روتين الصباح والمشاجرات المسائية

روتين الصباح قاسٍ على كثيرٍ من العائلات، إذا كنت تعاني إيصالَ أطفالِك إلى المدرسة كل يوم فأنت لست وحدك؛ إذ يحدث هذا كل يوم مع آباء آخرين مثلك تماماً، وتحدث الحجج الصباحية، ومعارك الإرادة، وصراعات القوة للعائلات كل يوم، والخبر السار هو أنَّك تستطيع تغيير روتينك الصباحي، وعلى الرَّغم من أنَّ أطفالك قد لا يشكرونك على ذلك إلا أنَّ الجميع سيستفيدون.



لقد بدأ العام الدراسي، وتلك المناقشات في أواخر الصيف عن تنظيم أطفالك كلها، وتحضير ملابسهم في الليلة السابقة، والنهوض من الفراش في الوقت المحدد، وتجهيز وجبة الإفطار الخاصة بهم، ومرور فترة الصباح دون جدال كنت تظنُّ أنَّك قد تجاوزتها، وربَّما سارت الأمور بسلاسة نسبياً في الأيام القليلة الأولى.

لكن ها نحن في منتصف العام الدراسي، وعادت تلك السلوكات القديمة كلها، ربَّما أضاف طفلك بعض السلوكات المزعجة الجديدة إلى هذا المزيج.

علامات تدل على أنَّ الروتين الصباحي غير نافع:

لقد بدأتَ تشعر بالاستياء من مقدار الوقت الذي يستغرقه إخراج طفلك من السرير كل يوم.

لم تصبح الساعة السابعة صباحاً إلا وكان قد أعطاك طفلك بالفعل ست حجج لعدم النهوض، حتى ينتهي بك الأمر متأخراً عن العمل عدة أيام في الأسبوع؛ لأنَّ طفلك - عمداً أو مصادفة - قد فاتته الحافلة مرة أخرى.

تجد نفسك تكافح لمساعدة طفلك على حل مسألة حسابية "نسي" القيام بها الليلة الماضية على الرغم من أنَّك سألته عدة مرات عن واجباته المدرسية الليلة الماضية، ستواجه كثيراً من المماطلة، والتهكم، والتنهد، والتأفف في روتينك الصباحي لدرجة تظنُّ فيها أنَّ حياتك عبارة عن مسرحية هزلية، وليست حياتك الواقعية.

فيما يأتي بعض النصائح العملية للمساعدة على جعل الصباح أكثر سلاسة للجميع:

1. ضع توقعات واضحة لروتين ما قبل المدرسة:

ناقش روتين الصباح وتوقعاتك مع أطفالك، لكن لا تفعل ذلك في الصباح حتى لو كنت شخصاً صباحياً؛ فما يزال الوقت غير مناسب لمناقشة الأمور التي لم تنفع، خصص بعض الوقت لمناقشة قواعدك وتوقعاتك، وحدد بوضوح ما لا يعمل، وما الذي يجب تغييره.

عندما يصبح صباحك مرهقاً أعد طفلك إلى المحادثة التي أجريتها بالفعل بدلاً من الدخول في جدال آخر، ويجب إعادة توجيه طفلك بالقول: "لقد ناقشنا هذا بالفعل، وأنت تعرف ما عليك فعله؛ الآن اذهب للقيام به".

2. اعمل على سلوك واحد أو اثنين في وقت واحد:

توجد ملايين الأشياء التي تريد أن يقوم بها طفلك على نحو أفضل، وليس فقط خلال روتين الصباح، ولكن يشعر الأطفال بالارتباك عندما تأتي إليهم بقائمة طويلة من الأشياء التي يرتكبونها بصورة خاطئة.

فكر في الأمر بهذه الطريقة: إذا جاء رئيسك إلى مكتبك وطلب منك 16 شيئاً تحتاج إلى تحسينه فسوف تشعر بالارتباك والانزعاج.

3. امنح طفلك فرصة لاكتساب المهارات والثقة من خلال التركيز على واحد أو اثنين من السلوكات التي يجب تغييرها:

اختر أهم سلوكين صباحيين مزعجين وتوصل إلى خطة عمل محددة لمعالجة تلك السلوكات، فتحدَّث مع طفلك عما يمكنه فعله لتحسين هذين الشيئين ومساعدته على اكتشاف طرائق لتلبية توقعاتك.

شاهد بالفيديو: 5 أشياء لن ينساها طفلك عنك أبداً

4. كن محدداً عند إعطاء التوجيه لطفلك:

لا يكفي أن تخبر طفلك: "عليك أن تتذكر واجبك المنزلي"؛ إذ يحتاج طفلك إلى معرفة بالضبط ما يمكنه القيام به بصورة مختلفة لتذكُّر واجباته المدرسية.

للمساعدة على بناء المهارات التنظيمية أعطِ خطوات عمل محددة بدلاً من التوجيهات الغامضة، واقترحا بعض الأفكار معاً، إذا كان بإمكانه القيام بالواجبات في الليلة السابقة للاستعداد للصباح فتأكد من وضوحها.

مفتاح الروتين الصباحي الناجح هو أن تعرف بالضبط ما يجب القيام به وبأي ترتيب تساعد المهام المحددة والنظام الواضح الجميع على البقاء على المسار الصحيح مع الحد الأدنى من المناقشة.

5. درِّب طفلك، لكن دعه يقوم بالعمل:

يعمل العديد من الآباء بجهد أكبر من عمل أطفالهم في المهام التي يجب على أطفالهم القيام بها؛ إذ يوقظون طفلهم خمس مرات كل صباح، ويذكرونه غير مرة أنَّه بحاجة إلى إعداد غدائه أو حزم حقيبته.

الخبر السار هو أنَّك تستطيع التوقف عن هذا الكفاح؛ لأنَّه لا يعمل على أية حال، فإذا أجريت مناقشة واضحة عن قواعدك وتوقعاتك لروتين الصباح فكل ما عليك فعله في الصباح هو تذكير طفلك بالقواعد والعواقب.

في البداية قد تحتاج إلى القيام ببعض التدريب، لكن قاوم تلك الرغبة في الانطلاق والقيام بالعمل نيابة عنهم.

6. دع المدرسة تفرض العواقب:

مدرسة طفلك لديها قواعد وتوقعات لطلابها، على الأرجح توجد عواقب سارية على الطلاب الذين لا يستوفون هذه التوقعات، وهذه فرصة رائعة لك للخروج من الدراما والسماح لشخص آخر بفرض القواعد.

إذا كان طفلك يأتي متأخراً دائماً فلا تحمه من الاحتجاز أو العواقب الأخرى، وإذا أحضر طفلك واجباً منزلياً للقيام به في اللحظة الأخيرة فلا تقُم بمساعدته، ودعه يواجه عواقب معلمه.

هذا صعب على بعض الآباء؛ لكنَّه يُظهر لطفلك أنَّ لأفعاله عواقب طبيعية، وتذكَّر أنَّ طفلك هو من يحتاج إلى العمل بجدية أكبر للوصول إلى المدرسة في الوقت المحدد أو إنهاء مهامه في الوقت المحدد، لقد مررت بكل هذا في طفولتك، ولست بحاجة إلى القيام به مرة أخرى.

كيف ينفعك هذا في الممارسة؟ إذا قام طفلك بالاتكال عليك لحل واجبه المنزلي في اللحظة الأخيرة في الصباح، فيمكنك أن تقول: "يُنجَزُ الواجبُ المنزلي بعد المدرسة، وليس قبلها، ستحتاج إلى إخبار معلمك أنَّك لم تنتهِ منه بعد".

اجعل طفلك مسؤولاً عن أفعاله ونتائج تلك الأفعال، هذه ثقافة المساءلة، وهي جزء أساسي من نظام عائلي صحي.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات أساسية لتربية الأطفال على المسؤولية

7. لا تحضر كل جدال تُدعَى إليه:

لا يوجد وقت مناسب للدخول في جدال مع طفلك؛ لكنَّ الساعات الأولى من اليوم قد تكون أسوأ الأوقات، لا أحد يحتاج إلى مزيد من الدراما في الصباح، لا سيَّما أنت.

بدلاً من خوض الجدالات الصباحية اليومية ذكِّر طفلك بالقواعد، وامنحه قليلاً من التدريب، وابتعد عن الطريق، فالجدال يؤخر فقط الأشياء التي تستغرق وقتاً طويلاً بالفعل، واعلم أنَّك لست مجبراً على المشاركة في كل مناقشة تُدعى إليها.

كيف تتجنَّب الشجار مع أطفالك؟

غالباً ما تكون التحولات على مدار اليوم صعبة على الأطفال والآباء أيضاً؛ إذ يواجه الأطفال صعوبة في الانتقال من اليوم المدرسي المنظم إلى الروتين المنزلي الأكثر انفتاحاً، أو الانتقال من يوم من اللعب إلى أمسية من الأعمال المنزلية والواجبات المنزلية.

غالباً ما يضطر الآباء إلى الانتقال من بيئة عمل مزدحمة ومتطلبة إلى بيئة منزلية متطلبة بالقدر نفسه مع قليل من الراحة أو عدم الاستراحة بينهما باستثناء التنقل المجهد مع الاندفاع في اللحظة الأخيرة لاصطحاب الأطفال في الوقت المحدد من الحضانة أو المدرسة؛ فلا عجب أن تندلع المعارك.

يجب أخذ وقت خاص للاستراحة بعد يوم عمل طويل، لكن غالباً ما يواجه الأطفال صعوبة في التكيف مع السماح للآباء بهذه المساحة لأنفسهم؛ لذلك قد تحتاج إلى إعطائهم كثيراً من التذكيرات، من الصعب ألا تغضب من أطفالك عندما لا يتمكنون من منحك بعض الوقت القصير لنفسك، ولكن حاول أن تقول بطريقة واقعية: "فقط دعني أحظى بقليل من الوقت ثم سأساعدك" يحتاج الأطفال حقاً إلى اهتمام والديهم، ولكن نادراً ما يكون ذلك عاجلاً، يمكنهم تعلم احترام حاجة شخص آخر إلى المساحة.

إقرأ أيضاً: 6 طرق لوقف المشاحنات والشجار بين الأشقاء

8. قم بإعداد روتين منظَّم:

يعمل الأطفال على نحو أفضل مع النظام والروتين، في كثير من الأحيان إذا لم يكن ثمة نظام قد تحدث الفوضى، وربما يكون النظام نفسه صعباً كما هو الحال في الصف الدراسي، أو أكثر مرونة مع قواعد وتوقعات أكثر عمومية، من أجل معرفة أفضل طريقة لإعداد روتينك المسائي من الهام أن تعرف ما يحتاج إليه طفلك وما هو هام لعائلتك، على سبيل المثال قد يحتاج الطفل الذي يعاني الجلوسَ لأداء واجباته المدرسية إلى فترات راحة صغيرة مدمجة في وقت الواجب المنزلي.

مشكلات الأعمال المنزلية:

التملص، والصراخ، والتذكير مراراً وتكراراً، أو مجرد الاستسلام هي طرائق طبيعية؛ لكنَّها ليست فعالة لجعل الأطفال يقومون بأعمالهم الروتينية، فغالباً ما يبدو الاستسلام أسهل طريقة للخروج، ولكن قد يؤدي إلى مشكلات أخرى، يتعلم الأطفال أنَّ والديهم لا يحملونهم المسؤولية.

ربَّما يعتقدون خطأً أنَّ هذا ينطبق على البالغين الآخرين مثل المعلمين أو الرؤساء، بدلاً من ذلك فإنَّ تحميل طفلك مسؤولية متابعة التوقعات مثل الأعمال المنزلية سيعلمه مسؤوليته تجاه أن يصبح شخصاً بالغاً ومسؤولاً.

معارك ما قبل النوم:

غالباً ما يكون وقت النوم وقتاً صعباً للأطفال، ومثل جميع الإجراءات الروتينية الفعالة يجب أن يكون وقت النوم مُخصصاً لطفلك وعمره ومزاجه، يحتاج بعض الأطفال في الواقع إلى نوم أكثر أو أقل من الآخرين في العمر نفسه؛ لذا من الهام أن ينتبه الآباء إلى "ساعات" نوم أطفالهم.

يُساعَد بعض بالراحة والنوم، في حين يحتاج بعضهم الآخر إلى الانتقال التدريجي إلى الفراش، قد تكون القراءة مفيدة جداً في خطوات وقت النوم لجميع الأطفال سواء كانت الكتب المصورة أم المجلات أم الكتب.

لا معجزات، فقط روتين ونظام:

لا توجد طريقة سحرية لجعل أمسيتك تسير بسلاسة، ولكن مفتاح النجاح هو وجود روتين ونظام، وبمجرد بناء ذلك ستتمكن من اعتماده لتذكير أطفالك بما يجب عليهم فعله ولإبقائك على المسار الصحيح.

سيشعرون بمزيد من الأمان وسيفهمون بصورة أوضح ما تتوقعه منهم، فيتيح لك الروتين المنظم أيضاً الوقت لبناء الاهتمام الذي يحتاج إليه أطفالك ويتوقون إليه، ولكن بطريقة تناسب الجميع على نحو أفضل، فتذكَّر بصفتك أحد الوالدين أنَّ مهمتك هي إعداد الروتين، ومهمة طفلك هي المتابعة.

شاهد بالفيديو: 8 أخطاء شائعة في تربية الأطفال

في الختام:

إذا تجاوزَت معاناتك الصباحية والليلية السلوكات المزعجة العادية، فتأكد من طلب مزيدٍ من المساعدة، فالأطفال الذين يعانون اضطراب التحدي المعارض (ODD)، وفرط الحركة، ونقص الانتباه (ADHD)، وتحديات أخرى يحتاجون إلى تدريب أكثر تخصصاً لمساعدتهم على تحسين سلوكاتهم؛ لذلك تذكَّر أن تكون واضحاً ومتسقاً، وأن تدرِّب طفلك بدلاً من الانخراط في معارك السيطرة، ومع بعض الصبر والممارسة يمكن أن يكون صباح عائلتك أقل إرهاقاً بكثير.




مقالات مرتبطة