المؤامرة الكبرى

ذات صباح، وبينما كان أديسون يقترب من مصنعه، رأى النار تشتعل فيه، فتوقَّف لينظر إليه من بعيد، وحينها أقبل عليه أحد العاملين صارخاً: "ماذا سنفعل؟ لقد أكلت النار كلَّ المصنع، وحوَّلته إلى رماد". فالتفت إليه أديسون قائلاً: "يالها من فرصةٍ عظيمةٍ لبناء مصنعٍ جديدٍ بالطريقة التي نفضِّلها".



في هذه الأيام، وبينما نشاهد فيروس كورونا وقد بدأ يفتك بالشعوب والأمم بلا هوادة، وقعنا دون أن نشعر في دوامة الأخبار السيئة، حتَّى أصبحنا نقتنع بأنَّها مؤامرةٌ كبيرةٌ على البشرية جمعاء.

أصبحنا نعيش هذه الدوامة وكأنَّها نهاية العالم وفناء البشرية، حتَّى أنَّ نظرتنا إلى هذه الأزمة قد أصبحت أكثر تشاؤماً، وفقدنا الأمل والتفاؤل والإيمان بإمكانية تحقيق الرغبات رغم التحديات، ولم نعد ننظر إلى الأمور من جانبها المشرق، إلى الدرجة التي بتنا فيها نتساءل: هل من جانبٍ مشرق في ظلِّ فتك الفيروس بالأمم، وازدياد أعداد المصابين يوماً بعد يوم، دون التوصل إلى علاجٍ ناجعٍ ينقذ البشرية جمعاء؟

ولكن، بالرغم من كلِّ ما يحدث اليوم في العالم، يجب علينا أن ننظر إلى الأمور بتفاؤلٍ أكثر، ونؤمن بإمكانية تحقيق الرغبات رغم الصعوبات.

في البداية، دعنا ننطلق من ذواتنا لنتأمل في هذه المؤامرة الكبرى. هل فعلاً لهذه المؤامرة جوانب إيجابية يمكن من خلالها أن ننطلق إلى آفاقٍ أرحب، ونسلك اتجاهاتٍ تقودنا إلى حياةٍ أكثر واقعية، نستمتع بكلّ لحظاتها وبأدق تفاصيلها؟

إقرأ أيضاً: 8 نظريات مؤامرة جنونية تحيط بفيروس كورونا المستجد

الآن، وبينما نعيش لحظات الحجر المنزلي في ظلِّ تفشِّي فيروس كورونا وكأنَّها دهور، بدأنا ننظر إلى الأمور من منظورٍ فكريٍّ مختلفٍ تماماً عن السابق، فهنالك الكثير من الأمور التي لم نكن ندركها طوال تلك السنين، رغم أنَّها كانت تحدث باستمرارٍ أمام أعيننا، لذا كان لزاماً علينا أن نعيد التأمُّل والتفكير؛ لأنَّ بعض الأبواب تحتاج فقط لأن تُطرَق كي تفتح لنا مجالاً واسعاً، وتهبنا الكثير من التفاؤل في جميع جوانب الحياة. ونذكر من هذه الجوانب:

1- الجانب الأسري:

أصبحنا في ظلِّ هذه الجائحة العالمية أكثر قرباً من أبنائنا، وبدأنا نكتشف الكثير من القدرات والإمكانيات والمواهب التي يمتلكونها، والتي لم نكن ندركها في السابق.

2- الجانب الاجتماعي:

إنَّ علاقتك بالمجتمع علاقةٌ تكافليَّةٌ ذات نفعٍ مشترك، فَوَعيك بأنَّ لك دوراً هامَّاً وفعَّالاً في المحافظة على سلامة المجتمع والحدِّ من انتشار الفيروس في أثناء هذه المرحلة، والتزامك بالتعليمات الصادرة من قبل الجهات المختصة التي تسعى جاهدةً إلى الحد من انتشار المرض؛ سيساعد المجتمع في تجاوز هذه الأزمة.

3- الجانب الفكري:

لدينا الآن الكثير من الوقت لتنمية هذا الجانب، وذلك من خلال قراءة الكتب، أو الدورات التدريبية عبر الإنترنت، والتي انتشرت على نطاقٍ واسعٍ هذه الفترة.

4- الجانب النفسي:

يجب أن نستغلَّ هذه الأيام في مراجعة أفكارنا السابقة بكلِّ هدوءٍ وطمأنينةٍ، وأن نعدَّ ذلك مراجعةً للذات، وفرصةً للانغماس فيها بعيداً عن ملهيات الحياة.

لذا يجب أن نحدِّد الآن الدور المنوط بنا خلال هذه الجائحة، بدلاً من إلقاء اللوم على الآخرين أو على الجهات المختصة بسبب انتشار الفيروس، وكأنَّهم السبب في ذلك.

إنَّ المؤامرة الحقيقة هي أنفسنا، فقد جعلناها رهينة للتشاؤم والنظرة السوداوية، ممَّا أثَّر بشكلٍ مباشرٍ على حياتنا الأسريَّة والعملية، عدا عن الحالة الصحية التي نعيشها من توترٍ وقلقٍ وخوف. لذا لابدَّ من محاربة الأفكار السلبية التي يصدرها عقلك؛ لأن لا شيء يحركك أو يوقفك مثله.

يجب أن نوقف حالاً هذه المؤامرة التي نَسَجْنَاهَا حول أنفسنا دون أن نشعر، وأن ننظر إلى الأمور بعين التفاؤل، فكلُّ الأمور خير.

ولو اطلعنا على أعداد الناس المتعافين من هذا الفيروس، لوجدنا أنَّها بازدياد مضطرد، وأنَّ أعداد الوفيات قليلةٌ جداً مقارنةً بها، وذلك حسب منظمة الصحة العالمية.

إقرأ أيضاً: القلق لن يفيد: 10 أسباب لعدم الذعر بسبب فيروس كورونا

وهنا نطرح السؤال التالي:

ما هي الخطوات اللازمة حتَّى نساهم بشكل فعَّال لمجابهة هذه الجائحة؟

  1. البقاء في المنزل واتباع الإرشادات المُوصَى بها من قبل الجهات المختصة.
  2. التأمُّل والتفكير في جوانب حياتك المختلفة.
  3. تطوير النفس؛ وذلك إما بقراءة كتابٍ وتلخيص أهمِّ أفكاره الرئيسة، أو بحضور دوراتٍ تدريبيةٍ عبر الشبكة العنكبوتية.
  4. الابتعاد عن التشاؤم؛ لأنَّه سيضعك ضمن إطار اللوم والاحتمالات السلبية.
  5. الابتعاد عن السلبية؛ كيلا تعكر مزاجك ومزاج الآخرين.
  6. نشر الطاقة الإيجابية والابتسامة والتفاؤل.

لذا فمن الواجب علينا الآن وبلا تسويف، أن ننطلق على النحو التالي:

1-  الحجر المنزلي:

علينا أن نستفيد منه قدر الإمكان، وأن نَعُدَّ البقاء في المنزل مرحلة تأمُّلٍ وتفكير.

إقرأ أيضاً: 10 مهارات يمكنك إتقانها في الحجر الصحي

2-  تقليص الأعمال اليومية:

علينا أن نعدَّها فترة استراحةٍ نعيد من خلالها ترتيب خططنا وأهدافنا وأولوياتنا في العمل.

3-  اختيار الأفضل:

إنَّ هذه الفترة فرصةٌ ذهبيةٌ لنعيد ترتيب حياتنا كما نريد.

4-  عيشُ اللحظة:

تحرَّك ولا تقف مكانك، لا تيأس ولا تحزن، تفاءل وابتسم واستمتع وغامر وحاول تحقيق أهدافك.

 

إنَّ الفرص ليست بعيدةً عنك، فقط ينبغي عليك أن تفتح عينيك لتراها من حولك وتبدأ الآن، فلا زال هناك متسعٌ من الوقت، ومازلت قادراً على التنفس. صحيح أنَّها مرحلة مؤلمة، لكنَّها ملهمةٌ أيضاً.




مقالات مرتبطة