المبالغة مقابل الاستخفاف في تقدير الأمور: معتقدات عامة نخطئ في فهمها

نبالغ كمجتمعٍ في تقدير الأشياء غير الهامَّة غالباً، ونستخفُّ بالأفكار والاستراتيجيات التي تُحدِث فارقاً حقيقياً؛ لذا إليكم بعض المعتقدات الشائعة التي يُعتقَد أنَّنا غالباً ما نُخطِئ فيها.



  • المبالغة: كونك منشغلاً.
  • الاستخفاف: عمل شيءٍ واحدٍ في كلِّ مرة.

أن تتحرَّك شيء، وأن تتخذ إجراءً ما شيءٌ آخر. لقد وقعنا كمجتمعٍ في فخِّ الانشغال والعمل الزائد، والأهمُّ من ذلك أنَّنا أخطأنا في اعتبار كلِّ هذا النشاط مؤشراً على عيش حياةٍ هامَّة.

يبدو أنَّ الفكرة الرئيسة هي: "انظر كم أنا مشغول؟ إذا كنت أقوم بكلِّ هذا العمل، فلابدَّ أنَّني أقوم بشيءٍ هام؛ إذاً لابدَّ من أنَّني شخصٌ هام، لأنَّني مشغولٌ جداً".

إقرأ أيضاً: أسطورة تعدد المهام: لماذا تؤدي أولويات أقل إلى عمل أفضل؟
  • المبالغة: تجنُّب النقد.
  • الاستخفاف: مشاركة الأفكار الفريدة.

يمكن أن يُحكَم عليك لأنَّك قمت بشيء، أو أن يجري تجاهلك لأنَّك لم تُخرِج العَظمَة التي بداخلك؛ إذ إنَّنا ندع مخاوفنا وعواطفنا تمنعنا من مشاركة عملنا مع الآخرين في أحيانٍ كثيرة.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الأشخاص الحاقدين؟
  • المبالغة: الحرية المطلقة.
  • الاستخفاف: قيودٌ محدَّدةٌ بدقة.

تزيد القيود في الواقع من تنمية مهاراتنا بدلاً من حصرها، فنحن نحتاج إلى خطوطٍ واضحة تُبيِّن لنا مكان إضافة اللون، وليس لوحةً فارغة لنرسم عليها.

يكافح رجل الأعمال من أجل ضبط نفسه، حتَّى يدرك أنَّه بحاجةٍ إلى إضافةِ بعض التنظيم إلى يومه؛ لذا ابدأ جدولة المكالمات في فترة ما بعد الظهر فقط، واكتم إشعارات البريد الإلكتروني الوارد حتَّى الظهر، وافرض على نفسك القيام بأشياء محددة، في أوقاتٍ محددة.

يُمكنك تقليل الفوضى بإضافة القليل من القيود المُصمَّمة بعنايةٍ إلى حياتك، إذ إنَّكَ في الواقع تحسِّن إنتاجيتك وسعادتك؛ وبدلاً من الشعور أنَّك مُقيدٌ بقيود، ستشعر بالسلطة.

  • المبالغة: الدرجات والشهادات والمؤهلات.
  • الاستخفاف: الشجاعة والإبداع.

يُمكن أن تكون الشهادات هامَّة، فأنت لا تريد أن تخضع إلى عملية جراحة أعصاب يقوم بها شخصٌ لم يلتحق بكلية الطب؛ ولكن كما قال "تشارلي جيلكي" (Charlie Gilkey): "يحتاج معظم الناس إلى شهادات؛ لأنَّهم لا يملكون الشجاعة لطلب ما يريدون".

كلُّ ما تحتاجه حقاً في كثيرٍ من الحالات هو: الشجاعة لطلب ما تريده، والاستعداد لحلِّ مشاكل الناس الآخرين. إنَّ الشهادات والجوائز، والذهاب إلى المدارس "الصحيحة"، أو الولادة في العائلة "الصحيحة"، ليست شرطاً مسبقاً للنجاح.

  • المبالغة: امتلاك الحافز.
  • الاستخفاف: تغيير بيئتك.

نعتقد خطأً أنَّ الحافز هو الرابط المفقود الذي سيمكِّننا من التمسُّك بنظامٍ غذائيٍّ جديد، أو تأليف كتاب، أو تعلَّم لغة جديدة؛ لكنَّ الحافز مُتقلِّبٌ ولا يدوم.

وجدت إحدى الدراسات أنَّ الحافز لم يكن له تأثيرٌ فيما إذا تمرَّن الناس على مدى أسبوعين أم لا، حيث تتلاشى آثار التحفيز بشكلٍ أساسيٍّ بعد يوم؛ ولكن في الوقت نفسه، فإنَّ معظم اختياراتنا اليومية استجابةٌ للبيئة من حولنا، فنادراً ما نفكِّر في الأماكن التي نعيش ونعمل فيها، لكنَّها توجِّه سلوكنا، سواءً شعرنا بالتحفيز أم لا.

  • المبالغة: مشاهدة الأخبار.
  • الاستخفاف: قراءة الكتب القديمة.

إنَّ أيَّ كتابٍ جيد يزيد عمره عن 10 سنوات مليءٌ تلقائياً بأفكار الحياة المتغيِّرة، لماذا؟ لأنَّ الكتب السيئة تُنسَى بعد عقدٍ أو عقدين؛ لذا يجب أن يمتلئ أيُّ كتابٍ دائماً بالأفكار التي تصمد أمام اختبار الزمن.

نحن نبرِّر الاهتمام بوسائل الإعلام لأنَّنا نعتقد أنَّها تبقينا على اطلاع، ولكن لا فائدة من معرفتنا عندما تفقد معظم المعلومات أهميَّتها بحلول اليوم التالي.

الأخبار مجرَّد برنامجٍ تلفزيوني، ومثله مثل معظم البرامج التلفزيونية الأخرى، ليس الهدف منه هو تقديم النسخة الأكثر دقةً للواقع؛ ولكنَّه مجرد برنامجٍ يجعلك تشاهد بقية البرامج. إنَّك في طبيعة الحال لا ترغب في حشو جسمك بغذاءٍ منخفض النوعية، فلماذا إذاً تحشو عقلك بأفكارٍ منخفضة الجودة؟

  • المبالغة: اكتشاف الشيء "الجديد".
  • الاستخفاف: إتقان الأساسيات.

نحن مذنبون في سعينا إلى إحدث تكتيكٍ أو استراتيجية مثلنا مثل أيِّ شخصٍ آخر؛ فنحن نخدع أنفسنا للتفكير في أنَّ تكتيكاً جديداً سيغيِّر حقيقة أنَّه يتعيَّن علينا القيام بالعمل.

لا تتسم معظم الأشياء بسريةٍ كبيرة، فمثلاً:

  • أتريد أن تكون كاتباً أفضل؟ اكتب المزيد إذاً.
  • أتريد أن تكون أقوى؟ ارفع أثقالاً أكثر إذاً.
  • أتريد تعلُّم لغة جديدة؟ تحدث اللغة أكثر إذاً.

أعظم مهارةٍ في أي مسعىً هي القيام بالعمل، فأنت لا تحتاج إلى مزيدٍ من الوقت أو مزيدٍ من المال أو إلى استراتيجيات أفضل؛ إنَّما تحتاج القيام بالعمل فقط.

  • المبالغة: أن تكون القائد.
  • الاستخفاف: أن تكون زميلاً أفضل.

يريد جميعنا ميدالياتٍ تعلَّق على ستراته، ونريد القوَّة والهيبة في ألقابنا، ونريد أن يُعترَف بنا ونُقدَّر ويُثنَى علينا؛ ولكن من المؤسف أنَّ كلَّ ما سبق يصنع قادةً سطحيين.

تتطلَّب الفرق العظيمة زملاء عظماء في الفريق، ويصحُّ ذلك لمن هم في القمة، فلا وجود لقائدٍ أصبح أسوأ من خلال مراعاة زملائه في الفريق.

إقرأ أيضاً: ما هو التعاطف؟ وكيف يمكن أن يكون مفيداً للقادة؟
  • المبالغة: الفوز.
  • الاستخفاف: التحسين.

إنَّنا نقدِّر النتائج الفورية مقارنةً بالتحسُّن على المدى الطويل في كثيرٍ من الأحيان، فمثلاً: يتلاعب المدراء الماليون بالحسابات لتلبية توقعَّات الأرباح الفصلية، ويزوِّر قادة الشرطة الأرقام لجعل معدَّلات الجريمة أقل، ويغشُّ الطلاب في الامتحانات؛ لأنَّ الحصول على تقدير "ممتاز" أكثر أهميَّةً من تعلُّم المواد.

لقد قُلِّلت قيمة التعلُّم والنمو والتحسُّن في سبيل الحصول على نتائج أسرع؛ ولكنَّ الحقيقة أنَّنا إن تمكَّنا من إيجاد الوقت للتركيز في العمل، فستأتي النتائج بعد ذلك بفترةٍ وجيزة.

  • المبالغة: التدريب على الفشل.
  • الاستخفاف: عدم تفويت التدريبات.

المبالغة مقابل الاستخفاف

التمرين حتَّى الإرهاق أمرٌ مبالغٌ فيه كثيراً، والعمل حتَّى آخر رمقٍ وصفةٌ للإرهاق والمرض؛ وإنَّ تحقيق تقدُّمٍ صغيرٍ كلَّ يومٍ أفضل من القيام بأكبر قدرٍ ممكنٍ يتحمَّله الإنسان في يومٍ واحد، إذ لا يعني الجهد شيئاً إذا استمرَّ لمدة أسبوعٍ أو أسبوعين فقط. لذا، افعل الأشياء التي يمكنك المواظبة على القيام بها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة