تنظيم الأشخاص الفوضويين، كيف تحفز فريقك على التغيير؟

تخيَّل هذا السيناريو: بعد أسبوعٍ من العمل الشاق، تُرسِل تقريراً هامَّاً إلى زميلك في العمل، والذي تتمثَّل مهمَّته بتعديل صياغة التقرير واتخاذ بعض القرارات الرئيسة فيما يتعلَّق بالمحتوى. لا يزال الموعد النهائي بعد ثلاثةِ أسابيع، لكنَّك تأمل أن ينهيه باكراً؛ لأنَّكَ تملك مزيداً من العمل على التقرير بمجرَّد أن يُقدِّم مدخلاته؛ لكن ومع ذلك فإنَّ زميلك هذا يتأخر في إجراء التغييرات، وبعد تذكيره بصورة متكررة، يعيد التقرير إليك في اليوم السابق للموعد النهائي؛ وهذا يعني أنَّه عليكَ الإسراع لإكمال التغييرات النهائية في الوقت المناسب. يُسبِّب تأخيره بعض التوتر الشديد لك، وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها بذلك.



يمكن أن يكون العمل مع الأشخاص غير المنظَّمين تجربةً مُرهقةً، ولا سيما عندما يؤثِّر ذلك في إنتاجيتك؛ لكن، ما الذي تستطيع القيام به حيال ذلك؟ هل من مسؤوليتك مساعدتهم على التنظيم؟ إن كانت الإجابة نعم، فكيف تفعلُ ذلك بلباقة؟

سنلقي نظرةً في هذه المقالة على كيفية مساعدة الآخرين على التنظيم، سواءً كانوا زملاءك أم أعضاء فريقك، أم حتَّى مديرك؛ وسوف نستكشف استراتيجياتٍ عديدةً لمساعدتهم.

إيجاد سبب عدم التنظيم (سبب الفوضى):

قبل أن تبدأ في البحث عن حلول، عليك تخصيص بعض الوقت لاكتشاف سبب عدم التنظيم. اطرح الأسئلة التالية:

  • هل يفهمون سبب أهمية التنظيم؟
  • هل يشعرون أنَّ التنظيم ليس بالأمر الهام؟ إن كان الأمر كذلك، فقد يكونون من الأشخاص غير المنظمين بشكلٍ معتاد، وربَّما لا ينظرون إلى عدم تنظيمهم على أنَّه مشكلةٌ بالنسبة إليهم؛ لذا فهم يعتقدون أنَّه لا يمثِّل مشكلةً بالنسبة إلى الآخرين؛ ولهذا، أنت بحاجةٍ إلى إظهار كيفية تأثير عدم تنظيمهم في الآخرين.
  • هل يختبرون فوضى معينةً ناتجةً عن ظرفٍ مؤقت؟ يحدث هذا عندما يعاني الشخص من حالةٍ ما، أو حدثٍ مؤلم، أو موقفٍ لمرةٍ واحدة، مثل: وظيفةٍ جديدة، أو ترقيةٍ جديدة، أو طلاق، أو وفاة أحد أفراد الأسرة، أو مشروعٍ ما يستهلك أغلب الوقت، ويُحدِث فوضى طارئة.
  • هل "يزدهرون" بسبب عدم تنظيمهم؟ حيث يخلق بعض الأشخاص الفوضى، أو "حالات الطوارئ المصطنعة" لإبقاء أنفسهم مهتمِّين بما يقومون به، إنهم يشعرون أنَّ عملهم يكون أفضل عندما يتعاملون مع المواعيد النهائية الضيقة، وقد يحصلون على "دفعة أدرينالين" نتيجةَ ذلك.
  • هل يملكون حالةً طبيةً مُعينةً تسبِّب خللاً ما يتراوح بين المعتدل إلى الحاد؟ قد يكون السبب: الاكتئاب، أو الاضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب نقص الانتباه ADD، أو حتَّى مرضاً مزمناً آخر؛ فإن كنت تشكُّ أنَّ شخصاً ما يعاني من حالةٍ طبيةٍ معينةٍ لا يمكن علاجها، فتحدَّث معه بشأن الحصول على المساعدة الطبية.

بمجرد تحديد سبب عدم تنظيمِ الشخص الآخر، يمكنك تجربة بعض الاستراتيجيات الآتية:

نقص المعرفة:

إن كان الآخرون لا يعلمون شيئاً عن التنظيم، أو لمَ عليهم الاهتمام بكونهم أكثر تنظيماً؛ فقد يكون الحلُّ سهلاً إلى حدٍّ ما:

  • عبِّر عن مخاوفك: ابدأ إخبارَ فريقك بأنَّك قلقٌ بشأن عدم تنظيمهم، وأنَّك ترغب برؤيتهم ناجحين، لكنَّك تعتقد أنَّ قلَّة التنظيم لديهم سوف تُعيق ذلك.
  • ركِّز على مزايا التنظيم: قد لا يرغب زملاؤك باستثمار الوقت أو الجهد للتغيير؛ لذا عليك التأكيد على فوائد التنظيم، وإخبارهم بإمكانية التخفيف من ضغط العمل، وكسبِ وقتٍ أطول وإنتاجيةٍ أعلى؛ إن كانوا يقضون بعض الوقت الآن في التنظيم، كما أنَّ تنظيمهم يمكن أن يفتح مزيداً من الأبواب لفرصٍ عظيمةٍ في المستقبل.
إقرأ أيضاً: أهمية إدارة وتنظيم الوقت

نقص الدافع:

إن كنت تعتقد أنَّ ذلك الفرد ببساطةٍ لا يملك الدافع للتنظيم، فأنت بحاجةٍ إلى جعله يدرك تأثير أسلوبِ عمله الفوضوي فيكَ وفي الآخرين.

  • وضّح أنَّ عدم تنظيمه يسبِّب لك التوتر: اذكر بعض الأمثلةِ المُحددة من المواقف السابقة التي أثَّر بها عدم تنظيمه فيك بشكلٍ سلبي، فقد يحفِّزه معرفة كيفية تأثير أفعاله سلباً على التغيير.
  • اشرح فوائد التنظيم من حيث علاقة ذلك به: على سبيل المثال: إن كان زميلك دوماً يقدِّم مشاريعه في وقتٍ متأخر، فقد تتمكَّن من شرح تأثير ذلك في مهنيَّته وسمعته الوظيفية، وإن كان يرغب بترقيةٍ أو زيادةٍ في المسؤوليات الموكلةِ إليه، فعليه أن يكون منظَّماً.
  • تعرَّف على سبب انخفاض حافزه: على سبيل المثال: قد تطلب تقرير الإحصائيات من زميلتك في اليوم الخامس عشر من كلِّ شهر، لكنَّها لا تُرسِل هذا التقرير في موعده المحدد، وبمجرَّد أن تسألها عن ذلك، تُخبِرك بأنَّها تكره القيام بهذا التقرير؛ لأنَّها لا تملك الثقة بهذه الإحصائيات؛ لذا فهي تتأخَّر في العمل عليها بشكلٍ متكرِّر. قد يكون كلُّ ما يلزم هو الحصول على تدريبٍ إضافيٍّ لمنحها المعرفة التي تحتاج إليها، لتشعر بالراحة عند القيام بهذه المهمَّة في الموعد المحدد.
  • اتخذ إجراءاتٍ تأديبية: إن لزمَ الأمر، وكنت تدير أشخاصاً يؤثِّر عدم تنظيمهم في أدائهم، ولا يؤدِّي التدريب إلى التحسين اللازم؛ فقد تحتاج إلى اتخاذ بعض الإجراءات التأديبية لحثِّهم على تغيير هذه العادة.

كيف تُساعد مديرك على التنظيم:

عندما يكون مديرك شخصاً غير مُنظَّم، فقد يكون الوضع صعباً للغاية.

من المغري القيام بمهام رئيسةٍ من أجله لإنقاذ نفسك من الضغط الناجم عن عدم تنظيمه، وإن كنت مساعداً شخصياً، أو جرى تعيينك خصيصاً لمهاراتك التنظيمية؛ فقد يكون هذا جيداً.

ومع ذلك، إن لم يكن هذا عملك، فإنَّ القيام بالعمل من أجل مديرك يضيف مزيداً من العبء على عملك الحالي، وعلى مستوى الضغط لديك؛ كما قد يُحفِّزه ذلك على الاستمرار بعاداته غير المُنظَّمة.

إذاً ما الذي يجب علينا القيام به؟

ابدأ لفتَ انتباه مدرائك للمشكلة، فربَّما لا يدركون حقاً كيفية تأثير عادتهم السلبية فيك وفي باقي أعضاء الفريق.

يمكنك أيضاً مساعدة مديرك في التنظيم، وذلك من خلال تطبيق بعض هذه الاستراتيجيات التي تجعل الاتصال والعمل أسهل:

  • استخدم الملفات مع الترميز بالألوان: إنَّ ذلك يساعد في تنظيم العمل الذي يُتداوَل بين الأشخاص، على سبيل المثال: يمكنك وضع العناصر العاجلة في المجلدات الحمراء، والعناصر التي تحتاج إلى تواقيع في مجلداتٍ خضراء، والعناصر التي تحتاج إلى مراجعةٍ في مجلدات زرقاء، وما إلى ذلك؛ لأنَّ وضع كلِّ شيءٍ في المجلد نفسه يسبِّب خلط الأشياء الهامَّة والأشياء غير الهامَّة معاً. لكنَّ النظام المُرمَّز يساعد مديرك في تذكُّرِ الإجراء الذي يجب عليه اتخاذه بشأن كلِّ عنصر.
  • استخدم أسطر وصف الموضوع في رسائل البريد الإلكتروني: عندما تقوم بإرسال رسائل البريد الإلكتروني لمديرك، تأكَّد من أنَّ سطر الموضوع ينقل المعلومات الأساسية التي يمكن التعرُّف عليها بسهولةٍ لاحقاً. تذكَّر أنَّ سطر الموضوع يشبه العنوان تماماً، ويجب أن ينقُلَ معلوماتٍ هامَّة، وأن يجذب الانتباه إلى المحتوى.
  • حدِّد الخيارات: يواجه العديد من الأشخاص غير المنظمين صعوبةً في اتخاذ القرارات، وإن كان هذا هو الحال مع مديرك، حُدَّ من الخيارات المتاحة، بحيث يكون القرار أسهل؛ فعند السفر مثلاً لحضور مؤتمرٍ ما، لا تُدرِج 6 فنادق مُحتملة، وبدلاً من ذلك اذكر ثلاثة فنادق تعتقد أنَّها الأفضل.

يساعد تحديد الخيارات على الشعور بانخفاض العبء على الأفراد، والقدرة على التأقلم بشكلٍ أفضل عند اتخاذ القرارات.

إقرأ أيضاً: فن ترتيب الملفات... ترتيبٌ لوثائقك وإدارةٌ لوقتك

مزيدٌ من النصائح للتنظيم:

في بعض الأحيان، قد تُحدِث بعض التغييرات الصغيرة في العمل الخاص بك فارقاً كبيراً في عمل زميلٍ أو مديرٍ غير منظَّم. يمكنك تجربة هذه النصائح:

  • تبويب المعلومات معاً: إذا أرسلت سلسلةً من رسائل البريد الإلكتروني المنفصلة حول الموضوع نفسه، وعلى مدار عدة أيام؛ فيمكن لهذه الرسائل أن تضيعَ أو تنفصل عن بعضها بعضاً بسهولة، ولكن إن دمجت المعلومات الأساسية في وثيقةٍ واحدة، إمَّا الكترونيةٍ أو ورقية، فسيكون من الأسهل الاحتفاظ بهذه المعلومات معاً.
  • الجدولة حسب الآخرين: ضع في اعتبارك مستويات عدم التنظيم لدى الآخرين عند جدولة الأشياء، فهذا يعني أنَّك إن كنت بحاجةٍ إلى شيءٍ ما من الآخرين، فعليك أن تطلبه منه مباشرةً؛ كما يجب أن تمنح نفسك مزيداً من الوقت الإضافيّ إن كنت تعتمد على ذلك الشخص غير المُنظَّم بأمرٍ ما، كما يمكنك أن تحدد مواعيد نهائيةً مبكرةً لتسليم العمل، وذلك لترك مزيدٍ من الوقت لحالاتِ عدم التنظيم.
  • الاستعانة بخبيرٍ في التنظيم: يمكن للمتحدِّث الجيد أن يجعل أعضاء فريقك يدركون سبب حاجتهم إلى التنظيم، ومنحهم استراتيجيات اتخاذ الإجراءات اللازمة.
  • تحديد الأهداف التنظيمية: إن كنت تدير أشخاصاً غير منظمين، فقد يكون من المفيد تعيين الأهداف التنظيمية كأهدافٍ للأداء، وإخبارهم أنَّك ستقيس جهودهم في تقييم الأداء التالي.
  • الثناء على الجهود: في أيِّ وقتٍ ترى فيه أنَّ زملاءك يحرزون تقدُّماً، تأكَّد من الثناء على جهودهم مهما كانت صغيرة، وأخبرهم كيف يمكن أن تساعد جهودهم التنظيمية، فقد يحفِّزهم ذلك على الاستمرار.



مقالات مرتبطة