تعرف إلى تقنية التدفق الزمني: البديل المناسب لتقنية بومودورو

في يومنا هذا، هناك عدد لا حدَّ له من تقنيات تحسين الإنتاجية، والتي تدَّعي أنَّها تساعدك على العمل بأقصى قدر من الكفاءة، ومن بين هذه التقنيات، هناك عدد قليل معروف على نطاق واسع، ويُستخدَم على نحو أكبر من تقنية بومودورو؛ إذ إنَّ تقنية بومودورو المعروفة أيضاً باسم تقنية الطماطم، تُعَدُّ نظاماً لإدارة الوقت يقترح عليك تقسيم وقت مهام عملك إلى فترات زمنية مدة الواحدة منها 25 دقيقة، ويفصل فيما بينها فترات راحة.



يتعلق مبدأ تقنية الطماطم بفكرة أنَّ معظم الناس يبدؤون بفقدان تركيزهم بعد مضي 25 دقيقة من العمل بشكل متواصل، وسوف يحتاجون إلى إعادة ضبط تركيزهم ليحافظوا على إنتاجيتهم، غير أنَّ هناك مشكلة في هذه الفكرة، ألا وهي أنَّه لا توجد مهمتان متماثلتان، وفي هذا الصدد، لا يوجد شخصان يفكران بالطريقة نفسها؛ وهذا يعني أنَّ وضع نظام إنتاجية موحد لا يمكن أن يكون هو الأفضل للجميع.

في المقابل، هناك تقنية بديلة توفر مزيداً من المرونة، وتسمح لك بتكريسها بما يتناسب مع حالات العمل التي تحددها أنت، ويُطلَق عليها اسم "تقنية التدفق الزمني" (The Flowtime Technique)؛ لذا، سنقدم لك في هذا المقال كل ما تحتاج إلى معرفته لاستخدام هذه التقنية والبدء بإنجاز المزيد من العمل.

ما هي تقنية التدفق الزمني؟

على الرغم من أنَّ تقنية التدفق الزمني ليست معروفة مثل تقنية بومودورو، إلا أنَّها موجودة منذ فترة من الزمن، ومن نواحٍ كثيرة، يمكن القول إنَّ تقنية التدفق الزمني قد اشتُقَّت بشكل مباشر من تقنية بومودورو؛ حيث ابتُكِرَت هذه التقنية من قِبل "زوي ريد-بيفينز" (Zoe Read-Bivens) كوسيلة للتعامل مع بعض الثغرات التي عانتها في أثناء استعمال تقنية بومودورو.

وجدت "ريد-بيفينز" أنَّ العمل بشكل متواصل لفترة مدتها 25 دقيقة، غالباً ما يقاطع تدفقها الذهني (الانهماك بإنجاز مهمة معيَّنة)، ولينتهي بها الأمر إلى الإضرار بإنتاجيتها بدلاً من تحسينها، ولحل هذه المشكلة، فإنَّ "ريد بيفينز" سعت إلى إنشاء نظام يحافظ على الجوانب المفيدة لتقنية بومودورو، مع السماح لها بالدخول في حالة من التدفق الذهني الإيجابي والاستمرار في العمل.

إقرأ أيضاً: أهمية الوقت في حياتنا وأهم النصائح لإدارة الوقت واستثماره

أساسيات تقنية التدفق الزمني:

لبدء استخدام تقنية التدفق الزمني، فإنَّ الشيء الأول الذي عليك القيام به هو إنشاء جدول زمني يساعدك على إدارة نشاطاتك اليومية؛ حيث يمكنك القيام بذلك من خلال استخدام جدول بيانات إلكتروني أو كتابته يدوياً، ثم في عنوان الجدول الزمني الخاص بك، أدرِج عناوين الأعمدة الآتية:

  1. اسم المهمة.
  2. وقت بدء المهمة.
  3. وقت نهاية المهمة.
  4. الانقطاعات.
  5. وقت العمل.
  6. فترة الاستراحة.

حيث سيكون الجدول الزمني الخاص بك هو الطريقة الأساسية التي تمكنك من تتبع مهامك اليومية، وإنشاء تدفق ذهني يناسبك بشكل أفضل، وإليك بعض النصائح التي توضح كيفية استخدامه:

1. اختر مهمة:

للبدء بتطبيق تقنية التدفق الزمني، اختر المهمة التي ترغب في إنجازها؛ إذ يجب أن تكون المهمة محددة، ويجب أن تكون من المهام التي يمكنك إكمالها على نحو معقول خلال فترة الوقت المتاح لك؛ بعبارة أخرى، لا تختر مهمة يستغرق إنجازها وقتاً طويلاً، مثل "طلاء المنزل برمته"؛ بل اختر شيئاً سهلاً لا يستغرق إنجازه وقتاً طويلاً، مثل "دهن الباب الأمامي للمنزل".

إذا حددت مهمة كبيرة يتطلب إنجازها وقتاً طويلاً جداً، فسوف تجد صعوبة في الالتزام بالعمل حتى تنهي المهمة؛ لذا، حاول تقسيم المهمة التي تعمل على إنجازها إلى أجزاء صغيرة جداً بحيث تتمكن من التحكُّم فيها.

2. ابدأ العمل على إنجاز مهمتك:

الخطوة التالية في تقنية التدفق الزمني هي بدء العمل على إنجاز مهمتك؛ لذا ابدأ بإدراج المهمة التي ستعمل عليها في الحقل المناسب ضمن جدولك الزمني، وبعد ذلك، حدد الوقت الذي تبدأ فيه العمل على هذه المهمة، ثم بمجرد أن تبدأ بإنجاز مهمتك، فإنَّ القاعدة الوحيدة التي يجب عليك مراعاتها هي ألَّا تسمح بتعدد المهام؛ ذلك لأنَّ الالتزام بالعمل على مهمة واحدة سيساعدك على التركيز على إنجازها، وتقليل أيِّ مصادر تشتت مفروضة عليك.

شاهد بالفديو: 10 أخطاء شائعة في إدارة الوقت

3. استمر في العمل حتى تشعر بالحاجة إلى أخذ استراحة:

يمكنك بعد ذلك الاستمرار في العمل على مهمتك المدرَجة للمدة التي تريدها، لكن إذا شعرت أنَّك تشعر بالإرهاق بعد مرور 15 دقيقة من بدء العمل على إنجاز المهمة، عندئذٍ ينبغي أن تأخذ قسطاً من الراحة، أمَّا إذا دخلتَ في حالة من العمل المثمر، ولم تنتبه لمرور الوقت، وانتهى بك الأمر بالعمل مدة ساعة كاملة من دون توقف، فلا بأس بذلك أيضاً.

الفكرة الكامنة وراء تقنية التدفق الزمني هي التعرف إلى أنماط الوقت الخاصة بك، والعمل في الفترات التي تناسبك بشكل أفضل، وإذا كنت لا تركز جيداً على إنجاز مهام معيَّنة، فاعمل على إنجازها في فترات أقصر، وإذا كنت تستطيع التركيز على إنجاز أنواع أخرى من المهام، فاعمل على زيادة إنتاجك إلى الحد الأقصى من خلال العمل ما دمتَ تشعر بالقدرة على الاستمرار في التركيز.

من المحتمل أن تجد أنَّ أطول فترة يمكنك تحمُّلها هي نحو 90 دقيقة أو نحو ذلك؛ إذ إنَّ هذا الأمر يتوافق مع النَظْم فوق اليومي المُتَّبع من قِبَلك، وهي الفترات المتناوبة من اليقظة والراحة التي تختبرها أدمغتنا على مدار اليوم.

هناك الكثير من دراسات الحالة التي توضح كيف أنَّ أخذ فترات راحة منتظمة يحسن الإنتاجية؛ إذ يُعَدُّ هذا الأمر أحد الأسباب التي تجعل فترات الراحة الإلزامية جزءاً أساسياً من تقنية بومودورو، ولكن هناك دليل على أنَّ نهج تقنية التدفق الزمني الذي لا يعتمد على وقت محدد لأخذ فترات الراحة ينجح أيضاً؛ إذ إنَّ إحدى شركات التكنولوجيا التي وجهت موظفيها مؤخراً إلى أخذ فترات راحة كل ساعة حينما يروا ذلك مناسباً، شهدت ارتفاعاً في مستويات الإنتاجية بنسبة 23% من دون الحاجة إلى تفويض.

4. خذ استراحة لوقت مناسب:

عندما تقرر أنَّك بحاجة إلى أخذ قسط من الراحة، فافعل ذلك، لكن تأكد فحسب من كتابة وقت إيقاف المهمة في الجدول الزمني الخاص بك في المكان الصحيح، كما يمكنك أن تأخذ استراحة طويلة أو قصيرة كما تريد، ولكن لا تسِئ استخدام هذا الامتياز؛ لأنَّك إن فعلت ذلك، فلن يمرَّ وقت طويل حتى تقضي معظم وقتك في أخذ فترات من الراحة.

كقاعدة عامة، حاول أن تأخذ استراحة مدة خمس دقائق لكل فترة عمل مدتها 25 دقيقة، وقم بزيادة وقت الاستراحة بشكل يتناسب مع فترات العمل الأطول؛ إذ يجب عليك استخدام مؤقت زمني للتأكد من عودتك إلى مهمتك في الوقت المناسب، وعندما تنتهي فترة الاستراحة، لا تنسَ تسجيل الوقت الذي استأنفتَ فيه العمل، وتسجيل مدة الاستراحة التي أخذتَها.

5. سجل مصادر ولحظات التشتت فور حدوثها:

في أثناء فترة عملك، ستكون هناك دائماً أوقات يتشتت فيها انتباهك؛ إذ إنَّه من الممكن أن يأتي مصدر التشتيت على شكل مكالمة هاتفية أو رسالة بريد إلكتروني طارئ أو حتى استخدام الحمام، فعندما تحدث هذه الأشياء، سجل حدوثها في عمود المقاطعة في الجدول الزمني الخاص بك، وابذل قصارى جهدك في ألَّا تستمر عوامل التشتت سوى فترة قصيرة، ولكن لا تحاول تجنبها؛ لأنَّك من غير المحتمل أن تنجح في ذلك.

في بعض الأحيان، سيكون للأشياء التي تشتت انتباهك أولوية أعلى من المهمة التي تعمل على إنجازها؛ لذا، من الهام التعامل مع عوامل التشتيت بالشكل الذي تراه مناسباً بدلاً من محاولة تجاهلها بسهولة.

6. كرِّر الخطوات المذكورة آنفاً حتى إنجاز عملك بشكل كامل:

كل ما عليك فعله بعد ذلك، هو تكرار الخطوات المذكورة آنفاً حتى تكتمل المهام التي تعمل على إنجازها، وعند إكمال كل مهمة، تأكد من تسجيل الوقت الذي تُنهي فيه عملك بشكل كامل، كما يمكنك حساب إجمالي وقت العمل (وتسجيله) عند الانتهاء من مهمة ما، إذا كنت ترغب في ذلك، أو يمكنك إجراء العمليات الحسابية كلها مرة واحدة في نهاية اليوم.

كل ما يهم هو ألَّا تترك أيَّة ثغرات في تتبع وقتك الزمني، ثم بمجرد اكتمال الجداول الزمنية الخاصة بك، ستصبح تقنية التدفق الزمني إحدى الأساسيات التي تعمل على تحسين قدرتك على إنشاء جدول عمل يزيد من إنتاجك اليومي.

ماذا تفعل بالجدول الزمني الخاصة بك؟

على الرغم من أنَّ تسجيل فترات العمل وأوقات الراحة في جدول عملك الزمني سوف يساعدك على الاستمرار في أداء المهمة كل يوم، إلا أنَّ هناك سبباً هاماً آخر للقيام بذلك؛ إذ إنَّ الجداول الزمنية الخاصة بك سوف تكشف لك تدريجياً عن طريقة إنشاء جدول يومي مثالي لنفسك.

لذلك، في نهاية كل أسبوع، خذ بعض الوقت لمقارنة الجداول الزمنية الخاصة بك، فقد تلاحظ أنَّ بعض أنماط العمل تبدأ بالظهور، على سبيل المثال: قد تلاحظ أنَّ فترات العمل لفترة طويلة عادة ما تكون قبل الغداء، أو أنَّ هناك أوقاتاً معيَّنة خلال يومك تميل إلى أن تكون مليئة بالمشتتات، فيمكنك استخدام هذه المعلومات في التخطيط للأيام اللاحقة بشكل أكثر فاعلية.

عموماً، سترغب في تجميع المهام الأكثر أهمية وإنجازها في أكثر الأوقات إنتاجية؛ لذلك، إذا كنت تراجع سجلات جميع الالتزامات اليومية بشكل مُفصل، فيمكنك على سبيل المثال تخصيص وقت لإنجاز المهام الأكثر أهمية عندما تعلم أنَّك ستتمكن من التركيز على العمل من دون مقاطعة.

وعلى العكس من ذلك، يجب عليك جدولة مهمة أقل أهمية في الأوقات التي يُرجح فيها أن تتم مقاطعتك في أثناء العمل؛ لذلك، إذا كنت بحاجة إلى وقت للرد على رسائل البريد الإلكتروني أو الرد على المكالمات الهاتفية، فستعرف تماماً متى تفعل ذلك، فلن يجعلك هذا أكثر إنتاجية فحسب؛ بل سيقضي أيضاً على الأخطاء في عملك.

إقرأ أيضاً: كيف يمكنك استعادة انتباهك في عالم مليء بالمشتتات؟

أوجه التشابه الرئيسة بين تقنية التدفق الزمني وتقنية بومودورو (الطماطم):

إذا كنت على دراية بكيفية عمل تقنية بومودورو، فربما تكون قد لاحظت بعض أوجه التشابه مع تقنية التدفق الزمني؛ إذ كما ناقشنا آنفاً، فإنَّ هذا التشابه ليس محض صدفة؛ لأنَّ تقنية التدفق الزمني صُمِّمَت على وجه الخصوص للاحتفاظ بثلاث ميزات أساسية لتقنية بومودورو، وهي:

1. تتبع الوقت الدقيق:

إنَّ إحدى الأسباب التي تجعل تقنية بومودورو فعَّالة جداً للعديد من الأشخاص، هو أنَّها تتيح لك نظاماً ثابتاً لتسهيل تتبع الوقت؛ إذ إنَّك من خلال الاضطرار إلى تقسيم مهام عملك إلى أجزاء مدة كل منها 25 دقيقة، فإنَّك تصبح على دراية تامة بالمهام التي أمامك، وكيف ينبغي أن تستغل وقتك لإنجازها، وهذا السبب وحده يساعدك على تجنب إضاعة وقت العمل الثمين؛ لأنَّه يتوجب عليك أن تحسب كل دقيقة، وتقنية التدفق الزمني توفر هذه الميزة أيضاً.

2. التخلص من تعدد المهام:

عندما تستخدم تقنية بومودورو، فإنَّه ينبغي عليك اختيار مهمة واحدة للعمل عليها، واستخدام مؤقت مدته 25 دقيقة لقياس كل فترة عمل، ويُعَدُّ هذا المؤقت أمراً فعالاً؛ لأنَّه يبقيك مركِّزاً على إنجاز مهمة واحدة، فأنت تعلم المهمة التي تحاول إنجازها منذ اللحظة التي تضبط فيها المؤقت، ومن ثمَّ من غير المحتمل أن تبدأ بإنجاز مهمة أخرى.

على الرغم من أنَّك لست بحاجة إلى استخدام مؤقت مع تقنية التدفق الزمني، فإنَّ عملية تدوين مهمتك تؤدي إلى الغرض نفسه؛ إذ نظراً إلى علمك المسبق بأنَّك ستتبع الوقت الذي تقضيه في العمل على إنجاز شيء محدد، فسوف تميل إلى الالتزام بمهمتك حتى تكتمل المهمة أو حتى يحين وقت الاستراحة.

3. تسهيل الاستراحات:

يُعَدُّ الإرهاق أحد أكبر العوامل المدمرة للإنتاجية، وهناك الكثير من المعلومات التي تثبت أنَّ أخذ فترات راحة أمرٌ ضروري للحفاظ على ذروة أداء العمل، وهذا هو السر الحقيقي للسمعة الناجحة لتقنية بومودورو، فهو يجعل الاستراحات أمراً إلزامياً ولا مفر منه.

وبالمقارنة، فإنَّ تقنية التدفق الزمني تلحُّ أيضاً على أن تأخذ فترات استراحة؛ لكنَّ تقنية التدفق الزمني لا تفرض عليك وقت الاستراحة إلا عندما تكون مستعداً لها، بهذه الطريقة، فإنَّ تحقيق النجاح باستخدام تقنية التدفق الزمني يتطلب بعض الانضباط الذاتي الإضافي في أثناء أداء المهمة، ولكن إذا كان بإمكانك الانصياع لمؤقت، فلا يوجد سبب يمنعك من تعلُّم الاستجابة للإشارات التي يرسلها جسدك إليك، عندما يحتاج إلى أخذ وقت استراحة.

أفكار أخيرة:

في نهاية الأمر، قد تجد أنَّ النجاح يكمن في استخدام تقنية بومودورو؛ إذ بغضِّ النظر عن كل شيء، هناك سبب وجيه لكون هذه التقنية شائعة جداً، ولكن إذا كنت تستخدمها لبعض الوقت ووجدت نفسك مجهداً بسبب صرامتها، فأنت لست وحدك؛ لذلك، ضع في حسبانك تجربة تقنية التدفق الزمني مدة أسبوع أو أسبوعين على الأقل، فقد تجد أنَّها تناسب أسلوب عملك بشكل أفضل، وأنَّك تنجز أكثر ممَّا فعلتَ من قبل.

المصدر




مقالات مرتبطة