تاريخ لغة الإشارة، وأنواعها، وكيفية تعلمها

لغة الإشارة هي اللغة التي يستخدمها الصم والبكم في التواصل والتعبير، وبتعريفٍ آخر، هي اللغة غير الصوتية التي يستخدمها الأفراد الذين يعانون إعاقات سمعية أو نطقية؛ إذ تتيح هذه اللغة لمستخدميها التواصل مع الآخرين وإرسال اللغة واستقبالها، وإتمام عمليات التخاطب والتعبير عن النفس وفهم الآخرين.



واستخدمت لغة الإشارة للمرة الأولى في القرن الثامن عشر، وكان البادئ باستخدامها هو الطبيب الأمريكي "دي ليبيه" وقد استخدمها للتخاطب مع الأطفال الذين يعانون من الصمم، وشاع بعدها استخدام لغة الإشارة الأمريكية في عام 1975، وانتقلت بعدها إلى أوروبا ومن ثم إلى العالم كله، وتفرَّعت عنها لغة الإشارة الفرنسية، ولغة الإشارة السويدية، ولغة الإشارة البريطانية.

وسنتحدث في هذا المقال بشكل تفصيلي عن تاريخ لغة الإشارة وأنواعها، وطرائق تعلُّم هذه اللغة.

تعريف لغة الإشارة:

إنَّ تعريف لغة الإشارة بحسب "ريكوف" الباحث والمهتم بتعليم وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة هو أنَّها: "نظام بصري حسي يدوي يربط بين الإشارة والمعنى"، ولقد قامت مجموعة من المهتمين بتربية الأطفال الصم أمثال الدكتور "ماسون كوجزل" بتطويرها في الولايات المتحدة الأمريكية، وساعده على ذلك الدكتور "توماس جاليدت" الذي درس لغة الإشارة في فرنسا، ثم عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية لينشر لغة الإشارة الفرنسية بمساعدة مدرِّسة صماء فرنسية.

أمَّا عن الموضوعات التي تغطيها لغة الإشارة الأمريكية فهي: الضمائر، والوقت، والعلاقات العائلية، والمشاعر والانفعالات، والعمليات العقلية، والمهن، والاتجاهات والأماكن، والأفعال، والجوانب التربوية، والحركات الجسمية، والبلدان، والمدن، والأعداد، والحيوانات، والأثاث، وغيرها من الموضوعات.

تعريف لغة الأصابع:

يمكن تعريف لغة الأصابع بأنَّها مجموعة من الإشارات الحسية والمرئية واليدوية مُتَّفق عليها للحروف الهجائية، ويمكن تعلُّمها بسهولة؛ إذ يفيد تعلُّمها من أجل التعبير عن الأسماء والأفعال التي يصعب التعبير عنها باستخدام لغة الإشارة، وتجدر الإشارة إلى إمكانية الجمع بين لغة الإشارة ولغة الأصابع من أجل التعبير بطريقة أكثر وضوحاً، وتكوين الجمل المفيدة والمعاني الواضحة.

هل لغة الإشارة موحَّدة في العالم؟

لا، في الحقيقة، لا توجد لغة إشارة موحَّدة وعالمية للصم، ولكنَّنا نشير إلى أنَّ لغات الإشارة للصم تتساوى في التعبير عن اللغات الملفوظة والمنطوقة، وعلى سبيل المثال، فإنَّ لغة الإشارة الأمريكية (ASL) تختلف في قواعدها النحوية وأساليب تعبيرها عن كل صوت عن لغة الإشارة البريطانية (BSL).

كم عدد لغات الإشارة في العالم؟

يبلغ عدد لغات الإشارة في العالم أكثر من 300 لغة إشارة، ويبلغ عدد الصم بشكل تقريبي في العالم نحو 72 مليون أصم؛ إذ يتركز 80% منهم في الدول النامية؛ وذلك حسب إحصائيات الاتحاد العالمي للصم، أما لغة الإشارة الدولية، فهي لغة الإشارة التي يستخدمها الصم في لقاءاتهم الدولية وممارسة النشاطات الاجتماعية الخاصة بهم في ترحالهم، ولغة الإشارة الدولية هذه هي شكل سهل وبدائي من لغات الإشارة الطبيعية المعقَّدة والغنية، التي يستخدمها الصم في حياتهم اليومية، وتتميز بمعجم لغوي قاصر ومحدود عن تغطية جميع المصطلحات والمفردات.

إقرأ أيضاً: التواصل غير اللفظي: أشكاله ومهاراته

تاريخ لغة الإشارة:

إنَّ أول سجل مكتوب للغة الإشارة كان عند اليونانيين القدماء؛ وذلك خلال القرن الخامس قبل الميلاد تحديداً، ولم يستطع الإغريق القدماء التحدث بلغة منطوقة، فكانت لديهم لغة إشارة بدائية تساعدهم على ممارسة نشاطاتهم ومواصلة حياتهم الاجتماعية، أما السكان الأصليون في أمريكا، فقد طوروا نظاماً موحداً للإيماء باليد من أجل خدمة أغراضهم في التواصل مع القبائل التي لا تتحدث لغتهم والتفاوض معها، وإلى جانبها الرحالة الأوروبيون.

نادى "أرسطو" باستحالة تعليم الصم، وظل معمولاً بنظريته حتى استطاع "جون بيفرلي" تعليم صبي أصم الكلام، ثم ساهم عالم الرياضيات الإيطالي "جيرولامو كاردانو" في دحض نظرية "أرسطو" وأثبت أنَّ السمع ليس ضرورياً لفهم الأفكار، وشرع في تطوير رموز حركات يد خاصة به، أمَّا "خوان بابلو دي بونت" فقد نشر أول كتاب يُعلِّم لغة الإشارة، وكان ذلك عام 1620 للميلاد، ثم استمرت فيما بعد جهود العلماء من أجل تطوير لغة الإشارة وتعليمها للصم من أجل استثمار قدراتهم وتعزيز عملية انخراطهم في المجتمع.

أنواع لغة الإشارة:

تختلف أنواع لغة الإشارة بنوع اللغة المنطوقة في البلاد، فكما توجد لغة الإشارة العربية توجد أيضاً لغة الإشارة الأمريكية ولغة الإشارة البريطانية، وتكون الاختلافات في حركة اليد بناءً على اختلاف الحروف والأرقام في لغة الإشارة، وتُجمَّع لغات الإشارة عموماً في الأنواع التالية:

  1. لغات الإشارة الخاصة بالصم: وهي اللغات التي يُفضَّل استخدامها في مجتمعات الصم حول العالم، مُتضمِّنة لغات الإشارة الريفية، ويشارك الصم هذه اللغة مع مجتمع السمع إضافة إلى لغات إشارة مجتمع الصم.
  2. لغات الإشارة المساعدة: وهي مجموعة الأنظمة الخاصة بالإشارة والصالحة للاستخدام إلى جانب اللغات الشفهية والمنطوقة.
  3. أوضاع التوقيع للغات الشفهية أو اللغات المشفرة يدوياً: وهي المستخدمة من أجل ربط اللغات المنطوقة والموقَّعة.

لغة الإشارة باللغة الإنجليزية:

إنَّ المصطلح المرادف لمصطلح لغة باللغة الإنجليزية هو (sign language)، وتنقسم لغة الإشارة الإنجليزية بحسب اللغة المنطوقة في البلاد الغربية، فتوجد لغة الإشارة الأمريكية (ASL) وهي اختصار لكلمات (American Sign Language) ولغة الإشارة البريطانية (BSL) وهي اختصار لكلمات (British Sign Language).

لغة الإشارة كلمات:

لغة الإشارة

هذه بعض الأمثلة عن طريقة استخدام لغة الإشارة لقول بعض الكلمات:

كلمة "أب": يمكن التعبير عن كلمة "أب" بلغة الإشارة عن طريق هذه الخطوات:

  1. ضم السبابة مع إبهام اليد اليمنى.
  2. وضع اليد بجانب الشارب.
  3. تحريك اليد بطريقة دائرية ومع اتجاه عقارب الساعة.

كلمة "أم": يمكن التعبير عن كلمة "أم" بلغة الإشارة عن طريق هذه الخطوات:

  1. ضم راحة اليد اليمنى باستثناء السبابة.
  2. وضع مقدمة السبابة لليد اليمنى بين الشفتين للدلالة على الرضاعة.

لغة الإشارة بالصور:

الحروف الإنجليزية بلغة الإشارة:

الحروف الإنجليزية بلغة الإشارة

الحروف العربية بلغة الإشارة:

الحروف العربية بلغة الإشارة

الألوان بلغة الإشارة:

الألوان بلغة الإشارة

أيام الأسبوع بلغة الإشارة العربية:

أيام الأسبوع بلغة الإشارة العربية

تعابير أساسية بلغة الإشارة:

تعابير أساسية بلغة الإشارة

(Hello) بلغة الإشارة:

تعلُّم لغة الإشارة:

تكمن أهمية تعلُّم لغة الإشارة عن طريق الاستناد إلى إحصائية طُبِّقَت في الولايات المتحدة الأمريكية، وأظهرت هذه الإحصائية أنَّه يوجد نحو 20 مليون إنسان يعانون من مشكلات وصعوبات في السمع، ومن ضمن هؤلاء يوجد نحو 2 مليون إنسان يعانون من الصمم الكامل؛ وهذا يجعل لغة الإشارة لغة تواصل لا تقل أهمية عن اللغات المنطوقة.

وبعد تبيان أهمية لغة الإشارة وجدت الكثير من المصادر والمراجع التي تجيب عن سؤال السائل: "كيف أتعلم لغة الإشارة؟" ليكون الجواب كما يأتي:

  1. القواميس: ونقصد بها القواميس المتخصصة بتعليم لغة الإشارة، التي تؤدي دور الكتب بنشرها، وتُعَدُّ هذه القواميس طريقة تعلُّم رئيسة تمكِّن المُتعلِّم من البحث عن معاني الحركات، كما تحتوي على رسومات توضيحية، ومن الجدير بالذكر أنَّ هذه الكتب والقواميس متوفرة بنسخ ورقية، ومنها ما هو مُتوفِّر بشكل رقمي بصيغة الكتب الإلكترونية المتوافرة على الإنترنت، كما توجد العديد من الفيديوهات التعليمية التي تخدم الغرض ذاته.
  2. الدورات: الدورات التعليمية التي تقدمها المدارس والكليات والمكتبات والمراكز بين الفينة والأخرى تُعَدُّ طريقة هامة من طرائق تعلُّم لغة الإشارة، ومن مميزات هذه الدورات أنَّها تتيح الفرصة أمام المُتعلِّم لتطبيق ما تعلَّمه من تقنيات لغة الإشارة مع زملائه في الفصل، كما تُمكِّنه من الحصول على التوجيهات والنصائح والملاحظات التي تصب في مصلحة تحسين أدائه وتطويره.
  3. الأدلة التعليمية: وهي الأدلة التي يمكن أن تُشترى، والتي لا تنحصر مهمتها في تعليم العبارات والكلمات؛ بل تتعداها لتسمح للمُتعلِّم بممارسة لغة الإشارة بشكل عملي، كما أنَّها تساعده على عملية تركيب الجمل في المحادثات الرئيسة.
  4. مواقع الإنترنت: توفر المواقع على الشبكة العنكبوتية مصدراً غنياً لتعلُّم لغة الإشارة؛ إذ تحتوي صفحات هذه المواقع على الوسائط المتعددة التي تخدم تعلُّم لغة الإشارة وخاصة تلك الفيديوهات التي أَعدَّها مدربون مختصون ومحترفون في مجال لغة الإشارة.
  5. تطبيقات الهواتف الذكية: صُمِّمَت العديد من التطبيقات القابلة للتنصيب على الهواتف المحمولة من أجل تعليم لغة الإشارة، وتتضمن هذه التطبيقات مقاطع فيديو وقواميس والكثير من النصائح والتوجيهات من أجل إتقان لغة الإشارة، ونُشير إلى أنَّ بعض هذه التطبيقات مجاني بالكامل، ومنها ما يقدم خدماته مقابل مبلغ مادي محدد.
  6. التواصل مع أفراد يعانون من الصمم: من أجل تعلُّم لغة الإشارة بشكل عملي، وتطبيق ما تم تعلُّمه من المصادر النظرية، لا بدَّ من التواصل مع الأشخاص الذين يعانون من الصمم، ويساعد ذلك على تطوير المهارات التواصلية للمُتعلِّم، واكتسابه معلومات جديدة عن طريق قيامه بالمحادثات الأساسية مع أشخاص صم.

شاهد بالفديو: 11 طريقة لكشف الكذب عبر لغة الجسد

أساسيات تعلُّم لغة الإشارة:

يتطلَّب استخدام لغة الإشارة أساسيات معينة لا بد من معرفتها، ومن أهم هذه الأساسيات:

1. حروف لغة الإشارة:

 إنَّ الحروف في لغة الإشارة لها دور أساسي كدور الحروف في أيَّة لغة أخرى، ولعلَّ تعلُّم الحروف في لغة الإشارة هو الخطوة الأولى في طريق إتقان هذه اللغة، وتوجد طريقتان للتعبير عن الحروف في لغة الإشارة هما:

  • إشارات حروف الأبجدية: تكون الحروف في لغة الإشارة تعبيراً عن الحروف الأبجدية في اللغة المنطوقة في البلاد؛ وذلك عن طريق استخدام إشارات محددة للتعبير عن كل حرف، وتتَّخِذ بعض الحروف إشارات تشبه شكل كتابتها في العديد من الأحيان.
  • التهجئة بالأصابع: التي تُمكِّن من صياغة كلمة أو جملة ما عن طريق استخدام الأصابع، ويتم ذلك عن طريق تهجئة حروف كل كلمة بواسطة استخدام الإشارات المعنية بتمثيل كل حرف حتى تُشكَّل الكلمة أو تتم جملة متكاملة، وتُعَدُّ هذه الطريقة هي الأنسب في حال عدم معرفة الإشارات الخاصة بالكلمات.

2. موضع واتجاه اليد في لغة الإشارة:

في لغة الإشارة قد تتشابه بعض الكلمات في حركتها، ولكنَّ نقطة الاختلاف تكمن في المكان الذي تُوضَع فيه كل يد، ومن ثم فإنَّه لا بد من معرفة المكان الصحيح للإشارة، وننوِّه إلى أنَّ حركات لغة الإشارة تبدأ من المنطقة الواقعة بين الجبين والأذنين وصولاً إلى منطقة الخصر، كما يجب الانتباه إلى اتجاه كف اليد في أثناء التعبير عن الكلمات باستخدام الإشارات.

3. أشكال اليد الأساسية:

إنَّ الأشكال المخصصة للتعبير عن لغة الإشارة تختلف في دلالاتها باختلاف اللغة، ونُبيِّن فيما يأتي بعض الأشكال الأساسية التي تستخدمها اليد في لغات الإشارة:

  • يد منقبضة متَّجهة إلى الأعلى.
  • يد منبسطة متَّجهة إلى الأعلى ومواجِهة للخارج.
  • يد منبسطة متَّجهة إلى الأعلى ومواجِهة للخارج بأصابع متباعدة.
  • يد متَّجهة إلى الأسفل بأصابع قليلة الانحناء.
  • أصابع مضمومة.
  • أصابع منحنية إلى الداخل واليد إلى الخارج.
  • الأصابع وراحة اليد يشكلون زاوية قائمة.

4. معرفة المفردات:

تمتلك لغة الإشارة قاعدة بيانات ضخمة تشمل الأرقام والأيام والاتجاهات والأوقات؛ لذا لا بدَّ من تعلُّم المفردات الخاصة بهذه اللغة، والاستمرار في توسيع مدارك المُتعلِّم بما يخص لغة الإشارة.

إقرأ أيضاً: ضعف السمع عند كبار السن: أسبابه، واعراضه، ودرجاته، وطرق تحسينه وعلاجه

5. قراءة علامات الوجه:

إنَّ لغة الإشارة لا تقتصر على حركات اليدين فقط؛ بل لها ارتباطات وثيقة بالرأس والذراعين والجذع العلوي والوجه حتى تتكامل أدواتها، وتتعاون أجزاء الجسم البشري من أجل إيصال المعنى والرسالة، وعلى سبيل المثال، فإنَّ رفع الحاجبين إلى الأعلى يدل على أنَّ الجملة التي نُطِقَت هي عبارة عن سؤال.

إنَّ استخدام لغة الإشارة يساعد على التواصل مع الصم والأشخاص الذين يعانون من صعوبات السمع بشكل فعَّال، وعلى الرغم من اختلاف لغة الإشارة في كل بلد حسب اللغة المحكيَّة المنطوقة فيها، إلَّا أنَّ حركات اليدين والجسد تتشابه في الشكل، ويكون اختلافها في الدلالة والمعنى المقصود.

فمن لغة الإشارة العربية إلى الفرنسية إلى البريطانية إلى الأمريكية وغيرها، تتعدَّد الإشارات والهدف واحد: حروف تُقَال دون أن تُنطَق، وكلمات تُعبِّر دون أن تُلفَظ.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة