المفاتيح الأربعة لخيال أقوى

قد يستغرب بعض الأشخاص أنَّ الخيال أقوى من المعرفة، نعم فالخيال لا حدود له، والمعرفة محدودة؛ لهذا كان يقول أينشتاين إنَّ القدرة على التخيل أهم بكثير من المعرفة أو المعلومة، وأثبتتها المئات من البحوث والدراسات.



هل تعرف قصة الطيار الحربي جورج هول الذي وقع أسير حرب في فيتنام؟ وُضِعَ جورج هول في صندوق مظلم لمدة سبعة أعوام، وفي كل يوم كان الطيار يتخيل نفسه يلعب الجولف ليمضي الوقت وكي لا يفقد عقله في هذا السجن المظلم، وبعد إنقاذه من الأسر بأسبوعٍ واحد، شارك جورج هول في مسابقةٍ عالمية للجولف وفاز بمرتبة متقدمة جداً، كيف ذلك وما الذي حدث؟ تابع معنا قراءة سطور هذا المقال لتعرف ذلك.

ما هو الخيال؟

الخيال هو قوة خفية توجد في داخل كل منا، فهو القدرة على إنشاء أفكار وصور وتصور المستقبل بشكل إيجابي وإبداعي، وعلى الرغم من أنَّ الخيال قد يبدو لبعض الأشخاص مجرد حالة من الهروب من الواقع، إلا أنَّه في الواقع يمكن أن يكون قوة حقيقية تساعدنا على تحقيق الأهداف والأحلام في الحياة، وتحوِّل كل ما هو مستحيل إلى أمرٍ ممكن.

وهو أيضاً: القدرة على التصور لتكوين انطباع ذهني للمشاهد المرئيَّة والأصوات والروائح والمذاق وذكريات اللمس، بحيث يمكنك استخدام الخيال لتكوين رابط بصري قوي بين الأفكار التي تحاول أن تتذكرها، فإنَّ استخدامها بهذه الطريقة يجعلها المفتاح إلى الذاكرة.

يقول المؤلف الإيرلندي الشهير "جورج برناد شو": "الخيال هو بداية الإبداع، تتخيل ما تريده ثم تفعل ما تتخيله وفي النهاية تبدع ما تريد، فكل ما تستطيع أن تتخيله، تستطيع تحقيقه".

طريقة التخيل:

إنَّ أسهل طريقة لتخيل أمر ما هي صياغة فكرة معينة وتشكيلها في عقلك، وأن تراها بشكل حي في خيالك كما لو كانت شيئاً محسوساً، فتستطيع أن ترى بالعين المجردة فقط ما هو موجود بالفعل في العالم الخارجي المحسوس، وبطريقة مماثلة، تستطيع أن تتصور بخيالك ما هو موجود بالفعل في العالم غير المرئي في عقلك، وأية صورة تضعها في عقلك هي مادة وجوهر الأشياء التي لا تراها، فإنَّ ما تصوغه في خيالك هو شيء واقعي وحقيقي مثل أي جزء في جسدك.

في إحدى الدراسات أتوا بلاعبي كرة سلة، وأعطوا كلَّ واحد عدداً معيناً من الرميات الحرة، وتمّ التحديد وبدقة نسبة التسديد الناجح لكل لاعب، وتمت إعادة التمرين مرات عديدة للتأكد من دقة هذه النسبة لكل لاعب، ثم وبطرائق عشوائية تم تقسيم اللاعبين إلى ثلاث مجموعات:

المجموعة الأولى: جعلوها تتدرب كل يوم لعدة ساعات على الرميات الحرة.

المجموعة الثانية: لم تتدرب أبداً.

المجموعة الثالثة: طُلب منهم الجلوس على المنصة، وأن يتخيلوا أنَّهم يتدربون على الرميات الحرة بخيالهم لعدة ساعات في اليوم، وهي نفس الفترة الزمنية للمجموعة الأولى.

بعد الانتهاء من التمرينات في المجموعة الأولى والثالثة، وجدوا أنَّ المجموعة الأولى التي تدربت فعلاً، تحسَّن أداؤها بشكل ملحوظ، أما المجموعة الثانية التي لم تتدرب على الإطلاق فوجدوا أنَّها لم تحقق أي تحسُّن.

والآن سؤالنا: كيف تظن أداء المجموعة الثالثة التي كانت تتدرب بخيالها فقط، هل تعتقد أنَّ أداءها تحسَّن ولو قليلاً؟ إنَّ الإجابة قد تذهل كل من لا يعرفها، فقد وجُد في هذه التجربة وفي كل التجارب المشابهة أنَّ مستوى المجموعة الثالثة تحسَّن تقريباً بنفس نسبة المجموعة التي تدربت فعلاً.

فإنَّ الجهاز العصبي لا يميز بين الحقيقة والخيال ويعد كل ما لديه حقيقة ويسعى دائماً إلى إثباتها أمام عينيك، ولأنَّ الدماغ لا يميز بين ما هو حقيقي وبين ما هو خيال؛ فنجد أنَّ الأشخاص الذين يستطيعون تغذية عقولهم دائماً بالصور والأفكار الإيجابية يحققون من النجاحات والإنجازات ما لا يستطيع أن يحققه من يستسلم لواقع سلبي ويقضي معظم وقته وهو يفكر في السلبيات، فتخيَّل المرض فستمرض، وتخيل النجاح وخذ بأسبابه ستنجح.

إنَّني دائماً أستخدم طريقة التخيل لتحقيق أهدافي ومن أهمها الوقوف أمام الجمهور، وأهدئ من تسارع أفكاري، فبذلك أتخيل القاعة ومقاعدها الممتلئة بالناس وأراهم جميعاً سعداء وأحراراً، وأشعر بأنَّ عقل وجسد كل من يجلسون في القاعة قد تشبعا بالحب والمعرفة، وأستمر على هذا الحال لبضع دقائق أو أكثر، ويتزايد إدراكي حتى يصل إلى النقطة التي أسمع فيها بعقلي أصوات الناس، ثم بعد ذلك أتوقف عن التخيل وأدخل إلى القاعة لإلقاء المحاضرة.

هذه الطريقة من التفكير تشكل انطباعات في عقلك وهذه الانطباعات بدورها تتجسد بوصفها حقائق وتجارب في حياتك، فإنَّك تستطيع أن ترى الصورة حقاً بقدر ما تفكر فيها ذهنياً.

شاهد بالفديو: 7 طرق لتوسيع الفكر والوصول إلى آفاق جديدة

وقفة تأمل، لخيال أكثر قوة يصنع مستقبل باهر:

في عالمنا الواقعي المليء بالضغوطات والتحديات، يبحث الكثيرون عن طريقة للهروب من الروتين اليومي والعثور على الإلهام والإبداع؛ هذه الطريقة السحرية هي آلة زمن تعود بك إلى عالم من التعجب، وهو الحافز الذي يجعلك تتطلع دوماً إلى المستقبل لتتحدى الصعاب.

بإمكانك أن تخوض تجربة ستصنع لك الفرق وترسم مستقبلك بكل تفاصيله من اليوم.

  1. حدد أهدافك المستقبلية بقائمة وانطلق منها بقراءتها كاملة بصوت مسموع، واختر هدفاً واحداً تبدأ به.
  2. خصص وقتاً من (15-20) دقيقة يومياً وأنت بأعلى درجة من الاسترخاء بعيداً عن أي مشتتات.
  3. أغمض عينيك وابدأ بمخيلتك لتخطو أولى خطواتك باتجاه لحظة تحقيق الهدف، وكلما تقدمت أكثر تجد نفسك تعيش الهدف وهو محقق.
  4. شاهد كل ما تريد أن تشاهده بأعلى قدر من الوضوح، أضف الأصوات إلى الصور واسمع كل ما تريد أن تسمعه بدقة عالية، وأضف المشاعر والأحاسيس، واشعر بكل ما تريد أن تشعر به من حركات جسمك وأحاسيسك ومشاعرك بكل ما فيها.
  5. أعد شريط الخيال كاملاً عندما تصل إلى الحصيلة النهائية وقد تحقق الهدف، ومن الجميل أن تسعى إليه في الواقع.
إقرأ أيضاً: أساسيات التفكير الإيجابي: الخيال من أسس النجاح

أربعة مفاتيح تدفعك إلى خيال أقوى:

1. الحيوية:

فكلما كانت الصورة التي تريد أن تكون عليها في مخيلتك أوضح، استطعت تحقيقها أسرع على أرض الواقع.

2. الدوام:

طول المدة التي تظل محتفظاً فيها بالصورة التي تريد أن تكون عليها.

3. التكرار:

مدى وعدد تكرار التخيل (كل ساعة، كل يوم، كل أسبوع، وما إلى ذلك).

4. الحدة:

والمشاعر تجاه ما تريد أن تكون عليه، تخيل واشعر كأنَّك تعيش الحدث في المستقبل.

إقرأ أيضاً: الخيال: تعريفه، وفوائده، وعلاقته بالذكاء والإبداع

في الختام:

آمن الطيار الحربي جورج هول بقدرات عقله وقوة الخيال التي من خلالها تمكَّن من تخطي الصعاب وتجاوز بإدراكه الواسع المعنى الحسي وحقَّق ما كان حلماً مستحيلاً بالأمس.

كما رأيت عزيزي القارئ الخيال نعمة من الله ليشعرنا بحلاوة الحياة، فاطلق لخيالك العنان بلا قيود،  واصنع مستقبلك قبل حدوثه، وعش الحالة التي تريد أن تكون عليها، وامتلك موارد إبداعية لا محدودة، وحل مشكلاتك، وتغلب على أصعب التحديات.

فكل الإنجازات العظيمة تبدأ في عقل الإنسان الذي يراها حقيقة ويؤمن بها القلب بأنَّها ستتحقق.




مقالات مرتبطة