حالات تأخر النمو لدى الأطفال (3-5 سنوات): أنواعها، وأسبابها، وعلاجها

ينمو كل طفلٍ ويتعلم بوتيرةٍ خاصةٍ تختلف اختلافاً كبيراً من طفلٍ إلى آخر، بيد أنَّه من المهم أن تعرف الإشارات التي قد تدلّ على أنَّ طفلك لا يتمتع بالمهارات التي يتمتع بها معظم أبناء سنِّه. يُطلق الأطباء على هذه المشاكل اسم حالات تأخر النمو. العديد من حالات تأخر المهارات عند الأطفال ليست خطيرةً وفي إمكان مُعظم الأطفال تخطيها، لا سيّما حينما يتلقون العلاج في وقتٍ مبكر. الأمر الأهم هو أن تُقدّم للطفل المساعدة التي يحتاج إليها بمجرد أن تُحِس أنَّ لديه مشكلةً ما. إذا كنت تتساءل إن كان طفلك الصغير يعاني من تأخرٍ عاطفيٍّ، أو ذهنيٍّ، أو حركي إياك أن تتردد في أخذه فوراً إلى الطبيب.



ما هي حالات تأخّر النمو؟

ثمَّة العديد من حالات تأخر النمو المختلفة التي قد يعاني منها الأطفال، من بينها:

  1. مشاكل اللغة أو النُطْق.
  2. مشاكل المهارات الحركية.
  3. مشاكل المهارات العاطفية والاجتماعية.
  4. مشاكل مهارات التفكير.

أولاً: حالات تأخّر النمو اللغوي ومشاكل النُطْق

تُعَدّ هذه المشاكل من أكثر حالات تأخر النمو انتشاراً، وعلى الرغم من أنَّ المشكلتيْن قد تبدوان متشابهتَيْن إلَّا أنَّهما تُعدَّان مختلفتَيْن. النُطق يعني الأصوات التي تخرج من فم الشخص، والأطفال الذين يعانون من مشاكل في النُطْق قد يُتَأتؤون أو قد تكون لديهم مشكلةٌ في لفظ الكلمات بطريقةٍ صحيحة. في المقابل اللغة تعني معاني الأصوات والإيماءات، والأطفال الذين يعانون من مشاكل لغويةٍ ربما يواجهون مشكلةً في التعبير عمَّا يفكِّرون به وفهم الآخرين.

1- الأسباب المُحتمَلة:

حالات تأخر النمو اللغوي ومشاكل النُطْق قد تحدث لعدة أسباب من بينها:

  • وجود مشاكل في لسان الطفل أو سقف فمه مما يجعل لفظ الأصوات والكلمات أصعب بالنسبة إليه.
  • فقدان السمع، إذ قد يعاني الأطفال الذين تصاب آذانهم بكثيرٍ من الأمراض من مشاكل في السمع.
  • صعوبات التعلم.
  • الإصابة بأحد اضطرابات النمو كالشلل الدماغي أو طيف التوحد.

2- العلاج:

إذا كنت تعتقد بأنَّ طفلك يعاني مشكلةً في النطق أو اللغة أخبر طبيبه بذلك مباشرةً. يحتاج الطبيب إلى اختبار حاسّة السمع لديه، وسيقترح على الأرجح أن يراجع الطفل أخصائيَّاً يستطيع تشخيص حالات التأخر هذه وعلاجها، يُدعى هذا الأخصائي أخصائي أمراض مشاكل النُطْق واللغة. يدرس الأخصائي قدرة الطفل على التعبير عن طريق التحقق من أمورٍ من بينها:

  • قدرة الطفل على فهم ما يسمع.
  • قدرة الطفل على الكلام.
  • الطرق الأخرى التي يستخدمها للتعبير عن أفكاره كالإشارات والإيماءات.

إذا كان طفلك يعاني فعلاً من حالة تأخر قد يكون في حاجةٍ إلى علاج. يستطيع المعالج أن يعلِّمه لفظ الكلمات والأصوات وأن يُقوّي عضلات وجهه وفمه. تستطيع أنت أيضاً العمل على تعزيز نطق الطفل ومهاراته اللغوية من خلال:

  • الحديث معه خلال اليوم وسؤاله عن الأغراض الموجودة في المنزل، أو المتجر، أو السيارة، أو في أيّ مكانٍ تذهبان إليه أو عن الأصوات التي يسمعها في هذه الأماكن ثمَّ سماع إجاباته.
  • القراءة له كل يوم.
  • إعطائه أدويةً لعلاج أمراض الأذن أو أيَّة حالاتٍ أخرى قد تؤثر في قدرته على السمع.

3- مهارات النطق واللغة الطبيعية التي يتمتّع بها الأطفال:

لا يوجد سنٌّ محدَّدٌ يبدأ فيه الطفل الكلام أو استعمال جُمَلٍ كاملة، لكنَّ معظم الأطفال يكتسبون مهاراتٍ معينةً في النطق والكلام في سنٍّ محددة. إذا كان طفلك غير قادرٍ على القيام بالأمور التي سنذكرها بعد قليل أخبر طبيبه بذلك، وانتبه إلى مسألة فقدان الطفل مهاراتٍ بعد اكتسابها.

  • في سن الـ 3 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • استعمال جُمَلٍ قصيرة، وتحديد أجزاء الجسم، وجمع الكلمات.
  • في سن الـ 4 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • رواية قصةٍ بسيطة وتذكُّر أغاني الأطفال القصيرة.
    • استعمال جُمَلٍ تتألف من حوالي 5 كلمات.
    • استعمال ضميرَي "أنا" و"أنت" بشكلٍ صحيح.
  • في سن الـ 5 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • فهم جملةٍ من جزأين فيها حروف جرٍّ مثل "تحت" أو "في".
    • قول أسمائهم كاملةً.
    • طرح أسئلةٍ مثل "لماذا" أو "مَن"؟
    • الحديث عن الأمور التي قاموا بها في الأيام السابقة.
إقرأ أيضاً: تأخر النطق عند الأطفال: الأسباب والعلاج

ثانياً: علاج تأخر النمو الحركي عند الأطفال

يمكن أن يعاني بعض الأطفال مشكلةً في الحركات التي يستخدمون فيها الكثير من العضلات، كاللعب بالكرة، أو في الحركات الأصغر، كالتلوين. في بعض الأحيان لا تكون المشكلة في قوة العضلات بل في تناسق حركتها، وقد تلاحظ نتيجةً لذلك أنَّ طفلك أكثر خمولاً من الأطفال الآخرين الذين في سنِّه.

1- الأسباب المُحتمَلة:

لا يجد الأطباء في معظم الأحيان سبباً أو تشخيصاً محدّدَيْن يبرّران حالات تأخّر نموّ مهارات الحركة والتناسق، لكنَّ بعض الأطفال يعانون مشكلاتٍ طبيةً تجعل حالتهم أشدَّ سوءاً، من ضمن هذه المشكلات:

  • مشاكل البصر.
  • عدم القدرة على التحكم بالعضلات أو ما يُعرَف بـ "الترنّح" (ataxia).
  • خللٌ في قدرة الدماغ على تنسيق حركات الجسم وتنظيمها أو ما يُعرَف بـ "خلل الأداء التنموي" (dyspraxia).
  • أمراض العضلات.
  • الشلل الدماغي.

2- العلاج:

بالنسبة إلى حالات التأخر الحركي قد يقترح طبيب الطفل أن تشجع طفلك الصغير على الحركة والتحلي بالنشاط في المنزل، وقد يحتاج الطفل أيضاً إلى:

  • علاجٍ فيزيائي يساعده في القيام بالحركات التي يستخدم فيها مجموعاتٍ كثيرةً من العضلات.
  • علاجٍ وظيفيٍّ (Occupational therapy) لتعزيز مهارته في القيام بالحركات البسيطة أو علاج مشاكل التناسق الحركي التي يعاني منها.
  • دواءٌ أو علاجاتٌ أخرى لعلاج أمراض العضلات.

3- المهارات الحركية التي يتمتّع بها الأطفال الطبيعيون:

يقوى الأطفال عادةً وتصبح حركاتهم أكثر تناسقاً حينما يكبرون. إذا كان طفلك غير قادرٍ على القيام بالأمور التي سنذكرها أو إذا كان يبدو أنَّه فقد مهاراتٍ حركية بعد اكتسابها أخبر طبيبه بذلك:

  • في سن الـ 3 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • الحفاظ على التوازن وصعود الدرج ونزوله.
    • اللعب بالأغراض الصغيرة.
    • وضع أكثر من غرضين فوق بعضهما.
    • استعمال جانبي أجسامهم.
    • الوقوف على قدمٍ واحدةٍ أكثر من بضع ثواني.
  • في سن الـ 4 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • رمي الكرة في الهواء أو التقاط كرةٍ كبيرة.
    • القفز في المكان أو القفز على قدمٍ واحدة.
    • قيادة دراجةٍ بثلاث عجلات.
    • إمساك قلم التلوين بأصابعهم والخربشة.
    • وضع أربعة أغراضٍ بعضها فوق الآخر دون أن تقع.
  • في سن الـ 5 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • بناء برجٍ مؤلفٍ من ست طبقات.
    • الجري بسرعةٍ أو القفز.
    • استخدام المقص المخصص للأطفال.
    • إمساك أقلام التلوين بكلّ أريحية.
    • خلع ثيابهم بكلّ سهولة.
    • الوقوف على قدمٍ واحدةٍ مدة 10 ثواني.
    • صعود الدرج أو النزول منه مع استعمال كلتا القدمين بشكلٍ متناوبٍ ودون استعمال الدرابزين.
    • تنظيف أسنانهم.
    • غسيل أياديهم وتجفيفها.

ثالثاً: حالات تأخر النمو الاجتماعي والعاطفي

هذه المشاكل يمكن أن تعني أنَّ الطفل يواجه صعوبةً في التواصل مع البالغين أو الأطفال الآخرين. تظهر هذه المشكلات في كثيرٍ من الأحيان قبل ذهاب الطفل إلى المدرسة.

أحد أشهر أسباب حالات تأخر النمو الاجتماعي والعاطفي يُدعى "اضطراب طيف التوحد". يؤثر هذا الاضطراب في قدرة الطفل على التعبير عن نفسه، والتفاعل مع الآخرين، والتصرف، والتعلم.

1- العلاج:

يعتمد علاج تأخر النمو الاجتماعي والعاطفي على سبب التأخر ودرجة تأثيره في حياة الطفل. يجب عليك على الأرجح أن تعمل عن كثبٍ مع طبيب الطفل وأخصائيين آخرين لتحديد أكثر الأمور التي تساعده.

قد تكون الأدوية أو أنواعٌ معينةٌ من العلاج السلوكي مفيدةً إذا كان الطفل يعاني مشاكل سلوكيّةً ناجمةً عن حالة التأخّر. تستطيع الاستعانة أيضاً بأخصائيٍّ لتتعلّم طريقة تعزيز مهارات الطفل الاجتماعية والعاطفيّة في المنزل، إذ كلما سارعْتَ إلى علاج تلك المشكلات ازداد احتمال لحاقه بركب الأطفال الذين في سنِّه.

2- المهارات الاجتماعية والعاطفية التي يتمتع بها الأطفال الطبيعيون:

  • في سن الـ 3 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • إظهار الاهتمام بالأطفال الآخرين.
    • التعامل بأريحيةٍ أكبر مع الابتعاد عن الأبوين أو الأشخاص المسؤولين عن تقديم الرعاية لهم.
    • التواصل بصرياً بشكلٍ جيد.
  • في سن الـ 4 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • عدم التعلق بآبائهم أو البكاء حينما يغادرون.
    • الاهتمام بالأطفال الآخرين.
    • التجاوب مع أشخاصٍ من خارج الأسرة.
  • في سن الـ 5 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • إظهار مجموعةٍ واسعةٍ من المشاعر.
    • الابتعاد عن الوالدين بسهولة.
    • إظهار الرغبة في اللعب مع الأطفال الآخرين.
إقرأ أيضاً: أهم النصائح للتعامل مع الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة

رابعاً: التأخر الإدراكي عند الأطفال

ثمَّة العديد من الأسباب التي قد تجعل الطفل يعاني مشكلاتٍ في القدرة على التفكير، والتعلُّم، والتذكُّر وبالتالي تأخر الإدراك عد الأطفال- وهي المهارات التي يُطلَق عليها مُجتمعَةً اسم مهارات الإدراك. قد يكون من بين هذه الأسباب وجود مورِّثات مَعيبة، أو مشاكل بدنيّة، أو عوامل بيئيّة، أو الولادة المُبكِّرة، أو مشاكل أخرى عانى منها الأطفال قبل الولادة. لكنَّ الأطباء لا يتمكَّنون في معظم الأحيان من تحديد سبب تأخر نمو المهارات الإدراكية.

1- علاج نقص الإدراك عند الأطفال:

أهمّ شيءٍ إن كنت تعتقد بأنَّ ثمَّة مشكلةً ما أن تخبر طبيب الطفل بذلك. إذا أقرَّ الطبيب بوجود مشكلةٍ سينصحك بزيارة أخصائي يستطيع تحديد طبيعة المشكلة. بحسب التشخيص قد يكون الطفل في حاجةٍ إلى:

  • العلاج باللعب أو علاجٍ وظيفي.
  • تلقي تعليمٍ خاص.
  • قد تساعد الأدوية في بعض الأحيان في علاج المشاكل السلوكية التي يمكن أن يكون سببها حالات تأخر نمو المهارات الإدراكية كتقلُّب المزاج أو الإفتقار إلى التركيز.

2- علاج تأخر الإدراك عند الأطفال:

  • في سن الـ 3 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • رسم دائرة.
    • فهم التوجيهات البسيطة.
    • المشاركة في ألعاب "الاختباء" أو "تقمُّص الأدوار".
    • إظهار الرغبة في اللعب بالألعاب.
  • في سن الـ 4 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • المشاركة في الألعاب التفاعلية.
    • المشاركة في ألعاب الخيال.
    • رسم دائرة.
  • في سن الـ 5 سنوات يستطيع الأطفال عادةً:
    • الحفاظ على التركيز دون أن يفقدوه بسهولة.
    • تركيز الانتباه على نشاطٍ واحدٍ أكثر من 5 دقائق.

أنت أكثر من يعرف طفلك فلا تخشَ أبداً من إخبار الطبيب إذا شعرْتَ أنَّ لديه مشكلةً ما، إذ مهما كان نوع تأخر النمو الذي قد يعاني منه يُعَدُّ التشخيص المُبكِّر والعلاج أفضل طريقةٍ لتحسُّن حالته.

المصدر




مقالات مرتبطة