القيادة التحويلية: كيف تصبح قائداً مثيراً للإلهام

يحترم الجميع "مولي"، فأعضاء فريقها أوفياءٌ بشدة وناجحون بشكلٍ كبير سواءً على المستوى الفردي أم على مستوى الفريق، وفي المقابل يقول قادةٌ آخرون في المنظمة إِنَّ الأشخاص الذين يعملون معهم يبدون غير متحمسين، كما أنَّ هؤلاء القادة يعانون ارتفاع نسبة تسرّب الموظفين ونتائجهم غالباً مخيبةٌ للآمال. إذاً ما الذي تقوم به "مولي" ولا يقوم به القادة الآخرون؟ في بادئ الأمر تذكِّر "مولي" فريقها بشكل دائم بالهدف الذي يسعون إلى تحقيقه من وراء عملهم. كما أنَّها تعلم أنَّها قدوةٌ لفريقها، لذا فهي تظهر النزاهة في جميع علاقات العمل الخاصة بها، فمولي قائدةٌ تحويلية، فهي تمتلك طموحاتٍ عالية، ولكنَّها من خلال سلوكها تراعي توقعات الآخرين وآراءَهم لكي تُظهر من خلال هذا السلوك المعايير التي تطمح إلى التمتّع بها، سنكتشف في هذه المقالة ما القيادة التحويلية، وسنشرح لك بالتفصيل كيف يمكنك أن تصبح قائداً تحويلياً.



طرح خبير القيادة "جيمس مكجورج بيرنز" مفهوم القيادة التحويلية في كتابه الذي أصدره في العام 1978 تحت عنوان "القيادة". حيثُ عرَّف القيادة التحويلية بأنها عمليةٌ "يدفع فيها القادة وأتباعهم بعضهم بعضاً نحو مستوياتٍ عالية من الأخلاق والتحفيز". وطوَّر لاحقاً "بيرنارد م. باس" مفهوم القيادة التحويلية بشكلٍ أكبر. فوفقاً لكتابه الذي يحمل عنوان "القيادة والأداء يتجاوزان التوقعات" (Leadership and Performance Beyond Expectations) والذي صدر في العام 1985 فإنَّ هذا النوع من القادة:

  • يعد نموذَجاً للنزاهة والإنصاف.
  • يضع أهدافاً واضحة.
  • لديه طموحاتٌ عالية.
  • يشجع الآخرين.
  • يقدم الدعم والتقدير.
  • يحرك عواطف الناس.
  • يقنع الأشخاص بالنظر إلى ما هو أبعد من اهتماماتهم الشخصية.
  • يلهم الأشخاص من أجل الوصول إلى الأشياء التي يُعدُّ تحققها أمراً غير محتمل.

وبعد 25 عاماً من صدور كتاب "باس" يُنظر غالباً إلى القيادة التحويلية على أنَّها واحدة من أهم الأفكار في مجال قيادة العمل.

كيف تصبح قائداً تحويلياً:

لقد حولنا أفكار "باس" إلى عمليةٍ يمكنك استخدامها لكي تصبح قائداً تحويلياً. حيث يتطلب ذلك منك:

  1. وضع رؤيا مستقبلية مثيرة للإلهام.
  2. تحفيز الأشخاص إلى تقبُّل الرؤيا وتقديمها.
  3. إدارة تقديم الرؤيا.
  4. تأسيس علاقات قوية ومبنية على الثقة مع الأشخاص.

استخدم هذه الخطوات إلى جانب الأدوات التي سنذكرها أدناه لتطوير مهارات القيادة التحويلية لديك:

الخطوة الأولى: وضع رؤيا مثيرة للإلهام

يحتاج الناس إلى سببٍ مقنعٍ يجعلهم يتّبعونك، ولهذا فإنَّك في حاجةٍ إلى وضع رؤيا مستقبلية مثيرة للإلهام وتوضيحها، توضح رؤياك هدف فريقك أو منظمتك – لماذا تستيقظون جميعاً في الصباح لتقوموا بما تقومون به، حيث تقوم أنت بتطوير هذه الرؤيا من خلال فهم قيم الأشخاص الذين تقودهم، وفهم إمكانات منظمتك ومصادرها، وإجراء تحليلٍ ذكيٍّ لبيئتك، وانتقاء أفضل طريقة للعمل ضمن هذه البيئة.

إذا كنت تطور رؤيا لفريقك فابدأ برسالة الشركة ورؤيتها وابحث عن طرائق يستطيع فريقك من خلالها المساهمة بشكلٍ مباشر في تطوير الرؤيا.


اقرأ أيضاً:
بيانا الرسالة والرؤيا: إطلاق العنان لقوّة الغاية


الخطوة الثانية: حفِّز الأشخاص على تقبّل الرؤيا وتقديمها

الآن وانطلاقاً من بيان الرسالة الخاص بك يجب عليك أن تراعي قيم الأشخاص وتلهمهم عبر توضيح الوجهة التي تقودهم نحوها وسبب اختيارك لهذه الوجهة، استخدم رواية القصص كجزء من دعوتك للعمل فهذا سيساعد الأشخاص على تقدير التأثير الإيجابي لرؤياك في الأشخاص الذين تحاول مساعدتهم ثم تحدَّث عن رؤياك بشكلٍ دائم، واربطها بأهداف الناس ومهامهم بحيث يكون لها تطبيقٌ عملي، وساعد الأشخاص على التعرف على الطريقة التي يمكنهم من خلالها المساهمة في هذه الرؤيا. كما يعلم القادة التحويليون أيضاً أنَّه لا يمكن لشيءٍ مهمٍ أن يحدث ما لم يشجعوا الأشخاص الذين يعملون معهم. لذا تأكد من أنَّك تعرف مختلف أنواع التحفيز واستخدم ذلك في إلهام الأشخاص لتقديم أفضل ما لديهم.


اقرأ أيضاً:
6 طرق تُحفّز الموظفين على العمل


الخطوة الثالثة: إدارة تقديم الرؤيا

إنَّ الرؤيا في ذاتها لا يمكن الاستفادة منها فهي في حاجةٍ إلى أن تُمارَس بشكلٍ واقعي. ولكنَّ بعض القادة يقعون في خطأ تطوير الرؤيا وعدم بذل الجهد الذي يمكن أن يكون مملاً في بعض الأحيان في سبيل تقديمها. لإدارة تقديم رؤياك فإنَّك تحتاج إلى الجمع بين الإدارة الفعالة للمشاريع وإدارة التغيير وما تحمله من حساسية. وسيساعدك ذلك على إنجاز التغييرات التي تحتاج إليها مع كامل الدعم من الأشخاص الذين يعملون معك. فوضِّح الدور الذي يؤديه كلُّ شخصٍ ومسؤولياته وقم بربطها جميعاً بخططك. إذْ يجب على كلِّ شخصٍ أن يفهم بشكلٍ كامل ما هي مسؤولياته وأن يعرف الطريقة التي ستقيس نجاحه من خلالها. وبعد ذلك ضع أهدافاً واضحة للجميع يكون من بينها أهداف قصيرة المدى تساعد الأشخاص على تحقيق مكاسب سريعة والحفاظ على الحافز. واستخدم الإدارة من خلال الأهداف لربط الإنجازات قصيرة المدى مع الأهداف بعيدة المدى. وقد تحتاج أيضاً إلى بناء انضباطك الذاتي وقدرتك على التحمل حتى لا تخذل نفسك. وكن مثالاً يُحتذى للأشخاص الذين يعملون معك لا سيما إذا كانوا يتأثرون بالتأخير والصعوبات عبر كونك مثالاً للعمل الجاد والإصرار. وحافظ على حضورك أيضاً من خلال ممارسة الإدارة من خلال التجوال. حيث تُعدُّ هذه التقنية تقنيةً مثالية للقادة التحويليين لأنَّها تساعدك على البقاء على اتصال مع الأنشطة اليومية، وتتيح لك المجال للإجابة عن الأسئلة في أثناء طرحها.

نصيحة:

يُعدُّ التواصل بوضوح أساسياً في القيادة التحويلية. فاستغلّ كامل وقتك للتأكد من أنَّ عمليات التواصل التي تجريها مفهومة وأنها تلقى آذاناً صاغية، وقدم التغذية الراجعة بشكلٍ واضحٍ ومنتظم.

الخطوة الرابعة: أسس علاقاتٍ قويةً ومبنيةً على الثقة مع الأشخاص الذين يعملون معك

بوصفك قائداً تحويلياً فإنَّك تحتاج إلى تركيز انتباهك على الأشخاص الذين يعملون معك وإلى العمل بجد لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم وأحلامهم. أجرِ لقاءاتٍ مع الأفراد الذين يعملون معك لفهم احتياجاتهم ومساعدتهم على تحقيق أهدافهم المهنية. ما الذي يرغبون في تحقيقه من خلال الأدوار التي يؤدونها؟ أين يرون أنفسهم بعد خمس سنواتٍ من الآن؟ وكيف يمكن أن تساعدهم على تحقيق هذا الهدف؟ وإذْ يمكنك بناء الثقة مع الأشخاص الذين يعملون معك عبر كونك منفتحاً وصادقاً في تفاعلاتك. وأخيراً خصص وقتاً للقيام بالكوتشينغ معهم. فعندما تساعدهم على إيجاد حلولهم فإنَّك لا تؤسس فريقاً ماهراً فحسب بل تقوي أيضاً ثقتهم بأنفسهم وثقتهم بك.


اقرأ أيضاً:
5 طرائق لبثّ روح الإبداع لدى الموظفين


النقاط الرئيسة:

يزرع القادة التحويليون الإخلاص والثقة في أتباعهم، ويمتلكون طموحاتٍ عالية، ويلهمون الأشخاص الذين يعملون معهم الدافع لتحقيق أهدافهم.

يمكنك أن تصبح قائداً تحويلياً من خلال اتباع هذه الخطوات:

  1. وضع رؤيا مستقبلية مثيرة للإلهام.
  2. تحفيز الأشخاص على تقبُّل الرؤيا وتقديمها.
  3. إدارة تقديم الرؤيا.
  4. تأسيس علاقات قوية ومبنية على الثقة مع الأشخاص.

تذكر أنَّك لكي تحقق النجاح بوصفك قائداً تحويلياً فإنَّك ستحتاج إلى العمل على تطوير مهاراتك وتخصيص وقتٍ للتطور الشخصي.

 

المصدر




مقالات مرتبطة