دور الفضول في القضاء على الملل

يميل الأشخاص المبدعون مثل الكتَّاب والموسيقيين والمخرجين والمصمِّمين للحديث عن "الإلهام"، ويعود هذا المصطلح إلى الأساطير اليونانية القديمة التي تتحدث عن قوة غامضة يمتلكها الفنان.



مع قدرة المبدعين الدائمة على استحضار الإلهام في أثناء عملهم؛ فإنَّهم لا يعدُّونه شرطاً للبدء بالعمل، وفي كتاب "حول مسألة الكتابة" (On Writing) يقول الكاتب "ستيفن كينغ" (Stephen King): "لا تكن مُلحَّاً بانتظار الإلهام فربما لن يأتي؛ لأنَّه ليس حالة روحية دائمة؛ وإنَّما يجب المواظبة على الكتابة في أوقات محددة حتى تعلم متى يحلُّ عليك".

كما يقول الكاتب "ستيفن بريسفيلد" (Steven Pressfield) في كتاب "حرب الفن" (War of Art): "يدرك الفنانون المخضرمون سراً هاماً لا يعرفه المبتدئون، وهو أنَّ الإلهام والأفكار الجديدة تأتي للشخص عندما يجلس للعمل ويجتهد ويثابر ويركز في عمله".

الفضول يؤدي إلى الإبداع:

الإبداع هو القدرة على ابتكار أشياء جديدة والفضول هو الرغبة في تجربتها؛ لذلك كلاهما يتطلب حالة من الإلهام، فعندما تبدأ باستكشاف أشياء جديدة ستشعر بقوة كامنة تمدك بالحماسة، لكن يجب دائماً أن تخطو الخطوة الأولى في طريق الإبداع، أو أن تبدأ بالبحث استجابة لفضولك، وحتى لو لم تشعر بحماسة البدايات، فابدأ بالعمل ولاحقاً سيأتيك الإلهام.

يشعر معظم الناس بالملل بسرعة، سواء من عمل جديد أم برنامج تلفزيوني أم بداية علاقة جديدة وغير ذلك من أمور الحياة، إضافة إلى رغبتهم في الترفيه والشعور بالدافع والتحفيز دون بذل جهد، وهذا هو السبب الحقيقي لذلك الشعور السريع بالملل؛ لذا حاول أن تجد شيئاً مثيراً للاهتمام حتى في الأشياء العادية، وليس في الجانب الذي تحبه فقط وتهتم به.

قوة الخيال:

تبدأ السعادة الحقيقية في الحياة عندما تكتشف المتعة في الأشياء التي تَعدُّها مُمِّلة وليس في الأشياء التي تحبها فقط، فقد أُجريت دراسة لمعرفة قوة الخيال على مجموعتين من الأطفال وكُلِّفت المجموعة الأولى بمهمة بسيطة؛ لكنَّها مُملة، وهي الوقوف بحالة سكون لأطول فترة ممكنة، وقد استمر الأطفال على هذه الوضعية بمعدل دقيقتين تقريباً، أما المجموعة الثانية فطُلب منهم أيضاً ذات الشيء، لكن قيل لهم أن يقفوا بحالة ساكنة كجنود الحراسة، والنتيجة كانت استمرار الأطفال بهذه الوضعية لحدود 11 دقيقة.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتنمية الإبداع في نفسك

مع أنَّ المهمة ذاتها للمجموعتين كلتيهما، فإنَّ طريقة تلقِّي كل مجموعة واستيعابها لهذه المهمة هي السبب في اختلاف النتيجة، وهذا يثبت أنَّ "الملل" هو حالة ذهنية.

عموماً الأشياء التي نراها مُملة هي في الحقيقة مُلهِمة، وقد تميل الطبيعة البشرية إلى تجنُّب تلك الأشياء أو إنجازها بسرعة، لكن ماذا لو حدث نقيض ذلك؟ إذ يقوم كل إنسان بالتمعُّن في تفاصيل الأمور وإبداء اهتمام أكبر بها؛ أي أن يُواجه الملل بالفضول.

إقرأ أيضاً: 6 وسائل لتنمية حس الخيال عند الأطفال

في الختام:

الفضول هو سبيلٌ للوصول إلى الإلهام، فحاول في المرات القادمة التي تشعر فيها بالملل من عمل ما ألا تستسلم لذلك الشعور، وأن تكون فضولياً أكثر، فتسأل نفسك "كيف أستطيع أن أجعل هذا العمل ممتعاً؟" بدلاً من "هل هذا عمل مُمتع؟".

افترض مُسبقاً حالة الاهتمام وأنَّك ستجد المتعة في هذا العمل إذا بذلت جهداً إضافياً لإيجادها، وربما يتحقق ذلك بعد بحث مُطوَّل، وفي لحظة غير متوقعة يأتي الإلهام بطريقة مدهشة.




مقالات مرتبطة