النوم والأرق معضلة العصر عند المراهقين

النوم هو البلسم الذي يُهدئ روع الإنسان ويُعيد الحيوية بعد يوم طويل؛ إذ إنَّ النوم له علاقة وثيقة بساعة الجسم الداخلية، والتي تأخذ إشارات من العناصر الخارجية مثل ضوء الشمس ودرجة الحرارة.



تُعَدُّ الاضطرابات في دورة النوم معطلة لعمل العديد من أجهزة الجسم، ويتأثر التعلُّم والذاكرة والقدرة على التحمُّل والصحة العامة والمزاج في مدة النوم، وفي الواقع يعاني معظم الناس في مرحلة ما من حياتهم من صعوبة في النوم، وتشمل العواقب المحتملة لسوء النوم المستمر السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، ويمكن أن يؤثر الحرمان من النوم أيضاً في الصحة العقلية.

كم ساعة نوم أحتاج؟

تختلف احتياجات النوم من شخص إلى آخر وحسب الفئات العمرية، وقد يحتاج شخص واحد إلى ثماني ساعات كاملة، بينما يمكن لشخص آخر أن يعيش بشكل طبيعي بساعات أقل من النوم، ويوجد اختلاف حتى ضمن الفئات العمرية، لكن بشكل عام تقدِّم مؤسسة النوم الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية إرشادات النوم اليومية الآتية:

  1. الرضع 4 - 11 شهراً: 12-15 ساعة.
  2. الأطفال في سن المدرسة 6 -13: 9 - 11 ساعة.
  3. المراهقون 14 - 17: 8 - 10 ساعات.
  4. الشباب 18 - 25: 7 - 9 ساعات.
  5. الكبار 26 - 64: 7 - 9 ساعات.
  6. كبار السن 65+: 7 - 8 ساعات.

ما هو الوقت اللازم للدخول في عملية النوم؟

بشكل عام يجب أن يستغرق الأمر حوالي 10 إلى 20 دقيقة حتى يدخل الشخص في النوم، لكن إذا أدرك المرء أنَّ الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً - سواء استغرق 20 دقيقة أم ساعة - فقد يؤدي ذلك إلى إثارة القلق بشأن النوم الذي يؤثر سلباً في جودته.

الاستغراق في النوم بمجرد أن يلمس الرأس الوسادة ليس دليلاً على أنَّ المرء ينام جيداً؛ بل هي على الأرجح إشارة إلى أنَّ الفرد محروم من النوم.

هل يحتاج بعض الناس إلى ساعات نوم أكثر من غيرهم؟

قد يشعر بعض الناس بالارتياح بعد 7 ساعات من النوم، بينما لا يشعر الآخرون بالراحة إلَّا إذا حصلوا على 9 ساعات، ويبدو أنَّه يوجد أفراد نادرين يمكنهم العمل بكفاءة بوجود عدد ساعات نوم أقل، وتشير الدلائل إلى أنَّ السبب هو الجينات، وعلى العكس من ذلك يبدو أنَّه يوجد بعض الأشخاص الذين يحتاجون إلى فترات نوم أطول بشكل ملحوظ - تصل إلى 10 ساعات في الليلة - للعمل على النحو الأمثل.

شاهد: 6 معلومات قد لاتعرفها عن النوم

هل يمكن للإنسان أن يعرف حقاً أنَّ نومه قليل؟

الأشخاص الذين ينامون لفترة قصيرة أو أولئك الذين تمت برمجتهم وراثياً للحصول على نوم أقل من المتوسط موجودون بالفعل، ويُعتقد أنَّهم يشكلون ما يقرب من 5% من السكان، ومع ذلك فإنَّ العديد من الأشخاص الذين يعتقدون أنَّهم يعملون بشكل جيد مع قلة النوم، قد يكونون في الواقع محرومين من النوم بشكل مزمن؛ إذ تشير الأدلة إلى أنَّه من الصعب على الناس الحكم بشكل موضوعي على حالتهم العقلية بعد عدة ليالٍ من قلة النوم.

كيف يمكنني النوم بشكل أفضل؟

  1. تأكَّد من أنَّ غرفة نومك باردة ومظلمة.
  2. استخدِم سريرك فقط للجنس والنوم.
  3. تجنَّب الكافيين بعد الظهر.
  4. تجنَّب جميع الشاشات لمدة ساعة على الأقل قبل النوم؛ إذ يؤخر الضوء الأزرق في الشاشات زمن وصول النوم بمعدل 10 دقائق ويثبط الميلاتونين.
  5. تجنَّب النوم أمام التلفاز.

ما هي الأدوات التي يمكن أن تساعدني على النوم؟

يؤيد العديد من خبراء النوم أنَّ استخدام البطانيات الثقيلة يساعد الناس على النوم، وخصوصاً لمن يعانون من حالات مرضية مثل متلازمة تململ الساق، ويجد المستخدمون أنَّ البطانيات توفر نوعاً من الراحة مثل العناق أو التقميط للأطفال.

يمكن أن يساعد ارتداء سوار لتتبُّع النوم على تسجيل وقت النوم والاستيقاظ، واكتشاف النوم المتقطع، ومن المفارقات أنَّ فائدته الأساسية قد تكون طمأنة أولئك الذين يعتقدون أنَّهم لا ينامون أبداً، وهي ظاهرة تُعرف بالأرق المتناقض.

هل تُعَدُّ ظاهرة الأرق عند المراهقين طبيعية؟

إنَّها أيام الصيف الحارة التي ستجد فيها بعض المراهقين مستيقظين في وقت متأخر من الليل وينامون حتى الظهر، ويوجد دليل واضح على أنَّ السهر والاستيقاظ في وقت متأخر من اليوم هو سلوك طبيعي نوعاً ما في مرحلة المراهقة، فعندما يدخل الشباب سن البلوغ فإنَّهم يواجهون تغييراً طبيعياً في إيقاعاتهم اليومية "العملية البيولوجية التي تنظم دورة النوم والاستيقاظ لدينا" وتسمى "تأخير مرحلة النوم"، وعلى الرغم من أنَّ المراهقين يميلون إلى السهر لوقت متأخر، إلَّا أنَّهم ما زالوا يحتاجون من ثماني إلى عشر ساعات من النوم كل ليلة.

هؤلاء المراهقون "الكسالى" الذين يستيقظون من الفراش في الوقت المناسب لتناول طعام الغداء، ربما يستمعون إلى أجسادهم لا أكثر ولا أقل، ويصبح هذا الأمر مشكلة عندما يعطل مجتمعنا الحديث دورات الاستيقاظ والنوم الطبيعية للمراهقين؛ مما يؤدي إلى ما وصفته مجموعة من الباحثين بـ "عاصفة مثالية" من اضطرابات النوم للمراهقين.

الضوء والأزرق والمراهقين:

ثَبُتَ أنَّ الضوء الأزرق المنبعث من التكنولوجيا الحديثة - الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية وأجهزة التلفزيون - يزعج إيقاعات الساعة البيولوجية لدينا ويُبقينا مستيقظين، في حين أنَّ هذا ينطبق على الأشخاص من جميع الأعمار، فقد وجدت الدراسات التي أُجريت على كل من الحيوانات والبشر أنَّ المراهقين أكثر تأثراً في الضوء الأزرق مقارنة بالأشخاص من الأعمار الأخرى.

عندما تتخيل مراهقاً مستيقظاً في منتصف الليل، ماذا تتخيل أنَّهم يفعلون؟ يقومون على الأرجح بمشاهدة فيلم أو لعب ألعاب فيديو أو تبادل الرسائل النصية مع الأصدقاء؛ أي كل الأنشطة التي ستجعل من الصعب عليهم النوم لاحقاً.

لماذا تبدأ المدارس في وقت مبكر من الصباح؟

تبدأ معظم المدارس المتوسطة والثانوية في وقت مبكر من الصباح؛ مما يجعلها غير متزامنة مع إيقاعات الساعة البيولوجية الطبيعية للمراهقين، وتُوصي مؤسسة النوم الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية بأن تبدأ المدارس المتوسطة والثانوية الدراسة في موعد لا يتجاوز الساعة 8:30 صباحاً لمنح الطلاب فرصة النوم لاحقاً.

شاهد أيضاً: 7 نصائح مضمونة للحصول على نوم أفضل ليلاً

الأرق يزداد مع تطور الحياة:

تساهم الضغوطات الأكاديمية والاجتماعية المتزايدة - التي تتطلب المزيد من استخدام التكنولوجيا - في المشكلة؛ مما يجعل من الصعب على المراهقين الحصول على قسط كافٍ من النوم، فقد أفاد 22% فقط من طلاب المدارس الثانوية الأمريكية أنَّهم حصلوا على ثماني ساعات على الأقل من النوم كل ليلة، بانخفاض قدره 31% عما سبق وفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

إقرأ أيضاً: ما هي أضرار استعمال الأجهزة الإلكترونية قبل النوم؟

هل الأرق يضر بالمراهقين إلى هذا الحد؟

تُظهر الأدلة أنَّ الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم ضروري للصحة العامة للمراهقين؛ إذ وجدت المراجعات المنهجية أنَّ اضطرابات النوم لدى الشباب مرتبطة بالاكتئاب والتفاعل العاطفي والسمنة وسلوكات المخاطرة، والنوم يعزز التعلُّم والذاكرة، وعدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم يزيد من صعوبات التركيز في المدرسة.

إقرأ أيضاً: النوم: أثره على الصحة، وانعكاسه على الإنتاجية

في الختام:

من المعروف أنَّ النوم يسمح للجسم والدماغ بتجديد الطاقة، كما يُفترض أنَّ توطيد الذاكرة ومعالجة المعلومات والنمو البدني وترميم العضلات وعمليات أخرى لا حصر لها تحدث في أثناء النوم، والنوم هام أيضاً لتقوية جهاز المناعة والسماح للجسم بمقاومة الأمراض، وبعد كل هذه الفوائد العظيمة للنوم يمكننا أن ننصحك في نهاية هذا المقال بأن تراجع طبيبك النفسي عندما تواجه أيَّة مشكلة في النوم لفترة تزيد عن أسبوع، فقد يكون اضطراب النوم هو التظاهر الأول لعدة اضطرابات نفسية، وكما نعلم أنَّ أهم عامل في شفاء للمرض النفسي هو التشخيص الباكر.

المصادر: 1،2،3




مقالات مرتبطة