النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر": ملائمة أسلوب القيادة مع الظرف

ما هو أسلوب القيادة الطبيعي الخاص بك؟

هل تركز على إتمام المهمة أم على بناء العلاقات مع فريقك؟ هل تعتقد أنَّ أسلوب القيادة الطبيعي هذا قد يكون ملائماً لبعض الحالات أكثر من الحالات الأخرى؟

سنستكشف في هذا المقال النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر"، وسنرى كيف يمكن لهذا النموذج أن يسلط الضوء على أسلوب القيادة الأكثر الفعالية والذي يمكن استخدامه في مختلف الظروف.

لقد تأسس النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر" في أواسط الستينيات من القرن الماضي بواسطة العالم "فريد فيدلر" (Fred Fiedler) الذي درس شخصيات القادة وصفاتهم. يشير هذا النموذج إلى أنَّه ليس ثمة أسلوباً واحداً يمكننا أن نعدَّه الأسلوب الأفضل للقيادة، حيث تعتمد فعالية القائد التي تنتج عن عاملَيْن هما "أسلوب القيادة" و"الظرف الملائم" (الذي أُطلق عليه لاحقاً اسم "السيطرة الظرفية") على الظرف التي يعمل ضمنه القائد.



أولاً: أسلوب القيادة:

إنَّ تحديد أسلوب القيادة هو أولى خطوات استخدام النموذج. حيث يعتقد "فيدلر" أنَّ أسلوب القيادة يتسم بالثبات، بالإضافة إلى أنَّه يمكن قياسه باستخدام مقياسٍ طوَّره "فيدلر" يدعى "مقياس الزميل الأقل تفضيلاً" (انظر إلى الجدول رقم 1). يطلب منك هذا المقياس التفكير في الشخص الذي تشعر بأقل درجة من درجات المتعة وأنت تعمل معه. قد يكون هذا الشخص شخصاً تعمل، أو تدرس، أو تتدرب معه. ومن ثم تقوِّم شعورك تجاه هذا الشخص وفقاً لكل عامل من العوامل وتحسب نتيجتك. إذا كانت نتيجتك النهائية مرتفعة فأنت على الأرجح قائدٌ تهتم بالعلاقات. أمَّا إذا كانت نتيجتك النهائية منخفضة فأنت على الأرجح قائدٌ تهتم بالمهام.

الجدول 1:  مقياس زميل العمل الأقل تفضيلاً:

عدواني

1

2

3

4

5

6

7

8

ودود

مزعج

1

2

3

4

5

6

7

8

لطيف

رافض

1

2

3

4

5

6

7

8

مُتقبِّل

متوتر

1

2

3

4

5

6

7

8

هادئ

بارد

1

2

3

4

5

6

7

8

دافئ

ممل

1

2

3

4

5

6

7

8

ممتع

نمَّام

1

2

3

4

5

6

7

8

وفيّ

غير متعاون

1

2

3

4

5

6

7

8

متعاون

عدواني

1

2

3

4

5

6

7

8

داعم

متحفِّظ

1      

2

3

4

5

6

7

8

منفتح

مخادع

1      

2

3

4

5

6

7

8

مخلص

فظ

1      

2

3

4

5

6

7

8

لطيف

لا مبالٍ

1      

2

3

4

5

6

7

8

يراعي الآخرين

غير جديرٍ بالثقة

1      

2

3

4

5

6

7

8

جديرٌ بالثقة

كئيب

1      

2

3

4

5

6

7

8

مبتهج

مشاكس

 

 

 

 

 

 

 

 

متآلف

يشير النموذج إلى أنَّ القادة الذين يهتمون بالمهمات ينظرون عادةً بشكلٍ سلبي إلى الزملاء الأقل تفضيلاً وهذا ما يؤدي إلى انخفاض النتيجة التي يحققونها. يُطلق "فيدلر" على هؤلاء القادة اسم "القادة ذوو النظرة السلبية تجاه الزملاء الأقل تفضيلاً". حيث يُعدُّ هؤلاء القادة فعالين جداً فيما يتعلق بإتمام المهام. فهم يتسمون بالسرعة في تنظيم المجموعات في سبيل إنجاز المهام والمشاريع. بينما لا يشكل بناء العلاقات أولويةً بالنسبة لهم.

بينما بالنسبة إلى القادة الذين يهتمون بالعلاقات فهم ينظرون عادةً بشكلٍ إيجابي إلى الزملاء الأقل تفضيلاً بالنسبة إليهم وهذا ما يجعلهم يحصلون على نتيجةٍ مرتفعة. يدعى هؤلاء القادة بالقادة ذوي النظرة الإيجابية تجاه الزملاء الأقل تفضيلاً. يركز هؤلاء القادة على الروابط الشخصية، كما أنَّهم بارعون في تجنب الصراعات وإدارتها، وهُم قادرون بشكلٍ أكبر على اتخاذ القرارات المعقدة.

ثانياً: الظرف الملائم:

الخطوة الآتية هي تحديد "الظرف الملائم"، حيث يعتمد ذلك على ثلاثة عوامل بارزة:

  • العلاقة بين القائد وأعضاء الفريق: وهو مستوى الثقة التي تتمتع بها في نظر أعضاء فريقك. حيث يُعدُّ القائد الموثوق والذي يمتلك تأثيراً أكبر في المجموعة ضمن ظرفٍ أفضل من الظرف المحيط بالقائد الذي لا يتمتع بالثقة.
  • بنية المهمة: يشير هذا إلى نوع المهمة التي تقوم بها، هل هي مهمة واضحة ومنظمة، أم أنَّها غامضة وعشوائية. حيث يُنظَر إلى المهام غير المنظمة أو المهام التي لا يمتلك الفريق والقائد الكثير من المعلومات حول كيفية إنجازها على أنَّها مهام غير ملائمة.
  • سلطة المنصب الذي يتمتع به القائد: وهي حجم السلطة التي تتمتع بها فيما يتعلق بتوجيه المجموعة، أو تقديم المكافآت، أو فرض العقوبات. فكلما زاد حجم السلطة التي تتمتع بها كلما أصبحت في ظرفٍ ملائمٍ بشكلٍ أكبر. حيث يشير "فيدلر" إلى أنَّ السلطة إما أن تكون سلطةً واسعة أو سلطةً ضعيفة.

ثالثاً: تطبيق النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر":

الخطوة الأولى: تحديد أسلوب القيادة الخاص بك:

فكِّر في شخصٍ تشعر بأدنى درجات المتعة وأنت تعمل معه سواءً في الوقت الحاضر أو في الماضي. وصنِّف تجربتك مع هذا الشخص باستخدام المقياس الموجود في الجدول1. وفقاً لهذا النموذج النتيجة المرتفعة تعني أنَّك تركز على العلاقات بشكلٍ طبيعي، أمَّا النتيجة المنخفضة فتعني أنَّك تركز على المهام بشكلٍ طبيعي.

الخطوة الثانية: حدد ظرفك:

أجب عن الأسئلة:

  • هل العلاقة بين القائد وأعضاء الفريق جيدة أم سيئة؟
  • هل المهمة التي تؤديها منظمة، أم أنَّها غير منظمة، أم أنَّك لا تتمتع بكثير من الخبرة في حل المشكلات المشابهة؟
  • هل تتمتع بسلطةٍ واسعةٍ أم ضعيفة على فريقك؟

الخطوة الثالثة: حدد أسلوب القيادة الأكثر فعالية:

يتضمن الجدول2 عرضاً لجميع العوامل التي ناقشناها وهي: العلاقات بين القائد وأعضاء الفريق، وبنية المهمة، والسلطة التي يتمتع بها القائد من خلال المنصب الذي يشغله. يحدد العمود الأخير نوع القائد الذي يعتقد "فيدلر" أنَّه سيكون أكثر فعاليةً في كل ظرفٍ من الظروف.

الجدول2: قائمة أسلوب القيادة الأكثر فعالية:

العلاقات بين القائد والأعضاء

بنية المهمة

سلطة المنصب الذي يتمتع به القائد

القائد الأكثر فعالية

قوية

منظمة

واسعة

القائد ذو النظرة السلبية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

قوية

منظمة

ضعيفة

القائد ذو النظرة السلبية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

قوية

غير منظمة

واسعة

القائد ذو النظرة السلبية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

قوية

غير منظمة

ضعيفة

القائد ذو النظرة الإيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

ضعيفة

منظمة

واسعة

القائد ذو النظرة الإيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

ضعيفة

منظمة

ضعيفة

القائد ذو النظرة الإيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

ضعيفة

غير منظمة

واسعة

القائد ذو النظرة الإيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

ضعيفة

غير منظمة

ضعيفة

القائد ذو النظرة السلبية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً.

تخيل على سبيل المثال أنَّك بدأت العمل للتو في شركةٍ جديدة، وأنَّك حللت مكان قائدٍ تقاعد مؤخراً وكان ذلك القائد يحظى بكثيرٍ من الحب. في هذه الحالة أنت تقود فريقاً ينظر أعضاءه إليك نظرةً تملؤها الريبة (وبالتالي فإنَّ العلاقات ستكون سيئةً بين القائد وأعضاء الفريق). إنَّ المهمة التي تؤدونها معاً هي مهمةٌ واضحة المعالم (منظمة)، وبما أنَّك المدير فإنَّ المنصب الذي تشغله يعطيك سلطاتٍ واسعة، كما أنَّك قادرٌ على منح المكافآت وإنزال العقوبات بأعضاء المجموعة. إنَّ القائد الأكثر فعالية في هذه الحالة هو القائد ذو النظرة الإيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً وهذا يعني أنَّه قائدٌ يمكنه التركيز على بناء العلاقات في المقام الأول.

من ناحيةٍ أخرى تخيل أنَّك تقود فريقاً يحبك ويحترمك (وبالتالي فإنَّ العلاقة جيدة بين القائد وأعضاء الفريق). فالمشروع الذي تعملون فيه معاً يتطلب درجةً عاليةً من الإبداع (أي أنَّه غير منظم)، كما أنَّك تتمتع بسلطةٍ واسعة لأنَّك أيضاً تشغل منصباً قيادياً. في هذه الحالة سيكون أسلوب القيادة الذي يركز على المهام هو الأسلوب الأكثر فعالية.

رابعاً: الانتقادات الموجهة إلى النموذج:

ثمة بعض الانتقادات الموجهة إلى النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر". أحد أبرز هذه الانتقادات هو افتقار النموذج إلى المرونة. حيث يعتقد "فيدلر" أنَّه ولأنَّ أسلوب القيادة الطبيعي الخاص بنا هو أسلوبٌ ثابت فإنَّ الطريقة الأكثر فعالية للتعامل مع الظروف هي تغيير القائد. وبالتالي فإنَّه غير مرنٍ فيما يتعلق بالقادة.

على سبيل المثال، إذا كان القائد المسؤول عن المجموعة ذو نظرة سلبية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً وكانت العلاقات قوية بينه وبين أفرادها الذين كانوا يقومون بمهام غير منظمة وكان المنصب الذي يتمتع به القائد لا يمنحه سوى سلطةٍ ضيقة (الحالة الرابعة) بالتالي فإنَّ الحل الأفضل وفقاً للنموذج هو استبدال هذا القائد بقائدٍ ذو نظرةٍ إيجابية تجاه زملاء العمل الأقل تفضيلاً وذلك بدلاً من أن نطلب منه استخدام أسلوب قيادةٍ مختلف.

ثمة أيضاً مشكلةٌ مع مقياس زملاء العمل الأقل تفضيلاً وهي أنَّك إذا حققت درجةً متوسطة فلن يكون من الواضح عندئذٍ إلى أي نوعٍ من القادة تنتمي أنت.

ثمة أيضاً عددٌ من الانتقادات التي نُشرت حول النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر". أحد أبرز هذه الانتقادات هو "النموذج الظرفي: انتقادات واقتراحات" والذي نُشر في مجلة أكاديمية الإدارة (المجلد 13 رقم 13). حيث يقول الكاتب أنَّه حتى في ظل أفضل الظروف فإنَّ مصداقية مقياس زملاء العمل الأقل تفضيلاً تتراوح في حدود الـ 50%. ووفقاً للانتقادات فأنَّ مقياس زملاء العمل الأقل تفضيلاً قد لا يكون مقياساً يمكن الوثوق به فيما يخص قدرات القيادة.

من المحتمل أيضاً أن يكون بالفعل زميل العمل الأقل تفضيلاً بالنسبة لك شخصاً مرتبكاً، ومزعجاً، وشريراً (وهم أشخاصٌ موجودون بالفعل). فإذا لم تكن تمتلك ما يكفي من الحظ وواجهت شخصاً كهذا حتى ولو لمرةٍ واحدة خلال مسيرتك المهنية فإنَّك قد تُصنَّف دائماً بوصفك قائداً ذو نظرةٍ سلبية تجاه زملاء العمل مهما كنت في الواقع شخصاً مهتماً بالأشخاص.

ملاحظة:

نعتقد أنَّ القيادة التحويلية هي أفضل أسلوبٍ للقيادة في ظل أي ظرف من الظروف، ولكنَّنا نعتقد أيضاً أن ثمة أساليب أخرى للقيادة تُعدُّ ضروريةً في بعض الأحيان.

ففي رأينا أنَّ النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر" غير ذي نفعٍ في العديد من أماكن العمل في القرن الواحد والعشرين. صحيحٌ أنَّه قد يكون في بعض الأحيان أداةً تفيد في تحليل الظروف وتحديد ما إذا كان يتوجب علينا التركيز على المهام أم على العلاقات، ولكن كن حذراً من تطبيق أي نموذج لمجرد أنَّ النموذج يقول أنَّه يجب عليك أن تطبقه. قدِّر الوضع بنفسك عند تحليل الظروف.

النقاط الرئيسة:

يطلب منك النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر" التفكير في أسلوب القيادة الطبيعي الخاص بك والظروف التي سيكون استخدام هذا الأسلوب فيها أكثر فعالية. ولكنَّ النموذج على أية حال له بعض المساوئ، فهو ليس مرناً في الأمور التي تتعلق بالقيادة، كما أنَّ مقياس زملاء العمل الأقل تقديراً قد يعطي صورةً غير دقيقة عن أسلوب القيادة الخاص بك. وكما هو الأمر مع جميع النماذج والنظريات، استخدم تقديرك بالشكل الأفضل عند تطبيق النموذج الظرفي الخاص بـ "فيدلر" على حالتك.

 

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة