درس من الحياة: لا تنس جذورك والمكان الذي أتيت منه

من المعروف أنَّ الله خلق الإنسان من الطين والتراب؛ لذلك من المفترض أن تكون علاقتنا البشرية بالأرض متأصلة في حمضنا النووي في حين أنَّنا لا نفكر في الأمر بالمعنى الحرفي، إلا أنَّنا على يقين بأنَّ المكان الذي ولدنا فيه له تأثير مذهل في شخصياتنا الحالية.



لقد ولدنا جميعاً في أماكن مختلفةٍ من العالم في عائلات تختلف في الثقافات والمعتقدات؛ فمن الناس من بدأ حياته بملعقة من الفضة في فمه، ومنهم من أتى من مكان محترم، ومنهم من لديه وقت قليل قبل أن يصل إلى نقطة البداية.

توجد قيمة هائلة للمكان الذي ولدت فيه، وإن كنت لا تراها، وقد يرغب بعض السكان الذين ولدوا في بلدة أو قرية صغيرة ليس فيها شيء على الإطلاق على الهروب منها لتحسين أنفسهم، وهذا الأمر يصعب معارضته.

إذا ولدت في مكان كذلك ستمر السنين وتتحرك وتصارع وتبني وتفشل وتستمر وتحاول مرة أخرى، وتكرر هذه الأمور حتى تصل إلى ما تريد، وبعد عقد من الزمن ستحقق الفوز وسيهنئك الناس وستشعر بالفخر، وفي تلك اللحظة ستعتقد أنَّك نجحت وأصبحت شخصاً آخر وشيئاً آخر وسيسير كلُّ شيء كما تريد وسيمدحك الناس ويتبعون كلَّ ما تقوله؛ فالانخراط في هذه الأمور كلِّها سهل جداً.

إقرأ أيضاً: 31 درس في الحياة خلال 31 عام

حدد وجهتك في الحياة، ومن أنت؟

يوجد نوعان من الأشخاص الذين يحققون ما يريدون:

  • أولئك الذين يصدقون أنَّهم أصبحوا أشخاصاً آخرين.
  • أولئك الذين لا ينسون أصلهم.

لذلك نريدك أن تتذكر دائماً من أنت في صميمك، وما المكان الذي أتيت منه؟ فهذه القيم الأولية هي التي دفعتك إلى إحراز تقدمك وبنائك للحياة التي تعيشها الآن؛ فأنت تبدأ في الخسارة في اللحظة التي تطغى فيها حياتك الجديدة على هذه الأشياء وتتوقف عن الانتباه، ويمكن أن ينتهي كلَّ شيء في جزء من الثانية.

ثمة قول مأثور يصف أصلنا يقول: "نحن من نسل المرء الذي بارك الأرض"؛ بمعنى أنَّك بصرف النظر عن الأمور التي ستواجهك بها الحياة، فالأمر متروك لك لمساعدة محيطك على النجاح؛ إذ سيساعد دمك وعرقك ودموعك على تغذية تلك الأرض، وعندما تواجهك الحياة بأمر سيئ استثمره بوصفه سماداً.

ثمة عدة قصص حول العالم عن الناس الذين حوَّلوا الصحارى إلى غابات، أو الرمال الفارغة إلى واحات؛ إذ يمكن للناس أن يباركوا المكان الموجودين فيه إذا اختاروا ذلك، وستنقل هذه البركات إلى الجيل التالي.

يوجد شيئان فقط يجب عليك معرفتهما إذا كنت تريد أن يكون لك تأثير في هذه الحياة:

  1. الحياة الطيبة هي الحياة التي تأخذ فيها أقلَّ ممَّا تعطيه.
  2. يجب أن يكون العطاء كبيراً لكي تفوز.

يخطئ بعض الناس في فهم هذا الأمر، ويعتقدون أنَّهم بسبب نسيانهم للعالم الحديث، فإنَّهم يؤثِّرون تأثيراً إيجابياً، لكن كلَّما فكرت في الأمر أدركت أنَّ هذا الفعل أناني؛ إنَّهم يتخلون عن العالم، وعن فكرة بناء الأسرة، وإنجاب الأطفال من أجل إيجاد العاصفة الداخلية في حياتهم وتهدئتها.

شاهد بالفيديو: 15 درس في الحياة لا تقدمها لك المدرسة

يجب أن يسعى كلُّ فرد إلى هدف ما:

لا تحاول أن تكون سعيداً إذا كنت تريد أن تكون سعيداً في الحياة؛ بل حاول أن تكون مفيداً، وستكافأ بالسعادة في أثناء هذه العملية.

من السهل أن تفقد صوابك عندما تحقق أمراً كبيراً، ومن السهل أيضاً الوقوع في فخ الأشياء الرائعة كلِّها الموجودة من حولك، ولحسن الحظ تبقى أرواحنا موزعة في كلِّ مكان نستفيد منه بأمر ما، ولا يوجد شيء أقوى يساعدنا على إعادة صوابنا من العودة إلى المكان نفسه الذي بدأنا منه.

يمكن للمرء أن يزور المكان الذي أتى منه مرة أخرى بكلِّ سرور إذا كان يتوقع أنَّ كلَّ جانب منه قد تغير، فكلُّ شيء يتغير النوافذ والأبواب وأسطح المنازل، لكنَّ روح المكان تبقى كما هي، تبقى روح والداك وأجدادك والناس الذين وجدوا في الشوارع والأشجار التي عاشت هناك لمدة أطول منك، وعلى الرَّغم من أنَّ الأشياء قد تختلف ظاهرياً بعض الشيء، لكن جوهريَّاً لا يؤثِّر الوقت إطلاقاً.

إنَّ سبب رغبتنا في كتابة هذا المقال ونشره تحديداً هو وجود قيمة حقيقية في إعادة الاتصال بجذورك، فقد وجدنا أنَّ المرء يبارك الأرض التي يقف عليها، لكن الأرض ستبارك أيضاً الشخص الذي لا ينسى من أين بدأ.

لذلك لا تنسَ من أين بدأت، ولا تنسَ من أين أتيت، ولا تنسَ الشخص الذي كنت عليه في أعماقك، والذي سمح لك بأن تصبح الشخص الذي أنت عليه اليوم، ويجب أن تدرِك أنَّ هذه الأمور مؤقتة.

المكان الذي أتيت منه هو قصتك، وقصتك هي قصة أسلافك، وأنت مسؤول عن الحفاظ على قصصهم حية، ولا بدَّ أنَّك مدرك لعدد الأشخاص الذين كافحوا من قبلك، والذين تعاملوا مع مشكلاتهم الخاصة، وبفضل معجزة الإيمان أدَّت الأمور إلى أن تكون هنا اليوم.

تمشي دماء أسلافك في عروقك، وحمضهم النووي محمول معك، وهذا هو سر الحياة المزدهرة الكافية للاستمرار؛ فإذا كنت تكافح من أجل العثور على الحبِّ، فتذكر أنَّ أسلافك كلَّهم قد وجدوا الحب، وثمة احتمال كبير أنَّ أحد أسلافك كان محارباً جيداً، وكان عليه أن يتغلب على عقبات أصعب ممَّا لديك اليوم، وقد يكون أسلافك مصدر إلهام لك أو قد تشعر بالخجل منهم، لكن تذكر: زهرة اللوتس تتفتح من الوحل.

يمكنك معرفة المسافة التي قطعتها بمجرد إلقاء نظرة على المكان الذي بدأت منه، وقد تشعر بالإجهاد، وقد تشعر بالألم، وقد تعاني من الحياة، وقد تكون الحياة جيدة أيضاً؛ ولكن انظر خلفك فأنت الشخص الذي كان قادراً على تحقيق كثير من الأمور.

جميعنا نعلم من أين أتينا في أعماقنا، ونعلم بكلِّ ما كان علينا القيام به للوصول إلى حيث وصلنا، وعلى الرَّغم من ذلك ننتقد أسلافنا على معتقداتهم وممارساتهم، لكن من المحتمل أيضاً أن نُنتقد بعد مئات السنين للسبب نفسه.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح تساعدك على فهم دروس الحياة

في الختام:

من المفيد معرفة من أين أتيت، فهذا الأمر يساعدك على عدم نسيان أصلك، وعلى زيارة المكان الذي نشأت فيه مرة أخرى؛ لأنَّه يسمح لك بتقدير الحياة التي تعيشها الآن، ووضع المكان الذي تتجه إليه في نصابه الصحيح، فإنَّ الأمر الذي سمح لك بالخروج من المكان التي أتيت منه كان عبارة عن مزيج من الجهد والحظ.

المصدر:

  • موقع ميديوم



مقالات مرتبطة