دور التكنولوجيا في تطوير العلاقات بين الموظفين

تُظهِر الأبحاث أنَّ العلاقات مع زملاء العمل هامة؛ فكلما تفاعلت أكثر مع أقرانك، تحسنت صحتك الجسدية والنفسية، وزادت مشاركتك في عملك، ومع ذلك، إنَّ التعرف إلى زملائك في العمل ليس بالمهمة السهلة؛ إذ لا يتوفر سوى القليل من الوقت لتكوين روابط اجتماعية هامة مع زملائك المباشرين بين زحمة الاجتماعات المتتالية، والمواعيد النهائية وقوائم المهام الطويلة، ناهيك عن الموظفين الآخرين الذين قد يكونون في جميع أنحاء المدينة أو على بعد مئات الأميال.



لذا يمكن أن تساعد التكنولوجيا المؤسسات على تجاوز القيود البشرية مثل الجغرافيا؛ ولهذا السبب، من الهام الاستثمار في الحلول التي تعزز الروابط الاجتماعية وتحافظ عليها، ونظراً لأنَّ المؤسسات من جميع الأشكال والأحجام تواجه صعوبة في الحد من معدل دوران العمالة، تعزز التكنولوجيا الثقافة التنظيمية التي تحافظ على مشاركة الموظفين.

إنشاء روابط اجتماعية قوية:

عندما يتعلق الأمر بتلبية متطلبات الموظفين، من السهل أن يشعر المسؤولون عن التوظيف بأنَّ احتمالات النجاح في ذلك ليست في مصلحتهم، كما أنَّ ثلثي جيل الألفية يُتوقع أن يتركوا مؤسساتهم؛ فهو أمر غير مفاجئ عندما تعرف أنَّ فقط 34% من الموظفين الأمريكيين يشعرون بالمشاركة بعملهم، وقد وجدت مؤسسة "غالوب" (Gallup) أنَّ النسبة هي فقط 29% بالنسبة إلى جيل الألفية.

ولحل نقص المشاركة هذا، تعطي العديد من المنظمات الأولوية للتحسينات في مجالات مثل التعويضات والمزايا؛ لذا من المؤكد أنَّ الامتيازات المالية تحفز العاملين، لكنَّها ليست حلولاً طويلة الأمد؛ فمن السهل على الموظفين البحث عن وظائف في مؤسسات أخرى تقدِّم مزايا مماثلة.

لكن ما لا يستطيع المنافسون تقليده هو سلوكات الشركة القوية، وبالتحديد، السلوكات التي توفر فرصاً للموظفين لبناء علاقات مع أقرانهم وتطوير علاقات وثيقة في مكان عملهم؛ ففي العديد من المؤسسات، تدرك القيادة الحاجة إلى تمكين الموظفين من التحدث والشعور بأنَّهم جزء من النسيج الاجتماعي للشركة، لكنَّ المنظمات، وخاصة إدارات الموارد البشرية، يمكنها استخدام التكنولوجيا لتوفر للموظفين مكاناً للتعبير عن أنفسهم والتصرف بناءً على أفكار رائعة كل يوم.

شاهد بالفيديو: 5 طرق لبثّ روح الإبداع لدى الموظفين

دور التكنولوجيا في بناء العلاقات بين الموظفين:

بصفتنا أفراداً، نحن نولي قدراً كبيراً من القيمة للتكنولوجيا التي تساعدنا على بناء العلاقات والحفاظ عليها في حياتنا الشخصية، ومع تغيُّر الحياة، تُعَدُّ التكنولوجيا واحدة من أفضل الخيارات للشعور بالقرب من الأشخاص الأكثر أهمية لنا.

يمكن أن يكون للتكنولوجيا في مكان العمل تأثير اجتماعي إيجابي مماثل؛ إذ تساعد الموظفين على التفاعل والشعور بالتقدير وتطوير علاقات شخصية ودائمة مع زملائهم في العمل والشركات، ولسوء الحظ، لا تستخدم العديد من المؤسسات التكنولوجيا سوى في عمليات لا تفيد في تحسين السلوكات.

وقد تستثمر شركتك في الحلول التي تسهل العمليات أو تنشئ تجارب عملاء أكثر إمتاعاً، لكن هل تبحث في مكان عملك أيضاً عن تقنيات لتطوير تجربة رقمية داخلية للموظفين؟

سواء كان الموظفون يريدون بناء سمعة طيبة لامتلاكهم مهارات معينة، أم البقاء على اطلاع دائم بمعلومات الشركة الهامة، أم قيادة التغيير، أم تقديم التغذية الراجعة، فإنَّ التكنولوجيا تساعد الأشخاص على التعبير عن رغباتهم، والشعور بأنَّهم جزء من مجتمع أكبر، وإيجاد الطرائق المناسبة لتحقيق الأهداف، وتعمل نقاط التواصل هذه، مثل التفاعلات مع الأصدقاء والعائلة عبر الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ تلهمك التكنولوجيا لإنشاء روابط أوثق.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لتعزيز مشاركة الموظفين والاحتفاظ بهم باستخدام التكنولوجيا

توسيع الثقافة التنظيمية عبر الإنترنت:

نظراً لأنَّ الحلول الرقمية تعمل عبر أجهزة متعددة، فإنَّ التكنولوجيا تعزز إمكانية الوصول إلى ثقافتك التنظيمية من كل مكان؛ فعندما تضمِّن التكنولوجيا في الثقافة التنظيمية ورقمنة التفاعلات، فإنَّ مؤسستك تنمو.

وتضع التكنولوجيا الأساس لإنشاء مؤسسة موجودة وقابلة للتكيف تتوافق مع احتياجات ورغبات موظفيها؛ لذا من الصعب المبالغة في تقدير القيمة التي يجلبها هذا النوع من تنظيم الشركة لسعادة الموظفين والوفاء والاحتفاظ بهم.

وتُعَدُّ القدرة على إظهار البيانات من التفاعلات الاجتماعية ميزة رئيسة لجميع المؤسسات، وخاصة تلك التي تدير فِرقاً عبر مكاتب ومناطق جغرافية مختلفة؛ على سبيل المثال، من الصعب دمج مكتب جديد في ثقافتك التنظيمية الأكبر؛ فقد يخبرك حدسك بإرسال موظفين يشغلون مناصب محددة لإدارة الفوضى.

ومع ذلك، تقنية "التعرف إلى الأقران" (peer-recognition) يمكن أن تُبرز الأشخاص بالمهارات المناسبة لتسهيل العملية، وليس فقط أولئك الذين يشغلون المناصب المناسبة؛ ولتحديد هؤلاء الموظفين، يمكنك اللجوء إلى الرؤى المستندة إلى البيانات، مثل الموظفين الذين يتلقون مدحاً من أقرانهم في أغلب الأحيان.

وعندما تتناقض البيانات، تساعد التكنولوجيا المؤسسات على مواجهة جميع أنواع التحديات التشغيلية الجديدة والموارد البشرية وغيرها، وهذا يشمل عوائق مثل توقعات العملاء المتزايدة وغير المتوقعة، وتغيير القوى العاملة ذات الاحتياجات الفريدة أو المنافسين الذين يطرحون عروضاً جديدة.

وليس من المستغرب أن تواجه المنظمات صعوبة في التغلب على هذه المشكلات عندما لا يكون الجميع على وفاق، ولحسن الحظ، تنقل التقنيات الصحيحة الشركات بعيداً عن التسلسلات الهرمية الصارمة التي ترفض التعاون، وتتجه نحو الكيانات المرنة والشاملة، وتؤدي الروابط الاجتماعية إلى النجاح.

هذه نتيجة مثالية للمنظمات الحديثة؛ إذ تكتسب أقسام الموارد البشرية التحسينات الاجتماعية المطلوبة للحفاظ على مشاركة الموظفين واستثمارهم، وتطوِّر الشركة تطويراً عاماً سلوكات إيجابية في مكان عمل مهيأ للنجاح.

المصدر




مقالات مرتبطة