بناء العقلية الفضولية!

ما بين العيب والحرام والمستحيل والمُسَلَم به قتَلنا الفضول لدى صغارنا! كيف نريد أن نرفع مستوى الفضول لدى جيل تربّى على إسقاط خاطئ لحديث الحبيب صلى الله عليه وسلم «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، ومن تفسير منقوص لقول الله تعالى «يا أيّها الّذين آمَنُوا لا تَسْأَلوا عنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكُم»؟!



وما بين فهم مجتمعي مُشَوَّه للفضول على أنه لقافة! بينما مجتمعات أخرى متقدمة تحفز وتدرب صغارها بكل الطرق لرفع مستوى الفضول لديهم لما له من فوائد كبرى، حيثُ أظهرت الدراسات أنّ الفضول يرتبط إيجابياً بالذكاء.

وقد نشرت مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي عام 2002 دراسة طولية لأطفال كان عمرهم 3 سنوات تم قياس قدراتهم المعرفية في سنّ 11 عاماً، وكانت النتائج أن الأطفال الصغار الذين لديهم فضولٌ عالٍ أصبح معدل الذكاء لديهم أعلى بـ 12 نقطة من الأطفال الصغار الذين يعانون من مستويات فضولٍ أقل.

كما ذكر الدكتور David Knopman أستاذ علم الأعصاب بمايو كلينك أنّ الفضول ينير فعلياً نظام المكافأة الحوفي بالدماغ، مما يُبْقِي العقل نشطاً، وبالتالي يساعد على الوقاية من الخرف المبكر. كما ذكر Kashdan صاحب كتاب «الفضول» أن الفضول يعزز العملية الإدراكية ويؤدي إلى زيادة القدرة على تنمية الشخصية من خلال الانفتاح على التجارب الجديدة، كما يجعلنا على استعداد لترك المألوف والروتيني وتحمل المخاطر.

وعليه من المهم تحفيز أنفسنا ومن حولنا بأشهر 4 طرق وجدتها متكررة في عدد من المراجع، والتي تساعد على رفع مستوى الفضول:

1. التساؤل:

يجب تحفيز ثقافة طرح السؤال والتدريب على مهارة الأسئلة المثيرة للتفكير، والتي ذكرتها في مقال سابق، والتي تُشجّع على التفكير الناقد والتحليلي، وتنقلنا من مرحلة الملاحظة إلى التفسير، ومن المعرفة إلى الاستنتاج.

إقرأ أيضاً: كيف تطرح الأسئلة بشكل جيّد وتدهش الآخرين!

2. التجربة:

خوض التجارب يُحفّز على الفضول، والفضول يُحفّز الدوبامين بالدماغ، وبالتالي الوصول إلى مستويات ضغط أقل، ومشاعر إيجابية وإحساس أكبر بالراحة والسعادة، كما أن التجربة تقوم بدور هام في كسر المُسَلَّمَات واختبارها من جديد.

3. التشجيع:

يجب تحفيز الفضول وعدم تجريم صاحبه وتخويفه وتخوينه والحكم عليه! فقط لأن لديه فضولاً نحو الحقيقة! بل من صالح المجتمعات رفع مستوى الفضول الذي يوصل أفرادها إلى الخروج من دوائرهم الاجتماعية الضيقة وقناعاتهم البسيطة، وتطوير مستويات أعمق لفهم الأشخاص ووجهات النظر المختلفة، مما يساعد على كسر الحواجز بين المختلفين والانتقال إلى وجود أكثر سلمية.

4. التدريب:

يجب ألا نقف عند مستوى قبول الفضول أو تشجيعه، بل يجب الانتقال إلى مستويات التأهيل والتدريب على مهارة الفضول وتوسيع مجال الإدراك بناء عليها، لأن معظم الاكتشافات العلمية والتحولات التاريخية في الأحكام والقرارات والسياسات أساسها الفضول، وعدم وجوده يؤدي إلى الجمود والتأخر.

 

المصدر: صحيفة مكة.




مقالات مرتبطة