حلول للتخلص من غيرتك الشديدة

عندما كنت في المدرسة الثانوية، كنت مصارعاً جيداً، وفي الفترة التي سبقت بطولة الولاية في سنتي الأخيرة، كنت في المرتبة الأولى، وكان من المفترض أن أفوز حسب استطلاعات الرأي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "تايلر تيرفورن" (Tyler Tervooren) ويُخبرنا فيه عن تجربته في التغلُّب على الغيرة وتحويلها إلى شيء مفيد.

فقد رغبت في الفوز، وعملت بجهدٍ كبير لمدة سبع سنوات للوصول إلى القمة، لكنَّني لم أفز، وفي الحقيقة لم أصل حتى إلى النهائيات؛ فقد خضت مباراة واحدة سيئة في البداية، ثمَّ تكرَّر الأمر إلى إخفاقاتٍ أُخرى، وبحلول نهاية البطولة، انتهى بي الأمر في المركز الثامن.

وقفتُ على منصة التتويج، ونظرت إلى الأشخاص السبعة قبلي، ثلاثة منهم سبقَ لي أن هزمتهم، فكل ما شعرت به هو الغضب، تخيَّلت نفسي في القمة حيث يجب أن أكون، وكان الحسد يغمرني بشدة لدرجة أنَّني لم أستطع حتى النظر إلى جميع الكاميرات التي تلتقط الصور من حولي.

لقد كان يوماً سيئاً، وأتمنَّى لو أقول إنَّني لن أجرِّب ذلك مرة أخرى، لكنَّ الحقيقة هي أنَّني أتعامل مع الغيرة باستمرار، ففي الوقت الحاضر لديَّ نظام أفضل بكثير للتعامل مع الأمر، لكنَّ الشعور ما يزال ينتابني تماماً كما حدث منذ سنوات، فكلما فكرت في الأمر، زاد اعتقادي بأنَّ الغيرة يمكن أن تصنع أو تكسر شخصاً أو عائلة أو علاقة أو حتى حياة، إنَّه شعورٌ شائع لا يُتعامل معه غالباً بأسلوب فعَّال.

أعتقد أيضاً أنَّ تجاهل ذلك يؤدي إلى نتائج مناقضة، فلماذا نحن نبتعد عن شعور حقيقي، حتى لو كان غير مرغوب فيه؟ إذ بدلاً من تجاهل نفسك وما تشعر به، لماذا لا تواجهه وتحاول الاستفادة منه؟

علاج المشكلة:

الغيرة أمرٌ سيِّئ وخطير ويجب التعامل معه معاملة سريعة ومباشرة؛ مثل القمامة سريعة التراكم، فعندما ترى قطعة من القمامة مرمية، هل تلتقطها وتضعها في سلة المهملات، أم أنَّك تمشي متجاهلاً إيَّاها، معتقداً أنَّ حياتك ستكون أسهل إذا تجاهلت ذلك للتو.

فإذا تجاهلتها، هل هذا يعني أنَّها غير موجودة؟ كم عدد قطع القمامة التي ستكون مرمية هناك في المرة القادمة التي تمشي فيها؟ وإذا سقطت شجرة في الغابة ولم يكن هناك أحد حولها، فهل تصدر صوتاً؟ بالطبع تصدر صوتاً، وإذا دفعت القمامة بعيداً، فأنت تؤخِّر ما لا مفرَّ منه حتى يتراكم ويصبح أكبر من أن تستطيع السيطرة عليه وترويضه.

كيف تشعر إذا التقطت قطعة القمامة تلك وألقيتها في سلة المهملات؟ ما هي المشاعر التي تنتابك تجاه نفسك بصفتك شخصاً ومواطناً عندما تفعل شيئاً لتحسين العالم؟ هذا ما اعتقدته.

هذا هو الحال مع الغيرة أيضاً وبقية مشكلات الحياة، وعلاج هذه المشكلة يشبه التقاط قطعة قمامة، فكلما قمت بذلك أسرع، أصبحت حياتك أفضل، وأصبح التعامل معها أسهل عندما تظهر مرة أخرى؛ إذ تبدأ في كسب عادة تحويل صفة سلبية فيك إلى جزء محدَّد في حياتك الجديدة؛ أي إنَّك تبدأ في الواقع في تغيير الخلايا العصبية في دماغك.

فقد تتحفَّز نقاط التشابك العصبي بأسلوب مختلف؛ إذ تبدأ خارطة الطريق عبر المخيخ في التحول، بحيث تتحوَّل الطرائق التي كانت مسدودةً ومحبطة إلى طرائق فائقة للإبداع؛ فهل من السهل تبنِّي هذه الطريقة الجديدة في التفكير؟ لا، لكن هل يستحق كل هذا العناء؟ أودُّ أن أقول ذلك لقد ساعدني كثيراً.

تحويل الغيرة:

إليك فيما يأتي بعض الحلول المناسبة لمشكلة الغيرة، خذ ما يناسبك منها واترك الباقي:

1. تجاوُز الغيرة بالامتنان:

إنَّ الشعور بالامتنان للحياة المذهلة التي تعيشها هو أفضل طريقة للتعامل مع شعور الغيرة؛ إذ يمكن لجرعة سريعة من الواقع أن تُظهر مقدار ما لديك ومقدار ما تحتاج إليه للقلق بشأن ما يمتلكه الآخرون أو ما ينجزونه.

2. تحويل الغيرة إلى فضول:

أعتقد أنَّ كلمة "غير مثير للاهتمام" هي واحدة من أكثر الكلمات معدومة الفائدة؛ فقد كنت أشعر بالملل عندما كان يُقدَّم لي شيء لا يناسبني ولا يتطابق تماماً مع هويتي الحالية، لكن منذ أن تعلمتُ فائدة الفضول، لم أشعر بالملل حتى ولو لثانية واحدة من حياتي.

لقد مرَّت أكثر من ثلاث سنوات منذ أن انتابني شعور الملل، واليوم أنا مفتون إلى ما لا نهاية بأي شيء تقريباً؛ إذ إنَّ القدرة على تحليل غيرتي لفهم ما يحفِّزها وإيجاد طرائق للتتعامل معها بطريقة منتجة قد غيرت حياتي تماماً.

شاهد بالفيديو: 7 فوائد للامتنان تذكرك أن تشكر الله كل يوم

3. تقبُّل الغيرة على أنَّها عاطفة إنسانية مشروعة:

إذا شعرت بالغيرة، فهي شعور حقيقي ولا يجب أن تخجل منه، فلست مضطراً إلى إظهار مقدار غيرتك وروعتها للآخرين، كما أنَّك لا تحتاج إلى الاعتذار أو الشعور بالسوء حيال تجربة جزء طبيعي من الحياة، فكل شخص آخر يتعامل معها أيضاً، ولا تحتاج إلى تقدير أي شخص آخر؛ فأنت جيد بما فيه الكفاية؛ لذا تغلَّب على مخاوفك وافتراضاتك عن عدم الملاءمة، وابدأ في الشعور بالراحة بمجرد أن تتصرَّف على سجيتك.

4. البحث عن مزيد من هذا الشعور من خلال إحاطة نفسك بأشخاص رائعين:

ربما يكون أقوى اكتشاف اكتشفته بنفسي طوال حياتي هو اكتشاف القرب والعلاقات مع الآخرين؛ إذ ينتهي بك الأمر تماماً مثل الأشخاص الذين غالباً ما تُحيط نفسك بهم.

فاليوم أنا أحاول أن أُحيط نفسي بأشخاص أكثر روعة منِّي بعشر مرات على الأقل، فهذا يجعلني أشعر بالغيرة الشديدة باستمرار، لكن ماذا في ذلك؟ أكشف نفسي للأشخاص الذين سيساعدونني على التطور إلى الشخص الذي أسعى أن أكونه، وأكون بذلك قد تجاوزت ذلك الشعور.

5. الاستفادة من الجوانب الإيجابية للغيرة:

إذا كانت الغيرة شعوراً إنسانياً طبيعياً ولا يمكنك تجنُّبه، فربما تكون مفيدة حقاً لشيء ما؛ إذ يمكنك استخدام هذا الفضول الذي تحدَّثنا عنه سابقاً لفهم غيرتك حقاً حتى تتمكَّن من تسخير الأجزاء التي تجبرك على العمل لتكون شخصاً أفضل، وتجنُّب الأجزاء التي تجعلك تغوص في نوبة من الاكتئاب أو تدفعك لانتقاد الناس.

فالغيرة بحدِّ ذاتها حميدة، لكنَّ الطريقة التي تتصرَّف بها على أساسها هو ما يقرِّر مصيرك.

إقرأ أيضاً: كيف يحول الأشخاص الأذكياء عاطفياً الغيرة إلى شيء ذي فائدة

6. تبنِّي فكرة الوفرة:

هذا صعب في عالم من الندرة التي لا نهاية لها على ما يبدو، لكنَّه أيضاً يُغيِّر الحياة؛ لذا تخلَّص من فكرة أنَّه لكي تفوز يجب أن يخسر شخص آخر، وتخلَّص من فكرة أنَّ هناك قدراً محدوداً من النجاح يمكن تحقيقه، أو أنَّ هناك مجموعة محدودة من الأشخاص الذين يمكنهم تحقيقه.

إقرأ أيضاً: عقلية الوفرة: أسرار وطريقة تبنِّي هذه العقلية في حياتنا

في الختام:

حرِّر نفسك من هذه المعتقدات واستبدلها بالحقيقة التي تقول: إنَّ أي شخص يمكنه تحقيق أشياء عظيمة، وإنَّ رؤية الآخرين في قمة أدائهم تضع أساساً أفضل لك للبناء عليه، وإنَّ النجاح الذي لديك يمكن أن يُلهم عدداً لا محدوداً من الأشخاص على النجاح دون أن تخسر شيئاً؛ لذا طوِّر عقلك وحل مشكلة الغيرة.

المصدر




مقالات مرتبطة