دور التسويق في تحسين المشاركة

يشكل عملاؤنا وموظفونا الأساسين الأكثر قيمةً في أي عملٍ تجاري؛ ومع ذلك، توجد فجوةٌ كبيرةٌ في الشركات معظمها بين الطريقة التي نتعامل بها مع كلٍّ من هاتين المجموعتين من الأشخاص.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "نيل بيدويل" (Neil Bedwell)، والذي يُحدِّثنا فيها عن أهمية التسويق في تعزيز المشاركة.

لقد أصبحت القيمة التي يضفيها الموظفون على علاقة العملاء أكثر وضوحاً اليوم من أي وقتٍ مضى؛ وهذا يثير تساؤلاً هاماً: لماذا لا تعمل الموارد البشرية والتسويق معاً عن كثب، بِعَدِّهما النظامان المسؤولان عن المجموعتين السابقتين؟

لقد كنت محظوظاً بما يكفي لرؤية العالم من كلا المنظورين، وبصفتي مسوقاً للمستهلكين والآن مؤسساً لشركةٍ تركز على قيادة التغيير الثقافي؛ أتعجب دوماً في كل فئةٍ من مدى ضآلة التعاون بين هذين المجالين وكيف نستمر في زيادة الاستثمار في الوعد الذي نقطعه لعملائنا وتلبية أولئك الذين نكلفهم بتقديمه.

يطلب العملاء اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى:

يشعر القادة التقليديون في مجال السلع الاستهلاكية سريعة التداول والسفر والسيارات وكل قطاعٍ آخر باضطرابٍ مفاجئ؛ وحتى تبرز العلامة التجارية الفريدة والقوية، فقد أصبح التفرد والقوة فيها اليوم أهمَّ من أي وقت مضى.

لكنَّ العملاء - بِعَدِّهم القوة البشرية التي تقود هذا التغيير المزعزع - أفسدوا القواعد هناك أيضاً؛ إذ يريدون المزيد من المعنى والإثباتات وراء الوعود التي تقدمها العلامات التجارية التي اختاروها.

لقد شهدت هذه اليقظة ارتفاعاً في الانضباط الذي تم تجاهله بِعَدِّه أقوى محركٍ لقيمة العلامة التجارية، الذي هو قسم خدمة العملاء.

مشكلة معقدة:

كشفت دراسةٌ حديثةٌ لشركة "غالوب" (Gallup) أنَّ ثلثي الموظفين غير مشاركين في العمل. يمكن الشعور بتأثير كل هذه التعاسة في كل تفاعلٍ مع خدمةٍ ما؛ وهذا يسبب تناقصاً في قيمة العلامة التجارية، وتكلف الشركة ثمن إيرادات الأعمال وتكرار العملاء. إنَّ البؤس مكلف، وباهظ الثمن؛ حيث يكلف الموظفون غير المندمجين ما بين 483 مليار إلى 605 مليار دولار أمريكي سنوياً بسبب خسارة الإنتاجية لوحدها.

إنَّ فجوة المشاركة هذه هي مشكلة العمل المعقدة التالية التي يجب على كل قائدٍ معالجتها. ويكمن الحل في إعادة صياغة الدور والعلاقة بين التسويق المسؤول عن تجربة العملاء وبين الموارد البشرية بالنسبة إلى المكتب التنفيذي. بصفتي مسوقاً، هذا ما أعتقد أنَّه يمكن أن يتعلمه كل كبير موظفين في قسم الموارد البشرية (CHRO) وقائد موظفين من زملائه في التسويق لتحسين مشاركة الموظفين:

إقرأ أيضاً: 5 أخطاء قاتلة في التسويق

1. المزيد من الإصغاء:

يدرك المسوقون أنَّ أكبر ميزةٍ تنافسيةٍ فرديةٍ في مجال الأعمال هي زيادة معرفة المستهلك. بالنسبة إلى قادة الموارد البشرية، يجب أن تكون أكبر ميزةٍ ثقافيةٍ هي معرفة موظفيك معرفةً أكبر.

إنَّ المسوقين الاستهلاكيين مهووسون بالبصيرة العاطفية؛ وذلك لفهم أكبر قدرٍ ممكنٍ حول ما يعزز رغبة عملائنا بنا، وما يحفزهم ويلهمهم ويوقفهم. وبالمقارنة، فإنَّ الشركات معظمها لا تعرف سوى القليل جداً عن موظفيها، وما يعرفونه هو في الغالب معلومات منطقية وواقعية.

يؤدي ذلك إلى تقسيم الموظفين وإشراكهم حسب الأقدمية أو المنصب أو الانضباط، بدلاً من القيم السلوكية مثل الاستعداد للتغيير أو الاعتقاد أو التأثير. تخيل مدى الاختلاف الذي ستتعامل به مع تفاعل الموظف إذا كانت لديك صورةٌ عميقةٌ وسلوكيةٌ لموظفيك.

2. صعوبة جعل الناس يهتمون:

يملك البشر قدرةً محدودةً على الرعاية. ومع التركيز على العائلة والأصدقاء والعناصر الأخرى في حياتنا الشخصية المزدحمة، لم يعد هناك متسعٌ كبيرٌ لأشياء أخرى. يتجاهل المسوقون معظمهم ذلك ويبالغون في تقدير مستوى اهتمام المستهلك بعلاماتهم التجارية.

ستخبرك نظرةٌ سريعةٌ على العديد من منشورات العلامة التجارية "سي-بي-جي" (CPG) على وسائل التواصل الاجتماعي أنَّهم قد نسوا الدور الذي يؤدونه في حياة الناس، الذي هو إرضاءٌ صغيرٌ وفوريٌّ حسب رغبة المستهلك. والسؤال لماذا يحاولون أن يكونوا شيئاً مختلفاً على وسائل التواصل الاجتماعي؟

تفعل معظم الشركات الشيء نفسه مع موظفيها؛ فتربط عن طريق الخطأ بين الراتب وبين المزايا المتعلقة بالمشاركة الحقيقية. غالباً ما يُنظَر إلى المال على أنَّه تبادل لالتزامٍ زمني، وليس لالتزامٍ عاطفي. ولكنَّ الرعاية تأتي من مكانٍ أعمق.

يُستعمَل مصطلح "المشاركة" خطأً ليعني الالتزام والامتثال لأهداف الشركة بدلاً من كونها إيماناً حقيقياً بالرسالة ودور رب العمل فيها. ولكن ماذا لو استطعنا أن نطبق هذا الاصطلاح على الموظفين؟

إقرأ أيضاً: تعرَّف على أهم المعلومات عن التسويق

3. حلقة التأثير:

نظراً لأنَّ المستهلكين يطالبون بمزيدٍ من التفاعل والمشاركة مع علاقاتهم ضمن العلامات التجارية، فإنَّ المسوقين الأذكياء تعلموا اللعبة ويبنون حلقاتٍ إجباريةٍ في برامج التسويق؛ وهذا يوفر تغذية راجعة مستمرةً حول نشاط المستهلك.

بالنسبة إلى الموظفين، فإنَّ السؤال الأهم هو "هل عملي هام؟". هل يمكنهم الشعور بالتأثير الإيجابي لعملهم على العملاء والشركة والعالم؟ نظراً لأنَّنا نصمم أنظمةً أكثر ذكاءً وسرعةً وفاعليةً لكيفية عمل الموظفين، فإنَّنا نقوم بهندسة السبب الكامن وراء عمل هؤلاء الموظفين. يعمل البشر في المقام الأول من أجل التأثير؛ أي لجعل الأمور أفضل، وللبناء والتسليم والإصلاح. إنَّ التأثير في الآخرين هو كيفية قياسنا فيما إذا كانت مساهمتنا هامة. وكلنا بحاجة إلى معرفة أنَّنا هامون.

لحسن الحظ، لا يتطلب الأمر ثورةً في التغيير لمساعدة الموظفين على إيجاد التأثير والشعور به؛ بل مجرد ثورةٍ في العقلية؛ فماذا لو ربطنا موظفي المكتب الرئيس ببيانات الإسناد التي توضح كيف يساعد عملهم العملاء؟ أو ساعدنا الموظفين على صياغة مهامهم الخاصة بدلاً من تبنِّي رؤيةٍ مشتركةٍ واحدةٍ غامضة؟

شاهد بالفيديو: 5 مهارات مهمة بالتسويق الرقمي

4. انتشار التغيير:

إنَّ التأثير لا يكون على منصات التواصل الاجتماعي فحسب؛ بل دافعاً قوياً للعلامات التجارية. وإلى جانب المشاهير البارزين، ظهر توجه جديدٌ في السنوات الأخيرة يقدم رؤيةً حقيقيةً لقادة الموارد البشرية، وهو المؤثرون الصغار. لقد أُنشِئَت الملايين من الشبكات الصغيرة حول نقاط الشغف حسب نوع التخصص. وضمن هذه الشبكات، يقود المؤثرون الصغار - أصحاب الخبرة والمصداقية المحددة - المحادثات.

ينطبق الأمر ذاته داخل الشركات؛ حيث يتجمع الموظفون في شبكاتٍ صغيرةٍ حول التخصصات وموقع العمل ومجالات الاهتمام. وداخل هذه المجموعات، يقود المؤثرون الصغيرون الإدراك ويؤدون دوراً مفيداً في الثقافة التنظيمية.

إذا كان قادة الشبكات هؤلاء يؤمنون برؤية الشركة ورسالتها، فمن المحتمل أن يحذو "أتباعهم" حذوهم. إذا لم يفعلوا ذلك، فستجد أنَّ تنفيذ التغيير سيكون أكثر صعوبةً. يمكن لمجموعةٍ صغيرةٍ من الموظفين المؤثرين إطلاق حركةٍ عبر الشركة. فكيف يمكنك بناء برنامج التغيير الخاص بك المقبل حولهم والاستفادة من نفوذهم؟

5. إعادة صياغة العلامة التجارية للموارد البشرية والتسويق:

أعتقد أنَّ هناك سوء فهمٍ حقيقياً حول الدور الثقافي الحقيقي للموارد البشرية والتسويق وأوجه التشابه في القدرات التي يجب أن تكون فيها ناجحاً. تميل وجهة نظر المسوق للموارد البشرية إلى أن تكون متمحورةً حول الامتثال والحكم والتدريب الرسمي.

ينظر ممارسو الموارد البشرية إلى المسوقين على أنَّهم غير مشاركين في العمل وأنَّهم يركزون على إحداث تأثيرٍ في العالم.

إذا نظرت كلتا المجموعتين نظرةً طويلةً وفاحصةً على القيمة التي تجلبانها إلى الأعمال التجارية، فسوف ترى كلتاهما أنَّهما يشتركان في دورٍ في تعميق فهم الشركة للسلوك البشري وفتح التواصل الجوهري والتأثير الذي يتمتع به الموظفون على تجربة العميل، والعكس صحيح.

غالباً ما يتم الخلط بين التسويق والإعلان (وهو نتيجة استراتيجية تسويقٍ ذكية). والتعريف المفضل للتسويق هو: "أن يتمحور اتجاه كل شيءٍ نفعله حول عملائنا". غالباً ما تحتار الموارد البشرية بخصوص الامتثال (التي هي مجدداً نتيجة). ماذا لو اتبعت الموارد البشرية نهجاً مشابهاً في تعريف نفسها "أن يتمحور اتجاه كل شيءٍ نفعله حول موظفينا"؟

الخلاصة:

إذا كنت تعتقد أنَّ تجربة العملاء ستستمر في كونها المحرك الأساسي للعلامة التجارية وقيمة الأعمال، فحينئذٍ أنت تحتاج إلى التزامٍ أعمق تجاه الموظفين الذين يقدمونها.

إذا كنت تؤمن بقيمة الموظفين في توجيه هذه القيمة، فإنَّ الأمر يتطلب قدراتٍ جديدةً أوسع ودوراً أكثر مركزيةً وتعاوناً للموارد البشرية والتسويق. وإذا كنت تؤمن بهذا الدور الأكبر للموارد البشرية والتسويق، سيكون هذا التعاون المحرك التالي للنمو.

المصدر: 1.




مقالات مرتبطة