النجاح عند فشل الخطة

كلُّ شخصٍ يملك خطة "أ"، ومعظمنا لديه خطة "ب"، وبعضنا لديه خطة "ج". للأسف، بالنسبة إلى معظم الذين يضعون خطة "أ"؛ فإنَّ خطتهم تلك ليست "خطةً" بقدر ما هي "التصرفات التي يقومون بها مسبقاً في محاولة تحقيق الهدف"؛ وبالنسبة إلى أولئك الذين لديهم خطة "ب"، وربما خطة "ج"؛ فإنَّنا نعدُّ تلك الخطط احتياطية، ونلجأ إليها لنرتاح نوعاً ما عندما لا ننجح بالطريقة المثالية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "إيفان ترافر" (Evan Traver)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحقيق النجاح بوضع أكثر من خطة.

لذا من الطبيعي أن يكون لديك حياةٌ قائمةٌ على خطة "أ" غير واضحةٍ تماماً، وأن يكون لديك خطة "ب"، وخطة "ج" لا تساعدك على تحقيق أهدافك النهائية؛ بل تُسهِّل عليك التأقلم مع الإخفاق.

في الحالة المثالية، وبصرف النظر عن عدد الخطط الأساسية أو الخطط الاحتياطية لديك، يجب أن تكرسها جميعاً لتحقيق حلمك أو هدفك أو رؤيتك الأساسية.

أولاً، قبل وضع أيِّ خطط، يجب تحديد وجهتك بوضوح؛ إذ إنَّ أكثر الخطط المدروسة تكون معدومة الجدوى إذا كنت لا تعرف إلى أين تريد أن تتوجه؛ فقد يكون الانشغال واتباع خطةٍ ما عاملاً جيداً ومُحفِّزاً، لكن يمكن أن تسير في الاتجاه المخالف تماماً لأهدافك المرجوة؛ لذا لا تقع ضحيةً للأوهام التي يحدثها الانشغال والعمل.

لذلك حدِّد الهدف بوضوح، وبعد ذلك أجبر عقلك على الاعتقاد أنَّه بصرف النظر عمَّا سيحدث، فإنَّك ستحقق هذا الهدف؛ كيف سيبدو جسمك المثالي؟ ما هي الأهداف التي ستجعل حياتك مثالية عند تحقيقها؟ كيف يبدو الطريق إلى أهدافك؟ كم من الوقت والجهد ستحتاج إلى تكريسه لجعل حياتك مثالية؟

انظر إلى المستقبل قليلاً، وتخيَّل نتيجة هذه الأهداف، وأخبر عقلك أنَّ ذاك سيكون واقعك الجديد بصرف النظر عن الجهد المطلوب للوصول إليه؛ فبطرح هذه الأسئلة على نفسك في وقتٍ مبكرٍ ومتكرر، وتصور النتائج - والأهم من ذلك، السبب الكامن وراءها - سوف تتضح لك أهدافك، وعندها يجب عليك أن تكتبها حتى تظل واضحةً لك، ثم يحين وقت التخطيط بعد ذلك.

الخطة "أ":

يجب أن تكون خطتك "أ" هي الحالة المثالية؛ إذا نُفِّذ كلُّ شيء كما هو مخطط له، فستتمكن من تنفيذ خطتك "أ" بأقل قدرٍ من التعثر في طريقك نحو هدفك؛ وسيتحقق هدفك بسلاسةٍ بينما تتجه اتجاهاً منهجياً نحو حياتك المثالية، لكن من أجل تنفيذ الخطة "أ" تنفيذاً جيداً، يجب التخطيط لها تخطيطاً جيداً.

ما هو الهدف أو النتيجة المرجوة؟ ولماذا تريد تحقيق الهدف أو النتيجة المرجوة؟ متى تريد تحقيق هذا الهدف أو النتيجة؟ كن دقيقاً فيما يتعلق بالمواعيد، لكن كن واقعياً أيضاً فيها، ثم ضع خطة مخالفة تبدأ من تاريخ الموعد النهائي لإحراز الهدف، وتنتهي بتاريخ اليوم.

إذا كان هدفك هو أن تكون رائد أعمالٍ لا يرتبط عمله بمكانٍ محدد، فحدد تاريخاً تريد فيه أن يكون لديك شركة يمكنها أن تجعلك مكتفياً ذاتياً بنسبة 100%، ما هو مقدار الدخل الشهري الذي تحتاج شركتك إلى تحقيقه بحلول ذلك التاريخ حتى تكون مكتفياً ذاتياً؟ كم عدد العملاء أو الزبائن الذي سينتج عن ذلك؟

ثم ضع خطة مخالفة؛ إذا كان ذلك في شهر كانون الثاني/ يناير من عام 2026، وتريد أن تكون حرَّاً تماماً من حيث المكان الذي تمارس منه عملك بحلول شهر كانون الأول/ ديسمبر لعام 2026، فما هو مقدار الأموال التي تحتاج إلى جنيها في الربع الثالث من السنة حتى يصل نموك في الربع الرابع إلى مستوى الدخل الذي تريده؟ ماذا عن الربع الثاني؟ ما هو نوع الفرص التي يتعين عليك البحث عنها في الربع الأول من العام، والذي سيزيد من العملاء؛ وذلك لأنَّك تبدأ بجني الأموال في الربع الثاني، ويصل النمو في الربع الثاني إلى دخلك المرغوب في الربع الثالث، وهكذا دواليك.

بعد ذلك، ما الذي عليك أن تفعله في شهر كانون الثاني/ يناير، حتى يتضاعف الزخم في شهر شباط/ فبراير وشهر آذار/ مارس، وتبدأ بجني الأموال في شهر نيسان/ أبريل؟ ما الذي عليك أن تفعله هذا الأسبوع، واليوم، والآن حتى تحصل على مرادك في شهر كانون الثاني/ يناير؟

هذه هي الخطة "أ"؛ إنَّها هدفٌ محدَّد، يُترجم إلى أهداف ربع سنوية، والتي تُترجَم إلى أهداف شهرية، والتي تُترجَم إلى أهداف أسبوعية، والتي تُترجم إلى مهام يومية؛ وبهذه الطريقة، حتى إذا كان عليك تصحيح المسار قليلاً، تكون قد بنيت مسبقاً دافعاً مركباً يمنحك فسحةً للقيام بذلك بينما ما تزال على المسار الصحيح لتحقيق النجاح.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

الخطة "ب":

لنكن صادقين مع أنفسنا؛ غالباً لا تسير الأمور وفقاً للخطة الموضوعة؛ وخاصةً عندما يكون لديك هدف عظيم، فإنَّ تحقيقه يتوقف على كثير من العوامل والمتغيرات، وبعضها يكون خارجاً عن إرادتك.

لكن، إذا فهمت السبب الكامن وراء خطتك "أ" يصبح من الأسهل العودة إلى الخطة "ب" التي بدورها يجب أيضاً أن تحقق هدفك؛ إذا كان "السبب" قوياً بما فيه الكفاية، فسوف تنجز الخطة بصرف النظر عمَّا تتطلبه منك؛ لذا لا ينبغي أن تكون الخطة "ب" بمنزلة حلٍّ وسطي؛ بل يجب أن تكون خطةً أكثر واقعية، حتى لو كانت أصعب، لكن مع تحقيق هدفك في نهاية المطاف في الحالتين.

قد تضطر إلى تقديم بعض التضحيات، والتخلي عن بعض المزايا في خطتك "أ"، لكنَّ خطتك "ب" - إذا خُطط لها تخطيطاً صحيحاً - ستظل تحقق السبب الكامن وراء هدفك؛ فإذا كان هدفك هو أن تكون رائد أعمال لا يرتبط عمله بمكانٍ محدَّد، فلماذا؟ يجب أن يكون لديك سبب وراء ذلك؛ بالنسبة إلي، السبب هو تحقيق حرية السفر والعيش حيث أريد ومتى أريد؛ فالحرية هنا هي السبب بالنسبة إلي.

لذا إذا انتهت خطتي "أ" بعملٍ مربحٍ لا يرتبط بمكانٍ محدَّد؛ إذ أجني أموالاً طائلة، فربما تكون خطتي "ب" أكثر واقعيةً مع دخلٍ أكثر تواضعاً، ولكنَّها تسعى أيضاً خلف هدف العمل من دون الالتزام بمكانٍ مُحدَّد.

على سبيل المثال، إذا وجدت أنَّ الطلب على منتجك أو خدمتك في أثناء اتباع خطتك "أ" أقل من المتوقع، فقد تضطر إلى العودة إلى خطتك "ب"؛ ما هو الحد الأدنى من الدخل الذي تحتاج إليه لتشعر بالراحة حيال ترك وظيفتك؟

يصبح هذا هو الهدف من خطتك "ب"؛ قد لا تكون على المسار الصحيح لتصبح مليونيراً كما في الخطة "أ"، لكنَّك ستظل تتمتع بحرية السفر والموقع؛ وفي النهاية، يجب أن تحقق خططك القيمة الأساسية التي تدفع رغبتك نحو تحقيق هدفك.

إقرأ أيضاً: أسرار تحقيق النجاح في الحياة

الخطة "ج":

انتبه، فحتى الخطة "ب" لا تسير دائماً كما هو مخطط له، ونحن جميعاً نعلم ذلك؛ فالحياة ليست شيئاً يمكن التخطيط له؛ بل يمكن إدارته والتعامل معه فقط، لكن لا يوجد عذر لعدم قدرتك على تحقيق هدفك، بصرف النظر عمَّا تلقيه الحياة في طريقك.

لقد كنتَ تتبع خطتك "أ"؛ وبعد ذلك تبدأ الأمور في الانحراف عن مسارها؛ فتعتمد مثلاً خطتك "أ" لريادة الأعمال من دون الالتزام بالعمل مكاناً محدداً على مستوى معينٍ من الدخل والمدخرات الشهرية، لكنَّ سيارتك قد تعطلت في الفترة الأخيرة، وكان عليك إنفاق 2000 دولارٍ على إصلاحها؛ وستُعدُّ تلك مشكلةً كبيرةً بالنسبة إليك.

فأنت تدرك أنَّك لن تكون قادراً على تحقيق مستوى مدخراتك في الإطار الزمني الذي حدَّدته، والإطار الزمني هام بالنسبة إليك؛ وهنا يحين الوقت للانتقال إلى الخطة "ب".

لقد حددتَ الحد الأدنى من الدخل، والمدخرات التي تحتاج إليها، وبنيت خطة "ب" للطوارئ من البداية؛ وقد حان الوقت لتنفيذها؛ فتأخذ الأشواط التي قطعتها في الخطة "أ"، وتدمجها مع الخطة "ب"؛ إذ تظل على المسار الصحيح لتحقيق السبب الذي حددته لنفسك على الرَّغم من أنَّك لن تجني آلاف الدولارات التي خططت لها في الأصل.

للأسف، لا تحصل على الزيادة التي كنت تخطط لها من رب عملك الحالي، والتي قد احتجتَ إليها من أجل الوصول إلى مستوى المدخرات الذي كنت تريده في الخطة "ب"، وماذا الآن؟

إقرأ أيضاً: 6 طرق تساعد على تحقيق النجاح

هنا حان وقت الخطة "ج":

إنَّ الخطة "ج" هي آخر محاولاتك لتحقيق غايتك، ولكنَّها في الواقع أفضل فرصةٍ لتحقيقها؛ وذلك لأنَّ الخطة "ج" تأخذ في الحسبان الأساسيات اللازمة لتحقيق تلك الغاية؛ فتزيل كلَّ الغموض من أمامك، وتترك لك أوضح مسار متاح.

هل النتيجة التي تسعى إليها هي حرية السفر مثلي؟ عظيم؛ فإذا كان هذا هو السبب، فبالنسبة إلي، إنَّ شركة "إير-بي-إن-بي" (Airbnb) هي مفتاح الخطة "ج".

إذاً: ماذا لو أهملت الخطة "أ"، والخطة "ب"؟ ماذا لو حاولت الوصول إلى ريادة الأعمال من دون الالتزام بالعمل في مكانٍ محدد، ولكنَّك لم تتمكن من تحقيق ذلك؛ هذا لا يعني أنَّك لن تنجح في المستقبل، في الواقع قد يكون السفر هو ما تحتاج إليه ليلهمك في أعمالك.

بالنسبة إلي، تتمثل خطتي "ج" في تحويل جميع أرباحي، والتدفقات النقدية الإضافية - تذكَّر، فقط لأنَّ فكرة عملك لم تكن ناجحة وفقاً لمعايير الخطة "أ" أو "ب" لا يعني أنَّك لن تجني منها أيَّ مال - ووضعها ضمن مدخراتي، وتحتوي خطتي "ج" على مستوى ادخاري يجب عليَّ أن أصل إليه حتى أتمكن من الشعور بالراحة في عملي حيال السفر الوقت كلَّه.

بعد ذلك لتغطية تكلفة الإيجار أو الرهن العقاري، ضع غرفتك أو شقتك أو منزلك على منصة "إير-بي-إن-بي" (Airbnb)، ويمكن أن يكون ذلك لمدة أسبوع أو شهر أو حتى أكثر؛ فتمنحك منصة "إير-بي-إن-بي" (Airbnb) عدة خيارات دنيا للإيجار.

ها أنت ذا! تملك المستوى المطلوب من المدخرات، وقمت بتغطية تكلفة الإيجار، وأصبحت على استعداد لتحقيق النتيجة المرغوبة المتمثلة في السفر؛ ولتغطية تكاليف السفر، يمكن أن تتضمن خطتك "ج" العمل المستقل على الإنترنت أو التوظيف على الإنترنت، أو حتى يمكن الاعتماد على الوظائف المحلية في الأماكن التي تسافر إليها.

لذلك على الرَّغم من عدم وجود نشاطٍ تجاري لا يرتبط بمكانٍ محدد باستخدام خطتك "ج"، إلا أنَّك ما تزال تحقق القيمة الأساسية للسفر؛ وبعد ذلك في رحلاتك، قد تبتكر فكرة رائعة جديدةً لنشاط تجاري يسمح لك بتحقيق خطتك "أ" في نهاية المطاف.

يجب ألا تساوم أبداً على أحلامك أو أهدافك أو رؤيتك لحياتك إذا كنت تريد أن تعيش حياةً تحبها، فيجب عليك ألا تطرح أيَّ أسئلة، ولضمان قيامك بذلك، عندما تتخيل حياتك المثالية، صغ خططاً متعددة، وبذلك بصرف النظر عمَّا تواجه في الحياة ستوصلك إحداها على الأقل إلى النتيجة المرجوة.

في الختام:

تكمن المأساة عندما يكون لدى شخص ما بالفعل خطة "أ"، فتفشل، ويستسلم ويستمر في عيش حياة لا تلائمه؛ لذا فكِّر في الأمر من منظور عملك: إذا كنت لا تحب وظيفتك، وتخطط للوصول إلى ريادة الأعمال المستقلة عن الموقع، وبعد ذلك فشلت هذه الخطة، فسيستمر معظم الأشخاص في العمل في هذه الوظيفة.

المحزن في ذلك هو أنَّك إذا لم تعجبك وظيفتك، فمن المحتمل أنَّها ليست مصدر إلهام لك أو لحياتك، والإلهام هو الشيء الذي ربما تحتاج إليه لإيجاد طريقٍ لريادة الأعمال؛ لذا بدلاً من الاستسلام، والعودة إلى الحياة التي عشتها دائماً، استمر في المضي قُدماً، وامضِ في طريقك بأيِّ ثمن.

من المرجح أنَّك ستجد نفسك تعيش بطريقةٍ تجعلك أكثر نجاحاً ممَّا خططت له حتى إذا اتبعت الخطة "ج".

المصدر




مقالات مرتبطة