تناول الطعام بيقظة ذهنية من طرائق زيادة الوعي

انضممت مؤخراً إلى فصل دراسي بعنوان "مقدمة للتعريف بالتأمل"، وكان وقت الاجتماع كل يوم جمعة مساءً، وقد كلَّفتنا المعلمة بواجبات منزلية للأسبوع القادم، وكان الواجب المنزلي عبارة عن ممارسة التأمل؛ إذ طلبت منا المعلمة أن نمارس التأمل 6 دقائق في اليوم كبداية، إضافة إلى بعض القراءة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (Erin Falconer)، وتتحدَّث فيه عن تجربتها في تناول الطعام بيقظة ذهنية وانعكاسه الإيجابي على وعيها العام.

كنت مسرورةً جداً لأنَّ المعلمة لم تطلب منا ممارسة التأمل لوقت طويل، وهذا على خلاف ما توقعته عندما انضممت إلى الفصل، أعجبني جداً نهج الممارسة التدريجية الذي تطبقه المعلمة، فأنا أظن أنَّه أفضل طريقة لتبنِّي عادات جديدة.

خلال الجلسة الثالثة، وبعد مناقشة ما نستطيع القيام به لنكون أكثر وعياً، كُلِّفنا بواجب منزلي وهو تناول الطعام بيقظة ذهنية، وطُلب منا تحديداً تناول 3 لقمات على الأقل في كل وجبة بيقظة ذهنية.

مع أنَّني أهتم باختيار نوع الطعام الذي أتناوله، فإنَّني تحمست لتطبيق طريقة جديدة لتناول الطعام بوعي، وهذه المرة أيضاً، طلبت منا المعلمة "سوزان" (Suzan) أن نبدأ بإجراءات بسيطة.

إجراءات بسيطة لتناول الطعام بوعي:

1. مضغ الطعام ببطء للاستمتاع به:

اعتدت تناول طعامي سريعاً عندما كنت طفلة، وكثيراً ما نصحني والدي أنا وأخوتي أن نمضغ طعامنا لمدة 30 ثانية قبل البلع؛ لكنَّنا تجاهلنا نصيحته، ولم أتعلم أن أمضغ الطعام ببطء إلا عندما أصبحت راشدة، ولم يكن قراراً مفاجئاً بالتغيير أو نتيجة وعي؛ بل مجرد شيء تعلمت القيام به بمرور الوقت، وبمساعدة أساليب مختلفة مثل وضع الملعقة أو الشوكة على المنضدة بعد كل قضمة، ومع ذلك ما زلت أعاني في كثير من الأحيان مثل أشخاص كثيرين مشكلة أنَّني أنتهي من الوجبة دون أن أستمتع بمذاقها، وأدركت أنَّ تناول الطعام بمزيد من الوعي سيكون مفيداً لصحتي الجسدية؛ فهو مفيد لعملية الهضم ويساعدك على تجنُّب الإفراط في تناول الطعام.

في صباح اليوم التالي لتلقِّي مهمة تناول الطعام بيقظة ذهنية، ملأت الوعاء بحبوب الإفطار وجلست لتناول الطعام بمزيد من الانتباه، وأدركت عندها أنَّه يجب عليَّ التخلي عن عادة لطالما قاومت التخلص منها، وهي قراءة الجريدة في أثناء تناول الفطور.

شاهد بالفديو: 7 عادات خاطئة يجب أن تتجنّبها بعد تناول الطعام

2. عدم فاعلية تعدد المهام:

تناول الطعام نشاط تلقائي جداً لدى البشر؛ لذلك يُعدُّ من الأشياء القليلة التي نستطيع القيام بها في الوقت نفسه الذي نقوم به بشيء آخر، وفي هذه الحالة قرأت الجريدة بانتباه وفقط من أجل المتعة والبقاء على اطلاع على الأحداث التي تدور في العالم، في الوقت نفسه الذي أتناول فيه الطعام الصحي جيداً، لكن ذكَّرتني مهمة تناول الطعام بمزيد من الانتباه بأنَّه يجب ألا نجمع بين مهام عدة في الوقت نفسه حتى لو كانت إحدى هذه المهام هي تناول الطعام؛ لأنَّنا نتشتت في هذه الحالة بين النشاطين وبالنتيجة لا نقوم بأي منهما كما يجب؛ أي إنَّني لم أتناول الطعام جيداً لأنَّني لم آكل بانتباه.

لطالما ظننت أنَّ سبب قراءتي للجريدة في أثناء تناول وجبة الفطور هو حماسي للعمل في الصباح، وأدركت أنَّ ذلك لم يكن السبب الصحيح؛ لأنَّني تناولت الطعام وقرأت الجريدة في عطلة نهاية الأسبوع أيضاً، وأدركت الآن أنَّ السبب هو أنَّني اعتدت ذلك، إنَِّها عادة بدأت بها منذ أكثر من 40 عاماً وعززتها بالممارسة اليومية تقريباً.

حسبت أيضاً الوقت الذي يلزمني لأتناول وعاءً من الحبوب ببطء، ووجدت أنَّه يستغرق نحو 5 دقائق، ومع أنَّك قد تشعر بالحاجة إلى كل دقيقة عندما يجب الخروج من المنزل في الصباح، فإنَّني أدركت أنَّني أستطيع تناول الطعام بيقظة ذهنية لمدة 5 دقائق، ويبقى لديَّ بعض الوقت لقراءة الجريدة.

إقرأ أيضاً: هل يُساعدنا تعدّد المهام في إنجاز المزيد من الأعمال؟

3. حساب وقت ممارسة النشاطات:

كان حساب الوقت بالنسبة إلي طريقة أتَّبعها لضمان صحة افتراضاتي على سبيل المثال حسبت وقت إشارة المرور الموجودة بالقرب من منزلي، ووجدت أنَّها تعطي إشارة حمراء لمدة دقيقة واحدة فقط؛ وبذلك لم أعد أغضب إذا وجدتها حمراء طالما أنَّني تخلصت من ظني بأنَّها تبقى حمراء دائماً.

دُهشت من قدرتي على التخلص بسهولة من عادة قراءة الجريدة في أثناء تناول الفطور، وسرعان ما اعتدت تأجيل قراءة الجريدة حتى انتهائي من تناوله، وساعدني التخلص من هذه العادة على تذكُّر الواجب المنزلي الذي طلبته معلمة التأمل، وهو تناول الطعام بيقظة ذهنية، على الأقل أن أتناول 3 لقمات بيقظة في كل وجبة.

اعتدت في طفولتي، مثل أطفال كثيرين على قراءة الكلام المكتوب على علبة حبوب الإفطار في أثناء تناول الطعام صباحاً، وقرأت ما هو مكتوب على ظهر العلبة والوجه الأمامي والجوانب لدرجة أنَّني حفظت المكونات دون قصد، وكي أضمن ألا أكرر العادة نفسها بعد أن توقفت عن قراءة الجريدة في أثناء تناول الفطور، فقد حرصت على ألا أضع علبة حبوب الإفطار على مائدة الطعام؛ لكنَّني دُهشت عندما وجدت نفسي، بعد يومين فقط من التوقف عن قراءة الجريدة في أثناء تناول الإفطار، أقرأ المعلومات المكتوبة على علبة الحليب.

من الصعب تغيير العادات خاصة العادات الراسخة؛ لذلك نادراً ما نستطيع إجراء تغيير في نمط سلوكنا فوراً؛ إذ يستغرق الأمر نحو 21 يوماً لامتلاك عادة ما؛ لذلك لا توبخ نفسك عندما تجد أنَّك تعود أحياناً إلى عادة تحاول التخلص منها.

بعد نحو أسبوع ونصف من عادتي الجديدة، أخذت ابنتي لإجراء علاج أسنان يستغرق وقتاً طويلاً، بينما انتظرت خروجها من عند الطبيب، خرجت من غرفة الانتظار لأحضر شيئاً آكله، أحضرت الوجبة إلى غرفة الانتظار في عيادة الطبيب حتى أكون بانتظار ابنتي عند خروجها، وأدركت فجأةً أنَّني قرأت في أثناء تناول الطعام أسماء الأطباء على اللافتات المعلَّقة فوق الأبواب الأخرى الموجودة في الردهة، وقرأت أسماء الكتب الموجودة على الرفوف في أحد غرف العيادة، والتي بذلت جهداً حتى أستطيع قراءتها عن هذه المسافة، الأمر الجيد أنَّني انتبهت لما فعلته وعدت لتناول غدائي بيقظة ذهنية.

إقرأ أيضاً: دليل اكتساب المرونة في تغيير العادات

في الختام:

الوعي هو جزء من اليقظة الذهنية؛ لذا فإنَّ كل عادة جديدة نقرر اتباعها هي خطوة نحو تجربة أكثر وعياً بالحياة، وازداد وعيي مع مرور الوقت بالعادة الجديدة، ولاحظت فائدة غير متوقعة منها، فعندما قال لي أحد أفراد أسرتي شيئاً عابراً في أثناء تناول الفطور، توقفت عن الأكل وأصغيت له باهتمام مطلق، وهو ما واجهت صعوبة أحياناً في القيام به عندما اعتدت على قراءة الجريدة في أثناء تناول الفطور، وأنا متفائلة جداً؛ لأنَّ عادتي الجديدة ستكون نقطة انطلاق نحو عيش الحياة بمزيد من الوعي، هل لديك أية عادات حاولت تغييرها لتمتلك مزيداً من الوعي؟ أياً تكن هذه العادات ومهما بدت بسيطة، فلا تقلِّل من شأنها لأنَّ مفهوم الوعي لا يتجزأ.




مقالات مرتبطة