تأثير الأدوية في شخصية وأداء الأطفال

يسأل العديد من الآباء الذين أعمل معهم السؤال: "هل يجب أن نعطي أولادنا الدواء؟"، إليك فيما يأتي الأساسيات التي قد ترغب في معرفتها ووضعها في الحسبان. لا توجد طريقة للتنبؤ بما سيؤدي إليه تناول الأدوية لأي طفل، ولا توجد أيضاً طريقة لمعرفة الآثار الجانبية في وقت مبكر بخلاف تلك التي يقلق معظمنا بشأنها بالفعل: كمشكلات النوم، وتأخُّر الطول، وانخفاض الشهية، وفقدان الوزن، وربما تقلُّبات مزاجية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الطبيب النفسي "أنتوني راو" (Anthony Rao)، ويخبرنا فيه عن تجربته في تأثير الدواء في الأطفال.

أبلغني بعض الآباء والأطفال الأكبر سناً، عن انهيار في الشخصية، وواجهتُ أيضاً حالاتٍ نادرة عانى فيها أصحابها من القلق بشأن حالات القلب الصحية؛ فأنا لا أقول هذا لتخويف أو تثبيط عزيمة الوالدين، ولكن للتأكيد على خطورة هذه الأدوية؛ لذلك استشر دائماً طبيب الأطفال، وإذا أمكن طبيباً نفسياً، وقد يتحمل معظم الأطفال الآثار الجانبية، أو ربما تكون الآثار الجانبية خفيفة، ولكن كن دائماً على قدرٍ من الحذر والمسؤولية في هذا الأمر.

تعزِّز المنشطات النفسية الأداء؛ وهذا يعني أنَّ لها تأثيراً في الجميع، ومن المرجح أن يتحسن تركيز الأطفال، ويكونوا أقل اندفاعاً وتهوراً بسبب هذه الأدوية، كما تظهر هذه الأعراض لدينا نحن البالغون أيضاً؛ لذلك لا نودُّ أن تعتقد أنَّ تشخيص اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) مؤكد فقط لأنَّك ترى تغييراً كهذا لدى الطفل.

حاول أن تبقى أيضاً مدرِكاً للمشكلات غير المتوقعة التي قد تأتي لاحقاً؛ إذ رأيتُ العديد من الشباب الذين بدؤوا باستخدام الدواء بوصفه "عكازاً نفسياً"؛ فهذا ما قالوه هم، وأصبحوا يعتقدون أنَّهم بحاجة إلى الدواء لأداء واجباتهم المدرسية، والجلوس في الفصل، والدخول إلى الكلية وإنهاء مراحلها.

لقد واجه الكثيرون صعوبةً في التعامل مع متطلبات وظيفتهم الأولى، واعتمدوا على الأدوية لدرجة أنَّهم شعروا بالذعر من فكرة أنَّهم لن يكونوا قادرين على مواجهة العمل من دونها؛ إذ يمكن أن نشعر بالإدمان على مادة تسبب تأثيراً أو تغييراً في العقل.

هذا هو السبب في أنَّني أوصي الآباء دائماً بعدم استخدام الأدوية دون استشارة طبيب، وينبغي أن يعمل الناس دائماً على تحسين أنفسهم، وتحديد نقاط القوة والضعف، وتغذية نموِّهم في أي عمر؛ لذا آمن بطفلك وآمن بنفسك أولاً قبل أن تؤمن بالأدوية.

في الواقع، إنَّ العلاجات المختارة، التي يوصى بها الآن في بداية تشخيص اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هي غير طبية؛ بل هي تدريبات سلوكية، ودروس خاصة، وأنواع تدخلات تنظيمية؛ إذ لكل من هذه الإجراءات تأثير أفضل من الأدوية على الأمد الطويل، وفقاً للبحث.

وعلى عكس الأدوية، ربما يكون هذا بسبب أنَّ هذه التدخلات تطوِّر مهارات جديدة، وتغيِّر الدماغ للأفضل؛ وذلك من خلال التعلم وتطبيق طرائق جديدة للتكيف، وتثبط الأدوية الأعراض غير المرغوب فيها، من واقع خبرتي، وخاصةً الاندفاع وفرط النشاط، ويتحسن التركيز أيضاً، ولكن عند التوقف عن تناول الأدوية، يعود الأطفال إلى حيث بدؤوا.

إقرأ أيضاً: أهم أنواع المُسكّنات، استخداماتها، وآثارها الجانبيّة

إذا كان طفلك يتناول المنشطات النفسية، فقد تلاحظ تحسناً مفاجئاً في درجاته، وقد يبدو ذلك رائعاً، ولكن حذار؛ إذ تُظهر الأدلة أنَّ الزيادة في الدرجات قد لا تكون عن التعلم الأفضل، ولكن بالأحرى، عن أداء الأطفال أداءً أفضل في الاختبارات التي لا تُترجَم إلى مكاسب على الأمد الطويل، وأيضاً، الطريقة التي يقيِّم بها الأستاذ الدرجة يمكن أن تكون منحازة، فيعتمد على السلوك بدلاً من الإنجاز الحقيقي.

أخيراً، إذا جرَّبتَ أدوية لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، فاحرص دائماً على وضع استراتيجية توقف عن هذه الأدوية؛ فحاول أن تَعُدَّ هذا الأمر تدخُّلاً مؤقتاً، وحاول الحصول على استراحة من هذه الأدوية أيضاً، على سبيل المثال: في عطلات نهاية الأسبوع، وفي أيام العطل، وخلال الصيف.

يَحِلُّ علم النفس السلوكي محل الأدوية، لقد لاحظت أداءً جيداً لدى بعض الأطفال وسيئاً لدى بعضهم الآخر عند تناول الأدوية، ولم يكن من الممكن توقُّع حدوث ذلك في وقت مبكر.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تضمن الحفاظ على صحة الطفل

لديَّ العديد من المحاذير الأخرى والتي أطلب من الآباء النظر فيها؛ لذا أسأل دائماً عما إذا كان هناك قلق في اللعب، أو بعض المشكلات العاطفية الأساسية الأخرى، التي تخفي حقيقة أنَّها اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه.

هل هناك مشكلة تعليمية؟ أو مدرسة سيئة؟ أو صعوبات في التعلم؟ وهل هناك صراع عائلي، أو توتر لدى الأهل أو توتر بين الزوجين، أم أنَّ هناك مشكلة غذائية أو مشكلة نوم مرتبطة بأعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه؟

تأكد دائماً أنَّ أطفالك يحصلون على ما يكفي من التمرينات الرياضية اليومية المقوية، وأداء الحركات من جميع الأنواع، ومن الأفضل أن تكون في الهواء الطلق؛ إذ خفضَت هذه الإجراءات تخفيضاً كبيراً من أعراض اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).

المصدر




مقالات مرتبطة