تحليل الحمض النووي (DNA): كيف يتم إجراءه، وما هي استخداماته؟

يُعدُّ الحمض النووي (DNA) الجزيء البيولوجي الأكثر شهرةً، وهو موجود في جميع أشكال الحياة على الأرض، في جميع الكائنات الحية.



معلومات عن الحمض النووي (DNA):

1. ما هو الحمض النووي (DNA)؟

يُعرَّف الحمض النووي (DNA) على أنَّه جزيء طويل يتميز باحتوائه على الشيفرة الجينية (الوراثية) الخاصة بكل إنسان، ويحمل كل الأوامر والإرشادات المتعلقة ببناء البروتينات الضرورية لعمل الجسم. ويُعد الحمض النووي (DNA) بمثابة بصمة فريدة جداً من نوعها، تُشكِّل صفات الشخص الوراثية، من لون العين ولون الشعر وكثافة العظام وغيرها. وتحتوي كل خلية في جسمنا، سواء خلايا القلب، أم الجلد، أم الدم، أم العظم، على المجموعة الكاملة من الحمض النووي لدينا.

تنتقل تعليمات الحمض النووي (DNA)، من الأبوين إلى الطفل؛ حيث إنَّه يُمكن القول بأنَّ نصف الحمض النووي للطفل يكون مصدره الأب، والنصف الآخر مصدره الأم، ويحدث ذلك عند الإلقاح؛ إذ إنَّ خلايا الجنين الذي يتشكل، تأتي بمادتها الوراثية من الأب والأم سويةً، فتتكون كل خلية من خلايا الجنين، من نصفين من المادة الوراثية يأتيان من النطفة والبويضة على حد سواء. وقد وجدت الأبحاث أنَّ 99.9% من الحمض النووي لشخصين، يكون متطابقاً، وأنَّ 0.1% من تتابعات كود الحمض النووي هي التي تختلف من إنسان لآخر، وهي السبب في جعلنا فريدين.

2. اكتشاف الحمض النووي (DNA):

في العام 1869، قام الكيميائي البيولوجي الألماني "فريدريك ميسشر"، بملاحظة الحمض النووي لأول مرة.

ولكن لم يُدرك الباحثون أهمية هذا الجزيء حتى عام 1953، عندما تم اكتشاف بنية الحمض النووي، وإدراك أنَّه يُمكن أن يحمل معلومات بيولوجية، وكان ذلك من قِبل كل من: "جيمس واتسون"، و"فرانسيس كريك"، و"موريس ويلكنز"، و"روزاليندا فرانكلين".

وقد حصل كل من "واتسون"، و"كريك"، و"ويلكنز" على جائزة نوبل في الطب عام 1962 على خلفية اكتشافاتهم للبنية الجزيئية للأحماض النووية.

3. وظائف الحمض النووي (DNA):

  • يحمل المعلومات الجينية الهامة لانتقال المورثات من جيل إلى آخر.
  • يحتوي على التعليمات الضرورية لنمو وتطور الكائنات الحية.

4. أين يوجد الحمض النووي (DNA)؟

يقع الحمض النووي (DNA) ضمن تراكيب تُسمى الكروموسومات، وهي موجودة في داخل نواة الخلية، وأيضاً يُمكن أن توجد كمية قليلة منه في الميتوكوندريا، وهي جزء الخلية المسؤول عن تحويل الطاقة التي يحصل عليها الجسم من الطعام، إلى شكل يسهل على الخلية استخدامه.

ما هو تحليل DNA أو تحليل الحمض النووي؟

هو فحص مخبري للحمض النووي (DNA)، ويُعرف أيضاً بالفحص الجيني، أو فحص الأبوة. يتم في هذا الاختبار، تحليل عينات صغيرة من الدم أو أنسجة الجسم، ويختلف نوع الاختبار الجيني اللازم، حسب الحالة التي يدرسها الطبيب.

ويُشير علم الأحياء إلى أنَّ كل فرد يمتلك سلسلة من الحمض النووي الرايبوزي أو ما يُعرف بـ (DNA)، وتكون جينات كل إنسان مزيجاً من الجينات الوراثية القادمة من جينات الأم والأب، وتختلف هذه الجينات الوراثية من إنسان إلى آخر، باستثناء توأم البويضة الملقحة، كما ويحمل الأشخاص الذين بينهم صلة قرابة، سلسة (DNA) مشتركة فيما بينهم.

إقرأ أيضاً: أهم الفيتامينات الضرورية للجسم ومصادرها الغذائيّة

كيفية عمل تحليل DNA وما مدته، وتكلفته، وعيناته، ونقاط ضعفه؟

كيف يتم إجراء تحاليل (DNA

بدايةً يتم أخذ عينة من أنسجة الإنسان، أو سوائله، أو عينة من الشعر في بعض الحالات، وفي الوقت نفسه يتم سحب عينات من الأب، وأحياناً تُؤخذ عينات من الأم أيضاً، وذلك في حالة اختلاط المواليد، وتُستخدم مواد كيمائية لفصلها عن بعضها، ثم يتم الكشف عن الأجزاء الفريدة من الجينوم، حيث تظهر النتائج على شكل نموذج من المشارب التي يتم مطابقتها مع عينات أخرى.

المدة التي تستغرقها تحاليل (DNA):

تختلف المدة التي يستغرقها تحليل الـ (DNA) من مختبر إلى آخر، وتُعدُّ المدة التي يستغرقها تحليل (DNA) مدة طويلة نسبياً، فهي تمتد حوالي الأسبوعين، ويتم التكتم على النتائج، كما في حالات الجرائم أو حالات إثبات النسب.

تكلفة تحليل (DNA):

تختلف تكلفة التحاليل من دولة إلى أخرى، وحسب الطريقة التي يتم أخذ العينة بها، وحسب سمعة وشهرة المختبر، ونوعية الأجهزة المستخدمة، ومدى خبرة ومهارة الأطباء، ومدى دقة نتائج التحاليل. ولكن تتراوح عموماً تكلفة تحليل الحمض النووي من 100 دولار إلى 2000 دولار، وذلك حسب الاختبار وتعقيده.

ماهي عينات تحليل (DNA

  1. العينة الدموية: تُؤخذ العينة الدموية عبر إدخال إبرة في أحد أوردة الجسم، بهدف الحصول على عينة دموية منه.
  2. عينة من باطن الخد: قد يتم إجراء مسحة لباطن الخد، وذلك بهدف إجراء دراسة وراثية عليها.
  3. عينة من الزغابة المشيمية: يتم أخذ عينة من نسيج المشيمة، وذلك من خلال المهبل وعنق الرحم، أو من خلال جدار البطن.
  4. يُمكن أيضاً أخذ عينات من الشعر أو اللعاب أو الأظافر أو البول أو السائل المنوي.

نقاط ضعف تحليل (DNA):

  1. قد تكون نتائج التحليل غير صحيحة في حالة تلوث العينات.
  2. يُمكن أن تُزرع أدلة حمض نووي كاذبة في مسرح الجريمة.
  3. لا يُمكن الافتراض بأنَّ نتيجة التحليل هي نتيجة قطعية، بل يُنظر إليها على أنَّها تُقدِّم احتمالية.
  4. عندما يزداد عدد العينات، تنخفض احتمالية نتيجة تحليل.
  5. قد تعطي تقنيات تحليل الحمض النووي القديمة، نتائج غير صحيحة.

استخدامات الحمض النووي (DNA)؟

يُستخدم تحليل (DNA) في مجالات متعددة؛ مثل:

1. إثبات النسب:

تُعدُّ عملية إثبات النسب، أحد أهم استخدامات التحليل، وذلك في حالة التشكيك في الأبوة لطفل ما.

2. الفحص الجنائي:

يتم الفحص الجنائي بأخذ عينة من آثار الجريمة، كنقطة دم على الأرض، أو خلايا الجلد الموجودة أسفل أظافر الضحية، ومقارنة الحمض النووي للعينة بالحمض النووي لعينة مأخوذة من شخص مشتبه فيه، ليتم التعرف على صاحبه من خلال البصمة الجينية، وبالتالي التوصل إلى المجرم.

وفي بعض الدول، يتم الاحتفاظ بنسخة من المادة الوراثية، على شكل ملفات إلكترونية، ووضعها لدى الشرطة، وذلك لاستخدامها في حل الجرائم.

3. العيوب الخلقية:

يُستخدم تحليل (DNA) في اختبار الأطفال حديثي الولادة، وذلك لتحديد أسباب وجود العيوب الخلقية لديهم.

4. مشاكل الحمل:

يُفيد تحليل (DNA) في الكشف عن أسباب مشاكل الحمل، كالإجهاض المتكرر، أو ولادة طفل ميت.

5. الأخوَّة:

يتم استخدام تحليل (DNA) لمعرفة ما إذا كان الأشخاص إخوة أم لا، خاصةً في حال ضياع أحد الأبناء، أو التبني من أشخاص آخرين.

6. التفتيش في الصناعات الغذائية:

يُمكن استخدام تحليل (DNA) بهدف التعرف على مكونات المواد الغذائية، وفيما إن كانت تحتوي على مواد مُعدلة جينياً!

7. السفر إلى الخارج:

قد تحتاج التأشيرات في بعض الدول إلى إجراء تحليل (DNA)، وذلك للتأكد من قرابة الأشخاص المسافرين بعضهم لبعض.

8. التشخيص الطبي:

يُستخدم تحليل (DNA) في المجال الطبي عدة استخدامات؛ مثل:

  • اكتشاف أسباب الإصابة ببعض الأمراض؛ كإجراء فحص جيني لخزعة من الثدي، في حال الشك باحتمال الإصابة بسرطان الثدي.
  • التأكد من مطابقة الأنسجة الطبية بين من يرغبون في التبرع بأعضائهم.
  • اكتشاف الأمراض الوراثية التي تنتقل عبر الأجيال.
  • تحديد هوية الأجساد التي مضى على وفاتها زمن بعيد.
  • اكتشاف معلومات عن الأمراض الوراثية، والمورثات الطفرة عند الإنسان.
  • تحديد فيما إذا كان التوأم المولود متماثلاً أم لا؟ إذ تحمل التوائم المتماثلة نفس المادة الوراثية.
إقرأ أيضاً: الفحوصات الطبية قبل الزواج

هل يُثبت تحليل (DNA) النسب (إثبات الأب البيولوجي)؟

  • يُعدُّ موضوع تحديد النسب من المواضيع ذات الأهمية الكبيرة في هذه الأيام، خصوصاً عند المجتمعات الغربية في ظل الانفتاح في العلاقات خارج إطار الزواج؛ لذا ظهرت الحاجة إلى تطوير تقنيات تُساعد في حل مشكلة تحديد النسب. ويُعدُّ اختبار (DNA) من أهم التقنيات في هذا المجال، حيث يتم إجراؤه لإثبات إذا كان أحد الأشخاص هو الأب البيولوجي -الحقيقي- لطفل أو شخص ما.
  • وتؤكد الدراسات العلمية أنَّه يمكن عد تحليل (DNA) إثباتاً مؤكداً للبنوة بنسبة 99.9%، علاوة على أنَّه ينفي البنوة بنسبة تُعادل 100%؛ بمعنى آخر، في حال كانت نتيجة التحليل بعدم البنوة، فهي نتيجة مؤكدة علمياً بنسبة 100%، أمَّا إن كانت نتيجة التحليل تُثبت نسب شخص إلى عائلة معيَّنة، فهناك نسبة خطأ بسيطة جداً وهي 0.1%.
  • وكنَّا قد أشرنا سابقاً إلى أنَّ كل إنسان ينفرد بوجود تركيب بيولوجي مُشفر يتألف من نسختين من الـ (DNA)، ويكون أحد شقي هذه الشيفرة من الأب، والشق الآخر من الأم؛ لذا عند تحديد النسب، تُؤخذ عينة من الجينات الوراثية، بواسطة الدم أو الجلد أو الشعر، من الأب والطفل، ثم يتم استخلاص نقاط مشتركة بين الأب والطفل، وعند توافق هذه الجينات، يتم التوصل إلى إثبات الأبوة، وتُسلَّم النتيجة إلى الأبوين الشرعيين شخصياً، ولا يجوز إعطاء النتيجة على الهاتف، أو بأي وسيلة أخرى، وذلك لسرية وحساسية الأمر.
  • وتتم عملية تحديد النسب عبر الخطوات الآتية:
    • تُجمع عينة من خلايا الطفل، وعينة من خلايا الأب، ويتم استخراج الـ (DNA) من العينتين.
    • تُستخدم بعض المُذيبات، أو الأنزيمات الهاضمة، التي تُنقِّي الحمض النووي عن جميع الخلايا الأخرى.
    • تُوضع العينات في خمائر خاصة، والتي تقوم بتكسير جزيئات الـ (DNA).
    • يتم عمل نسخ من عينة الـ (DNA) المأخوذة، وذلك عندما تكون العينة غير كافية؛ إذ تُساعد هذه العملية على تكبير عينة الحمض النووي، من خلال تعريضها للسخونة والبرودة حوالي الساعة، وهذا ما يُعرف بتفاعل البلمرة.
    • يتم إجراء الفصل الكهربائي الهلامي، وذلك بوضع أجزاء من الحمض النووي على طرف سالب في لوحة كهربائية عليها مادة هلامية، وبما أنَّ الحمض النووي يحمل شحنة سالبة، فإنَّه ينتقل إلى الجهة الأخرى باتجاه القطب الموجب من اللوح الموضوع عليه، وينقسم في هذه الأثناء إلى قطع متفاوتة في الحجم، وتتحرك السلاسل الطويلة بشكل أبطأ من السلاسل القصيرة.
    • ثم تُضاف مواد مُشعة ومسابر ملونة على اللوح، وذلك لإعطاء نموذج خاص يُسمى بصمة الـ (DNA).
    • يجري فحص التطابق بين العينتين، حيث تحتوي عينة كلٍّ منهما على نسختين (نسخة من أب وأم كل واحد منهما). وفي حال تم التطابق بين أحد النسخ، يتم إثبات النسب.

ما يحتاج تحليل DNA:

 للقيام بتحليل DNA صحيح فإننا نحتاج إلى مصادر أدلة الحمض النووي، والتي تشمل المادة البيولوجية المستخدمة لتحديد ملف تعريف الحمض النووي الدم والسائل المنوي واللعاب والبول والبراز والشعر والأسنان والعظام والأنسجة والخلايا، إنّ العينات التي يمكن استخدامها قد تحتوي العناصر التالية على مادة الحمض النووي وهي:

  • أقنعة
  • قبعات
  • قفازات
  • ملابس
  • أدوات
  • أسلحة
  • مجموعات أدلة الاعتداء الجنسي
  • ملابس داخلية
  • الفراش
  • غسيل قذر
  • كشط الأظافر
  • أكواب/زجاجات
  • السجائر
  • أعواد الأسنان
  • فرشاة أسنان
  • أنسجة الوجه
  • فرشاة الشعر
  • نظارات
  • شريط
  • أربطة (حبل، سلك، أسلاك)
  • طوابع أو مظاريف

متى تم اكتشاف تحليل DNA:

تم تقديم تحليل الحمض النووي الشرعي في الثمانينيات، ومنذ ذلك الحين تطور إلى أداة قوية لممارسة اختبار الأبوة للأطفال لتحديد الوالدين وفي العدالة الجنائية لكسر القضية في مسرح الجريمة. ما يجعل الحمض النووي قويًا ومفيدًا هو أن الحمض النووي لكل شخص مختلف، ما لم تكن توأمًا متطابقًا، في هذه الحالة، فإن الحمض النووي الخاص بك مطابق لحمض أخيك التوأم.

تم الإبلاغ عن الطب الشرعي للحمض النووي لأول مرة في عام 1984 من قبل الدكتور أليك جيفيريس في جامعة ليستر عندما أدرك أن الحمض النووي يحتوي على تسلسلات استمرت في التكرار بجانب بعضها البعض. كما اكتشف أن هذه التسلسلات التي تكررت كانت مختلفة لكل فرد. بعد هذا الاكتشاف، مهد الدكتور جيفيريس الطريق لتطوير اختبارات الهوية. في وقت لاحق من عام 1987، تم توفير البصمات الجينية عندما بدأت شركة Imperial Chemical Industries، وهي شركة كيميائية في إنجلترا، مركزًا يختبر الدم.

في الختام، نصائح لتحليل (DNA) بنتائج أكثر دقة:

من العوامل الهامة لنجاح التحليل:

  • اختيار مختبر ذي موثوقية عالية بالإمكانيات والأدوات والخبرات، إضافة إلى الاهتمام بسرية المعلومات.
  • خبرة ومهارة ومهنية من يقوم بأخذ العينة، وأن يكون مختصاً في هذا المجال، وفي الحفاظ على العينة ألَّا تفسد.
  • لمزيد من التحقق، يُنصح بعمل التحليل أكثر من مرة، وفي مختبرات مختلفة.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة