأشخاص الناجحين

عندما يفكِّر معظمنا في تحقيق النجاح في الحياة، فإنَّنا نفكر تلقائياً في الأشياء المادية؛ كالمال أو السيارات أو الملابس أو السلطة، فعديد من الأشخاص الناجحين لديهم بالفعل هذه العناصر، ولكنَّنا نخطئ بالاعتقاد بأنَّها مصادر ثروتهم، وننسى مصدر نجاحهم الحقيقي.



فكل مظاهر الثراء والازدهار تنبع من أذهاننا، وللدقة أكثر خيالنا؛ إذ يُطلِق عليها مدرِّبو المساعدة الذاتية ممارسة التخيُّل.

يقول الكاتب "نابليون هيل" (Napoleon Hill): "الخيال هو القوة الأعظم والأكثر إعجازاً، التي عرفها العالم على الإطلاق"، والسبب في كون الخيال قوياً جداً، هو أنَّه إذا لم تتمكَّن من رؤية الظروف الإيجابية في الحياة، يمكنك تخيلها في ذهنك، بمعنى آخر إذا لم يكن ما تراه بعينيك هو ما تريده في حياتك، فيمكنك تخيُّل شيء مختلف ورسم هذه الصورة في عقلك لتطبيقها في الواقع.

طريقة رجل الأعمال "إيلون ماسك" (Elon Musk):

هل تعتقد أنَّ "إيلون ماسك" كان في إمكانه بناء شركة سبيس إكس (SpaceX) لو لم تكن لديه رؤية أو خيال؟ إذ كان هدفه هو إنشاء صاروخ قابل لإعادة الاستخدام، ويحقِّق هبوطاً رأسياً سلساً على الأرض، ولقد فشلت شركته في تحقيق ذلك مرات عدة، ولكنَّهم استمروا، لأنَّه تمسَّك برؤية مستقبلية ممكنة.

الآن "سبيس إكس" هي أول شركة خاصة مملوكة ترسل صاروخاً يعمل بالوقود السائل إلى مدار كوكبنا، وأول شركة تحقِّق هبوطاً رأسياً سلساً بحيث يبقى الصاروخ قابل لإعادة الاستخدام، وهذا إنجاز لم يستطع أحد تحقيقه من قبل، لا "وكالة ناسا" (NASA)، ولا عديد من الشركات الخاصة التي أجرت بحوثاً بمليارات الدولارات.

بهذه الطريقة، حققَّت شركة "سبيس إكس" ما كان مستحيلاً، وبسبب هذا الابتكار، يوفِّرون كثيراً من المال، وهذا يجعل إرسال الصواريخ إلى الفضاء أرخص، وتعتمد وكالة ناسا الآن على صواريخ سبيس إكس في مهامها الفضائية.

إذاً، ما الذي كانت تمتلكه شركة سبيس إكس ولا تمتلكه كل هذه الشركات الأخرى؟ كان لديهم قائد لديه رؤية وخيال خصب؛ إذ بنى "إيلون" صورة خيالية لما كان ممكن إنجازه، بدلاً من الاعتماد على الموجود سابقاً، ومع أنَّ منافسي "سبيس إكس" لديهم ميزانية غير محدودة، فإنَّهم ما زالوا غير قادرين على إنجاز ما أنجزته هذه الشركة، فالرؤية أكثر أهمية من المال، وكما قال "سام والتون" (Sam Walton)، مؤسس شركة "وول مارت" (Walmart): "رأس المال ليس نادراً، لكن الرؤية نادرة".

شاهد بالفديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

قصة مقدمة البرامج الحوارية "أوبرا وينفري" (Oprah Winfrey):

لقد أخبرها منتج تلفزيوني أنَّها غير مناسبة للعمل في تقديم الأخبار التلفزيونية، ومع ذلك لم تتأثر بهذا الكلام، واستمرت في متابعة الرؤية التي بنتها في ذهنها لما هو ممكن، ونتيجةً لذلك تعدُّ "أوبرا" واحدة من أغنى الأشخاص الذين يعملون في مجال تقديم البرامج.

الخيال ليس شيئاً ساذجاً، فإذا كنت تعتقد أنَّه غير منطقي، فهو في الواقع منطقي، لكنَّ هذا الشيء غير المنطقي جعل "أوبرا" و"إيلون" والعديد من الآخرين، أثرياء وناجحين؛ إذ يستخدم معظم الناس خيالهم، لكنَّهم لا يستفيدون منه لتحقيق أحلامهم، وهذا يجبر معظمنا على الاعتماد على الأشياء المادية لتعريف النمو والنجاح والإنجاز، وينتج عن هذا ركود، وذلك لأنَّك لن تحقق أي إنجاز ما لم تعمل تبعاً لخيالك، فالتغيير يأتي من الداخل وليس من الخارج.

قد يستخدم معظم الناس خيالهم دون وعي لإرشادهم نحو الظروف التي لا يريدونها، فلماذا لا تستخدم خيالك للنجاح والسعادة والصحة؟ إذا واصلت البحث عن النجاح باستخدام ما هو متوفر في واقعك، فإنَّ نجاحك سيكون محدوداً، فكل شخص ناجح كان عليه الاعتماد على الرؤية لتحقيق أهدافه، فلا يمكن الاعتماد على الظروف الخارجية لتحقيق النجاح.

لقد عانى كل واحد منهم من الألم والفشل وخيبة الأمل والخسارة، ومع ذلك استمروا في اتباع رؤية مبنية على خيالهم لما يمكن أن يكون ممكناً بالنسبة إليهم على الرَّغم من السلبية التي قد يواجهونها في ظروفهم الخارجية.

إقرأ أيضاً: أهمية النجاح في الحياة وأهم الطرق لتحقيقه

الألم يعلمنا:

من أشهر ما يقول الكاتب "مايكل بيكويث" (Michael Beckwith): "يدفعنا الألم إلى إنشاء رؤيتنا"، بمعنى آخر؛ يعلِّمنا الألم ما لا نريده بالحياة، وبمجرد أن تعرف ما لا تريد تجربته في الحياة، وتتخلَّص من الألم، يمكنك البدء في تطوير رؤية مستقبلية لنفسك، لتحقِّق النجاح باستخدام خيالك.

وقد يحدث هذا عندما يعمل دماغك بكامل طاقته، ليجد ظروفاً في واقعك الخارجي تتطابق مع الرؤية التي طوَّرتها في عقلك، ويحدث هذا عندما يتواصل معك الأشخاص المناسبون، وتبدأ الظروف في السير لمصلحتك لتحقق غايتك.

في الختام:

من أجل تطوير رؤية مستقبلية لنفسك، والبدء في بناء ظروف جديدة في حياتك قد لا تراها بعينيك المجردتين، يجب أن تستخدم خيالك؛ لذا دعونا نفعل ذلك الآن، فأين تريد أن تذهب؟ ومن تريد أن تصبح؟ وما نوع الأشخاص الذين تريد البقاء والعمل معهم؟ وكيف تريد أن تكون حياتك؟ وما هو الهدف الكبير الذي طالما رغبت في تحقيقه؟ وهل تريد أن تصبح أكثر ثقة في مواجهة المصاعب؟

ابدأ بإغلاق عينيك وتخيُّل الإجابات أولاً، ثمَّ اعمل كل يوم على تحقيق الحلم الذي طوَّرته في عقلك، فهذا هو الطريق الصحيح لعيش الحياة التي تريدها على الرَّغم من الظروف الخارجية التي قد تواجهها، وكما يقول المثل: "إذا لم يكن لديك حلم، فمن المستحيل أن تحقق حلماً".

المصدر




مقالات مرتبطة