المتعة الحقيقية في إعداد قوائم المهام

عندما بدأت عملي الجديد اكتشفتُ اكتشافاً مخيفاً وهو أنَّ تطبيق الملاحظات وقوائم المهام التي أدونها فيه قد تزامن عن غير قصد مع تطبيقات وقوائم المهام الخاصة بزملائي في العمل، وكان من بين النتائج التي ظهرت شخص ما يتسوق من البقالة وشخص آخر كان يضع موجزاً لحبكة لغز جريمة قتل، ولكن أكثر ما أدهشني هو مدى اختلاف قوائمي عن قوائم رؤسائي؛ فقد كانت قائمتي تحوي أشياء مثل مسح البريد الوارد والذهاب إلى الإسكافي لتصليح الحذاء الذي تلف؛ وذلك على خلاف قوائمهم التي تضمَّنت بحث اجتماع المستثمر والاستعداد للأداء الصباحي، ولقد كانت مهامهم مثل حياتهم بالضبط ذات تفكيرٍ طَموحٍ ومستقبلي، في حين كلُّ ما كنت أفعله هو محاولة قضاء احتياجاتي العادية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة أفيري كاربينتر فوري (Avery Carpenter Forrey)، وتُحدِّثنا فيه عن المتعة في إعداد قوائم المهام.

المتعة في إعداد قوائم المهام:

لا شكَّ أنَّ اكتشافي لهذا الأمر أثبت لي أنَّ المتعة الحقيقية لقائمة المهام هو الرقي بها عن المهام العادية والرتيبة، واستخدامها لمساعدتنا على إنجاز الأمور الهامة فقط، وبصرف النظر عن نوع المهام الخاصة بك، يقوم معظمنا بإعداد هذه القوائم باستمرار، ومع ذلك تُظهر الأبحاث أنَّ 41% من المهام التي ندرجها في قوائم مهامنا تبقى غير مكتملة.

إذاً لماذا تهتم؟ السبب هو أنَّ إعداد قائمة مهام يساعد على التخلص من جميع الأمور غير النافعة في حياتنا والتركيز على الضرورية منها؛ فتحديد الخطة يساعد على تقليل القلق.

بدأت مؤخراً بتقسيم قائمة مهامي إلى ثلاث مجموعات: "الهامة" ما يجب القيام به اليوم، و"الضرورية" نشاطات مملة مثل دفع الضرائب والغسيل، و"النشاطات الترفيهية" التي أقوم بها في وقت الفراغ مثل، التنزه وقراءة الكتب ومشاهدة الأفلام الوثائقية.

إقرأ أيضاً: كيف يؤثر تعدد المهام في الإنتاجية والصحة العقلية؟

تقسيم المهام بالنسبة إلى الآخرين:

أمَّا بالنسبة إلى بعض الأشخاص فتكون المتعة الحقيقية في تفصيل كلِّ شيء بدقة؛ إذ يُقسِّمون كلَّ عنصر في قائمة المهام إلى عناصر فرعية على سبيل المثال، إذا كان في قائمة المهام عنصر غسل الملابس، فتتفرع منه العناصر الآتية:

  • الغسل.
  • التجفيف.
  • وضع الغسيل في مكانه.

يُفضَّل أن تكون قادراً على شطب مزيد من الأشياء وعلى الرَّغم من كثرة العناصر إلَّا أنَّ تقسيمها إلى أجزاء صغيرة يجعلها أكثر قابلية للإدارة، لا سيما أنَّ ذلك يجعلني أرى العملية بأكملها، وعلى وجه الخصوص في الأيام غير الجيدة.

توضح الروائية والوكيلة الأدبية دانيا كوكافكا (Danya Kukafka) أنَّها تحبُّ القوائم لدرجة أنَّ لديها أربعة أنواع مختلفة:

  1. كتاب الوصول إلى العمل المرمَّز بالألوان للجدولة اليومية والمهام.
  2. دفتر ملاحظات مسطَّر للمهام التي تظهر في الاجتماعات أو في أثناء التنقل.
  3. دفتر ملاحظات منفصل مخصص لرصد تقدمها في الروايات التي تكتبها.
  4. وصفحة خاصة بنشاطات مثل تتبُّع العميل.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح فعالة لإدارة الوقت وتحقيق الإنجازات

تضيف قائلة: "لدي إيمان كبير في قوة تدوين الأشياء؛ فإعداد القوائم يساعدك على فهرسة وفهم ما يجب أن يحدث"، فيمكن للفهرسة أن تكون طويلة أو قصيرة الأمد؛ إذ أوضحت الكاتبة هالي نهمان (Haley Nahman) في نشرتها الإخبارية كيف أنَّها خلال فترة الاكتئاب دوَّنت ما خططت لفعله كلَّ صباح وماذا فعلت كلَّ ليلة؛ لأنَّها "احتاجت ببساطة إلى دليل على حدوث الأشياء" وعندما بدأت تشعر بالتحسن كتبت: "لا يوجد هدف واحد أو عادة واحدة لإصلاح كلِّ شيء ولا شيء ثابت، وهذا هو بيت القصيد"؛ فقد حُوِّلت استراتيجيات قائمة المهام وغُيِّرت لتتناسب مع التغييرات العقلية والجسدية.

بعد أن قامت الصحفية نويل هانكوك (Noelle Hancock) بترك عملها في مجال الإعلام والانتقال إلى مدينة أخرى - وهي تعمل الآن في مطعم لتقديم الوجبات الشهية - بدأت في تأطير قوائم مهامها؛ إذ تضمنت "ما من شأنه أن يجعل اليوم عظيماً؟"، مثل الاتصال بشخص لم تكن متاحة حينما اتصل بها أو تحديد موعد مع الطبيب، لكن في كثير من الأحيان يكون التركيز على "ما الذي يجب التوقف عن فعله؟" مثل التصفح الطائش لوسائط التواصل الاجتماعي و مشاهدة التلفاز لساعات.

كما تقول: "إذا كان النشاط الذي تقوم به خلال اليوم ليس بمعدل متوسط أو أكثر على مستوى عالٍ من الإنتاجية أو السعادة، يجب التوقف عن فعله"؛ فالسعادة أمر بعيد المنال وكثيراً ما يطغى عليها سعينا الدائم لتحقيق مزيد من الإنتاجية، ولكن السعادة والإنتاجية أمران غير متلازمين؛ فتحقيق مزيد من الإنتاجية لا يؤدي بالضرورة إلى مزيد من السعادة.

إقرأ أيضاً: مصفوفة أيزنهاور لإدارة الوقت والمهام

في الختام:

رؤسائي السابقون وفَّروا مساحة لأفكار حالمة تخصهم ضمن قوائم مهام مخيفة؛ إذ استخدموا دفاتر ملاحظات مقاومة للماء في الحمام لالتقاط تلك الأفكار الخلاقة التي تراودهم فجأة، وعندما كنت أعمل لديهم كنت أحسب هذه الممارسة غريبة وسخيفة بعض الشيء، أمَّا الآن أخصص وقتاً في قائمة مهامي لتدوين الأفكار الخلاقة التي تراودني في أثناء الاستحمام.




مقالات مرتبطة