المرونة العاطفية: كيف تتحكم في جميع الأمور في وقت واحد؟

على الرَّغم من أنَّ لدينا أوقات تصبح فيها الأمور واضحة ومفهومة وتسير على ما يرام ولدينا أوقات يبدو فيها كلُّ شيء سيِّئاً، إلَّا أنَّنا غالباً ما نجد أنفسنا في مكان ما في المنتصف؛ فنواجه أحداثاً جيدة وأحداثاً سيِّئة في الوقت نفسه؛ فنحصل على ترقية في العمل أو نتزوج أو ننجب طفلاً في الأسبوع نفسه الذي تُدَمِّر فيه حرائقُ الغابات حياة آلافٍ من الناس، أو يحدث إطلاق نار جماعي يُقتل فيه عدد لا يُحصى من الأبرياء بدم بارد، أو أنَّ أحد أفراد الأسرة المقربين يفارق الحياة.



هل يجب أن نشعر بالذنب إذا كنَّا ما نزال نشعر ببعض السعادة خلال هذه الفترات؟ أم هل يجب أن نشعر بالذنب إذا كان كلُّ ما نشعر به هو الحزن؟

في الواقع لا توجد إجابة صحيحة؛ فالأفكار والمشاعر أمران شخصيَّان للغاية ويكاد يكون من المستحيل تغيير هذه الحقيقة والسيطرة عليها، ومع ذلك ثمة مفهوم يُسمَّى "المرونة العاطفية" الذي يمكن أن يكون مفيداً خلال الأوقات العصيبة.

توصف المرونة العاطفية على أنَّها القدرة على تقديم استجابات تعتمد على الظروف التي تجري بها أحداث الحياة والاستجابة بمرونة للظروف العاطفية المتغيرة؛ باختصار المرونة العاطفية تعني التكيُّف مع جميع المواقف التي تتعرض لها في وقت واحد؛ أي الشعور بالسعادة والفرح والحماسة في الوقت نفسه الذي تشعر فيه بالغضب والحزن والإحباط، والقدرة على الإحساس بمشاعر مختلفة في أوقات مختلفة طوال اليوم نفسه، وربَّما في الساعة نفسها.

المرونة العاطفية جزء لا يتجزأ من عيش حياة مدروسة ومُرضِية وكاملة:

يمكنك إمَّا أن تقول إنَّ كل شيء سيئٌ - وهذا أمرٌ في غاية السهولة ولا يتطلب تفكيراً كثيراً - لكنَّك حينها ستُركِّز فقط على الأمور السلبية، وهذا سيؤدي بك إلى الاكتئاب، أو أن تتجاهل المآسي في حياتك والعالم من حولك وتركز فقط على الأمور الإيجابية، وتتظاهر بأنَّ كل شيء مثالي، وهذا سيؤدي بك إلى الوهم، لكن هاتان النتيجتان - الاكتئاب أو الوهم - ليستا أمراً جيداً؛ إنَّهما فكرتان تتعارضان مع التجربة الإنسانية التي تتسم بالشمولية والغموض.

إنَّ تقبُّل المشاعر غير الواضحة التي تتعرض لها في يومك، وتطوير المرونة العاطفية التي تُعدُّ أمراً أساسياً للقيام بذلك، من شأنه أن يعود بفوائد هائلة؛ فقد تأتي المرونة من ممارسة الفرح بطريقة مُتعمَّدة حتَّى في الأوقات العصيبة، كما تزداد السعادة من خلال تجربة الحزن العميق والشعور به.

إنَّ المرونة العاطفية لا تُقيدك؛ فهذا المفهوم يشير إلى أنَّه ما يزال بإمكانك الاستمتاع بجولة طويلة في الغابة في اليوم نفسه الذي يحدث فيه شيء رهيب في العالم، كما يمكنك الشعور بالحزن والإحباط على الرَّغم من أنَّه قد يكون لديك كثير من الأشياء الجيدة في حياتك، ففي كثير من الأيام يجب أن تشعر بهذه المشاعر كلها؛ لأنَّها موجودة كلها.

شاهد: 7 أمور يعينك تذكرها على تخطي الأوقات العصيبة

كيف تصبح أكثر مرونة عاطفياً؟

إنَّ الخطوة الأولى تكمن في منح نفسك الإذن لتشعر بما تشعر به، وألا تشعر بالسوء حيال ذلك، أمَّا الخطوة الثانية هي التدرب على أن تعيش اللحظة في كل ما تفعله؛ فكلَّما كنت قادراً على أن تعيش اللحظة، قلَّ العبء الذي تحمله من الماضي أو التفكير في المستقبل، وإذا كان ما تفعله أو تفكر فيه يجعلك حزيناً، فكن حزيناً، وإذا كان يجعلك سعيداً، فكن سعيداً؛ كلَّما استطعت أن تعيش هذه اللحظة وأن تشعر بها كانت حياتك أكثر رضى.

إقرأ أيضاً: كيف تستثمر المرونة العاطفية؟

في الختام:

في حين أنَّه من الطبيعي تماماً أن تشعر بالإحباط أو الحزن في بعض الأحيان؛ فليس من الطبيعي أن تشعر بهذه المشاعر طوال الوقت، كما أنَّه ليس أمراً ممتعاً أيضاً، ويُعَدُّ التمرين بمنزلة خط دفاع أول رائع للخروج من الروتين، فإذا أجبرت نفسك على تحريك جسدك، فغالباً ما يستجيب عقلك.

يجب عليك أيضاً السعي إلى التواصل مع الآخرين ومحاولة قضاء الوقت في الطبيعة، وإذا لم ينجح العلاج الذاتي فاطلب المساعدة المتخصصة، وعندما تشعر بالإحباط حقاً، فإنَّ أفضل شيء يمكنك فعله هو طلب المساعدة.

المصدر




مقالات مرتبطة