دليلك الشامل لإنشاء بيان مهمة شخصي

سيدهشك إيجاد بعض الناس صعوبةً في الإجابة عن السؤال الآتي: "ما هي المبادئ التي تؤمن بها في حياتك؟" فوفقاً لعلم النفس الإيجابي، عليك أن تنمِّي الفضائل ومكامن القوة في نفسك كي تعيش حياةً هادفةً ومُرضية؛ كما عليك أن تتصور خططك المستقبلية وتقارنها بوضعك الحالي كي تتمكن من تعزيز حياتك على الصعيدَين الشخصي والمهني؛ وهل من سبيل أفضل للتخطيط لأهداف حياتك من إنشاء بيان مَهمَّة شخصي؟



قد يبدو إنشاء بيان مَهمَّة شخصي مجرد عمل روتيني رتيب لأول وهلة، إلا أنَّه يُحدِث تأثيرات طويلة الأمد قد تغيِّر الطريقة التي تنظُر من خلالها إلى نفسك كشخص قادر على تحقيق التوافق بين تطلعاته الشخصية والمهنية؛ فلن تدرك وجهتك في الحياة أبداً ما لم تقيِّم مَواطن القوة التي تتمتع بها والتي يمكنك الاستفادة منها لتنمية ذاتك والمضي قدماً في حياتك وتحقيق ما تصبو إليه.

البحث عن مغزى الحياة:

تقول الكاتبة "إميلي إسفهاني سميث" (Emily Esfahani Smith)، التي درسَت مفهوم السعادة على نطاق واسع: "إنَّ ثقافتنا مهووسةٌ بالسعادة، لكن ماذا لو كان أمامنا درب يقودنا نحو حياة مُرضية أكثر؟ إذ تأتي السعادة وتذهب، بينما يمنحك امتلاك مغزىً في الحياة -أي خدمة أمر يتجاوز حدود ذاتك وتنمية مكامن قوَّتك- أمراً تتمسك به ما حييت".

تقدِّم "إميلي سميث" (Emily Smith) أربع ركائز لعيش حياة ذات مغزىً، وهي:

  • الانتماء: أن تكون جزءاً من شيء أسمى من ذاتك.
  • الغاية: وهو سبب وجود أو القيام بأمر ما.
  • سرد القصص: وهي القصص التي ترويها لنفسك عن ذاتك.
  • الارتقاء الروحي: حيث تشعر بالاتصال بشيء أعلى وأكثر أهميةً من نفسك.

شاهد بالفيديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

قد لا تعني هذه الركائز الأربع كثيراً بالنسبة لشخص يفتقر إلى الوضوح في الحياة؛ ولكن بالنسبة لشخص يدرك اختياراته والنتائج المترتبة عليها، يمكن أن تكون بمثابة حجر الأساس لنجاحه الشخصي والمهني؛ حيث تتمثل الخطوة الأولى في التعمق في هذه المفاهيم لإجراء تقييم ذاتي شامل. سنقدِّم إليك فيما يلي 7 نصائح لتحقيق ذلك:

1. كن صادقاً مع نفسك:

يُقال: "إنَّ الصدق منجاة"؛ إلا أنَّه وفقاً للكاتبة "جودي كيتلير" (Judi Ketteler)، غالباً ما يكون الكذب على أنفسنا أكثر ضرراً من الكذب على الآخرين؛ حيث تبحث في كتابها الأخير "هل من الممكن أن أكذب عليك؟" (?Would I Lie to You) في الطريقة التي نكذب بها حيال إنجازاتنا؛ فسواء كنتَ تبالغ في وصف قدراتك، أم تقلل من شأنها، أم تخفِّف من وطأة الحقيقة الكاملة، فإنَّ عديداً من لحظات حياتنا تبدأ بكذبة.

إذا أردتَ أن يتحقق أمر ما، فإنَّ مفهوم "الاستدلال المدفوع" يُعدُّ طريقةً سهلة للوصول إلى نتيجة معيَّنة واستخدام هذه الرغبة لتوجيه تفكيرك نحو تحقيقها؛ فوفقاً لعلم النفس، تؤثِّر هذه الأكاذيب على تصوُّرنا لذواتنا ومواقفنا تجاهها؛ فحينما تتعارض صورة الذات (أي كيف تظن نفسك) مع الذات المثالية (أي ما تريد أن تكون عليه)، نبدأ في فبركة أكاذيب تتعلق بتصوراتنا لذاتنا، بغضِّ النظر عما إذا كنا نبالغ في تقدير قدراتنا أو نقلل من شأنها!

يُعدُّ بيان المَهمَّة الشخصي بمثابة مراجعة صادقة لذواتنا، حيث يسلط الضوء على الفبركات التي تتلاعب بتقييمنا لذاتنا، وتؤثِّر سلباً في نهاية المطاف في الإمكانات التي نتمتع بها لإحداث تأثير كبير. ستحدِّد هذه الخطوة الطريقة التي تفكِّر بها حيال نفسك، مما يضمن أنَّ بيان مَهمَّتك الشخصي لا يعتمد على إدراكك لذاتك فحسب.

2. فكِّر ملياً بمَهمَّتك الشخصية ورؤيتك وقيمك الأساسية:

نمتلك جميعنا أهدافاً في حياتنا، سواء كانت قصيرة الأمد، أم طويلة الأمد؛ حيث لكل منها شأن في حياتنا وتؤثِّر في قراراتنا بغضِّ النظر عن طبيعتها. تولِّد أهداف الحياة أفكاراً جديدةً في أذهاننا، وتُعدُّ بمثابة حجر الأساس الذي يثير إبداعنا؛ إذ تمنحنا هذه الأهداف أو المهام رؤيةً جديدة للعالم بطريقة تساعدنا في تحديد قيمنا الأساسية.

إنَّ المَهمَّة والرؤية والقيم الأساسية هي ثلاثة مفاهيم مترابطة ومشترَكة تحافظ على دورة نشاطنا في الحياة؛ إلا أنَّ العائق الوحيد الذي يعرقل سلاسة أدائها هو ضعف تركيزنا.

يسلط الكاتب "ستيفن إتش كادي" (Steven H. Cady)، في مقال حول بيانات المَهمَّة والرؤية والقيم، الضوء على الطريقة التي يُعِير من خلالها الناس انتباههم إلى تحديد أهدافهم أكثر من السعي وراء تحقيقها؛ فالتركيز على الأمور الخاطئة يعرِّضنا لمواقف سلبية ويقودنا إلى نتائج غير مرضية؛ لذا علينا تحويل انتباهنا إلى الأمور الضرورية التي تفيدنا وليس إلى تلك التي تجذبنا.

اسأل نفسك: هل تتوافق أفعالك مع القيم التي تدَّعي أنَّك تحملها؟ وهل يتناسب نتاج جهودك مع أهدافك؟

سيساعدك العثور على إجابات عن مثل هذه الأسئلة على تحديد الفبركات التي تختبئ في ثنايا مَهمَّتك ورؤيتك وقيمك، سواء كنتَ رجل أعمال أم مجرد شخص يبحث عن نصيحة ذات قيمة في الحياة؛ وتحديد الفروقات بين ما تعتقد أنَّه يحدث وما تتمنى أن يتحقق، لتكتشف ما يحدث معك بالفعل!

إقرأ أيضاً: تحديد الأهداف الشخصية... خطّط لكي تعيش كما تريد

3. تذكَّر دائماً أنَّ طموحاتك قابلة للتحقيق وقتما شئت:

تكمن مَهمَّتك في تحديد قيمة عميقة في كل موقف من حياتك تقريباً، سواء في العمل، أم في المنزل، أم مع الأصدقاء؛ فإذا اكتشفتَ أنَّ مَهمَّتك ورؤيتك وقيمك الأساسية مبتذَلة للغاية، فإنَّ شركة "براند فاونديشنز" (Brand Foundations) تقدِّم إطار عمل متكامل يشمل الغاية والطريقة والتأثير.

  • الغاية: ما هو هدفك؟
  • الطريقة: كيف ستحققه؟
  • التأثير: لمَ هو ضروري؟

ينبغي أن يؤدي هدفك إلى فهم أعمق للحيِّز الذي تشغله في الحياة من خلال تحديد المشكلات التي تتخلله؛ لتتمكن بعدها من إيجاد حلول لها، من خلال إبراز القيم القائمة على طبيعة الأمور العملية والنظرية. وأخيراً، ينبغي أن يُظهِر التأثير مدى مراعاتك للتنوُّع في التفكير والعمل في اقتراحك الذي لا يتلاشى تأثيره بمجرد انتهاء خطابك أو عرضك التقديمي.

اسأل نفسك: ما الذي أحاول تحقيقه من هذه المبادرة؟ وكيف يمكنني تطبيق هذه الفكرة على أرض الواقع؟ ولماذا أقوم بهذا العمل؟

يمكن أن تضيف كتابة بيان المَهمَّة الشخصي بصورة فعالة عمقاً إلى خطة عملك؛ وكلما أجبتَ عن الأسئلة الجوهرية أكثر، أصبح تركيزك أشد وأقوى؛ حيث ستكتشف بذلك نقاط ضعفك وتتغلب عليها.

4. حدِّد وعودك التسويقية البسيطة:

ما أن تحدد هدفك وطريقة تحقيقه والتأثير الذي يمكن أن يُحدثَه، ينبغي أن تُكمل الوعد التسويقي الآتي والمكوَّن من ثلاث جمل، والذي قدَّمه المؤلف الأمريكي "سيث غودين" (Seth Godin)؛ حيث يعمل بمثابة صلة وصل بين الأمور التي تهمك وما يهتم به جمهورك.

  • إنَّ منتجاتي مخصَّصة للناس الذين يؤمنون بـ _____________.
  • سأركز على الناس الذين يريدون ________________.
  • أعدك بأنَّ استخدام ما أقدِّمه سيساعدك في الحصول على ___________.

لا يُعدُّ إنشاء هذا البيان أمراً سهلاً؛ حيث يتطلب حوالي أسبوع من التعديل والتنقيح حتى يظهر مفعوله إذا أتقنتَ إعداده. إليك مثالاً عن ذلك:

  • إنَّ منتجاتي مخصَّصة للناس المتعطِّشين لاكتشاف إمكاناتهم الكاملة.
  • سأركز على الناس الموهوبين والمنفتِحين على تحقيق النمو الشخصي والمهني، ولكنَّهم لا يعرفون كيفية فعل ذلك.
  • أعدك باستخدام صدقي وخبرتي وشبكة علاقاتي لآخذ بيدك نحو إنشاء خطة عمل لتزدهر من خلالها حياتك الشخصية والمهنية.
إقرأ أيضاً: كيف تكتب بيان رسالة قويّ لشركتك؟

5. حدِّد حركتك التي تسعى إلى تحقيقها:

يمكن أن تتحول حركتك إلى واقع إذا منحتَ الأولوية لها كفردٍ أو خبير أو رائد أعمال؛ فسواء كنتَ تركِّز على الشمول المالي، أم المساواة بين الجنسين، أم المساعدة في بناء المهارات اللازمة في المجتمعات المحرومة، ينبغي أن تحدد حركتك وفقاً لما يثير حماستك.

يمكن أن تكون الحركة عبارة عن وظيفة بدوام كامل أو هواية تمارسها بعد انتهاء دوام عملك اليومي؛ ففي كلتا الحالتين، من الهام أن تحدِّدها وتوضِّح غايتك من إنشائها، وإلا فلن تتمكن من تقييم تقدُّمك. على سبيل المثال، لنفترض أنَّ حركتك هي عبارة عن شركة تُعنى بمساعدة الناس على اكتشاف ما يحفزهم وتحويله إلى عمل حقيقي أو خطة قابلة للتطبيق على أرض الواقع ليتمكنوا بذلك من ربط شغفهم بمهنتهم.

6. وفِّق بين حركتك وهويتك الحقيقية:

ثمَّة ثلاثة جوانب للمشاريع عليك مراعاتها لبناء صورة واضحة للعلامة التجارية، وهي: الهوية، والمنبر، والحركة.

  • تُرسي الهوية القواعد الأساسية لتحقيق رؤية واضحة لما أنت عليه.
  • المنبر (أو الوسيلة) هو الطريقة التي تختارها لإرساء هويتك ومشاركة رسالتك مع جمهورك المستهدَف؛ حيث يمكن أن يكون إما موقعاً إلكترونياً أو حساباً على منصات التواصل الاجتماعي أو يمكنك أن تختار العمل على أرض الواقع بشكل شخصي؛ وما إن تحقِّق وتشكِّل هوية عملك، من الضروري أن تضع استراتيجيةً دقيقة لكيفية التعامل مع عملائك عبر منبرك.
  • تعزِّز الحركة تأثير مشروعك وتغني تجربة العميل؛ إذ تعمل حركتك التي تقدِّمها للناس على هيئة وعد على إقامة علاقات وثيقة مع الجمهور.

وكالهوية تماماً، ينبغي أن تسجِّل وتنظِّم حركتك الشخصية أو الخاصة بشركتك؛ حيث لا يمكنك إدراك حركتك (أو إنشاء واحدة) ما لم تفهم شخصيتك الحقيقية وكيف تلامس قيمك العملاء.

7. اتَّخِذ الخطوات المناسبة:

وفقاً لوسائل التواصل الاجتماعي، هناك 7 خطوات عليك اتباعها:

  • الخطوة 1: تحديد حركتك وأولئك الذين ترغب في استهدافهم والإجراءات التي ترغب في أن يتخذوها.
  • الخطوة 2: تثقيف نفسك، فما هي المخاوف إزاء الأشخاص الذين يبدؤون الحركة؟
  • الخطوة 3: تعزيز شعبية الحركة.
  • الخطوة 4: حثُّ الجميع على العمل.
  • الخطوة 5: إقامة شبكة علاقات.
  • الخطوة 6: لفت الانتباه.
  • الخطوة 7: الظهور الدائم أمام الناس.

الخلاصة:

يساعد ربط رؤيتك وخططك وإجراءاتك بعلم النفس على اكتساب فهم أعمق لمهاراتك وخطة عملك؛ فمن الهام اكتشاف ما يدور في خلدك لتفهم ما يدور حولك؛ إذ كثيراً ما نجهل الأمور التي نرغب في تحقيقها فعلاً وما نحن قادرون على فعله في الواقع!

إنَّ كتابة بيان المَهمَّة الشخصي هي بمثابة النظر إلى أعماق روحك لاكتشاف الطريقة التي يمكنك أن تؤثِّر من خلالها في محيطك؛ لذا نأمل أن تساعدك هذه المقالة في تسخير رغباتك ومكامن قوَّتك الداخلية بصورةٍ مثمرة!

 

المصدر




مقالات مرتبطة