ثقافة الكوتشينغ: ما هي؟ وكيف تتبناها في مؤسستك؟

ربَّما تستخدم الكوتشينغ لدعم الموظفين في شركتك من حينٍ إلى آخر، ولكن لا يعني هذا بالضرورة أنَّك تمتلك ثقافة الكوتشينغ؛ فرغم تبني هذه الثقافة في المؤسسات وبين الموظفين، إلَّا أنَّ لها فوائد عظيمة على المؤسسة والأفراد على حد سواء.



يعتزم الكثير من القادة تبنِّي ثقافة الكوتشينغ في مؤسساتهم، لكنَّهم ليسوا على يقين من تمتعهم شخصياً بهذه الثقافة، أو حتى إدراكهم لماهيتها؛ وهذا يدفعنا إلى التفكير في السؤالين الآتيين: ما هي ثقافة الكوتشينغ؟ وكيف تعرف أنَّك تتمتع بها فعلاً؟

لقد عرَّف الأستاذان ديفيد كلوتيربوك (David Clutterbuck) وديفيد ميغينسون (David Megginson) في كتابهما "الكوتشينغ المثمر" (Making Coaching Work) ثقافة الكوتشينغ على أنَّها الثقافة التي يكون فيها الكوتشينغ هو الأسلوب المتبع للإدارة والعمل سوياً، وهي تنطوي على غرس الالتزام بتطوير المؤسسة، مع الالتزام بتطوير الموظفين؛ ممَّا يعني أنَّ اعتماد الكوتشينغ أمر في غاية الأهمية في كل مجال من مجالات الحياة التنظيمية، بدءاً من غرفة البريد وانتهاء بغرفة اجتماعات الإدارة؛ كما لابدَّ لنا من التخلص من بعض التعقيدات غير الضرورية التي تتخلل حياة العمل، والعودة إلى الأساسيات إذا أردنا تطبيقها بالشكل الأمثل.

يتمحور التبادل التجاري حول تقديم خدمات مقابل أجر معين، وتزداد مكاسبك بتكرار هذا النشاط مراراً؛ لذا ستوظف لهذا الغرض فريقاً متكاملاً في العمل والخدمة والإدارة والدعم؛ وكلَّما أنجزوا ذلك بشكل أفضل، كان العمل أكثر فاعلية.

لذا سيعود اتباع الكوتشينغ لمساعدة الأفراد على تحقيق أداء أفضل بالخير على أداء المؤسسة والأعمال ككل.

الأمر ليس بهذه البساطة بالطبع، ولو كان الأمر كذلك، لشعر الجميع وكأنَّهم منخرطون في ثقافة الكوتشينغ؛ لكن يجب عليهم عدم إغفال الحواجز التي لابد من تجاوزها لتبنِّي هذه الثقافة، ولابد من إخضاع المديرين لخطة تدريبية كي يكونوا كوتشز، دون إعطائهم الصلاحيات للتدريب من تلقاء أنفسهم لمجرد كونهم مديرين.

وعلى نحو مماثل، يحتاج المتدربون بعض الكوتشينغ، أو على الأقل إلى معلومات وافية حول ماهيته ونتائجه وكيفية تنفيذه؛ كما يجب أن يصبح أعضاء فريق الإدارة الذين من المفترض بهم قيادة وتشجيع ثقافة الكوتشينغ دعاة ونماذج يُحتذَى بها قولاً وفعلاً؛ ففي كل مرة يتخلف فيها المدير عن حضور ورشة الكوتشينغ، يوحي ذلك بعدم التزامه أو حتى عدم اكتراثه به.

ما هي ثقافة الكوتشينغ؟

قدَّم فيليب روزينسكي (Philippe Rosinski) في بحثه الشامل لموضوع الكوتشينغ عبر الثقافات (Coaching Across Cultures) التعريف التالي: "ثقافة المجموعة: مجموعة الخصائص الفريدة التي تميز أعضاءها عن أي مجموعة أخرى".

يركز بحث روزينسكي بشكل أساسي على كيفية التعرف على الاختلافات الثقافية واستخدامها في علاقات الكوتشينغ، وهو بتعريفه هذا يرضي فضولنا لفهم طبيعة ثقافة الكوتشينغ، حيث تحتوي الخصائص التي تتكون منها الثقافة على عناصر واضحة وأخرى خفية؛ حيث تتضمن العناصر الواضحة اللغة والرموز، بينما تتضمن العناصر الخفية المعتقدات والقيم.

وبالتأكيد، يتطلب تبني ثقافة الكوتشينغ تضمين هذه العناصر جميعها، ولا يكفي أن تتبع نهجاً منظماً في الكوتشينغ، أو عملية مراجعة حازمة للأداء إن لم يكن هناك تسامح إزاء الأخطاء المرتكبة؛ بالإضافة إلى ذلك، يعدُّ الاحتفال بالنجاح عاملاً حاسماً لترسيخ هذه الثقافة.

يذكر التعريف أيضاً تأثير المجموعات والأبعاد الكثيرة للمجموعات الثقافية، حيث تعدُّ الجنسية والدين والجنس والعرق عوامل لتحديد المجموعات الثقافية؛ ولكن يمكن شمل مجموعات أخرى أيضاً، مثل: المجموعات الصناعية والمهنية والتعليمية والنقابية، ويجب أن ندرك أنَّه بمقدور الأشخاص الانتماء إلى أكثر من مجموعة واحدة في الوقت نفسه.

تتعلق الآثار المترتبة على إنشاء ثقافة الكوتشينغ بدايةً بالمجموعة المعنية؛ أي هل تشمل المنظمة جميعها، أم مجرد أقسام معينة؟ وهل تشمل جميع الموظفين، أم بعضهم فقط؟

ربَّما تتمنى لو كنت تنتمي أنت وزملاؤك جميعاً إلى المجموعة الثقافية نفسها، ولكن لنسأل أنفسنا السؤال التالي: ما الثقافة التي تؤثر في سلوكنا في العمل بصورة أكبر من غيرها؟

ربَّما يكون ذلك في الأساس بمثابة مراجعة لمفهوم عامة الناس حول القريب والغريب؛ لكن في بيئة العمل، لن يستطيع أحد التفاعل إن لم يشعر أنَّه جزء من الثقافة.

إقرأ أيضاً: التوجهات السائدة في بناء ثقافة الكوتشينغ

المؤشرات الثقافية:

طرح كلٌّ من جيري جونسون (Gerry Johnson) وكيفين سكولز (Kevan Scholes) نموذجاً أطلقو عليه اسم "الشبكة الثقافية"، والذي يتضمن مجموعة من العناصر التي تميِّز وتحلل بنية المنظمة؛ لذا دعونا نرى كيف يمكن مراقبة كل عنصر من هذه العناصر في ثقافة الكوتشينغ:

العنصر

أمثلة على مؤشرات ثقافة الكوتشينغ

القصص

الاحتفال بالنجاح، وحكايات التدريب الناجح.

الروتين والطقوس

 الكوتشينغ المنتظم والمُجدَول، والانخراط في مراجعات الأداء.

الهيكل التنظيمي

 التسلسل الإداري، وعدد مديرين أقل، والعمل التعاوني.

الضوابط    

الأهداف والمعايير المشتركة والمتفَق عليها، والتمكين، وتفويض صنع القرار.

هيكليات السلطة

القوة الشخصية وليس المعتمدة على المنصب، وأيضاً لا يجب تركيز الكوتشينغ على الأقدمية.

الرموز

عدد قليل من الرموز، ولغة شاملة.

الثقافة الشاملة (نموذج)

كبار القادة الفاعلين الذين يفعلون ما يقولون.

إنشاء هيكلية مبنية على ثقافة الشركة:

تفرض ثقافة الشركة نفسها كجدول أعمال أو هيكلية ضمن اجتماعات الفريق أو مجموعات التركيز أو المقابلات أو جلسات التدريب التي تُناقش فيها الثقافة التنظيمية، حيث يجب عليك فهم خطة عمل مؤسستك أو خدماتها وخططها للسنوات القادمة؛ وذلك لكي تستطيع تحديد طبيعة ثقافة الكوتشينغ المطلوبة لدعم الفريق.

إليك بعض النصائح المفيدة في تبنِّي ثقافة الكوتشينغ:

1. احصل على التدريب:

تتطلب ثقافة الكوتشينغ توظيف أو تدريب بعض الكوتشز الجاهزين والمتمكنين، حتى لو اضطررت إلى تدريبهم بنفسك؛ وذلك نتيجة إلى الصعوبات التي تنطوي عليها إنشاء ثقافة كوتشينغ بالاعتماد على المساعدة الخارجية.

إقرأ أيضاً: التدريب (مفهوم - حاجة - أهمية)

2. احرص على تقدير ثمار الكوتشينغ الفعال:

يجب تقدير الأفراد الذين ينخرطون في عملية الكوتشينغ، وإدراج أهداف الكوتشينغ في خطط إدارة الأداء؛ فقد تكون هذه الخطط حول مقدار الكوتشينغ الذي يُجرَى، ولكن يمكنك مع اكتساب الخبرة البدء في تطوير مزيد من التدابير النوعية التي تقيِّم نتائج تدخلات الكوتشينغ وتكافئها.

3. احتفِ بالنجاح:

إنَّه لمن الهام أن تحتفي بالنجاح لترسيخ ثقافة الكوتشينغ، وتشمل دلائل النجاح: ممارسة الكوتشينغ بصورة طبيعية خارج الجلسات الرسمية وخارج التسلسل الإداري، وتحسُّن التواصل على جميع الأصعدة، وممارسة مزيد من التعلم في أثناء العمل بعيداً عن دورات الكوتشينغ الرسمية.

4.أشرِك فريق الإدارة:

تتركز أهم أهداف الكوتشينغ على تعزيز تبنِّي كبار القادة لمفهوم الكوتشينغ والمشاركة الكاملة فيه؛ فالعزم على خلق هذه الثقافة هو الطريق لتطبيقها، وذلك بأن يكون كبار القادة مثالاً يحتذي به جميع من في المؤسسة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة