دور المعلم في تنمية التفكير الإبداعي لدى الأطفال

اتفق الباحثون التربويون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا واليابان على ضرورة تخصيص معلمين متميزين من ذوي الخبرات الطويلة والعميقة، والذين سجلوا نجاحات ملموسة مؤكدين على أهمية إعدادهم إعداداً خاصاً يصقل خبراتهم ويسمو بمعارفهم. وقد أحرزت الولايات المتحدة الأمريكية قصب السبق بإنشاء أول معهد لإعداد معلمي المبدعين أطلقوا عليه اسم " معهد الرواد".



ويلعب المعلم الدور الأكبر في رعاية الإبداع وتربيته، ومهما كان المنهج المدرسي شامخاً وعناصره متكاملة  فإنه لن يجدي شيئاً ذا بال في حالة غياب المعلم أو عند تهميش دوره، أو إذا قام بتنفيذ المنهج معلم غير مؤهل للقيام بالدور الكبير المُسند إليه. ولن تستطيع الأمة أن تستفيد شيئاً كثيراً من التدفق المعرفي الهائل الذي يشهده هذا العصر، ولا من التقنيات الخارقة المتاحة للناس فيه، إذا كانت حقوق المعلم فيه منتقصة، لأن المعلم هو صانـع التغيير والتطويـر، فهوالذي ينفذ المنهج، وينهض بالدور الأكبر في تحقيق أهداف التربية؛ " فمن يرد أن يوجد " طبيباً متميزاً في طبه ومهندساً متميزاً في هندسته ومحاسباً متميزاً في محاسبته وإدارياً متميزاً في إدارته. ينبغي أن يُوَفر له معلماً متميزاً يفتح له مغاليق العلم، ويستنهض قدراته ويستحث طاقاته للتعلم".   فالمعلم الحرالمؤهل تأهيلاً حقيقياً نظرياً وعملياً، والمتمتع بحقوقه كاملة، هو محرك التغيير وقائد المسيرة التربوية إلى الإبداع، إذا توفَر له منهج منظم  يستند على معارف عصرية ملائمة، وأنظمة وأنشطة مدروسة متكاملة، ومناخات تشجع الإبداع وتعرف قيمته وأثره.

مواصفات المعلم المبدع:

  •  واسع الثقافة ومتنوع الخبرات.
  •  يخطط لتنمية القدرة على التفكير عند تلاميذه.
  •  يتقبل أراء وأفكار تلاميذه ويصغي إليهم باهتمام.
  •  يجتنب أساليب القمع والاستهزاء ويتبنى أساليب الحفز والتشجيع.
  •  يمارس أساليب التواصل والتفاعل الصفي والعصف الذهني والعمل بنظام المجموعات، ويجتنب أساليب التلقين وفرض الأفكار.
  •  يدرب التلاميذ على أساليب التعلم الذاتي من أجل الوصول إلى المعلومات بأنفسهم.
  •  يدرب التلاميذ على توظيف خطوات البحث العلمي لحل المشكلات.
  •  ينمي لدى تلاميذه مهارات التفكير العلمي مثل: الملاحظة، التصنيف، استخدام الأرقام والتعاريف الإجرائية، والتحليل والتقويم.
  •  يشجع تلاميذه على الاستكشاف واستخدام المختبرات وسائر التقنيات الحديثة
  •  يعمل على تعزيز روح المبادرة والأصالة.
إقرأ أيضاً: 8 طرق تساعد المعلم على أداء مهنته بنجاح

لكن ما هي السمات المميزة للتلميذ المبدع ؟

عدّ علماء النفس والتربية التلميذ مبدعاً إذا "برهن أو استطاع أن يبرهن على مقدرة فائقة في مجال أو أكثر من المجالات الدراسية. ويحتاج إلى معارف وخبرات تفوق ما يقدمه المعلم في الحصة الدرسية العادية. ويجب أن يظهر قدرات استثنائية تدل على الابتكارية."

وهناك سمات شخصية مميزة للتلميذ المبدع يمكن ملاحظتها بسهولة منها :

  1. الشعور بالرضا والسعادة أثناء قيامه بأعماله.
  2. الثقة العالية في النفس والاعتماد عليها.
  3. قوة العزيمة والإرادة.
  4. القدرة على إدراك العلاقات بين الأشياء.
  5. القدرة على التفكير في حلول بديلة للمشاكل.
  6. القدرة على تحمل المسؤولية.
  7. المثابرة وممارسة الأعمال بحزم وثبات.
  8. اجتناب الروتين والتقليد الأعمى.
  9. الميل إلى المغامرة والرغبة في تحدي الصعاب.
  10. الصدق في التعبير والأمانة في العمل.
  11. مثقف يوظف ثقافته في التعامل مع قضايا الحياة.
  12. القدرة على الإقناع.
  13. يتقن العمل الذي يوكل إليه بسرعة وإتقان.
  14. التفاؤل والإحساس المرهف. 

ومن السمات الأخرى التي أشار إليها الباحثون :

(تقبل التعقيد، ارتفاع مستوى الغموض، انخفاض مستوى القلق، عدم الخوف من الوقوع في الخطأ، تفضيل الاستجابات الجديدة، روح الدعابة والمرح، الانفتاح الذهني، سعة الخيال، الاجتهاد والنظام، الشعور بالتحدي في مواجهة الصعاب).

دور الإبداع في صقل شخصية المتعلم:

يربي الإبداع شخصية المتعلم على عشق التميز، ويغذيها بالقيم، ويمدها بأنوار العلم، ويطبعها بخصائص وصفات تسمو بها إلى آفاق عالية متكاملة يكللها تاج النجاح، ويزودها بقدرات تمكنها من التميز. ومن هذه الصفات والقدرات :

  1. الثقة بالنفس وحسن الظن بالآخرين.
  2. المثابرة على العمل والإخلاص فيه.
  3. الإقدام وعدم التردد.
  4.  استغلال الفرص والاستفادة منها.
  5. الميل إلى القراءة النافعة والبحث الجاد.
  6.  القدرة على تحديد المشكلة بدقة والتعرف على أسبابها.
  7.  القدرة على تحديد الأهداف بوضوح.
  8. القدرة على أن يجعل لكل عمل يقوم به هدفا ساميا.
  9. القدرة على التركيز وإطلاق العنان للتفكير.
  10. القدرة على توسيع الهوايات والاهتمامات.
  11.  القدرة على تحمل المسؤولية.
  12. القدرة على تذليل الصعوبات،وإيجاد البدائل الملائمة للمشكلات التي تواجهه واختيار أفضلها.
  13. القدرة على الموازنة وتقييم المعلومات وإصدار الأحكام السليمة.

 ولكي تؤتي الجهود المبذولة ثمارها على وجه حسن، يجدر بالمبدعين أن يأخذوا بعين الاعتبار المعوقات التي قد تحدّ من إبداعهم أو تضعفه.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة لتطوير مهارات التفكير عند الطلاب

المعلم والتفكير الإبداعي :

إن إعمال العقل في التعامل مع قضايا الحياة يؤدي إلى نتائج مثمرة. والإنسان يستخدم عقله ويفكَر ليفهم، أو ليخطط فيحل مشكلة أو يتخذ قراراً، وكلما كان هذا التفكير إبداعياً كلما كانت النتائج التي تترتب عليه أفضل. فكيف ينمي المعلم المبدع التفكير الإبداعي لدى تلاميذه ؟

إن التركيز على تحقيق الأهداف ذات المستويات المعرفية العليا يساعد الدارسين على تشكيل الوعي، وعلى الاحتفاظ بالخبرات المكتسبة للاستفادة منها في حل المشكلات بفعالية عالية من خلال رؤية الخيارات وطرح البدائل.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي.

فما هي مهارات التفكير التي ينبغي أن تتناولها المناهج الدراسية ؟

 يقترح كوهن وجود أربع عمليات تفكيرية مركبة عليا هي :

(حل المشكلات، اتخاذ القرارات، التفكير النقدي، التفكير الإبداعي. والمعلم المبدع يستطيع أن يختار لتلاميذه نوع الممارسة التي تيسَر نموَهم المعرَفي). وقد برز في الآونة الأخيرة اتجاه نحو دمج تعليم مهارات التفكير في تعليم المادة الدراسية" بحيث يكون التعليم في المنهج المدمج مبنيا على التفكير، وحينما يتعلم الطلبة استراتيجيات التفكير من خلال النموذج أو النص موضوع الدرس فإن قدراتهم التعلمية والتفكيرية تسمو بصورة ملموسة، فيصبحون أكثر استمتاعا ورغبة في التعلم، وهذا ما يحفزهم على ممارسة التعلم الذاتي سعيا نحو الإبداع.

وحين تنصهر المعلومة التي يحصل عليها المتعلمون من محتوى المادة الدراسية مع أنماط متعددة من مهارات التفكير، فإنهم يصبحون قادرين على توظيف أنواع متعددة من التفكير في حياتهم العملية مثل: المقارنة، التنبؤ، البحث عن الأسباب والعلل، اتخاذ القرارات.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح لتعزيز مهارة التفكير الإبداعي

وعند القيام بعملية مقارنة ناجحة فإن المتعلم يكون قادرا على :

  • القيام بدراسات دقيقة ومتعمقة.
  • تحديد جميع نقاط التشابه والاختلاف.
  • استخراج المعاني المتضمنة في عملية المقارنة.

وعندما يقوم المتعلم بالقيام بعملية التنبؤ فإنه يقوم بها بأناة موضحا مدى إمكانية حدوث ما تنبأ به، آخذاً بعين الاعتبار الأدلة المتعلقة باحتمال وقوع ما توقعه.

وقبل عملية اتخاذ القرار يجدر بالمتعلم أن يكون قادراً على :

  • دراسة جميع البدائل والخيارات المتاحة له.
  • البحث عن بدائل أخرى.
  • التأكد من صحة النتيجة التي توصل إليها قبل أن يقوم بعملية التنفيذ.

 ومن هنا، فإن مصممي المناهج الدراسية يأخذون بعين الاعتبار جميع هذه القضايا، وذلك لتضمين المنهج الدراسي محتوى وأنشطة صالحة لتدريب التلاميذ على مهارات التفكير المختلفة من خلال المحتوى.

بهدف تمكين المعلم من القيام بعملية التدريب وفق الخطوات الآتية :

  1. يشرح للمتعلمين أهمية المهارة التي سيدربهم عليها.
  2. يصب المحتوى الدراسي المقرر من خلال المهارة التفكيرية المستهدفة لتدريبهم عليها من خلال دراستهم للمفاهيم والحقائق والمهارات المنهجية، باستخدام المنظم البياني وخارطة التفكير.
  3. يقوم المعلم بطرح أسئلة تأملية من شأنها أن تجعل المتعلمين مدركين ومتفهمين لأهمية تحفيز تفكيرهم.
  4. يواصل المعلم تعزيز استراتيجيات التفكير لدى المتعلمين بإعادة تمريرهم بخبرات وتجارب مماثلة.

ويفيد المنظم البياني في :

  • توجيه وإرشاد المتعلمين أثناء عملية التفكير.
  • توضيح العلاقات المهمة في عملية التفكير.
  • إبراز العلاقات بين أجزاء المعلومات بشكل واضح.

وأما خارطة التفكير فإنها تفيد في :

  • توضيح الاستراتيجية المتبعة للتدرب على مهارة تفكير محددة.
  • تزويد المعلم بأسئلة منظمة لتوجيه المتعلمين أثناء قيامهم بأنشطة التفكير.

وتوضح خارطة تفكير، الخطوات التي سيتبعها المتعلم من أجل التوصل إلى قرار سليم.

وهذه الخطوات هي :

  • التعرف على أهمية القرار الذي سيتخذه.
  • التعرف على الخيارات والبدائل المتوفرة.
  • البحث عن المعلومات المتعلقة بكل خيار.
  • التعرف على الخيار الأفضل في ضوء المعايير السابقة والمعلومات المتوفرة
  • اتخاذ القرار والبدء بالتنفيذ.

استراتيجيات تدريب المتعلمين على التفكير الإبداعي :

 يستطيع المعلم أن يدرب تلاميذه على مهارات التفكير الإبداعي من خلال المنهج الدراسي، وذلك بجعل التعليم إبداعياً نقدياً، وهذا لا يتم إلا إذا تجاوز المعلم أسلوب تقديم المعلومات الجاهزة إلى تعليم قائم على طرح التساؤلات واستنتاج الحقائق، فتحصل تنمية الإبداع بالتدريج من خـلال الاستراتيجيات الآتية:  

  1. الأسئلة المفتوحة مثل: أسئلة لها أكثر من إجابة، أو أسئلة لا يوجد لها إجابات صحيحة، فيعرض هذه الأسئلة على المتعلمين من خلال كتابتها على السبورة، ويبدأ باستقبال إجاباتهم حولها.
  2. الاستيضاح: حيث يطلب المعلم من المتعلم الذي يجيب معلومات توضيحية حول إجابته، كأن يقول له: وضح إجابتك. أو عزز إجابتك بالأدلة.
  3. الانتظار: ينتظر المعلم عدة ثوان ليتيح للمتعلم فرصة التفكير في الإجابة. أو لإعطاء فرصة لأكبر عدد من المتعلمين لرفع أيديهم طالبين الإذن بالإجابة.
  4. تقبل الإجابات: حيث يخبر المعلم جميع المتعلمين بأنه سيطلب من الجميع أن يجيبوا، ثم يطلب منهم كتابة الإجابة قبل النطق بها، والسماح لهم باستخدام أساليب التعليم التعاوني. ثم يستمع إلى إجابات عدد من المتعلمين مراعيا الفروق الفردية، ومتيحا فرصة الإجابة لجميع فئات الطلاب دون التركيز على المتفوقين ؛ لأن في التنويع إسهاما في إثارة التفكير. ثم يكتب الإجابات المميزة على السبورة لمناقشتها.
  5. تشجيع الطلاب على تبادل الآراء أثناء إعداد الإجابة، بحيث يكون التواصل متعدد الأطراف، بحيث يتم تطوير أنماط التفاعل بين الطلاب. ومن المستحسن هنا أن ينظم المعلم طلابه في مجموعات، وأن يقلل تعليماته وتعليقاته إلى الحد الأدنى، وأن يدرب المتعلمين على أن يحسنوا الاستماع لبعضهم، وعلى آداب الحوار، وأن يعزز سلوكياتهم الإيجابية أثناء المناقشة.
  6. يخبرالمعلم طلابه بأنه سيؤجل تعليقاته على إجاباتهم حتى نهاية الحصة، يشرع بالاستماع لإجاباتهم، ثم يشكر الطالب الذي يجيب ويعطي الفرصة لطالب آخر.
  7. قبل  نهاية الحصة يلقي عليهم أسئلة سابرة مثل: كيف توصلت إلى هذه النتيجة، أو ما هي الخطة التي وظفتها؟ أو يطلب من المتعلم تفسير تفكيره وتعليله، ثم يعزز توجهات المتعلمين بالقول بأن مناقشاتهم كانت مثمرة.

فإذا تمت جميع هذه الخطوات، بمنهجية علمية وبتواصل متعدد الاتجاهات، ملموسا فإن التقدم سيكون ملموسا إذا كانت وسائل التقويم المستخدمة موضوعية ودقيقة.




مقالات مرتبطة