حكايات كلاسيكية عليك أن تتمثل بها عندما تروي قصة علامتك التجارية

هل شخصيتك أقرب إلى البطل اليوناني "أوديسيوس" (Odysseus)، الذي استطاع العودة إلى وطنه بعد حرب طروادة؟ أم أنَّك تميل إلى الخروج عن التقاليد والتمرد، مثل بطلة رواية ذهب مع الريح (Gone With The Wind) "سكارليت أوهارا" (Scarlett O’Hara)؟ أم أنَّ رحلتك أقرب إلى قصة "فرودو" (Frodo) الذي يرث خاتماً من ابن عمه، ويسعى إلى تدميره في ملحمة "سيد الخواتم" (Lord Of The Rings)؟ أم أنَّها أشبه بملحمة "لوك سكاي ووكر" (Luke Skywalker) الذي اضطر لترك بيته ليجد نفسه متدرباً جديداً لدى أستاذ في سلسلة "حرب النجوم" (Star Wars)؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة إيرين بيرمان (Erin Berman)، والتي تحدِّثنا فيه عن تجربتها في سرد قصة العلامة التجارية.

إنَّ هذه الأسئلة ليست تافهة كما تبدو، ذلك أنَّ سرد القصص أمرٌ متوارث في الحضارات على مر السنين؛ كما أنَّه يجلب إحساساً بالمغامرة إلى أكثر جوانب الحياة رتابة. يخلدك نسج القصص في الذاكرة، بل ويمكنك من خلالها أن تنقذ شركتك من أن تصبح في طي النسيان، وبالتالي يكون السؤال: كيف يمكن أن تكون نهاية قصة علامتك التجارية سعيدة؟

تُظهر دراسة أجراها معهد السياسات التقدمية (Progressive Policy Institute) أنَّ معدل بدء المشاريع الناشئة ارتفع إلى 2.5 % في خريف عام 2016، مما يشير إلى وجود تحسُّن في المشاريع التجارية، ورغم ذلك فقد تخفف بعض التقارير من هذه الأرقام الإيجابية مثل الدراسة الإحصائية للدماغ (Statistic Brain study) التي أشارت إلى فشل أكثر من نصف الشركات قبل احتفالها بالذكرى السنوية الخامسة، وأقل من 30% قبل الذكرى العاشرة.

تبدو الحقيقة واضحة؛ حيث أصبحت ساحة العمل تعجُّ بالمشاريع الناشئة الحديثة ذات الأسماء الرنانة، ولكن ينبغي أن يبرز شخص ما من بين كل تلك النسخ المتشابهة، وتكمن الخدعة في التمثل بالقصص الكلاسيكية لتطوير قصة علامتك التجارية والتواصل مع جمهورك وتقديم منتج أو خدمة لم يسبقك إليه أحد، وبالتالي تكون النتيجة هي بلوغك النهاية السعيدة التي تحتاجها للنجاح.

هل كانت ليلة مظلمة وعاصفة؟

إنَّك بحاجة إلى فصل الغث عن السمين، أي عليك أن تَحبُك رحلتك في العمل في قصة كلاسيكية لا تُنسى، ذلك أنَّ المشوار المهني لكل رائد أعمال فريد من نوعه؛ ومن خلال تسخير استراتيجيات قصصية، يمكنك إلهام مجال العمل والمستهلكين؛ لذا خذ الأطر الكلاسيكية التي تشكل أساس كل شيء في الحسبان، بدءاً من "خرافات إيسوب" (Aesop’s Fables) وانتهاءً بالرواية الفلسفية التاريخية "الحرب والسلام" التي كتبها الروائي الروسي " ليو تولستوي" (Leo Tolstoy).

للعديد من الروايات المعروفة جذورٌ ترتبط بأسلافنا؛ ما يعني أنَّها مجربة ويمكن الاعتماد عليها، وأكثرها شيوعاً تلك التي تتحدث عن الانتصار على الوحوش، والتي تظهر واضحة في رواية "حرب العوالم" (War of the Worlds)، وكذلك الأفلام التي تتحدث عن الانتقال من الفقر إلى الغنى، وأشهرها فيلم "آمال عظيمة" (Great Expectations)، ولن ننسى بالطبع موضوع "الولادة الجديدة"، والذي يُعد طريقة تقليدية لانتقال الشخصيات من أسوأ ظروف الحياة والصعود إلى القمة، لذا فإنَّ هناك فرصاً قوية أن تنقل رسالة شركتك الناشئة عبر إحدى هذه القصص.

قصص حقيقية عن فوائد تقلبات الحياة:

يندرج مشواري المهني في فئة: "رحلة الذهاب والعودة مجدداً" التي تعجُّ بسلسلة لا متناهية من التقلبات.

لقد آثرت الحصول على درجة الماجستير في الكتابة الإبداعية على مسار العمل في الشركات، وذلك بعد اكتشاف التاريخ الغني لفن سرد القصص، أثناء دراستي للأدب في "جامعة أوكسفورد" (University of Oxford).

لقد أخذني هذا الغوص العميق في العالم الأدبي والهوس بالحكايات التي نرويها للتواصل وبناء المجتمع إلى جميع أنحاء العالم للدراسة مع معلمين، بدءاً بالهند ووصولاً إلى فلسطين، وقد كانت أدوات سرد القصص التي اكتشفتها هي الحلقة المفقودة للعلامات التجارية التي تواجه صعوبة في التعريف بنفسها وبناء مجتمعات شغوفة بالمنتج الذي تصنعه أو الخدمة التي تقدمها؛ ففي نهاية الأمر إنَّ ما دفعنا لاتخاذ الإجراءات، هو تلك القصص التي لا ننفك نرويها.

وبعد رؤية هذه الحاجة في السوق، أردت أن أشاركها مع الشركات في جميع أنحاء العالم حتى تتمكن من إنشاء علامات تجارية مدفوعة بهدف، وقد واجهت تحديات، مثل: التعامل مع المنافسين وصعوبات إطلاق عمل منفرد عندما أطلقت الشركة الخاصة بي؛ ولكن كانت بحوزتي أدوات رواة القصص لتوجيهي، وهذا ما أدى إلى إنشاء محتوى هادف وقوي، لبناء مجتمعات قوية وشغوفة.

وإذا أردت أن تأسر ملحمة شركتك الناشئة وتلهم الشركاء والمستثمرين والعملاء، فالأمر يبدأ عندما تُضاهي قصة علامتك التجارية قصة كلاسيكية، وتتبع الخطوات التالية:

1. تحديد القصة التي تناسبك أكثر من غيرها:

هل تغلبت على الظروف أو المأساة التي تعرضت لها لمساعدة الآخرين والاستفادة من التجربة باعتبارها نقطة انطلاق لتغيير حياتهم؟ أم أنَّك كنت مهرج الصف في الكلية الذي كان يجعل الآخرين يضحكون، مما دفعه إلى إنشاء تطبيق للتواصل الاجتماعي لتصميم صور مضحكة؟ ينبغي عليك التفكير بالسبب الذي أوصلك إلى ما أنت عليه اليوم.

تُعد شركة "ديل" (Dell) مثالاً واضحاً عن كيفية النهوض من العدم إلى الغنى، كجميع القصص التي تروي كيف بدأ الناس مشاريعهم من مرآبهم؛ لذا لا تقلق من أن تبدو مبتذلاً لأنَّ الناس يقدرون القصص التي يمكن أن يحذوا حذوها بسهولة.

لكل شخص قصة فريدة شكَّلتها ظروف حياته، ولكن يمكنك الاستفادة من نقاط القوة في تجربتك الخاصة عندما تدركها، حيث ستكون لك وجهة نظر مختلفة للحياة لم يسبق أن رآها أحد، وبالتالي تستطيع مشاطرة خبرتك لتساعد الآخرين.

شاهد بالفديو: 5 قواعد ذهبية لبناء العلامة التجارية الشخصية

2. العثور على مشاريع أخرى تعكس نفس نوع الحكاية بنجاح:

بالنظر إلى الشركات التي تؤمن وتثق بها أكثر من غيرها، هل تظن أنَّها تستخدم عناصر سرد القصص بالفعل؟ وهل ترى أيَّا من تلك العناصر يتشابك مع قصتك بنقطة ما؟ وما الذي تستطيع أن تتعلمه منها؟

أولاً وقبل أي شيء، ينبغي أن تعرف أين وصلت في مشوارك، وكيف توضح ذلك الأمر إلى الآخرين؛ وعندها ستجد أنَّك لست وحدك، إذ يوجد عدد لا يحصى من الناس قد سلكوا الطريق ذاته؛ وبجمع قصتك مع قصصهم، يمكنك بناء قصة يصل صداها إلى جمهور أوسع.

تتلخص خطوات سرد قصة ناجحة في تعريف شخصية البطل أولاً، ثم تحديد التحديات التي يواجهها سواء أكانت شركة منافسة أم غيرها، وأخيراً إضافة قوة سحرية، والتي تتمثل في إضافة قيمة. تُعد شركة "سن رن" (SunRun) - وهي أكبر شركة للطاقة الشمسية في أمريكا - مثالاً للقصص التي تتحدث عن "هزيمة الوحش"؛ وذلك حينما تفوقت على منافستها: شركة "بيغ إليكتريك" (Big Electric). وقد قامت شركة "تيسلا" (Tesla) بعمل مشابه، وذلك من خلال قصتها المرتبطة بالألواح الشمسية، وذلك بإضافة عنصر تجاري لإنقاذ منطقة ساموا الأمريكية (American Samoa) عبر ابتكاراتها، وهو ما يجعل شركة "تيسلا" (Tesla) مثالاً عن شخصية "البطل"، وتمتد هذه البطولة لتشمل الأفراد والأعمال التجارية.

3. تجسيد مغامرتك في سرد القصص:

لن تتوِّج مشوارك المهني بإطلاق شركتك فحسب، بل ستضيف الزوار والعملاء إلى قصتك، وبذلك تحتاج إلى تحديد ما يأتي:

  • الشخصيات: أي الجمهور المستهدف.
  • التحديات التي تواجه تلك الشخصيات: أي مواضع شكوتهم.
  • دوافعك ودوافعهم: أي أفضل النتائج.
  • الحبكة: أي ربط الأحداث.
  • العقبات: أي تلك التي تعترض تطوير آفاق شركتك.
  • الذروة: أي كيف ستنقذ الأفراد والأعمال التجارية والمجتمعات وما إلى ذلك.
  • الخلاصة: أي ما هي الضروريات لتحقيق تلك النهاية السعيدة.
إقرأ أيضاً: 6 طرق مبتكرة لزيادة الوعي بالعلامة التجارية

وبعد أن تجسد هذه المفاهيم، تبدأ ببناء مفهوم القصة؛ وإذا كنت لا تزال غير متأكد أية قصة هي التي ترتبط بشركتك، فأعد النظر في القصص التي سبق أن أسرَتك، وحددت مهمتك في هذه الحياة؛ ولا داعي للقلق إذا كانت إجابتك تبدو سخيفة أو معقدة للغاية، وبالتالي عليك استخراج عصارة إبداعك، وجعلها تتدفق بوفرة، ثم تدوينها.

قد يكون المشهد الطبيعي لحكايات الشركات هو أنَّها في تطور دائم، لكن سيكون الأبطال موضع ترحيب دائماً، وستكون قصة شركتك جاهزة لترويها.

المصدر




مقالات مرتبطة