المختبرات الافتراضية وسيلة لرفع التحصيل الدراسي

يشهد عالمنا المعاصر تطوُّراً معرفياً غير مسبوق تخلَّلته عدة طفرات تقنية في شتى المجالات، وعمل هذا التغير المعرفي على التأثير في حياتنا اليومية، وغيَّر من طريقة حياتنا ومعالجتنا للأمور، لا سيَّما في المجال التعليمي، فقد واكبت الأنظمة التعليمية هذا التغير، وعملت على توظيف مختلف المستحدثات التكنولوجية في التعليم؛ فالواقع التكنولوجي أثبت تأثيره الإيجابي في العملية التعليمية، وجعل منها بيئة محفزة وممتعة للتعلم تحاكي الخيال العلمي في أماكن كثيرة، ولعلَّ أهمها المختبرات الافتراضية القائمة على الذكاء الاصطناعي.



المختبرات الافتراضية هي إحدى ركائز التعليم الإلكتروني التي تسهم في تحويل المفهومات المجردة إلى مفهومات ملموسة، كما ترفع هذه المختبرات مستوى الخبرة العلمية والعملية لكلٍّ من أفراد العملية التعليمية (المعلم، والطالب) على حدٍّ سواء، كما توفر خبرات حسية متعددة ومتنوعة تكوِّن أساساً لفهم المحتوى التعليمي (مفاهيم، وقوانين، وحقائق، وتطبيقات علمية).

المختبراتُ الافتراضيةُ مختبراتٌ تحاكي المختبرات الحقيقية، فهي تتيح الفرصة للمتعلم لإجراء التجارب المخبرية التي تسهم في تعميق فهم الأفكار الصعبة، إضافة إلى إمكانية تكرارها لأيِّ عدد من المرات؛ فهذه المختبرات تُعِدُّ المتعلمين بالصورة التي تناسب المتطلبات المستقبلية.

مفهوم المختبرات الافتراضية:

المختبرات الافتراضية بيئةُ تعلُّمٍ افتراضية تحاكي المختبرات الحقيقية، وتوفر بيئة تعلُّم وتعليم تفاعلية افتراضية تتيح الفرصة للطلبة لإجراء التجارب المخبرية، والتعرف إلى تفاصيلها والتوصل من خلالها إلى استنتاجات جديدة؛ فهي نوع من أنواع الواقع الافتراضي لإجراء تجارب مواد العلوم على وجه الخصوص (الفيزياء، والكيمياء، وعلم الأحياء، وعلوم الأرض) وربط الجانب النظري بالجانب العملي، وتنمية المهارات العقلية دون أن الخوف من إجراء هذه التجارب أو حدوث تأثير سلبي في المعلم أو المتعلم.

هي مختبرات رقمية ذات طاقة تخزينية وسرعة عالية وبرمجيات، وتمثل إحدى أنموذجات التعلم الإلكتروني؛ فالمختبرات الافتراضية معامل إلكترونية يتم فيها العمل من خلال استخدام مواقع على شبكة الإنترنت أو برامج الحاسب الآلي المنتجة سابقاً، بحيث يستطيع الطالب محاكاة التجارب العلمية وتطبيقها كما هي في أرض الواقع دون التعرض لأخطار، وبأقل جهد وتكاليف ممكنة.

المختبرات الافتراضية هي مختبرات رقمية في المدارس والجامعات تحتوي على أجهزة كمبيوتر ذات سرعة وطاقة تخزين وبرمجيات علمية مناسبة، ووسائل اتصال بالشبكة العالمية تُمكِّن المتعلم من القيام بالتجارب الرقمية وتكرارها ومشاهدة التفاعلات والنتائج دون التعرض لأيَّة مخاطرة وبأقل جهد وتكلفة ممكنة، والمتعلمون عموماً عند استخدامهم المختبرات الافتراضية في التعليم يزيد تعلقهم بالتعلم، وتزيد قدراتهم الاستيعابية لما يشاهدونه ويكتشفونه، لا سيَّما الأشياء التي لا يمكن أن يُتاح لهم تجربتها وتعلمتها على أرض الواقع.

مكونات المختبرات الافتراضية:

1. الأجهزة المعملية:

يمكن ربط أجهزة خاصة تقوم باستقبال البيانات والأوامر الخاصة وإعطاء إشارات التحكم، فتتغير قيمة المدخلات حسب معطيات التجربة، كما تصدر هذه الأجهزة البيانات الخاصة بقراءة التجربة والملحوظات الخاصة بها.

2. أجهزة الحاسب الآلي:

يحتاج المتعلم لإجراء التجربة إلى وجود حاسب آلي يحتوي على البرمجيات الخاصة بالتجارب أو متصل بشبكة الإنترنت؛ ليستطيع إجراء التجارب مباشرة في المعمل، أو ليتمكن من العمل عن بُعد في أي وقت أو مكان يختاره.

شاهد بالفيديو: الذكاء الاصطناعي في التعليم هل يحل الروبوت محل المعلم

3. شبكة الاتصالات والمعدات الخاصة بذلك:

في حال اختار المتعلم إجراء التجارب عن بعد يجب أن يتوافر للمستخدم قناة اتصال ذات جودة عالية تمكنه من التواصل مع المختبر تواصلاً فعالاً.

4. برامج خاصة بالمختبر الافتراضي:

تتضمن نوعين من البرامج: الأول يرتبط بتوفير ما تتطلبه التجربة، والنوع الثاني يرتبط بتوافر برامج محاكاة صممها متخصصون يعملون في هذا المجال.

5. برامج إدارة ومشاركة:

هي التي ترتبط بكيفية إدارة المعمل والعاملين في أداء التجارب من متعلمين ومعلمين.

إقرأ أيضاً: 11 نصيحة عملية لجعل التعلم المنزلي ناجحاً

فوائد المختبرات الافتراضية في التعليم:

  • تقدم المختبرات الافتراضية خبرات قريبة جداً من الخبرات الحقيقية التي تقدمها المختبرات التقليدية.
  • المختبرات الافتراضية تتميز بقدرتها على تعويض النقص الحاصل في الإمكانات والتجهيزات المخبرية الحقيقية التي يصعب توفيرها في كل مدرسة بسبب النقص في التمويل.
  • المختبرات الافتراضية تتيح الفرصة للطالب لإجراء التجارب الخطرة التي لا يستطيع إجراءها في المختبرات التقليدية؛ مثل التجارب التي تحتوي على مواد كيميائية خطرة.
  • المختبرات الافتراضية تتيح الفرصة أمام المتعلم لإجراء التجارب التي لا يستطيع إجراءها في المختبرات التقليدية؛ بسبب تكلفتها العالية، أو لأنَّها تتطلب كثيراً من الوقت لإعدادها والقيام بها.
  • المختبرات الافتراضية تسمح بمراعاة الفروق الفردية؛ فمن خلال استخدامها يمكن للمتعلم القيام بالتجربة خطوة بخطوة، وإعادتها من جديد لأيِّ عدد من المرات حتى يتمكن كل منهم من فهمها فهماً صحيحاً.
  • توفِّر المختبرات الافتراضية مناخاً تفاعلياً وممتعاً لا يَشعُر المتعلمُ خلالها بالملل؛ الأمر الذي يدفعه إلى التعلم بحماسة.
  • تحتوي المختبرات الافتراضية على خيارات العرض المرئي لكل من المواد الداخلة في التجربة والتفاعلات التي لا يمكن عرضها بالتفصيل في المختبرات التقليدية.
  • تتيح المختبرات الافتراضية إمكانية تغطية كافة التجارب في المقررات الدراسية مهما كانت صعبة أو كانت المواد غير متوافرة.
  • في المختبرات الافتراضية يستطيع المتعلم التحكم بسرعة أداء التجربة، فيمكن رؤية التفاعلات ببطء، وهذا لا يمكن إطلاقاً القيام به في المختبرات التقليدية.
  • يمكن للمعلم تحقيق المزامنة بين المعلومات النظرية والتطبيق العملي.
  • المختبرات الافتراضية تدعم اقتصاد الدول ذات الاقتصاد الضعيف التي يصعب عليها توفير المواد والتجهيزات المخبرية للمخابر التقليدية.
  • توفر المختبرات الافتراضية الوقت والجهد؛ فالمتعلِّم والمعلم لم يعودا مُضطرَّين لتجهيز المعدات والأدوات والمواد بوقت سابق لإجراء التجارب.
  • القضاء على مشكلة التزاحم الطلابي في أثناء إجراء التجارب.
  • تتيح المختبرات الافتراضية فرصة التعرف إلى المجسمات الصغيرة جداً مثل البكتيريا، والكبيرة جداً مثل الكواكب.
  • تشكيل سلوكات واتجاهات إيجابية لدى المتعلم تجعله قادراً على استنباط المعرفة، وإدراكها من مصادر متعددة.
  • توفر المختبرات الافتراضية للمتعلم مادة تعليمية متميزة تقضي على رهبته وخوفه من استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة.
  • تمنح المختبرات الافتراضية المتعلم القدرة على أن يكون متفاعلاً إيجابياً مع بيئته المحلية والعالمية بالصورة التي تمده بالخبرات المختلفة التي تساعده على تخطي مشكلات العصر وتحدياته؛ فيصبح مواطناً عصرياً يتَّسم بدرجة عالية من التعلم المتقن.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح فعالة للمتعلمين عبر الإنترنت

معوقات استخدام المختبرات الافتراضية في العالم العربي:

  • تتطلب المختبرات الافتراضية وجود أجهزة ومعدات ذات مواصفات خاصة للقيام بالتجارب.
  • يحتاج تصميم المختبرات الافتراضية إلى فريق تصميم متخصص من المبرمجين والمعلمين.
  • يتطلب استخدام المختبرات الافتراضية تدريب المعلمين على كيفية معاملة المختبرات الافتراضية واستخدامها.
  • قلة المختبرات الموجودة في اللغة العربية.
  • عدم توافر الأجهزة الحاسوبية في كثير من المدارس.
  • رفض فئة واسعة من المُعلِّمين استخدام المختبرات الافتراضية.
  • عدم توافر الإنترنت.
  • المختبر الافتراضي Crocodile

مختبرات افتراضية متاحة عبر مواقع الإنترنت:

أنتجت الشركة البريطانية التي تحمل اسم "Crocodile" هذا المختبر؛ وهي شركة عالمية تعمل في مجال البرمجيات التعليمية، حيث بدأت عملها منذ عام 1994.

1. موقع فيت phet:

أسس عالِم الفيزياء "كارل وايمن" (carl wieman) الحائز على جائزة نوبل هذا الموقع، وهو من المواقع المجانية التي تتيح الفرصة للتعلم مع وجود عناصر المتعة والتشويق، ويحتوي الموقع على عدة تجارب تفاعلية في شتى المجالات (الفيزياء، والكيمياء، وعلم الأحياء، والرياضيات، وعلوم الأرض)، ويستخدم هذا الموقع أكثر من 80 مليون مستخدماً من جميع أرجاء العالم، كما أنَّه متاح بأكثر من 40 لغة، وقد بدأ منذ عام 2017 إنتاج برمجيات موجهة لذوي الإعاقة.

إقرأ أيضاً: إيجابيات التعليم عن بعد وسلبياته وأفضل منصات وجامعات الدراسة عن بعد

2. المختبر الافتراضي ثلاثي الأبعاد praxilas:

هذا المختبر واحد من المختبرات الافتراضية المأجورة التي تتيح إجراء التجارب في مختلف المجالات العلمية (الكيمياء، والفيزياء، والعلوم)، وتُعَدُّ مختبرات "براكسيلابس" المختبرات الأولى في المنطقة العربية، ومتوافرة باللغتين العربية والإنجليزية.

في الختام:

المختبرات الافتراضية إحدى مستحدثات التكنولوجيا التي تعمل على إيصال المعرفة والمعلومات؛ فهي بيئة تعليمية نشطة بين الإنسان والآلة، وتعمل على نقل دور المتعلم من متلقٍّ سلبيٍّ إلى دور المستنتج ضمن بيئة شائقة تضمن تنمية مهارات التفكير العلمي لدى المتعلمين، وتضمن تعلُّماً أكثر فاعلية وتأثيراً، فتُخرِّج أجيالاً ذات إمكانات ضخمة قادرة على دفع العلم إلى الأمام، وتحقيق مزيدٍ من الرقي والتقدم العلمي

رغم الانتشار الواسع للمختبرات الافتراضية في دول العالم المتقدمة، إلا أنَّ الواقع التربوي في معظم البلاد العربية بحاجة إلى رحلة طويلة من التطوير في المجال التربوي والتعليمي، وبالصورة التي تسمح بتعميم استخدام المختبرات الافتراضية.




مقالات مرتبطة