سببان يجعلان من الثرثرة عادةً سيئة

أحد الأشياء المفضلة لدي في العالم هو التحدث، فلطالما كنت كذلك، وأتذكر ذات مرة عندما كنت في الرابعة عشر من عمري شاهدت أنا وصديقي فيلم "نادي القتال" (Fight Club) مرتين على التوالي لشدة جماله، وتَحدَّثنا عن هذا الفيلم لساعات بدأنا في المساء ولم ننتهِ حتى الخامسة صباحاً، وكان حديثاً رائعاً، وقد أجريت العديد من المحادثات الأخرى مع الأصدقاء والعائلة عن كل شيء تقريباً (باستثناء الأخبار والسياسة والدين، تلك الموضوعات التي أتجنبها دائماً).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن السببين اللذين يجعلان الثرثرة عادةً سيئة.

التحدث يحفز ذهني، لكنَّ المشكلة هي أنَّ كثرة الكلام عادة سيئة لسببين:

1. الثرثرة تمنعك من الإصغاء:

حوَّلني هوسي بالحديث إلى شخص يريد قول شيء ما دائماً، فعندما أكون مع أصدقائي، أو في أثناء الاجتماعات، أو حتى عند طبيب الأسنان كنت أرغب بالتحدث دائماً، ولكن عندما تتحدث كثيراً فأنت لا تصغي؛ لذا لا تستطيع التعلم من الآخرين.

لذا بدلاً من الحديث لماذا لا تطرح الأسئلة وتُصغي؟ وكما قال مدرب كرة القدم الأمريكية لو هولتز (Lou Holtz): "لا أتعلم أي شيء في أثناء التحدث؛ بل عندما أطرح الأسئلة"، وكثير من الكلام هو أيضاً علامة على عدم النضج ونقص في الذكاء العاطفي، فلماذا تريد دائماً التحدث؟ يحدث ذلك غالباً عندما تشعر بعدم الأمان وتريد أن تُظهر للآخرين مدى ذكائك أو قدرتك؛ لكنَّ العكس هو الصحيح في عيون الآخرين، فإذا حاولت القيام بأي شيء بجهد كبير فسيبدو مزيفاً.

منذ سنوات جعلني أحد المدربين أفهم مدى كثرة حديثي، وقال لي: "قلل من كلامك، واسأل وأصغِ أكثر"، ما زلت أحب التحدث، ولكن ما يعجبني أكثر في الوقت الحاضر هو طرح الأسئلة، وبعد أن أسأل أصغي، وفقط من خلال الإصغاء يمكنك التعرف إلى الناس وبناء العلاقات؛ وهذا ما سيجلب لك في النهاية المزيد من السعادة.

شاهد بالفديو: 8 طرق بسيطة لتطوير مهارة الإصغاء

2. الثرثرة تمنعك من القيام بالعمل الحقيقي:

قال منتج أفلام الرسوم المتحركة الأمريكي والت ديزني (Walt Disney) ذات مرة: "بداية طريقك نحو تحقيق أهدافك هي التوقف عن الحديث والبدء في العمل". ففي الشهر الماضي فقط أخبرني الأشخاص الذين قابلتهم بهذه الأشياء:

  • أرغب في إنشاء تطبيق.
  • أريد الحصول على صفقة نشر.
  • أريد أن أصنع فيلماً.
  • أريد مساعدة الآخرين.
  • أريد شراء سيارة فيراري (Ferrari).
  • أريد أن أشارك في ماراثون.
  • أريد أن أنشئ مدونة.

الطموح عظيم، وكذلك الأهداف، فأنا أحب أن ألتقي بأشخاص يعملون على أهدافهم، ولكن هل تعلم ما هو أفضل من الحديث عن الأشياء؟ العمل؛ فعندما تكون في السرير هل تفكر في عبور خط النهاية لماراثون نيويورك (NYC marathon)؟ أو هل تفكر في جلسة تدريب الغد؟ يمكنك تطبيق هذه الأمثلة على كل ما يحدث في حياتك، هل تفكر في شراء سيارة؟ أو هل تفكر فيما ستفعله غداً لكسب المال الذي تحتاج إليه لشراء تلك السيارة؟

هذا هو الفرق بين التركيز على المكافأة مقابل التركيز على العملية، فعندما تفكر في فعل الأشياء وتخبر الآخرين عنها يبدأ عقلك في تصديقها، ويصبح الأمر حقيقياً في عقلك، ولكن أنا وأنت نعلم أنَّه ليس حقيقياً على الإطلاق؛ لذلك لا تخدع نفسك.

إقرأ أيضاً: مفهوم زانشين: التركيز على طريقة تحقيق الهدف بدلاً من تحقيقه

في الختام:

الأشخاص الذين ينجزون أهدافهم ليس لديهم الوقت حتى للحديث عنها؛ لذلك في المرة القادمة التي تقابل فيها أحمق يتفاخر بأهدافه الكبيرة لا تشعر بالسوء تجاه نفسك؛ بل اضحك عليه واعلم أنَّه لم ينجز شيئاً.




مقالات مرتبطة