المفاتيح العشرة لفريق العمل المتناغم

يُعَدُّ الاقتصاد الياباني ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وأحد أهم أسباب هذه الثورة العالمية الرهيبة؛ هو تشكيل فرق العمل في قطاع الأعمال، والذي بدأ عام 1962 بتشكيل ثلاث فرق عمل تجريبية، نمت بعدها لتصل إلى 25 ألف فريق عمل بحلول 1980.



ومن هنا انطلقت أهمية فرق العمل في الشركات، واعتمادها على العمل الجماعي في اتّخاذ قراراتها. 

تختلف أهداف فرق العمل حسب طبيعة عمل الشركات، ولكنَّها تتفق على عدة أساسيات، منها: تحفيز العاملين، والمشاركة في اتخاذ القرار وحل المشكلات، وتحسين الإنتاجية. كما يؤدي وجود فرق عمل في المؤسسات والشركات، إلى الاستفادة القصوى من الموارد البشرية؛ وذلك من خلال إشراك الأفراد المبتكرين في أكثر من مشروع؛ وبالتالي توفير ميزانيات المؤسسات. 

كما تدفع أهداف الفريق إلى التعاون بين أعضائه،  وزيادة التركيز على تحقيق أهداف الشركة بفاعلية. وعليه؛ ينبغي أن تعمد المنظمات والمؤسسات إلى تشكيل أكبر عدد من فرق العمل الفعالة لإنجاز المشروعات بالكفاءة المطلوبة، وبأقل وقت ممكن.

إنَّ تشكيل فرق العمل في المؤسسات يجب أن يُبنى على أسس واضحة تُعدّ مفاتيح النّجاح لفريق العمل المتناغم؛ والتي إن طبقها أعضاء الفريق، يصلون بمؤسستهم إلى القمة والتميز. كما يبني تطبيق هذه الأسس بيئة عمل إيجابية ينجز فيها الفريق المهام المطلوبة منه بإتقان ومتعة في نفس الوقت. 

ومن المهم جداً إلمام جميع أعضاء الفريق بهذه الأسس؛ إذ ينّمي ذلك فيهم الحس بالمسؤولية وروح العمل الجماعي والولاء للفريق. 

تتلخص هذه الأسس في عشرة مفاتيح توضح كيف ينجح القائمين على فريق العمل في المحافظة عليه متناغماً وناجحاً، منها:

1. امتلاك مهارة الذكاء العاطفي:

يُبرِز التَّمكن من هذه المهارة تلك النّغمات الجميلة والاحساس العميق بين أعضاء الفريق، فلا يكتمل التناسق وبراعة الأداء دون انسجام الفرد مع نفسه أولاً، وفَهمِ مشاعر الآخرين وبناء علاقة متناغمة مع بقية الأعضاء ثانياً؛ ليمتلك أعضاء الفريق حينئذٍ الثقة التي تدفعهم إلى الأمام، والقدرة على التعبير عن مشاعرهم في جوُّ تسوده الإيجابية والحماس لتحقيق الأهداف.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن للذّكاء العاطفي أن يُحَسِّن من أدائك في العمل؟

2. إرساءُ قواعد ثابتة لحل النزاعات والصراعات ضمن فريق العمل الواحد:

يمرّ أعضاء فريق العمل بمواقف وأحداث قد تؤثر على التناغم فيما بينهم، وهنا يتوجب على قائد الفريق أن يضع إرشادات تساعد على تنظيم سير العمل من خلال:

  • مواجهة النزاع وعدم تجاهله،
  • التركيز على المشكلة المسببة للنزاع بدلاً من العلاقات بين الأفراد.
  • الإنصات لجميع الأطراف المعنية من خلال التغذية الراجعة، وتوضيح أنَّ التوتر لا يعرقل العمل فحسب؛ بل وتظهر من خلاله تحديات يجب استئصالها قبل أن تتفاقم.

شاهد: 6 نصائح لإدارة فرق العمل بشكل فعال 

3. وضوح الرؤية:

تنص القاعدة الأولى لنجاح الفريق على وجود أهدافٍ واضحةٍ ومحددةٍ بين أعضائه، ومعرفة الأعضاء أين يتّجهون بمؤسستهم، وجعلهم يشاركون في وضع الأهداف بدلاً من أن تُملى عليهم دون فهمها، مع تحديد آلية قياسها، فمن خلال ذلك يجري اتّخاذ القرار باستمرار العمل على الهدف، أو تغييره. وكُلّما فهم أعضاء الفريق توجههم، كانت المشاركة والتناغم فيما بينهم أكبر.

إقرأ أيضاً: نظرية لوك في تحديد الأهداف

4. التعامل الصحيح وفقاً لأنماط الشخصية:

وُصِفَت أنماط الشخصية المختلفة في فرق العمل في مقالة "معالجة النزاع ضمن الفريق: خلاصة استنتاجات أحدث البحوث العلمية" كالتالي:

  • المُتباهي: وهو الشخص الذي يحتاج إلى إبراز نفسه، ويتفاخر باستمرار بما لديه.
  • مُثبط الهمم: ينتقد كل ما يجري طرحه.
  • الهامِس: الذي يدلي بتعليقات ساخرة.
  • العنيد: الذي يرفض كل أنواع التغيير.
  • الملّحاح: الذي يكون لديه موضوع مهم، لكن لاينفك يتحدث ويلح فيه.

يحدث التناغم هنا من خلال التعامل الصحيح مع كل نمط؛ بحيث يجري إرضاؤه، مع المحافظة على حُسن سير العمل. فمثلاً، يُعرَضُ على مثبط الهمم تقديم اقتراحٍ إيجابيٍّ، بناءً على وجهة نظره هو. ويُقطَع كلام المتباه بمدح رأيه، ومن ثم يجري توجيه الانتباه إلى شخص آخر. وهكذا كلما جرى التعامل بين الأعضاء بحسب نمط الشخصية، كانت العلاقات أقوى.

إقرأ أيضاً: نصائح للتعامل مع الشخصيات الصعبة في العمل

5. مواجهة تحدّيات العمل بشكل سليم:

عند التعرض لتجربةٍ غير ناجحةٍ في عمل الفريق، يمر أعضاؤه حينئذٍ بتغييرات تختلف حسب نمط الشخصية؛ فليس الجميع بقادرٍ على تحّمل عبء الفشل أو التجربة السيئة، فقد يتراخى بعضهم ويفقد الآخر الرغبة في المشاركة أو حتى حضور الاجتماعات؛ إذ يشعرون أنَّ كل الجهود التي بذلوها في سبيل انجاح المشروع، قد ذهبت هباءً منثوراً. 

هنا تأتي الحاجة لدفعة تُذكِّرُ الفريق بالشعور بالإنجاز، ومعنى التجربة؛ وذلك من خلال وسائل عديدة تختلف من قائد إلى آخر، ومن مؤسسة إلى أخرى؛ إلا أنَّ جميعها تهدف لإعادة توجيه الفريق إلى الأهداف المرجوة.

من هذه الوسائل تنمية مهارات جديدة لديهم، أو عرض إنجازاتهم السابقة، أو تدوير المهام فيما بينهم، أو القيام بنشاطات مختلفة خارج بيئة العمل، أو إعادة تشكيل الأهداف لمنحهم الإحساس بالتغيير.

6. خلق قيم أساسية مشتركة بين أعضاء الفريق:

يجب على كل فريق ناجح ومبدع أن يُحدد قيم مشتركة بين أعضائه؛ بحيث يسير عليها كل عضو في الفريق، وعلى القائد أن ينتقي القيم التي يجب ترسيخها في فريقه، والتي تُعينه على قيادة الفريق للحصول على الأهداف المرجوة. 

بعض أهم هذه القيم هي: العمل بروح الفريق، وجعل الولاء له في المقام الأول، على حساب المصلحة الشخصية، والصدق والمنافسة الشريفة بين أعضاء الفريق الواحد، وغيرها من القيم التي يتم غرسها في الأعضاء فيَسعون لتحقيق توجهات الفريق من خلال الاعتماد عليها.

7. الإحساس بالإنجاز الشخصي ضمن الفريق:

معظم توجهات الدراسات وتحليلاتهم لعوامل تَمَيُّز الفِرَق كان التركيز على نجاح الفريق ككل، بينما من المفترض عدم تجاهل شعور الإنجاز الشخصي لدى الأعضاء؛ فهذا موجود في الطبيعة البشرية. لذا يجب منح كل عضو الفرصة لتحقيق نجاحه وتميزه الشخصي، مع الحفاظ على روح الفريق، ومنحه ما يُشعره بالرضى عن نفسه ضمن فريقه.

8. الإنصات لآرائهم ومعرفة احتياجاتهم:

يجب إعطاء الفرصة لكل فرد للتعبير عن نفسه، والاستماع إليه ومنحه الشعور بأهميته ضمن الفريق؛ مما يرفع الرغبة بإنجاز الكثير، والاستمرار فيما يفعله. هنا يكمن دور القائد في دعم كل عضو من خلال الاستماع لآرائه ومنحه الاهتمام اللازم.

إقرأ أيضاً: 10 طرق ذكية لتقديم الشكر إلى موظفيك

9. الاستمتاع وتحقيق الهدف:

قد يتسرّب الملل والشعور بالرتابة من التكليفات والمهام إلى أعضاء الفريق، هنا يأتي دور القائد في التَّريُثِ وتنبيه الأعضاء أنَّ العمل ليس للإنجاز وتحقيق الاهداف فقط؛ بل هو ما نحب القيام به. يحدثُ ذلك من خلال تغيير المهام أو إضافة نشاطات جديدة. 

إنَّه لمن الضروري إبداء الثقة فيهم واعطائهم الفرصة لإنجاز تكليفاتهم بالشكل الذي يرتاحون ويستمتعون فيه.

10. التحفيز المناسب لكل عضو في الفريق:

تختلف وجهات النظر حينما يتعلق الأمر بتحفيز فريق العمل؛ إذ يرى بعضهم أنَّ التحفيز المادي من خلال منح المكافآت المالية، يُشبع رغبة الأعضاء، ويشعر بعضهم أنَّ تأثير التحفيز المعنوي الدائم أقوى على الفرد.

هنا يبرز الفريق المتميز والقائد الناجح الذي يعرف كيف يُرضي أعضاء فريقه؛ فكل ما عليه فعله هو منحهم فرصة الاختيار عبر عرض ما لديه من مكافآت؛ ليختاروا محفزاتهم من بينها. هنا يرى الأعضاء مدى تقدير القائد لعملهم، ما يدفعهم للاجتهاد أكثر.

إقرأ أيضاً: 8 تقنيات لزيادة الحافز في مكان العمل

بات بين يديك الآن عشر خطوات أساسية لتحقيق التناغم والانسجام ضمن فريق العمل، والمحافظة على ديمومتهما. وسواءً أَكُنتَ قائداً لفريق، أم عضواً فيه، وكان هدفك التميز عن بقية فرق العمل والوصول إلى قمة النجاح؛ فينبغي أن تطبقها أينما تعمل، وفي أي منصب. وتعمد إلى تجربتها وانتظار النتائج الإيجابية التي ستشملك شخصياً وتصل إلى المؤسسة بأكملها. 

سترى من خلال ممارسة هذه الخطوات، كيف سيصدح النجاح بتلك السيمفونية الرائعة، والتي ستلاقي ذلك التصفيق العالي من الجمهور.

المصادر:

  • فرق العمل المنسجمة – دراسات هارفرد
  • العمل الجماعي- د.  إبراهيم الفقي
  • Team Building study –coach Steve Kurr
  • مقالة أسرار التميز الياباني – د.  سعود بن عبدالعزيز الشبيلي



مقالات مرتبطة