تحفيز الموظفين في زمن التغيير وانعدام اليقين

في يومنا هذا، تعيد العديد من الشركات في "الولايات المتحدة" التفكير في الطريقة التي تعمل بها وتخطط للمستقبل، مع تطور كل شيءٍ من ثقافة وسياسات مكان العمل إلى حوافز الموظفين والبيئة المادية للمكتب في الوقت الفعلي.



تكمن وراء إعادة التفكير هذه مسألة كيفية الحفاظ على تحفيز الموظفين في أثناء عملهم عن بُعد أو في المكتب وفقاً لإرشادات التباعد الاجتماعي الجديدة. وللحصول على دليلٍ واضح، يجب على أرباب العمل اللجوء إلى "تسلسل ماسلو الهرمي للاحتياجات" (Maslow’s Hierarchy of Needs)، وهي نظريةٌ نفسيةٌ ترسم خمسة مستوياتٍ تصاعدية من الاحتياجات البشرية التي يمكن تطبيقها في مكان العمل.

تختلف هذه الاحتياجات الخمسة عن المزايا المألوفة مثل الإجازات مدفوعة الأجر غير المحدودة والشراب البارد في المكتب، وأيام الجمعة في الصيف؛ فهذه الاحتياجات أكثر جوهرية، وتشمل الاحتياجات الفيزيولوجية مثل بيئة عملٍ مريحة، ومدى توفُّر الوصول إلى دورة المياه والمطبخ، والسلامة مثل الشعور بأنَّ ممتلكاتك الشخصية محمية بفضل الأمن في المبنى ووجود بنيةٍ داعمةٍ ومريحة.

سيركز هذا المقال على ثلاثةٍ من الاحتياجات نحو قمة التسلسل الهرمي لماسلو - التواصل، والاحترام، وتحقيق الذات - وكيف يمكنهم تشجيع الموظفين وإلهامهم مع تطور مستقبل العمل.

1. الرعاية المجتمعية في مكان العمل:

كلنا نرغب في التواصل وفي حياتنا المهنية، يمكن أن يأتي هذا التواصل من خلال الزملاء أو العملاء أو المجتمعات، أو حتى من خلال العمل في مشروعٍ من شأنه أن يجعل حياة الآخرين أفضل.

في هذه الأيام، يُعَدُّ الإبداع من أهم متطلبات بناء ثقافةٍ نابضةٍ بالحياة والتواصل في مكان العمل؛ وذلك لأنَّنا جميعاً نبتعد اجتماعياً أو نعمل عن بُعد، ولكن ما يزال من الممكن القيام بذلك.

على سبيل المثال، قد يطلب أرباب العمل من قادة فرقهم استضافة مكالماتٍ على برنامج "زووم" (Zoom) للحصول على ساعةً من المتعة يوم الجمعة؛ أو إنشاء قنواتٍ على برنامج "سلاك" (Slack) تكون مخصصةً للاهتمامات، مثل الطهي أو ممارسة الرياضة؛ إذ يمكن للزملاء تبادل النصائح والصور، أو إرسال رسالةٍ إخباريةٍ تتضمن توصياتٍ من الموظفين عن موضوعٍ ما، مثل ما الذي يحبون أن يقرؤوه على الشاطئ، أو الإجراءات الروتينية الجديدة.

عندما يشعر العمال بالانتماء، فمن المرجح أن يتفاعلوا في عملهم وأن يتشكل لديهم دافع الإنجاز. ستجد الشركات الناجحة طرائق شتى لتشجيع هذه الأنواع من التواصل.

شاهد بالفديو: 7 استراتيجيات لإبقاء موظفيك في حالة تحفيز دائم

2. تقدير المكاسب الكبيرة والصغيرة:

يأتي التصور الإيجابي لقيمتك من الشعور بأنَّك تقدِّم مساهماتٍ قيمةً لهدفٍ أكبر، وهذا يشجعك على تحقيقه.

تتمثل إحدى طرائق تعزيز هذه الديناميكية بين الموظفين في أن يتقصد المديرون تقديم تغذية راجعة إيجابيةٍ بعد تحقيق أيِّ نجاح، بدلاً من مجرد انتظار مراجعة الأداء السنوية.

ولكي تكون التغذية الراجعة مؤثرة، يجب أن تكون محددةً وأن تأتي في وقتها المناسب، وأن تُقدَّم بنبرةٍ يملؤها التقدير الحقيقي. على سبيل المثال، إذا كان قائد التدريب لديك مدرَّباً جيداً أو مبدعاً خصوصاً في أثناء عرض عمل جديد، فأرسل له ملاحظةً بعدها تفيد بذلك؛ أو أخبره بذلك أمام الجميع، إذا كان ذلك مناسباً؛ وذلك لأنَّ الآخرين في الفريق قد يستفيدون مما تريد قوله.

يعود هذا النوع من التغذية الراجعة المنتظمة بفوائد عدة؛ إذ يلبي الاعتراف بالإنجازات رغبة الإنسان الأساسية في أن يبرز ويكون معروفاً. وعلاوةً على ذلك، فهو يساعد الموظفين على تحديد مهاراتهم الخاصة، ويقطع شوطاً طويلاً في المساعدة على بناء الثقة اللازمة لتحقيق مستوى عالٍ من الأداء والحفاظ عليه.

إقرأ أيضاً: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

3. تقبُّل الثقة:

يختص المستوى الخامس والأعلى من "التسلسل الهرمي لماسلو" بالاستقلالية. يريد قادة الفريق أن يكون العمل تعاونيَّاً، ولكن أيضاً مع الحرية في تحديد أفضل طريقةٍ لتحقيق الأهداف المشتركة. بعبارة أخرى، نريد جميعاً أن نشعر بالثقة وكأنَّ كلاً منا قبطان سفينته الخاصة.

لتمكين موظفيك وتعظيم إمكاناتهم، فكر جيداً في مهاراتهم وقدراتهم، واسعَ إلى تزويدهم بفرصٍ للنجاح وكذلك تعيين التحديات لهم لحلها في المجالات التي يتفوقون فيها طبيعياً. بالطبع، هذا لا يعني إثقال كاهلهم بالمسؤوليات؛ بل يعني فقط ملء النطاق الخاص بهم بكفاءة؛ فأنت تهدف إلى سيناريو يقول فيه العامل لديك بثقة: "يمكنني تولي الأمر"، وكلاكما تعلمان أنَّه قادرٌ فعلاً على توليه.

في أثناء عملية القيام بذلك، اسأل نفسك أيضاً: هل انتُزِعَت أي استقلالية من قادتك نتيجة العمل عن بُعد، أو التباعد الاجتماعي، أو أي جوانب أخرى ناجمةٌ عن تغيُّر مكان العمل؟ ما هي الفرص الجديدة التي يمكنك تقديمها وستجعل من الموظفين متحمسين لمواصلة العمل الجاد لتحقيقها؟

ستعود الإجابة الصادقة عن هذه الأسئلة بالنفع على الجميع؛ فكلما زاد تفكيرك في تحفيز موظفيك، زادت إنتاجية القوى العاملة لديك.

المصدر




مقالات مرتبطة