المشي عند الأطفال وأسباب تأخره!

تنتظر كل أم خطوات ابنها الأولى بفارغ الصبر، لتراه يمشي أمامها ويجري نحو حضنها، فهذه اللحظة من أكثر اللحظات سعادة لدى كل أم، لدرجة أنَّها تودي بها لذرف الدموع، ولذلك يشغل هذا الموضوع بالها كثيراً، وتبدأ وساوسها وتساؤلاتها حول موعد المشي الطبيعي للطفل، وأسباب تأخُّر المشي عند الطفل، وخاصة إذا بدأ أقرانه بالمشي وطفلها مستمرٌ بالزحف!



متى يمشي الطفل؟ ومتى يُعدُّ أنَّه تأخر بالمشي؟

يسبق المشي عند الطفل المراحل التالية:

  • يجلس الطفل الطبيعي بعمر من 4 إلى 7 أشهر، وهي المرحلة الأولى في تطور العضلات المُهمة للمشي في جسم الطفل. ويبدأ يحبو ويزحف بعمر من 7 إلى 10 أشهر، وهنا يتدرب الطفل على تحريك ذراعيه وساقيه في الوقت نفسه.
  • يقف مستنداً إلى الأثاث بين عمر 8 و10 أشهر.
  • قد يمشي بعض الأطفال مبكراً، بينما يتأخر بعضهم الآخر، لكن عموماً يبدأ المشي عند أغلب الأطفال من سن 9 أشهر إلى 18 شهر، أي أنَّهم يمشون غالباً خطواتهم الأولى مع قرب عيد ميلادهم الأول، لا يمرُّ بعض الأطفال بمرحلة الحبو؛ وإنَّما يمشون بعد مرحلة الوقوف مباشرة دون المرور بالحبو.
  • كما يجب الانتباه هنا لملاحظة هامة جداً؛ وهي عدم إجبار الطفل على المشي ما لم يكن مستعداً نفسياً وجسدياً لذلك بعد؛ لأنَّ إجباره يؤثِّر سلباً في شكل عظامه وقوة الأعصاب لديه، فيجب على الأم أن تدرك مبدأ الاختلاف بين الأطفال؛ إذ تتفاوت الفترة التي يبدأ فيها الطفل بالمشي بين طفل وآخر، يمشي بعض الأطفال في عمر مبكِّر؛ أي بعمر ثمانية أو تسعة شهور، وبعضهم الآخر بعمر متأخِّر؛ أي بعمر السنتين، ومنهم من يزحفون ثمَّ يمشون، ومنهم من يمشون دون أن يزحفوا.

متى يعد الطفل أنَّه تأخر بالمشي؟

يجب أن تلاحظ الأم أنَّ حركة ابنها تتطور كل شهر عن الشهر الذي قبله، وأنَّه يرفع جسمه عن الأرض أكثر، لكن إذا انتهى عامه الأول دون أن يقوم بهذه الحركات، لابدَّ من استشارة الطبيب.

إقرأ أيضاً: فيتامين D ودوره الحيوي في صحّتنا (1)

كيف أساعد طفلي على المشي؟

لتساعد الأم طفلها على المشي، عليها اتباع النصائح التالية:

1. قوِّ عضلات ظهره منذ الولادة:

يعتقد كثيرٌ أنَّ عضلات الساق هي العضلات الرئيسة التي تساعد الطفل على المشي، ولكنَّ هذا الاعتقاد خاطئ؛ فعضلات الظهر هي العامل الأهم في ذلك، وتتم تقوية عضلات ظهر الرضيع منذ الولادة؛ برفع رأسه وهو مستلقٍ على بطنه، لذا من الضروري أن تحرص الأم على ذلك عن طريق اللعب، كأن تضع أمامه وهو مستلقٍ على بطنه ألعاباً مثيرة، بحيث تكون بعيدةً عن متناول يده بمسافة صغيرة، لتحفِّزه للوصول إلى الألعاب!

2. ساعديه على الجلوس والزحف والحبو:

يجب على الأم مساعدته على تدريب نفسه على التوازن بمجرد أن يستطيع الطفل الجلوس؛ بدحرجة كرة للأمام والخلف ولليمين والشمال، لتشجيعه على الميل معها ومحاولة الوصول إليها، وبمجرد أن يبدأ بالزحف والحبو، تقوى عضلات الرقبة، والظهر، والذراعين والرِّجلين؛ لذا يجب تشجيعه واللعب معه ليزيد من هذه الحركات.

3. شجِّعيه على الوقوف والمشي:

يجب على الأم أن تشجِّع ابنَها على المشي ممسكاً بيديها عندما يبدأ بالوقوف، ومرة بعد مرة تمسكه من يد واحدة، وفيما بعد تترك يديه وتقف بعيدة عنه بخطوة أو اثنتين من أمامه أو من خلفه، والأهم هنا هو تشجيع الطفل كلما مشى لو خطوة واحدة.

4. ساعديه أن يستند إلى الأشياء:

بعدما يتمكن الطفل من الوقوف، يبدأ بالتجوُّل في المنزل مستنداً إلى أثاث الغرفة، يكون دور الأم هنا فقط أن تعيد ترتيب أثاث الغرفة، ليتمكن من إكمال تجوُّله بحرية، وأن تكون قريبةً منه؛ لأنَّه غالباً ما سيحتاج مساعدتها وحمايتها من السقوط أو إيذاء نفسه.

5. شجِّعيه دائماً:

التشجيع من أهم الأشياء التي يحتاجها الطفل في أولى خطواته، فيجب على الأم أن تنهال على طفلها بالتصفيق والهتافات المبهِجة عندما تبدأ محاولاته المشي، ليشعر أنَّه قام بإنجاز ويتحفَّز لإعادته، وتقترب منه في حال سقوطه لتطمئنَّ على سلامته، ثمَّ تشجعه على القيام مرة أخرى سريعاً، لكيلا يبكي وينسى ما كان يقوم به.

6. عرِّضيه للشمس:

على الأم تعريض طفلها للشمس بشكل دوري؛ لتجنُّب نقص فيتامين د الضروري لبناء العظام.

7. لا توبِّخيه:

من أهم الأمور في موضوع مساعدة الطفل على المشي، عدم توبيخه أو الصراخ في وجهه، إذا مثلاً حاول الإمساك بإحدى الفازات ليمشي، أو شدَّ غطاء الطاولة ليسقط كل ما عليها، يجب على الأم تقبُّل مثل هذه المواقف، وتحضير المنزل لهذه المرحلة من عمر طفلها.

8. شغِّلي له الموسيقى:

تحفِّز الموسيقى الطفل على الحركة والرقص، ممَّا يقوِّي عضلات جسم الطفل، إضافةً أنَّها تُشعر الطفل بالبهجة والسرور؛ لذلك من المفيد أن تقوم الأم بتشغيل الموسيقى للطفل، ومشاركته بعض الرقص والحركات التي تسعده.

أسباب عدم المشي عند الطفل:

يوجد عددٌ من الأسباب المختلفة لتأخر المشي عند الطفل، أهم هذه الأسباب:

1. عدم الاهتمام والتشجيع الكافيين:

قد يكون جسم الطفل ينمو ويتطور بشكلٍ طبيعي، لكنَّه لا يبدأ بالمشي؛ بسبب قلة اهتمام الأهل وتشجعيهم له، وانشغالهم عنه، وتركه فترات طويلة في مشَّاية الأطفال، التي تجعله يعتاد أن يرتكز على أصابع قدميه.

2. تأخر النضج الحركي:

في هذه الحالة يكون نمو ونضج الطفل طبيعي، لكنَّه يتأخر قليلاً، وهنا لا داعي للقلق؛ لأنَّ التأخير ليس مشكلة خطيرة، وإنَّما مسألة وقت.

3. العوامل البيئية:

المقصود بها بيئة الطفل المحيطة التي قد تؤثِّر إيجاباً أو سلباً في مشيه من عدمه؛ فمثلاً الطفل الذي يُحمَل في كل مكان وفي كل وقت، أو يُقدَّم له كل ما يريده بمجرد أن يشير عليه، لن يجد سبباً للمشي!

4. إعاقة ذهنية:

قد يكون سبب عدم مشي الطفل، هو وجود قضايا تطورية، مثل: الإعاقة الذهنية.

5. الساقان المنحنيان:

يولَد كل الأطفال تقريباً مع ساقين منحنيتين تتجهان إلى الخارج، وعادةً ما تُحلُّ هذه المشكلة من تلقاء نفسها حتى عمر السنتين، وغالباً ما يمشي الأطفال على الجنب ولا يتقدموا إلى الأمام مثل الكبار، وفي حالات نادرة، تظلُّ ساقا الطفل منحنيةً حتى بعد سن الثانية، وقد تكون الساق المنحنية هي علامة على الكساح الناجم عن نقص الكالسيوم وفيتامين د؛ ممَّا يعيق نمو العظام لديه، وهنا يجب التوجه إلى طبيب الأطفال.

6. الأقدام المسطحة:

تكون أقدام كل الأطفال تقريباً مسطحة عند الولادة، مع الوقت تتطور القوس بشكل طبيعي في كف القدم، لكن إذا لم تتطور أقواس القدم بشكلٍ كامل، قد يثني الطفل الكاحلين إلى الداخل عندما يمشي.

7. المشي على رؤوس الأصابع:

يبدأ معظم الأطفال خطواتهم الأولى على أطراف أصابع القدمين، وغالباً ما تختفي هذه الصورة في سن سنتين أو ثلاث، لكن إذا استمر الطفل في المشي على رؤوس الأصابع بعد سن الثانية؛ قد يشير ذلك إلى مشكلة في الجهاز العصبي المركزي، ويُفضَّل عندها استشارة الطبيب.

8. خلل التنسج في مفصل الورك:

قد يَحدث لدى الطفل خلل التنسج في مفصل الورك لأسباب غير معروفة خلال السنة الأولى من حياته؛ لأنَّ الأربطة التي تَحفظ مفصل الورك في مكانه ضعيفة ورخوة، يَحدث خلل التنسج في الورك لدى خمسة من أصل ألف طفل ويمكِن أن يؤدي إلى تأخر المشي عند الطفل، يتطلب هذا الوضع العلاج لدى طبيب العظام أخصائي الأطفال، من خلال تثبيت لوحات خاصة، وتغيير وضعية الحوض تحت التخدير، أو في بعض الحالات بالجراحة.

إقرأ أيضاً: كيف تشجّع طفلك على النطق

ماذا عن عربة تعلُّم المشي هل هي مفيدة للطفل؟ وماذا عن ارتدائه الحذاء في أثناء المشي؟

الإجابة هي لا؛ وذلك لأنَّها تبطئ مشي الطفل، وتقلل من رغبته في تعلُّمه، فهو يستطيع التحرك بواسطتها؛ أي يعتمد عليها بدلاً من الاعتماد على نفسه، حتى أنَّه هناك توجُّه عام في كندا والولايات المتحدة لمنع شراء المشَّايات، والسبب في ذلك هو آلاف الإصابات للأطفال كل عام، نتيجة وقوعهم بالمشَّاية من أعلى الدرج، لعدم ثبات الطفل داخلها، والإسراع في قيادتها للحصول على أشياء لا يستطيع الحصول عليها.

أثبتت دراسةٌ علمية حديثة أنَّ تعلُّم الطفل المشي وهو حافٍ أفضل من ارتداء الأحذية، وفسرَت الدراسة الأمر بأنَّ قدم الطفل تحتوي على 26 عظمة و33 مفصلاً بالإضافة إلى أكثر من 100 عضلة ووتر ورباط، وإنَّ ارتداء الطفل للحذاء خلال خطواته الأولى سيعيق استخدامه لهذه العضلات والأربطة؛ لذا يَنصح أغلب الأطباء عند تعلُّم المشي بقدمين حافيتين؛ لأنَّ ذلك يعطيه تحكُّماً أكبر برجليه.

5 اعتقادات خاطئة عن مشي الأطفال:

يوضِّح الدكتور (أشرف قاسم) -أخصائي طب الأطفال وحديثي الولادة- أنَّ هناك 5 اعتقادات خاطئة عن مشي الأطفال؛ وهي:

1. عمر السنة:

الاعتقاد الشائع أنَّ الطفل يمشي عند عمر السنة، ولكنَّ هذا ليس قاعدة؛ إذ يختلف التطور الحركي من طفل لآخر، فيمشي بعض الأطفال مبكراً عند عمر 10 أشهر، وآخرون عند عمر 18 شهر، فلا داعي أن تقلق الأم في حال تجاوز طفلها عامه الأول ولم يمشِ بعد.

2. التسنين الباكر:

من الاعتقادت الخاطئة أنَّ ظهور الأسنان للطفل يؤخر المشي؛ وهذا ليس صحيحاً؛ إذ أنَّه ليس للأسنان علاقة بتطور المشي، إذ يمكِن أن يسنن طفل عند عمر 6-7 أشهر، وآخر عند عمر 4 أشهر، ويدل ظهور الأسنان على صحة الطفل الجيدة وعلى أنَّ كمية الكالسيوم وفيتامين د كافية في جسمه.

3. المشَّاية تساعد على المشي:

أحد أكبر الأخطاء، الاعتقاد بأنَّ وضع الطفل في المشَّاية يساعده على تعلُّم المشي؛ لأنَّها تُعلِّم الطفل الاعتماد عليها وبالتالي تؤدي إلى تأخر مشيه بمفرده.

4. حقن فيتامين د:

تعتقد بعض الأمهات أنَّ إعطاء الطفل حقن فيتامين د، يسرِّع المشي لدى طفلها، ينوِّه الدكتور (أشرف) أنَّه لا يجب إعطاء الطفل مثل هذه الحقن بدون عمل تحليل لفيتامين د، وأنَّ الأفضل هو إعطاء الطفل فيتامين د بشكلٍ يومي منذ الولادة بجرعة 400 وحدة دولية، أمَّا الجرعات الكبيرة فهي تشكِّل خطراً على صحة الطفل.

5. ارتداء الحذاء:

من الاعتقادات الخاطئة أنَّ ارتداء الحذاء يساعد على المشي، حيث أثبتت الدراسات أنَّ مشي الطفل بدون حذاء أفضل وصحي أكثر من ارتدائه.

إقرأ أيضاً: 5 عناصر غذائية ضرورية لصحة الأطفال

هل يرتبط المشي بالكلام؟

تؤكِّد دراسة بريطانية حديثة قام بها الباحث البريطاني "ايريك وول"، أنَّه يوجد علاقة بين المشي والكلام لدى الطفل، وفسَّر الباحث (ايريك) الأمر؛ بأنَّ الطفل الذي يمشي في وقت مبكِّر، تتكون لديه حصيلة لغوية بشكلٍ أسرع من غيره الذي يكون أكبر منه عمراً لكنَّه لا يزال يقف مستنداً على حائط أو مكتب.

فالطفل عندما يمشي، فإنَّه يلتقط كلمات من المحيط، فمثلاً لنتخيل طفلاً يمشي، فيمرُّ على أمه في المطبخ وهي تتحدث على الهاتف، ثمَّ يمشي ليدخل غرفة أخوته وهم يتكلمون أو حتى يغنُّون، ويمرُّ بطريقه من أمام جهاز التلفزيون ويسمع ما يُذاع، فيكون الطفل وهو يمشي عبارةً عن لاقطٍ يَلتقط كلاماً جديداً وردَّات فعل جديدة، وهذا لن يحصل عليه في حال بقي ساكناً مكانه لا يتحرك!

الأغذية المفيدة للطفل في مرحلة المشي:

من المهم في هذه المرحلة الاعتناء بغذاء الطفل، لحصوله على الفيتامينات التي يحتاجها لبناء جسمه، ومن أهم الأغذية التي يجب تقديمها للطفل:

  • الحليب ومنتجات الألبان: لاحتوائها على الكالسيوم الضروري لنمو العظام.
  • الخضار والفواكه: كالجزر، والبطاطا، والبروكلي، والموز، والأفوكادو، والتوت، وتُقدَّم جميعها مهروسة للطفل.
  • النشويات: كالبطاطا المهروسة، والأرز، والخبز المحضَّر من القمح الكامل.
  • البروتين: كالسمك، والبيض، والعدس، والدجاج.

في الختام، مرحلة المشي متعة للأم ومسؤولية في نفس الوقت!

تُعدُّ خطوات الطفل الأولى مرحلة في غاية الأهمية للطفل، والمتعة للأم ولكنَّها أيضاً مسؤولية ليست سهلة، فالطفل يحتاج فيها لكسب الثقة والاهتمام والتشجيع، وعلى الأم متابعة هذه المرحلة الحساسة بكل عناية، وتثقيف نفسها بقراءة الكتب والمقالات التي تتعلق بذلك، للقيام بكل ما يفيد طفلها من دعم نفسي وجسدي، وأن تبتعد تماماً عن مقارنة طفلها بغيره من الأطفال، فلكل طفل وقته الخاص!

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة