تأثير تجربة الموظفين في تجربة العملاء

يريد كل رجل أعمال أن يتمتع عملاؤه بتجربة رائعة في كل مرة يتعاملون فيها مع شركته؛ إذ تُعَدُّ تجربة العملاء بمنزلة أمر أساسي للغاية في الشركات؛ والتي تنفق مبالغ كبيرة على اكتشاف وتنفيذ أفضل تجربة ممكنة للعملاء.



تُعَدُّ تجربة الموظفين مع الشركة أمراً أقل أهمية، ولكنَّها في الحقيقية ليست كذلك؛ ففي مايو/ أيار عام 2016 صرَّح "آدم هيل" (Adam Hale)، الرئيس التنفيذي الحالي لشركة "سيج بيبول" (Sage People) أنَّ: "المؤسسات تستثمر الملايين في بناء استراتيجيات دراسة العملاء، ولكنَّها نادراً ما تعرف أيَّة معلومات عن موظفيها".

ترتبط تجربة العملاء وتجربة الموظفين ارتباطاً وثيقاً:

من الواضح بشكل متزايد أنَّ التجربتين مرتبطتان ارتباطاً وثيقاً، وأنَّهما تؤثران في بعضهما بأكثر الطرائق جوهرية، فمن دون موظفيك لن تتمكن من تقديم أي نوع من التجارب للعملاء، وإذا لم يكن موظفوك مندمجين وسعداء في عملهم، فلن يكونوا قادرين أو لن يرغبوا في تقديم تجربة رائعة لعملائك.

إذاً، هنا هو التحدي الذي يواجهه رجال الأعمال؛ فإذا كنت ترغب في إجراء تحسينات كبيرة على استراتيجيات تجربة العملاء، فستحتاج أولاً إلى التركيز بشكل أكبر في إشراك القوى العاملة لديك، فمن المنطقي أنَّه إذا كان هناك أي نوع من الانفصال بين كيفية تعامل الشركة مع الموظفين وكيف يُتوقَّع من الموظفين معاملة العملاء، فسيكون هناك استياء من قِبل الموظفين وسيؤثر ذلك في علاقتهم مع العملاء؛ إذ تُظهِر مجموعة متزايدة من الأبحاث أنَّ القوة العاملة المشاركة هي المفتاح لتجربة أفضل للعملاء.

في دراسة معيار المشاركة في التوظيف لعام 2016، أفادت شركة "تيمكن غروب" (Temkin Group) أنَّ: الشركات التي تتفوق في تجربة العملاء لديها عدد الموظفين المتفاعلين 1.5 ضعف أولئك الذين يتأخرون في تجربة العملاء؛ ولذلك يمكننا أن نتَّفق جميعاً على أنَّ مشاركة الموظفين أمر بالغ الأهمية.

وإذا كان التخصيص والعناية الشخصية هو ما يميز العلامة التجارية، فيجب أن تحقق تجربة الموظف في تلك الشركة تلك القيم، وبهذه الطريقة يختبر الموظفون فوائد العلامة التجارية بشكل مباشر، وهذا يجعلهم مجهَّزين بشكل أفضل ومحفَّزين لتعزيزها وإيصالها للعملاء، كما أنَّه يساعد على غرس ثقافة مميزة، التي بدورها تساعد على جذب والاحتفاظ بالموظفين الذين يتوافقون مع الثقافة والذين من المرجَّح أن يزدهروا فيها.

على سبيل المثال، شركة "ستاربكس" (Starbucks) معروفة جيداً بمزايا الموظفين الفريدة والسخية؛ بما في ذلك التأمين الصحي للموظفين العاملين بدوام جزئي، والتعليم المجاني للقوى العاملة بأكملها؛ إذ أَظهَرت دراسة أُجريَت على العملاء في عام 2014 أنَّ 87% من انجذابهم نحو العلامة التجارية مدفوع بالطريقة التي يعاملون بها الموظفين؛ لذا فإنَّ إعطاء الأولوية لاحتياجات موظفيها، يساعد "ستاربكس" حقاً على بناء علامتها التجارية وزيادة المبيعات.

إقرأ أيضاً: سر كسب الزَّبائن وتوسيع نطاق عملك

أهمية التوظيف والتدريب:

عند التوظيف يجب أن تفكر الشركات بعناية في ملف تعريف الأشخاص الذين توظفهم، ولبناء تجربة عملاء رائعة يجب أن يكون لديك موظفون ينسجمون مع روح شركتك؛ إذ يحتاج المديرون إلى تحديد السلوكات والقيم الأساسية التي تتطلبها شركتك ثم توظيف الأشخاص بناءً على تلك المعلومات، فلا توظِّف بناءً على المهارات وحدها؛ أي ابحث عن الأشخاص المناسبين، بالإضافة إلى المواقف الصحيحة وبعد ذلك يمكنك تعليمهم المهارات الخاصة التي يحتاجون إليها للتميُّز في شركتك؛ فيجب أن يكون التدريب المُقدم ملهماً وداعماً ويجب أن يعزز كيف يمكن لأي موظف تحويل قيم الشركة والعلامة التجارية إلى ميزة تنافسية.

إذ إنَّ التدريب الفعال دون استثمار ضخم - سواءً مالياً أم من حيث الموارد - يمكن أن يحول الموظفين إلى سفراء للعلامة التجارية، وهذا لا يُقدَّر بثمن؛ إذ سيكون موظفوك ملتزمين تماماً بأهداف الشركة وسيرغبون في رؤيتها تنجح، وسيبذلون قصارى جهدهم لتحقيق ذلك، كما أنَّهم سيرغبون في البقاء على الأمد الطويل.

وفخر الموظفين بعلامتك التجارية سينقل حماستهم إلى العملاء، وعلاوة على ذلك، كل هذا يؤدي إلى زيادة المبيعات وزيادة رضى العملاء، وبطبيعة الحال سترغب في إنشاء تواصل مع الموظفين للحصول على تغذيتهم الراجعة وضمان مشاركتهم في توجيه الأعمال.

تظل استطلاعات المشاركة المنتظمة أداة قيمة، ولكن بغض النظر عن استطلاعات الرأي المنتظمة لموظفيك، لن تكون هناك فائدة إذا لم تتخذ إجراءً بشأن النتائج؛ إذ يُعَدُّ توصيل التزام شركتك برفاهية الموظفين بطريقة هادفة من خلال معرفة النتائج هو أفضل طريقة لبدء حوار ثنائي الاتجاه، وعندها فقط ستكون قادراً على تعزيز تفاعل الموظفين وبنائه؛ فلا يوجد شيء أكثر إحباطاً للموظفين من مطالبتهم بإبداء آرائهم، ومن ثم تجاهل هذه التغذية الراجعة.

وربما يكون هذا أكثر ضرراً من عدم إجراء استطلاع على الإطلاق، وفي النهاية سيؤدي إلى ضعف الارتباط وانخفاض الروح المعنوية، ولا شك أنَّ موظفيك هم أهم عنصر في شركتك؛ والأهم من ذلك أنَّهم يستطيعون تزويدك بمعلومات حيوية عن تجربة العملاء الخاصة بك؛ وذلك لأنَّ لديهم غالباً أفكاراً رائعة حول تحسين منتجات وعمليات شركتك؛ لذا وظِّف بحكمة ودرِّب بعناية وعاملهم بشكل جيد واستمع جيداً لما يقولونه لك وتصرَّف بناءً على تغذيتهم الراجعة، وسيكون لديك جيش من أكبر المدافعين عنك.

وهذا الولاء والحماسة للعلامة التجارية سينتقلان بسلاسة إلى تجربة العملاء الخاصة بك، كما قال "السير ريتشارد برانسون" (Sir Richard Branson): "الموظفون هم الأهم؛ فإذا كنت تعتني بموظفيك، فسوف يعتنون بعملائك".

المصدر




مقالات مرتبطة