دور التغذية الراجعة في زيادة تفاعل الموظفين

"ماذا لو قمت بتقييم أدائك مرة في السنة؟ هذا غير منطقي؛ وذلك لأنَّ الأداء نشاط مستمر يحتاج إلى تقييم دوري مستمر".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "رون توماس" (RON THOMAS)، يُحدِّثنا فيه عن أهمية وضع تقييمات وتغذية الموظفين الراجعة في الحسبان دائماً، لتفعيل مشاركتهم في بيئة العمل.

لقد ورد هذا البيان من رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "أكسنتشر" (Accenture) للاستشارات والخدمات التقنية "بيير نانترم" (Pierre Nanterme)، عن المفهوم القديم لتقييم الأداء؛ إذ كانت شركته إحدى الشركات الرائدة في الابتعاد عن عملية التقييم القديمة، التي ترتكز على تقديم النتائج في وقتٍ لاحق.

وفي سياق التقييمات التي تظهر بعد فترة طويلة من العمل، لوحِظ أنَّ استطلاعات الرأي التي يجريها المديرون للموظفين تقوم على المبدأ نفسه؛ إذ يُسأل الموظف عن رأيه خلال السنة كلها مرةً واحدة، وفي بعض الحالات مرة كل سنتين.

المشاركة هي عملية يومية:

كما ذكر "بيير نانترم"، فالمشاركة في بيئة العمل هي نشاط مستمر؛ إذاً كيف لمديرٍ ناجح أن يغض الطرف عن استثمار وتنمية أثمن ما يملك؛ أي مشاركة موظفيه، ليلتفت إليه شهراً واحداً في السنة، ويتركه باقي الأيام ثم يتوقع نتائج مبهرة؟

أحد المحاور الرئيسة لنجاح كل قائد هو حسن إدارته وانتباهه لحقيقة أنَّ القوى العاملة متغيرة، ولك أن تتخيل لدقيقةٍ أنَّك بصفتك بائعاً ما زلت تبيع بالأسلوب نفسه منذ 30-40 عاماً، إذا كانت تلك هي استراتيجيتك، لكنت قد خسرت عملك بالتأكيد.

لقد أصبحت أصداء شكاوى المديرين التنفيذيين عن ضعف عملية المشاركة تتوارد في الاستطلاعات والتقييمات في العمل، فبدؤوا يظنون بعدم جدوى أيِّ استراتيجية لمعالجة الموقف؛ وكل ذلك بسبب وجود العديد من التجارب السابقة الفاشلة، إلى جانب الظروف الاجتماعية السلبية المحيطة بالعملية من جانب المديرين والموظفين.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن تحديد إمكانات الموظفين؟

هل نحلل النتائج؟

توجد مشكلة أخرى تكتنف عملية التقييم أو الاستطلاع، وهي عدم التحليل الشامل؛ إذ قلَّما يجيب خبراء الموارد البشرية عن نتائج تحليل هذه الاستطلاعات، أو عن هذه الأسئلة:

  • كم عدد الأشخاص المجيبين في كل صندوق؟
  • كم طلب نقل وظيفي منذ العام الماضي؟
  • هل تتزايد الأرقام أم تتناقص؟
  • ما هي الخيارات الأكثر قبولاً؟ وكم تبلغ تكلفة النتائج؟

غالباً ما يكون الرد هو الصمت؛ لذا لا نستغرب عدم جدوى الاستراتيجيات المتبَعة لتفعيل المشاركة، إذا كان كل ما يفعله قسم الموارد البشرية هو القيام بالاستطلاع، ثم الإبلاغ عن الأرقام بشكلٍ موجز للإدارة، لا تحليلاً دقيقاً، ولا توزيعاً للأرقام، ولا أيَّ خطوة تفصيلية لتغيير الواقع.

يبدأ العمل الحقيقي عند إتمام هذه العمليات؛ إذ يجب القيام بتحليل شامل واستعماله بالتزامن مع ما يسمى "تقنية الصندوق"، ويجب كذلك بيان عدد الموظفين الذين يُدلون برأيهم في كل صندوق، ودراسة كيفية توجيههم إلى الخيارات الجيدة، فهذا ما سيمنح الإدارة مؤشراتٍ لبدء العملية.

لا يريد الموظفون أن يُقيَّموا مرة واحدة في السنة، خاصة عندما يضعون كلَّ آمالهم في اقتراحات تحسينية ولا يحدث شيء في الغالب، فإنَّ المشاركة عملية يومية طويلة الأمد؛ لذا علينا أن نتعامل مع موظفينا مثلما نستمع لردود فعل عملائنا.

شاهد بالفديو: 3 خطوات على المدراء اتباعها لتحفيز موظفيهم

أسلوب مشاركة العملاء:

أنا أسافر 3 أسابيع في كل شهر، وهذا يعني عادة حجز 3 فنادق مختلفة في 3 مدن مختلفة، وأتوقع خلال رحلتي تلقِّي رسالة تفقُّدية بالبريد الإلكتروني في الأسبوع التالي من كل فندق، يسألني فيها عن حسن معاملتهم، فتخيَّل لو تلقيت هذا البريد الإلكتروني مرة واحدة في السنة.

تسعى كل شركة في معظم الأوقات إلى الحصول على تغذية راجعة متكررة، وقد بدأتُ بالبحث عن هذا التفاعل؛ فعندما لا أتلقى هذا البريد الإلكتروني، أتساءل عمَّا إذا كانوا يأخذون عملي على محمل الجد، فقد وضعت العديد من الصناعات معايير للتغذية الراجعة المتكررة التي توقعناها.

إذاً؛ لماذا لا يمكننا استعمال المفهوم نفسه مع موظفينا؟ أنا لا أقترح استقبال رسائل بريد إلكتروني يومياً أو أسبوعياً، لكنَّ تقديم تغذية راجعة كل شهر ليس فكرةً سيئة، كما يمكن إنشاء مجلس متخصص لصنع القرار بمشاركة الموظفين ليقوم برصدٍ منتظم، ويشجع الموظفين لتقديم تغذية راجعة.

إقرأ أيضاً: التغذية الراجعة 360 درجة: الدليل السريع للمديرين وقسم الموارد البشرية

لقد كان الكاتب "فينت ناير" (Vinett Nayer) في كتابه "الموظفون أولاً، والعملاء ثانياً" (Employees First, Customers Second)، أول من اقترح فكرة الإدارة الجديدة تلك، وعندما أصبح الرئيس التنفيذي في شركة "إتش سي إل" لخدمات التكنولوجيا (HCL Technologies) أنشأ أول مجلس للاهتمام بشكاوى وتقييمات الموظفين.

تعمل مجالس "الموظفون أولاً" على تحقيق الأهداف المشتركة ذات الأهمية القصوى لجميع الموظفين، وتساعد أيضاً على الحفاظ على التوازن بين العمل والحياة الشخصية، كما أنَّهم يفسحون المجال لإطلاق العنان لإبداع الموظفين وتوظيف مواهبهم الإبداعية في تحسين المشاركة، والأهم من ذلك، هو إيلاء الموظف كامل الانتباه والمكانة ضمن منهجية مشاركة الموظفين.

لذا أشرِك موظفيك ودعهم يساعدونك على فهم الأمر، فهو ليس عصيِّاً على الفهم، ونحن جميعاً نعمل في مكانٍ واحد ونرغب في معرفة التقييم الحقيقي لأدائنا؛ لذا علينا أن نرمي جميع المفاهيم البالية لنفسح المجال لعصرٍ جديد، يقوم على استراتيجيات مشاركة الموظفين والاستماع لهم دائماً.

المصدر




مقالات مرتبطة