روعة الحنين

يعد الحنين من المشاعر المرهفة التي تحتل مساحة كبيرة من القلب، وللحنين وجهان لا يفترقان ألا وهما الشوق والحزن، يصاحبهما أَسف ممزوج بكآبة على ما مضى وعلى الابتعاد عما عرفناه وأحببناه، شيء سحري دفين بداخل الإنسان يدفعه إلى الحنين لوطنه أو محبوبته أو المكان الذي عاش به وتعلق بكل ركن من أركانه مع فضاء البيئة المجتمعية الجامعة لكل ذلك والتي قد تقرب أو تبعد، ذكريات الماضي هي الأساس الذي يكمل معها المرء خطواته في المستقبل، ينادي طيف الحنين الجسد ويبث فيه الروح لكي يشفي جراحه ويداوي آلامه ومن ثم البحث عما يلملم فرحته وسعادته المفقودة.



بلا شك يوجد فرق كبير بين البكاء على اللبن المسكوب وبين المضي قدماً بعد الوقوع في مطبات الحياة الصعبة، فيخيل للمرء في أوقات كثيرة أنَّه لولا الحنين وأحاسيسه المرة قبل الحلوة لكانت الحياة أشد تحجراً عوضاً عما فيها من الضنى والشقاء والهوان.

أحلام الطفل والشاب والعجوز:

لطالما بحث الطفل بين الركام عن أيامه التي سرقت مع أحلامه في وضح النهار تحت أقدام المشاة الجدد، والشاب الذي فقد القدرة على السير على الأقدام من كثرة الأشواك الملقاة هنا وهناك، أما الرجل العجوز فاتكأ على عصاه يبحث عن العيش بكرامة في أواخر أيامه وسط غابات البشر الآثمة، وتساقطت الطبقات فوق بعضها بعضاً، ولا أحد يحن ويشعر بما هو أدنى منه، وفي النهاية أصبح الهدف الأساسي لكل إنسان هو الظفر بحياته وحياة والديه مع أولاده فقط دون النظر تحت الأقدام والقفز السريع فوق الجثث البالية.

من الهام أن لا نبخل حق الإنسان مما مر عليه من أحداث وأزمات، فهو يظل طوال حياته يرقد وراء السراب ولا يدركه، وإنَّما الموت هو الذي ينتظره في آخر المشوار، معادلة ظالمة بين الحب والكره وبينهما من يزيدهما اشتعالاً، والكل مسؤول عن وطنه الذي ذهب في غيابات الجب، وغطى التراب كافة الجبهات. 

أنوار الشمس والقمر:

تشرق الشمس في آخر ظلام الليل وفي قلبها نار من الأحداث الكئيبة التي عصفت بحياة الإنسان، والحرب الشرسة بين طبقات المجتمع وتعالي الثري على الفقير واحتقاره والحط من قدره، حتى القمر أنار الظلمات للبشر ولكنَّهم ضلوا الطريق ولم يفطنوا إلى أين يذهبون، دارت مطحنة الحياة بلا رأفة واختلط الحابل بالنابل وقتلت الأخلاق في مقتل وتساءل الجميع من المسؤول، أهو بما عملته أيدينا أم بفعل فاعل استباح الأجساد وأقعدها قعوداً، ودنى على عنوانها طمعاً في جاه لا يخلد.

محطات الحياة ماضية في الشقاء والجميع سوف يأخذ نصيبه المكتوب له دون عناء، تَذكِرة لمن أهان النفس وجعلها فاقدة للحياة على ظهر الحياة، زادت الرغبة في الفناء وتوهَّن الكثيرون أنَّ القادم أفضل ولكنَّهم يجهلون أنَّ ما بُني على باطل فهو باطل، وشهوة الكراسي البالية شوكة في يد من لا يستحق، والكذب ألوان والمصدقون له إما مغفَّلون أو منافقون أو مستفيدون أو مستغلون أو عديمو ذرات الرجولة، هيهات بين رفعة الأمم بسواعد ناصعة البياض وأخرى همها الأول والأخير متاع الدنيا الزائل.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة لنسيان ذكريات الماضي الحزين

محطات التاريخ بين الحنين والخوف:

الحنين للتاريخ يذكِّرنا بالأبطال والقادة الشرفاء النبلاء، أما الحاضر فما أوحشه على العين، فهي ترى ما لا يسرها، بجانب الأذان التي تسمع الشائعات وتكتم غيظها، مع القلوب التي استجارت من الواقع الأليم والظلم الطويل، وراية الحق مصيرها في انتظار لليوم الذي سوف تُرفَع فيه خفاقة رغم ما يُحاك لها من مؤامرات، فلا بد لها من نهاية قريبة أو بعيدة، ونتمناها قريبة تثلج صدورنا، وتشفي غليلنا، وتقتص من كلِّ مَن جار على حقوقنا وأسكننا القبور وأسكن اللصوص القصور، وجعل الأغلبية تأكل فضلات الطعام من صناديق القمامة، وتعرَّت الأجساد وذاقت البرد القارص شتاء من شدة الحرمان وقلة الحيلة، واكتوت بلهيب الحر في فصل الصيف من غياب الضمير، وقطنت أسفل الجسور ونامت على عجلات القطار تتوق لمن يحنو عليها وينتشلها مما أصابها، ألا إنَّ نصر ربنا قريب وعندها سيفرح المؤمنون بنصر الله. 

خواطر الحنين:

لا يخلو كنز الحنين من الحياة الدنيا ما دامت الروح باقية داخل الأجساد، لذلك وجب علينا ألا نعطي أجسادنا لمن لا يستحق؛ وذلك ليستعبدها ونفرح بتركه أرواحنا لنا عوضاً عن هذا الاستعباد البغيض، وإنَّ الحنين للماضي هو قمة الحب والاشتياق وتذكُّر لحظات الفرح والحزن التي مرت على الخاطر، فالحنين يجدد المشاعر وينقل الإنسان من حالة اللامبالاة إلى حالة الرضى وثبات الإيمان وزوال الشك.

الوصول إلى شاطئ الحنين بكل سلاسة ليس للعقول الفارغة والقلوب المغلقة، فقد أثبتت رياح التغيير والتي مصدرها الحنين أنَّها هي من تنفض التراب والركام من على أيام الصبا، فتتوه الأفكار وتهرب ولكن لمن ذاق حلاوتها ورسم البسمات على شفاهها وهوَّن عليها مشكلاتها وغاص في وجدانها، ورأى ملامحها الرقيقة وشم روائحها الهائمة في بحر من اللجات.

الشوق كالمجنون الذي يبحث عن ليلى، فالعين تلمع عند رؤية الحبيب مع لحظة النصر التي أتت بعد الفراق الطويل، والهجر الاضطراري، والمصير الإجباري، والموت على مضض، وقد ظلم الكثيرون الحنين ونعتوه بالرجوع للخلف، وهذا خطأ كبير، فلولاه لتبلدت المشاعر وسقطت الأوراق في فصل الخريف تجرها الرياح حيثما تشاء عبر البحار والمحيطات، ولكن الحنين يتلقفها هناك بلهفة جبارة وفرح شديد.

ما أجمل الحنين عندما يعالج البعد والفراق ويسبح بالمرء في الخيال والأحلام، فيبكي المرء سراً ويضحك علناً والسبب في ذلك هو الأرواح التي أرهقها الحنين، وبدلاً من انتظار مؤشر الموت لا بد من تذكُّر كل جميل قد مر بحياتك، فبذلك قد يزول التوتر والوهم وكره الحياة.

خريطة الحنين مترامية الأطراف وما تم تخزينه لا ينضب أبداً، فيرتعش البدن عند همسات الحنين، ولا تذبل الورود قبل أن تؤدي دورها ويستنشق روحها، آهٍ من الحنين صاحبي الأمين ومرشدي إلى النعم الكثيرة التي نلتها سابقاً وكنت أجهلها والآن أتمنى أن أغتنم جزءاً بسيطاً جداً منها حاضراً أو مستقبلاً، الحنين كنسمات الهواء تربط قلوب البعيدين عن بعضهما بعضاً وتوصل الرسائل في لحظات وتشرق الوجوه ابتهاجاً بقرب اللقاء.

الحنين

أجمل ما قيل عن الحنين:

  • لعن الله المسافات التي تفرق بين القلوب المتحابة، وجزى الله الحنين. - محمد المنسي قنديل.
  • أظل وحدي أخنق الأشواك في صدري فينقذها الحنين، وهناك آلاف من الأميال تفصل بيننا، وهناك أقدار أرادت أن تفرق شملنا، ثم انتهى ما بيننا وبقيت وحدي. - فاروق جويدة.
  • نحن ساهرون في نافذة الحنين نقشر التفاح بالسكين ونسأل الله القروض الحسنة! فاتحة: آمين. - أمل دنقل.
  • إنَّ غيوم المغيب البرتقالية تضفي على شيء ألق الحنين حتى على المقصلة. - ميلان كونديرا.
  • ألم غريب أن تموت من الحنين لشيء لم تعشه أبداً. - أليساندرا باريكو.
  • ما بال الحنين يغدو شفرة للقطع؟ - عبدة خال.
  • كتب على حائط ماساتيبي: رغم أنَّهم يموتون من الحنين فإنَّهم لم يعودوا مطلقاً. - إدواردو غاليانو.
  • الحنين الخفي إلى الماضي أقوى وأشد؛ لأنَّ الحنين داء بلا ترياق حقاً. - إبراهيم الكوني.
  • قل لعينك أن تنام مبكراً فغداً سيوقظها الحنين لتسهرا. - أحمد بخيت.
  • إنَّ المفرغين من الحنين إلى الحنين مفرغون أيضاً من الأحلام. - يامي أحمد.
  • ماذا يبقى من الإنسان حين تموت أمه؟ لا شيء مجرد بقايا مبعثرة على أرصفة الحنين والذكرى. - أيمن العتوم.
  • أو كأنَّه ذلك الحنين بين أضلعنا إلى النصف الآخر الذي انفصل عنا في الأزل يوم خرجت حواء من ضلع آدم. - محمد حسين هيكل.
  • فرط الحنين إليه بعض نسيان، أحب امتداد الدهشة، ضياعي في الحروف، نسياني هناك حيث لا أبحث عن مخرج، ولا أقترب من حافة طريق حاد، أعشق أن أكون التيه بين عظام قصيدة أو شحوب نداء أو ترنح روح، أحبني هناك ولو أصبح اسمي الغفلة. إلهام المجيد.
إقرأ أيضاً: الحنين للذكريات أحد سبل التخلّص من الضغط النفسي

نختم بأجمل الأبيات الشعرية التي سطرها المتنبي والذي يعد من مفاخر الأدب العربي، فقد ذاع صيته في عهد الخلافة العباسية وقصيدته الخالدة عن الحنين (أغالب فيك الشوق):

فيكَ الشَوقَ وَالشَوقُ أَغلَبُ وَأَعجَبُ مِن ذا الهَجرِ وَالوَصلُ أَعجَبُ
أَما تَغلَطُ الأَيَّامُ فيَّ بِأَن أَرى بَغيضاً تُنائي أَو حَبيباً تُقَرِّبُ
وَلِلَّهِ سَيري ما أَقَلَّ تَإِيَّةً عَشِيَّةَ شَرقِيَّ الحَدالَي وَغُرَّبُ
عَشِيَّةَ أَحفى الناس بي مَن جَفَوتُهُ وَأَهدى الطَريقَينِ الَّتي أَتَجَنَّبُ
وَكَم لِظَلامِ اللَيلِ عِندَكَ مِن يَدٍ تُخَبِّرُ أَنَّ المانَوِيَّةَ تَكذِبُ
وَقاكَ رَدى الأَعداءِ تَسري إِلَيهِمُ وَزارَكَ فيهِ ذو الدَلالِ المُحَجَّبُ
وَيَومٍ كَلَيلِ العاشِقينَ كَمَنتُهُ أُراقِبُ فيهِ الشَمسَ أَيَّانَ تَغرُبُ
وَعَيني إِلى أُذنَي أَغَرَّ كَأَنَّهُ مِنَ اللَيلِ باقٍ بَينَ عَينَيهِ كَوكَبُ
لَهُ فَضلَةٌ عَن جِسمِهِ في إِهابِهِ تَجيءُ عَلى صَدرٍ رَحيبٍ وَتَذهَبُ
شَقَقتُ بِهِ الظَلماءَ أُدن عِنانَه فَيَطغى وَأُرخيهِ مِراراً فَيَلعَبُ
وَأَصرَعُ أَيَّ الوَحشِ قَفَّيتُهُ بِهِ وَأَنزِلُ عَنهُ مِثلَهُ حينَ أَركَبُ
وَما الخَيلُ إِلّا كَالصَديقِ قَليلَةٌ وَإِن كَثُرَت في عَينِ مَن لا يُجَرِّبُ
إِذا لَم تُشاهِد غَيرَ حُسنِ شِياتِها وَأَعضائِها فَالحُسنُ عَنكَ مُغَيَّبُ
لَحا اللَهُ ذي الدُنيا مُناخاً لِراكِبٍ فَكُلُّ بَعيدِ الهَمِّ فيها مُعَذَّبُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَقولُ قَصيدَةً فَلا أَشتَكي فيها وَلا أَتَعَتَّبُ
وَبي ما يَذودُ الشِعرَ عَنّي أَقُلُّهُ وَلَكِنَّ قَلبي يا اِبنَةَ القَومِ قُلَّبُ
وَأَخلاقُ كافورٍ إِذا شِئتُ مَدحَهُ وَإِن لَم أَشَأ تُملي عَلَيَّ وَأَكتُبُ
إِذا تَرَكَ الإِنسانُ أَهلاً وَرائَهُ وَيَمَّمَ كافوراً فَما يَتَغَرَّبُ
فَتىً يَملَأُ الأَفعالَ رَأياً وَحِكمَةً وَنادِرَةً أَحيانَ يَرضى وَيَغضَبُ
إِذا ضَرَبَت في الحَربِ بِالسَيفِ كَفُّهُ تَبَيَّنتَ أَنَّ السَيفَ بِالكَفِّ يَضرِبُ
تَزيدُ عَطاياهُ عَلى اللَبثِ كَثرَةً وَتَلبَثُ أَمواهُ السَحابِ فَتَنضَبُ
أَبا المِسكِ هَل في الكَأسِ فَضلٌ أَنالُهُ فَإِنِّي أُغَنِّي مُنذُ حينٍ وَتَشرَبُ
وَهَبتَ عَلى مِقدارِ كَفَّي زَمانِنا وَنَفسي عَلى مِقدارِ كَفَّيكَ تَطلُبُ
إِذا لَم تَنُط بي ضَيعَةً أَو وِلايَةً فَجودُكَ يَكسوني وَشُغلُكَ يَسلُبُ
يُضاحِكُ في ذا العيدِ كُلٌّ حَبيبَهُ حِذائي وَأَبكي مَن أُحِبُّ وَأَندُبُ
أَحِنُّ إِلى أَهلي وَأَهوى لِقاءَهُم وَأَينَ مِنَ المُشتاقِ عَنقاءُ مُغرِبُ
فَإِن لَم يَكُن إِلَّا أَبو المِسكِ أَو هُمُ فَإِنَّكَ أَحلى في فُؤادي وَأَعذَبُ
وَكُلُّ اِمرِئٍ يولي الجَميلَ مُحَبَّبٌ وَكُلُّ مَكانٍ يُنبِتُ العِزَّ طَيِّبُ
يُريدُ بِكَ الحُسَّادُ ما اللَهُ دافِعٌ وَسُمرُ العَوالي وَالحَديدُ المُذَرَّبُ
وَدونَ الَّذي يَبغونَ ما لَو تَخَلَّصوا إِلى المَوتِ مِنهُ عِشتَ وَالطِفلُ أَشيَبُ
إِذا طَلَبوا جَدواكَ أَعطوا وَحُكِّموا وَإِن طَلَبوا الفَضلَ الَّذي فيكَ خُيِّبوا
وَلَو جازَ أَن يَحوُوا عُلاكَ وَهَبتَها وَلَكِن مِنَ الأَشياءِ ما لَيسَ يوهَبُ
وَأَظلَمُ أَهلِ الظُلمِ مَن باتَ حاسِداً لِمَن باتَ في نَعمائِهِ يَتَقَلَّبُ
وَأَنتَ الَّذي رَبَّيتَ ذا المُلكِ مُرضِعاً وَلَيسَ لَهُ أُمٌّ سِواكَ وَلا أَبُ
وَكُنتَ لَهُ لَيثَ العَرينِ لِشِبلِهِ وَما لَكَ إِلَّا الهِندُوانِيَّ مِخلَبُ
لَقيتَ القَنا عَنهُ بِنَفسٍ كَريمَةٍ إِلى المَوتِ في الهَيجا مِنَ العارِ تَهرُبُ
وَقَد يَترَكُ النَفسَ الَّتي لا تَهابُهُ وَيَختَرِمُ النَفسَ الَّتي تَتَهَيَّبُ
وَما عَدِمَ اللاقوكَ بَأساً وَشِدَّة وَلَكِنَّ مَن لاقَوا أَشَدُّ وَأَنجَبُ
ثَناهُم وَبَرقُ البيضِ في البيضِ صادِقٌ عَلَيهِم وَبَرقُ البَيضِ في البيضِ خُلَّبُ
سَلَلتَ سُيوفاً عَلَّمَت كُلَّ خاطِبٍ عَلى كُلِّ عودٍ كَيفَ يَدعو وَيَخطُبُ
وَيُغنيكَ عَمَّا يَنسُبُ الناسُ أَنَّهُ إِلَيكَ تَناهى المَكرُماتُ وَتُنسَبُ
وَأَيُّ قَبيلٍ يَستَحِفُّكَ قَدرُهُ مَعَدُّ بنُ عَدنانَ فِداكَ وَيَعرُبُ
وَما طَرَبي لَمَّا رَأَيتُكَ بِدعَةً لَقَد كُنتُ أَرجو أَن أَراكَ فَأَطرَبُ
وَتَعذِلُني فيكَ القَوافي وَهِمَّتي كَأَنّي بِمَدحٍ قَبلَ مَدحِكَ مُذنِبُ
وَلَكِنَّهُ طالَ الطَريقُ وَلَم أَزَل أُفَتَّشُ عَن هَذا الكَلامِ وَيُنهَبُ
فَشَرَّقَ حَتَّى لَيسَ لِلشَرقِ مَشرِقٌ وَغَرَّبَ حَتَّى لَيسَ لِلغَربِ مَغرِبُ
إِذا قُلتُهُ لَم يَمتَنِع مِن وُصولِهِ جِدارٌ مُعَلَّى أَو خِباءٌ مُطَنَّبُ

بقلم: سامي الشيخ عامر




مقالات مرتبطة